الأحد: 21 شوال 1443هـ / 22 ماي 2022م
شرح كتاب صيد الخاطر المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
الواجب الصبر وإن كان الدعاء مشروعًا
الصبر على القضاء وما يعين عليه
المدعو مالك حكيم
رتبة العلماء على الزهاد
فصل: الواجب الصبر وإن كان الدعاء مشروعًا
للبلاء نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل، فلا بد للمبتلى من الصبر إلى أن ينقضي أوان البلاء، فإن تقلقل قبل الوقت، لم ينفع التقلقل، كما أن المادة إذا انحدرت إلى عضو، فإنها لن ترجع، فلا بد من الصبر إلى حين البطالة.
فاستعجال زوال البلاء مع تقدير مدته لا ينفع؛ فالواجب الصبر، وإن كان الدعاء مشروعًا، ولا ينفع إلا به.
إلا أنه لا ينبغي للداعي أن يستعجل، بل يتعبد بالصبر والدعاء، والتسليم إلى الحكيم، ويقطع المواد التي كانت سببًا للبلاء، فإن غالب البلاء أن يكون عقوبة. فأما المستعجل، فمزاحم للمدبر، وليس هذا مقام العبودية؛ وإنما المقام الأعلى هو الرضا، والصبر هو اللازم، والتلاجي بكثرة الدعاء نعم المعتمدة، والاعتراض حرام، والاستعجال مزاحمة للتدبير، فافهم هذه الأشياء، فإنها تهون البلاء.
فصل: الصبر على القضاء وما يعين عليه
ليس في التكليف أصعب من الصبر على القضاء، ولا فيه أفضل من الرضا به. فأما الصبر، فهو فرض، وأما الرضا، فهو فضل.
وإنما صعب الصبر؛ لأن القدر يجري في الأغلب بمكروه النفس، وليس مكروه النفس يقف على المرض والأذى في البدن، بل هو يتنوع، حتى يتحير العقل في حكمة جريان القدر.
فمن ذلك أنك إذا رأيت مغمورًا بالدنيا، قد سالت له أوديتها، حتى لا يدري ما يصنع بالمال، فهو يصوغه أواني يستعملها، ومعلوم أن البلور والعقيق والشبه قد يكون أحسن منها صورة، غير أن قلة مبالاته بالشريعة جعلت عنده وجود النهي كعدمه! ويلبس الحرير، ويظلم الناس، والدنيا منصبة عليه، ثم ترى خلقًا من أهل الدين وطلاب العلم، مغمورين بالفقر والبلاء، مقهورين تحت ولاية ذلك الظالم: فحينئذ يجد الشيطان طريقًا للوسواس، ويبتدئ بالقدح في حكمة القدر، فيحتاج المؤمن إلى الصبر على ما يلقى من ضر في الدنيا، وعلى جدال إبليس في ذلك.
وكذلك في تسليط الكفار على المسلمين والفساق على أهل الدين. وأبلغ من هذا إيلام الحيوان، وتعذيب الأطفال؛ ففي مثل هذه المواطن يتمحض الإيمان.
ومما يقوي الصبر على الحالتين: النقل، والعقل: أما النقل، فالقرآن والسنة.
فصل: المدعو مالك حكيم
ينبغي لمن وقع في شدة، ثم دعا أن لا يختلج في قلبه أمر من تأخير الإجابة أو عدمها؛ لأن الذي عليه أن يدعو، والمدعو مالك حكيم، فإن لم يجب، فعل ما يشاء في ملكه، وإن أخر، فعل بمقتضى حكمته، فالمعترض عليه في سره خارج عن صفة عبد، مزاحم لمرتبته، مستحق لعقوبته.
ثم ليعلم أن اختيار الله عز وجل له خير من اختياره لنفسه. فربما سأل سيلًا سال به! وفي الحديث: "أن رجلًا كان يسأل الله عز وجل أن يرزقه الجهاد، فهتف به هاتف: إنك إن غزوت، أسرت، وإن أسرت، تنصرت".
فإذا سلم العبد تحكيمًا لحكمته وحكمه، وأيقن أن الكل ملكه، طاب قلبه، قضيت حاجته، أو لم تقض.
وفي الحديث: "ما من مسلم دعا الله تعالى إلا أجابه: فإما أن يعجلها، وإما أن يؤخرها، وإما أن يدخرها له في الآخرة".
فإذا رأى يوم القيامة أن ما أجيب فيه قد ذهب، وما لم يجب فيه قد بقي ثوابه، قال: ليتك لم تجب لي دعوة قط، فافهم هذه الأشياء! وسلم قلبك من أن يختلج فيه ريب أو استعجال.
فصل: رتبة العلماء على الزهاد
من أراد أن يعرف رتبة العلماء على الزهاد، فلينظر في رتبة جبريل وميكائيل، ومن خص من الملائكة بولاية تتعلق بالخلق: وباقي الملائكة قيام للتعبد، في مراتب الرهبان في الصوامع. وقد حظي أولئك بالتقريب على مقادير علمهم بالله تعالى.
فإذا مر أحدهم بالوحي، انزعج أهل السماء، حتى يخبرهم بالخبر، فـ {إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ}، كما إذا انزعج الزاهد من حديث يسمعه، سأل العلماء عن صحته ومعناه. فسبحان من خص فريقًا بخصائص شرفوا بها على جنسهم!
ولا خصيصة أشرف من العلم، بزيادته صار آدم مسجودًا له، وبنقصانه صارت الملائكة ساجدة، فأقرب الخلق من الله العلماء.
وليس العلم بمجرد صورته هو النافع، بل معناه: وإنما ينال معناه من تعلمه للعمل به، فكلما دله على فضل، اجتهد في نيله، وكلما نهاه عن نقص، بالغ في مباعدته، فحينئذ يكشف العلم له سره، ويسهل عليه طريقه، فيصير كمجتذب يحث الجاذب، فإذا حركه، عجل في سيره.
والذي لا يعمل بالعلم، لا يطلعه العلم على غوره، ولا يكشف له عن سره، فيكون كمجذوب لجاذب جاذبه. فافهم هذا المثل، وحسن قصدك، وإلا فلا تتعب.
الابتلاء لازم.. والصبر واجب
الصبر على البلاء
إتحاف النبلاء بفضل الصبر على البلاء
عند البلاء لا تفقد الأمل والرجاء
فضل الصبر على البلاء
فقه البلاء وحكم الابتلاء
الصبر على البلاء فضله ومنزلته
الحكمة من البلايا والمصائب البلاء على قدر الإيمان - أنواع البلاء عظم الصبر عند البلاء -الباعث على الصبر - منزلة الصبر
#العلماء_والزهاد
الصبر_على_المصائب_والابتلاءات
#صيد_الخاطر
Негізгі бет كتاب صيد الخاطر (44) الصبر على الابتلاءات والمصائب - رتبة العلماء على الزهاد لفضيلةالشيخ يوسف بوغابة
Пікірлер: 9