عظة الأب سمعان أبو حيدر في الأحد الأول من لوقا
الأحد ٢٢ أيلول ٢٠٢٤ - كنيسة الظهور الإلهي - النقاش
خطر القداسة
باسم الآب والابن والروح القدس. آمين.
يحدّثنا إنجيل اليوم عن دعوة «الدائرة المقرّبة» من تلاميذ المسيح، بطرس ويعقوب ويوحنا.
أولاً، ننظر إلى رد فعل بطرس، بعد أن أطاع مع شركائه توجيهات يسوع، ورأى «الصيد العجيب»، كيف «خرّ عند ركبتي يسوع قائلًا: اخرج يا ربّ». لماذا؟ «لأنّي رجل خاطئ»!
لا معنى لردّة الفعل هذه، ما لم تُفسّر في سياق الكتاب المقدس بما يمكن تسميته «خطر القداسة». يؤكّد الكتاب مرارًا وتكرارًا على عظمة قداسة الله لدرجة أنه من الخطورة حقًا أن يكون الخطأة في حَضرته: «كما يباد الدخان يبادون. كما يذوب الشمع قدّام وجه النّار كذلك تهلك الخطأة من قدّام وجه الله» (مز ٦٧: ٢).
لهذا طَرد الله آدم الساقط من عدن حيث سُكنى الله مع البشر «وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة» (تك ٣: ٢٤). الحراسة هنا، حتى لا يحاولا، آدم وحواء، العودة إليها والتسبب بدمارهما. ونذكر أيضًا كيف أن «شر الإنسان قد كثر في الأرض» ما أدّى إلى الطوفان العظيم (تك ٦: ٥-٧). هذه أمثلة على الموت والدمّار بسبب مواجهة القداسة.
أدرك بطرس فجأة أنه كان في حَضرة قداسة الله. عرف أن القداسة كانت أمامه. لذلك طلب من يسوع أن يخرج. لكن يسوع أجابه «لا تخف». لمَ قال له ذلك؟ لأنه علِم أن بطرس كان خائفًا من الموت بسبب حضور القداسة.
ثانيًا، لم قال يسوع له «لا تخف»؟ لأن «خطر القداسة» هو أمر جدّي، لا لأن البشرية غير جديرة بالاقتراب من الله فحسب، بل لأن البشرية «ليست مستعدة» للاقتراب من الله.
عرَف بطرس طقوس التطهير في العهد القديم. هو نشأ يشهدها ويشارك فيها. كانت هذه تهدف جميعها إلى «إعداد الناس» للقاء الله. لقد صِيغة منظومة التوبة والتطهير في شريعة موسى حتى يستمر الله في السكنى مع شعبه دون التسبّب «بدمارهم». كانت أفعال التطهير الطقسي هذه لغرض «لقاء الله وعبادته».
ما الذي يقوله يسوع لبطرس؟ هو يخبره أنه سوف يتطهّر، حتى لا يخاف الموت بسبب تعرّضه للقداسة. لأي غرض؟ «من الآن تكون صائدًا للناس» أي لغرض استعادة البشر للمسيح وإدخالهم إلى ملكوت الله. علاوة على ذلك، كما نكتشف لاحقًا في الأناجيل، سوف يشارك بطرس أيضًا في تطهير العالم كله حتّى يصير النّاس هياكل لله.
ثالثًا، ما علاقة هذا بنا هنا والآن؟ يجب أن نفهم أن الغرض الأوّل من كنيسة المسيح ليس مجرّد الحفاظ على العادات الثقافية أو حتّى توفير مكان لطيف للصلاة. بل هي للبشر «ملجأ حماية» من نار قداسة الله في اللقاء به. الكنيسة مكان نصير فيه «أهلًا للحياة الأبدية والقيامة من بين الأموات» ومطرح صيرورتنا «مثل الملائكة… أبناء الله… أبناء القيامة» (لو ٢٠: ٣٥-٣٦).
لهذا، عند حضورنا الى الكنيسة نصوم ونصلّي ونعفّ. ولهذا نستخدم البخور مرارًا وتكرارًا. كان رئيس الكهنة في القديم «يجعل البخور على النار أمام الرب فتغشّى سحابة البخور الغطاء الذي على الشهادة فلا يموت» (لا ١٦: ١٦). دور البخور، هو ستار للقداسة وذبيحة تطهير لمكان العبادة. ولهذا أيضًا نُسالم الآخرين قبل حضورنا. هذه «استعدادات» تطهيرنا وتطهير هذا المكان من الخطيئة حتى نتمكن من لقاء الله دون أن تحرقنا قداسته. هذه استعداداتنا، بخاصّة، لتناول جسد المسيح ودمه الكريمين. لأن بولس يحذّرنا من المناولة «بدون استحقاق»، لهذا «كثُر فيكم المرضى والضعفاء ومات بعضكم» (١كو ١١: ٣٠).
علاوة على ذلك، تبقى مهمّتنا مهمة الرسل والتلاميذ عينها: صيد البشر. بعد أن وُهبنا هذا «الموقع» في الملكوت، الذي يمكِّننا من مواجهة قداسة الله بالاستعداد، تلقّينا الأمر بمدّ هذا الملكوت في العالم.
كيف نقوم بذلك؟ من خلال بثّ الإنجيل في النّاس بإعلان ظفر المسيح على الخطيئة والموت. ومن خلال عيش الإنجيل للآخرين «مُتَمِّمين خلاصنا بخوفٍ ورعدةٍ» (في ٢: ١٢).
عندما نقف في هذا المكان المقدس، نقف بالفعل في الملكوت نفسه - مطرح حضور الله مع شعبه. وعندما نعاين مجده، نصرخ مع بطرس: «اخرُجْ عنّي يا رب فإني إنسان خاطئ» ولكننا نسمع أيضًا صوت يسوع قائلاً، «لا تخَفْ فإنك من الآن تكون صائدًا للناس». آمين.
Негізгі бет خطر القداسة - الأحد الأول من لوقا
Пікірлер: 4