عن ابن عُمرَ - رضي اللَّه عنهما - عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله يُحبُّ العبد المُحتَرف))؛ رواه البيهقيُّ والطبرانيُّ.
هذا شأن المؤمن المُحتَرف عند اللَّه تعالى؛ يُحبُّه جزاء ما قدَّم مِن عمل نافِع، فيَبني لدِينه صرْحًا مِن المجْد، ويَنفعُ نفْسَه، ويُفيد أمَّته.
ومِن المَعلوم أنَّ مَن أحبَّه اللَّه تعالى، هَداه واجْتباه، وحَفِظه ووقاه، وجعَله في وَلايته، وأدخَله في رَحمتِه، فيَسعَد في الدُّنيا والآخِرة.
وإذا أحبَّ اللَّه عَبدًا، فليس مِن المعقول أن يُعذِّب المُحِبُّ مَحبوبَه، ولكنْ ما بال أقوام يَحقِرون الصناعة و يَنظُرون إلى الصنَّاع وأرباب الحِرَف بغير تَقدير، مع أنَّ الإسلام دعا إلى الاحتِراف، والاشتِغال بالصِّناعات؛ لتَكتفي الأمَّة اكتفاءً ذاتيًّا بصناعات أبنائها، بل جعَل الإسلام أطيبَ مالٍ، وأحلَّ كسْبٍ، ما كان مِن عمل يد الإنسان؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أكَل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا مِن أنْ يأكل مِن عمَل يده، وإنَّ نبيَّ الله داودَ - عليه السلام - كان يأكل مِن عمَل يده)).
وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الأمَّة التي فَطنتْ إلى جلال الغاية مِن وراء الصناعة، وأدركَتْ سُموَّ الهدف الذي تَرمى إليه، فبذلَتْ كلَّ جهدٍ في هذا السَّبيل، واستسْهلَتْ كل صعْب، وأنشأت معاهد للصناعات = قد نهضَتْ مِن كبوتها، وهبتْ مِن رقادها، وتبوَّأت مَقعَدها بين الأمم.
أمَّا الأمَّة التي لا تزال تأكُل مِن حرْث غيرها، وتَلبس مِن نتاج أخرى، وتَستورد مُعظم احتياجاتها، فلم تَشقَّ طريقها إلى المجد، وستظلُّ عالَةً على غيرها مِن الأمم.
وإنَّ الذي نَلمسه الآن في الأمم الإسلامية؛ مِن قعود عن المجد، وتخلُّف عن ركْب التقدُّم، لم يكن سببه نقْصًا في شريعتهم؛ وإنما أساسه التَّفريط والإهمال.
فالإسلام لا يرضى بالدنيَّة لأهلِه، ويأبى أن يَكونوا أذلَّة، أو أن يوصَفوا بالعجْز والمهانة؛ ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8].
كما نظَّم الإسلام حياتهم؛ فجعل العمل للدِّين مَقرونًا بالعمل للدنيا في غير ضرَّاء مُضرَّة ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [القصص: 77].
ومِن أجل ذلك كان الدِّين عمَلاً ونظامًا، وعِلمًا وصِناعةً، وحياةً عريضةً تتميَّز بالنُّهوض والاعتِلاء، والعزِّ والإباء؛ ليوفِّر لأهلِه الرئاسة والتَّمكين في الأرْض، مع رغَد العَيش، وهناءة الحال.
رابط الموضوع: www.alukah.net...
Негізгі бет في الحديث الضعيف (ان الله يحب العبد المحترف)
Пікірлер: 6