اختبر نفسك على هذه الحصة من خلال الرابط التاليdocs.google.co...
الفن القصصي
نشأة القصة:
القصة بمعنى الحكاية لها جذور عميقة في التراث الأدبي الإنساني؛ حيث ارتبط فن القصة بنشأة الإنسان وتطور بتطوره، إذ عرفه الإنسان منذ أقدم العصور، وكان هو نفسه مصدر هذا الفن ومبدعه وبطله. وكانت الحياة بأوسع معانيها مسرح الأحداث التي صورتها القصة، فكانت خيالات الإنسان وأحلامه وشطحاته منبع إبداع حكاياته وشخصياتها، ونصور كفاحه حينا وصراعه أحيانا مع محيطه الطبيعي والإنساني.
والفن القصصي له جذور ممتدة في أدبنا العربي منذ العصر الجاهلي، فهذا العصر حافل بالنماذج القصصية التي تصور العرب في مختلف جوانب حياتهم في الحرب والسلم، وكانت المادة القصصية تروى مشافهة، ويتوارثها الناس جيلا بعد جيل، وقد أخذ هذا الفن ينمو ويتطور بتطور المجتمع العربي، وانتقاله من مرحلة حضارية إلى أخرى حتى كان العصر العباسي؛ حيث عرف المجتمع العربي تطورا هائلا في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأدبية، وظهرت ثمرة أكبر تفاعل بين مختلف الحضارات، وكان منها ألوان جديدة في الأدب مثل: القصة، فظهرت القصة الخرافية أو القصة على لسان الحيوان، والقصة المقامية، والقصة الفلسفية مثل: (حي بن يقظان، رسالة الغفران) وشهدت القصص والسير الشعبية رواجا كبيرا مثل: سيرة عنترة بن شداد، وسيف بن ذي يزن، وقصص بني هلال، وألف ليلة وليلة، وغيرها من القصص التي ترضى الخيال الشعبي، لكنها لم تصل إلى مستوى نضج القصة الأدبية الحديثة في بنيتها الفنية.
أطوار الفن القصصي في العصر الحديث:
عاش الأدب حالة من الركود والخمول حتى كان البعث والإحياء الشعرى ثمرة للطباعة والصحافة والترجمة وغيرها من عوامل النهضة الحديثة التي شهدت أول مظهر من مظاهر النشاط الروائي في مصر في القرن التاسع عشر متمثلة في القصة التعليمية المترجمة «مغامرات تليماك» وقد ترجمها رفاعة الطهطاوي من الفرنسية إلى العربية؛ بغية تقديم مواعظ
لتحسين سلوك عامة الناس، ثم قدم فرج أنطون القصة التعليمية التي لا تختلف عن مترجمات الطهطاوي، وتبعهما على مبارك فسلك المسلك نفسه.
وحاول المويلحي في «حديث عيسى بن هشام،» وحافظ إبراهيم في «ليالي سطيح» أن يقترب بما كتب من مقامات من القصة في شكلها الفني إلا أنها ظلت محاولات لا ترتقي إلى بنية القصة الفنية.
-انتقلت القصة من طورها الأول في عصر النهضة عند قصاصي التيار التعليمي الخالص، لطورها الثاني المتمثل في كتابات تيار ما بين التعليم والتّرفيه الذى بدأه المهاجرون الشوام، الذين كانوا ـ بحكم ظروفهم ـ أكثر إقبالا على الثقافة الأوربية وآدابها، ففي الوقت الذي كان الأدباء المصريون مشغولين بمحاولة الإصلاح الاجتماعي وبعث التراث العربي القديم، كان المهاجرون الشوام مشغولين بنقل الأشكال الأدبية الجديدة إلينا، وفى مقدمتها القصة، فظهرت الرواية التاريخية على يد «جورجي زيدان» فقدم روايات «فتاة غسان،» و«أرمانوسة المصرية،» و«عذراء قريش» و«غادة كربلاء» و«الحجاج بن يوسف» وغيرها.
-ثم كان الطور الثالث بظهور تيار رواية التسلية والترفيه في الفترة التي تمتد من أواخر القرن التاسع عشر، إلى ثورة 1919م، وظلت الرواية حتى هذه الفترة غير معترف بها في الحياة الأدبية المصرية التي نظرت إلى الرواية على أنها وليد غير شرعي في هذا المجتمع.
وعلى الرغم من النضج الفني الذي أحدثته ثورة 1919م، والذي تجلى في ظهور أول رواية فنية على يد محمد حسين هيكل إلا أنه اضطر إلى استخدام اسم مستعار للتعبير عن نفسه باسم «مصري فلاح» وسماها مظاهر وأخلاق ريفية تجنبا للاستهجان الذي تسببه كلمة قصة في الأوساط المصرية آنذاك.
ونجحت القصة في انتزاع اعتراف بها من المصريين، ففي الوقت الذي كانت البلاد فيه تحاول الاستقلال في المجال السياسي، وفي أحضان حراك المصريين نحو التحرر من المستعمر، واصلت القصة تطورها ومواكبتها لمتغيرات المجتمع الفكرية والسياسية، فقدم «عيسى عبيد» مجموعته القصصية الأولى «إحسان هانم،» وأهداها إلى سعد زغلول، ثم كتب روايته ثريا، وكتب محمود تيمور رجب أفندي، وكتب طاهر لاشين، روايته «حواء بلا آدم» ويمثل مجموع تلك الروايات طورًا رابعا أكثر نضجا وتطورا من الناحية الفنية لرواية التسلية والترفيه ذات البعد الاجتماعي.
وجاء الطور الخامس ليضم ألوانا مختلفة من الروايات النفسية والاجتماعية والسياسية والرواية الذاتية ومن أشهرها: رواية الأيام لطه حسين، ورواية سارة للعقاد، ورواية إبراهيم الثاني للمازني، والرباط المقدس لتوفيق الحكيم، مما عزز مكانة الرواية في الأدب العربي.
ثم كان الطور السادس للقصة العربية على يد فارسها نجيب محفوظ الذى انتقل بالقصة العربية إلى مصاف الآداب العالمية بما كتب من قصص قصيرة وروايات صنّفت تحت القصة الواقعية؛ ليعطي للقصة العربية مكانة فريدة في الأدب العالمي، يشاركه في ذلك كتاب القصة من الجيل الثاني من أمثال عبدالحميد جودة السحار، وعادل كامل، ويحيى حقي وعبدالحليم عبد الله، ويوسف السباعي، الذين أعقبهم الجيل الثالث من أعلام القصة العربية متمثلا في عبد الرحمن الشرقاوي، وصالح مرسي، ويوسف إدريس، وعبد الستار خليف، وغيرهم ممن قدموا الرواية الواقعية التحليلية التي تحكى تفاصيل الواقع المصري، وتصور الشخصية المصرية في مختلف أطوار عمرها.
Негізгі бет (٢١) نشأة الفن القصصي وأطواره في العصر الحديث. الوحدة الثالثة أدب ثالثة ثانوي أزهر.
Пікірлер: 92