#فولتير#التنوير#voltaire
عاش فولتير ظروفًا صعبة وكلفته جرأته وصراحته الكثير من التضحيات حتى أنه وضعا وصفا طريفا لحياته : "في فرنسا يجب أن تكون السندان أو المطرقة. أنا اخترت أن أكون سندانًا"، وكان يسعى لان تصبح الحياة من حوله اكثر حيوية وقوة : "كل من ليس حيوياً ومستعداً للمواجهة فهو لا يستحق الحياة وأعتبره في عداد الموتى". عُرف فولتير أيضاً بلهجته القاسية واللاذعة وبحسّه الساخر الممزوج دائماً برغبة في التغيير، وشكَّل ظاهرة فريدة في الفكر الفرنسي، انتقلت عدواها الى عواصم ثقافية أخرى فتأسس ما يشبه "المدرسة الفولتيرية الفلسفية" التي بدأت مظاهرها تتوضح اكثر من خلال كتابه الشهير "القاموس الفلسفي" الذي ترجم بعضاً منه المفكر المصري حسن حنفي . ويعتبر قاموس فولتير هذا اهم عمل انتج خلال عصر التنوير ، ففيه نقد للطغيان وفيه كراهية للتعصب ، وفيه ادانة للحروب ، وفيه انكار للميتافيزيقيا بكل غيبياتها ، وفيه دعوة الى المساواة .
في مقدمة الكتاب يوضح فولتير هدفه من هذا القاموس فهو يبغي اولا : رفض عقيدة العناية الإلهية التي تدور حولها الديانة المسيحية وبالتالي رفض كل ما يتعارض مع العقل في ميدان العقائد او ما يتعارض مع الأخلاق في مجال العلاقات الانسانية . وثانيا : هدم الفلسفات التي تحاول ان تدخل الإنسان في متاهات الخرافات . وثالثا : الدعوة الى السلام والتسامح ورفض الحروب الدينية والدنيوية وشجب التعصب العقائدي . ولعل هدف فولتير من خلال القاموس كان واضحا حين كتب لفريدرك الاول رسالة يشرح فيها مضمون كتابه : " أسعى لأن أعيد بناء الدين والمعتقدات على أسس عقلية ، والقضاء على الخرافة والأساطير وكل ما يشذ عن العقل."
عاش فولتير معظم حياته منفياً ، وظل القصر الملكي يخشى من وجوده في باريس ، ولم تنفع كل المحاولات للسماح له بالعودة الى باريس ، فعاش سنواته الأخيره في جنيف ، كان قد بلغ الرابعة والثمانين من عمره ، واصبح أحد أعلام أوروبا ، الكل يسعى للتقرب منه . في عام 1778 اصدر لويس السادس عشر امراً ملكياً جاء فيه : " اننا لانرحب بالمسيو فولتير ، ولا نتمنى عودته ، لكننا لن نقبض عليه إذا ما عاد." وعلى الفور قرر فولتير العودة ، فقد طال الغياب اكثر من ثلاثين عاماً ، وعلى الحدود وقف رجال الشرطة يفتشون عربته ، وفوجئ احد الجنود بصوت نحيل يقول له : لاشيء في العربة مخالف للقانون إلا أنا ، ضحك الجندي وهو يقول "أهلا مسيو فولتير، تفضل ان باريس كلها بانتظارك." كانت باريس قد خرجت الى الشوارع تستقبل فيلسوفها المشاغب ، ورفعت صوره في كل مكان ، الأمر الذي أزعج لويس السادس عشر ، لكنه لم يستطع ان يفعل شيئاً ، كل ما فعله انه منع زوجته "ماري انطوانيت" من حضور حفل تتويج فولتير ، وقد كانت ترغب برؤية اشهر شخصية انجبتها فرنسا عبر عصورها . ويبدو ان صخب باريس وضجيجها وكثرة الزوار أثرت على صحته ، فرحل بعد ثلاثة اشهر من عودته من المنفى وهو يلفظ آخر كلماته : "أموت في هذه اللحظة وأنا أشعر بحبي لأصدقائي، وبعدم كرهي لأعدائي، وبرفضي المطلق للمعتقدات الباطلة."
رابط الفيديو السابق:
yt6.pics.ee/3y...
رابط مجموعتنا على الفيسبوك :
www.facebook.c...
Негізгі бет فولتير.. الفيلسوف المتمرّد وأعظم عقل أنجبته فرنسا (2)
Пікірлер: 19