كتب البدر الحيدري أحسن الله إليه مفسرا ألفاظ القصيدة: قال أيوب الجهني وفقه الله في تعرُّض الشتيمِ لعرضِ النبي صلى الله عليه وسلم، -والتعاليق المُدرجةُ منّي- : الحرُّ إن يَّدْنُ عادٍ مِن حِمَاهُ حَمِيْ وإن يَّرُمْ أَنفَهُ مستكبرٌ يَرِمِ ( يَرُم أنفَه: من رام يروم، بمعنى أرادَ، والأنف كنايةٌ عن العزّ. وورِمَ أنفُه يرِمُ: انتفخ، وهو كنايةٌ عن الغضب) لا يعرفُ العفوَ، إلا عَفْوَ مُقْتَدِرٍ ولا الجَهَالةَ إلا جَهْلَ مُنْتَقِمِ (الجهْل هنا الذي يقابِل الحِلم) والعَفْوُ إن يَّـنتَزِعْهُ العَجْزُ ليسَ سِوى ذُلٍّ، وإن رَّقَّعوُهُ العزَّ يَنْخَرِمِ وإنَّ أَوْلى حِمًى يَحميه ذو أَنَفٍ عِرضُ الرسولِ النقيِّ الطاهرِ الشِّيَمِ (الأنَف: الاستنكاف والإباء والشيم: جمع شيمة، وهي الطبيعة والخليقة) نفسي الفِداءُ لِعِرْضٍ جَلَّ صاحبهُ عن قَالَةٍ مِن زَنيمٍ غُشَّ في الرَّحِمِ (الزَّنيم: الدَّعِيّ المُلصَق بغيرِ أصله) نفسي لِعِرْضِ رَسولِ اللهِ مُرْخَصَةٌ وقَلَّ لو طُلَّ دون الذَّبِّ عنهُ دَمي (طُلَّ القتيلُ فهو مطلول: أي أُهدِرَ دمُه وأُبطِل، فلم يُطلَب قاتله) لو كنتُ أَمْلِكُ غيرَ القولِ ما ادَّخَرَتْ يَدي، وعَيني على الإغْضَاءِ لم تَنَمِ (الإغضاء: السكوت عن الشيء والإغماضُ عنه، يريدُ أنه لو ملَك غير القول لما نامَ حتى يحِلَّ بنذره، ويشفي غائلة صدره) فإنْ عَجَزْتُ عن الأَرْمَاحِ أَشْرَعُها فلستُ أَعْجِزُ عن شَرْعِيْ شَبَا قَلَمي (شَرع الرِّماحَ وأشرعها: مدَّها وسدَّدها. وشبَا كلّ شيء: حَدُّ طرَفه) حسبي الذي أَقْدَرَ اللهُ عليه يدي واللهُ يَعلم قَصْدَ العاجزِ الأَضِمِ (الأَضِم: الحاقِدُ المُغتاظ) يَكِلُّ فِكْري إذا حَمَّلْتُهُ شَرَفًا تَضيقُ عنه -إذا حَمَّلْتُها- كَلِمِي مَنارةً، شَيَّدَ اللهُ مَراسِيَها كالشمسِ في الصبح أو كالبدر في الظُّلَمِ وسيرةً، إن نُّجِلْ فيها بَصائِرَنا تَفَتَّقَتْ، كانفِتاقِ الأرضِ للدِّيَمِ (الدِّيَمُ: السحائبُ يدوم هطلُها) فضائلًا، مُنطِقَاتٍ كلَّ ذي خَرَسٍ شمائلًا، مُسْمعاتٍ كلَّ ذي صَمَمِ فبين مُلْتَمِسٍ نُورًا بِمُضَطَرِمٍ وغارفٍ حِكمةً من فَيْضِ مُلْتَطِمِ وذائقٍ بِدَعَ الألفاظِ، ما سَمَحَتْ بها قَرائحُ قَبلًا، أو جَرَتْ بِفَمِ (البِدَعُ والبدائع: جمع بديعة، وهي المُنقطِعةُ المِثال) لو كان يُسجَدُ للقولِ البليغِ، لَمَا رفعتَ رأسَكَ عن نوابغِ الكَلِمِ إن كان لم يُجْرِ في أقوالِهِ قَلَمًا فكم جرى خلفَهُ للناسِ مِن قَلَمِ؟ لولا أَفَانينُ قَولٍ كان يُبْدِعُها لَمَا رَوَينا لهُ قَوْلًا سِوى "نَعَمِ" (أي لولا ما أُمِر به من تبيلغ أفانين الدين -وهي فروعه وأغصانه- لما كان له قول سوى "نعم" لكرمه وسماحة نفسه) واصْدَعْ بِذِكْرِكَ أيامًا لهُ، تَرَكَتْ في أَلْسُنِ الدهرِ حَرفًا غيرَ مُدَّغَمِ (أي أن الدهر إذ تكلّم عن شرف الخلائق: كان حرفه فيها غير مُدغَم، بل هو ظاهرٌ في كل منطق وزمن) واذكُرْ بِنَجْدَتِهِ مَغَازِيًا، كَشَفتْ وجهَ الضَّلال بثَغْرٍ فُرَّ عن هَتَمِ (افترَّ فلان: بدتْ أسنانه. والهَتَم: سقوط مُقدّم الأسنان) وارفَعْ مآثِرَهُ اللاتي يُكادُ لها يَلُحْ لِوَجْهِكَ منها وَجْهُ مُبتسمِ (يُكاد: من الكَيد، وهو المَكرُ المُدبّر) ألم تكُ الأرضُ قبل الوَحْيِ مُقْعَدَةً حتى أقامَ نَواحِيها على قَدَمِ؟ قد قَسَّمَ اللهُ بين الَخلْقِ فَضْلَهُمُ والفَضْلُ فيه جَميعٌ غيرُ مُقْتَسَمِ قد خصَّهُ اللهُ بالقُربى، وفضَّلَهُ على البريَّةِ فَضْلَ البُرْءِ في السَّقَمِ مِن غيرِ كَسْبٍ، ولكن مَّـحْضُ مِنَّـتِهِ ومَن يَّرُمْ مِنَّةَ الرحمنِ يَنقَصِمِ يا خيرَ مُتَّصِفٍ بالفضل مُتَّسِمِ إني بذكرِكَ أخشى زَلَّةَ القلمِ ودِدتُّ لو أنني مُسْتَرسِلٌ أبدًا حتى أُشَرِّفَ من ذِكرِ النبيِّ فَمِي لكنَّ هذا مَقامٌ لا يَقومُ لَهُ إلا لسانُ مُلَقًّى مِن لَدُنْ حَكَمِ وما لساني بـِمُوْفٍ حَقَّ مِدْحَتِهِ وإن وَسَمْتُ بهِ أعداءَهُ يَسِمِ (وَسم الشيء يسمه: جعله عليه سِمةً وعلامة، ومنه أثرُ الكيِّ بالنار، فكأنّه بهجائه لهم ترك بهم عارًا ثابتًا ثبات أثر الكيّ بالجِلد) وإن ضربتُ به عِرضَ الزَّنيمِ فما يُبقي، فكيف بِعِرْضٍ غيرِ مُلْتَئِمِ؟ لكنْ أُجِلُّ مَقامًا فيه أَمْدَحُهُ عن ذِكْرِ شانئِهِ الـمُسْتَوْبَلِ الوَخِمِ (شانئه: مُبغِضه. المستوبل والوبيل: الثقيل المُفسد للأشياء. والوخم مثله) أدنى لِشَاتِمِهِ نَيْلُ السماءِ، فكم بين اليقين وبين الظنِّ والتُّهَمِ؟ وبين فَقْعٍ بِقَاعٍ دُونَهُ أَكَمٌ وبين خَفْقِ سَنَا نارٍ على علَمِ؟ أَيبتلي أمّةَ الإسلامِ مَن غبَرتْ تَسوسُهُ، قبل غَمْدِ العُرْبِ للخُذُمِ؟ (الخذم: جمع خَذُوم، وهو السيف سريعُ القطعِ) وقبلَ ترقيعِ دُنياهُمْ بِدينِهمُ وأَخْذِهِمْ دون حَقِّ اللهِ بالوَهَمِ ومِن دِمانا الثَّرى يُسْقى، ولو صَبروا عمَّا قليلٍ يَرَوْا مِنَّا غِراسَ دَمِ تُجْنى -وأطْيِبْ بها!- ثَأرًا، مُعَجَّلَةً آثارُه بِطُلًى إن لَّا تُبَـنْ تُنَمِ (الطُّلى: جمع طُلْية، وهي صفحة العُنُق، ومنه قيل للبَهمة : طَليّ. تُبَن: تُقطَع. تُنَم: من النوم. أي أن أثرَنا يظهرُ في رِقاب العدوّ المُشاتِم، فإن لم تقطَع كانت مُرخاةً من الموت كأنها رقاب النِّيام، فهم على كل حال مقتولون) فليس يشفي غليلَ الظامئين سوى وَصْلِ الوجودِ -بضربِ الهامِ- بالعدَمِ (الغليل: العطش. الهام: جمع هامة، وهو الرأس. يريد أنّه لا يشفي الصدور، سوى أن نُزيرَ الكافرين القبور) ونَصْبِ كلِّ فصيحِ الضربِ مُنصَلِتٍ "فالمجد للسيف ليس المجد للقلمِ" (المنصلت: المصقول، وجعله فصيحًا كنايةً بأنه يُبِين ولا يحتاج إلى تكرار) والله أعلم .. قناة أيوب الجهني على التلقرام: t.me/ayuobh/433
@Iii_11
2 ай бұрын
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى ازواجه وذريته
@imaaneh_
Жыл бұрын
"إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا" جزيتم خيرا وأدركتكم بها شفاعته صلى الله عليه وسلم...
Пікірлер: 11