وتوقّف سيفُ الدّولة في الغَزاة الصّائفة في جُمادَى الآخِرة سنة أربعين وثلاثمِئة ببقعة عَرَبْسُوس على افتراق (احتراق) القُرى، ثُمّ أصبحَ صافًّا يريدُ (سَمَنْدُو)، وقد اتّصل به أنّ العدوّ بها جامِعًا معدَّ في أربعين ألفًا، فتهيَّبَ جيشُ سيفِ الدّولة الإقدامَ عليها، وأحبَّ سيفُ الدّولة المسير إليها، فاعترضه أبو الطّيّب وأنشده ارتِجالاً فلمّا بلغَ إلى قوله: (وإنْ كنتَ سيفَ الدّولةِ العَضْبَ فيهم...) قال سيفُ الدّولة: قلْ لهؤلاء، وأومأ بيده إلى مَنْ حوله مِن العرب والعَجَم يقولوا كما تقول حتّى لا ينثني الجيش، فما تجمَّلَ أحدٌ منهم بكلمة:
1. نَزُورُ دِيَارًا مَا نُحِبُّ لهَا مَغْنَى
وَنَسْألُ فِيْهَا غَيْرَ سَاكِنِهَا الإذْنَا
2. نَقُودُ إلَيْهَا الآخِذَاتِ لَنَا المَدَى
عَلَيْهَا الكُمَاةُ المُحْسِنونَ بِهَا ظَنَّا
3. وَنُصْفِي الَّذِي يُكْنَى أَبَا الحَسَنِ الهَوَى
وَنُرْضِي الَّذِي يُسْمَى الإِلَهَ وَلا يُكْنَى
4. وَقَدْ عَلِمَ الرُّومُ الشَّقِيُّونَ أنَّنَا
إِذَا مَا تَرَكْنَا أرْضَهُمْ خَلْفَنَا عُدْنَا
5. وَأَنَّا إِذَا مَا المَوْتُ صَرَّحَ فِي الوَغَى
لَبِسْنَا إِلَى حَاجَاتِنَا الضَّرْبَ والطَّعْنَا
6. قَصَدْنَا لَهُ قَصْدَ الحَبِيبِ لِقاؤُهُ
إلَيْنَا وَقُلْنَا لِلسُّيُوفِ هَلُمَّنَّا
7. وَخَيْلٍ حَشَوْنَاهَا الأَسِنَّةَ بَعْدَمَا
تكَدَّسْنَ من هَنَّا عَلَيْنَا وَمِنْ هَنَّا
8. ضُرِبْنَ إلَيْنَا بِالسِّيَاطِ جَهَالَةً
فَلَمَّا تَعَارَفْنَا ضُرِبْنَ بِهَا عَنَّا
9. تَعَدَّ القُرَى وَالْمُسْ بِنَا الجَيْشَ لَمْسَةً
نُبَارِ إِلَى مَا تَشْتَهِي يَدُكَ اليُمْنَى
10. فَقَدْ بَرَدَتْ فَوْقَ اللُّقَانِ دِمَاؤُهُمْ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ نُتْبِعُ البَارِدَ السُّخْنَا
11. وَإنْ كُنْتَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ العَضْبَ فِيْهِمُ
فَدَعْنَا نَكُنْ قَبْلَ الضِّرَابِ القَنَا اللُّدْنَا
12. فَنَحْنُ الأُلَى لا نَأْتَلِي لَكَ نُصْرَةً
وَأَنْتَ الَّذِي لَوْ أَنَّهُ وَحْدَهُ أَغْنَى
13. يَقِيكَ الرَّدَى مَنْ يَبْتَغِي عِنْدَكَ العُلا
وَمَنْ قَالَ لا أرْضَى مِنَ العَيْشِ بِالأَدْنَى
14. فلَوْلاكَ لَمْ تَجْرِ الدِّمَاءُ وَلا اللُّهَا
وَلَمْ يَكُ لِلدُّنْيَا وَلا أَهْلِهَا مَعْنَى
15. وَمَا الخَوْفُ إلاّ مَا تَخَوَّفَهُ الفَتَى
وَمَا الأَمْنُ إِلاّ مَا رَآهُ الفَتَى أمْنَا
Негізгі бет كرسي المتنبي (شرح ديوان المتنبي) - حلقة (475) - نَزُورُ دِيَارًا مَا نُحِبُّ لهَا مَغْنَى
Пікірлер: 13