خلال السنوات الأخيرة أدت عوامل الجفاف بفعل محدودية الأمطار في موريتانيا، إلى نفوق آلاف الماشية، وتقلصت كثيرا المساحات الرعوية، في ظل تزايد كلفة استيراد الأعلاف عالميا، ما دفع الدولة الموريتانية أكثر من مرة إلى إطلاق برامج استعجالية لإنقاذ ثروة هي إحدى ركائز البلد اقتصاديا.
مع حلول 2015 بدأ التعاون الصيني يخلق المفارقة الكبرى، في هذه المنطقة الصحراوية من العرية، وأعطت التجارب لاحقا نتائج قد تخلق تحولا كاملا، تتلاشى أمامه كل تحديات المنمي الموريتاني، ويجعل البلاد رقما صعبا بالغرب الأفريقي، في مجال تصدير الألبان واللحوم الحمراء... عبر تجربة مركز التدريب على تقنيات التنمية الحيوانية.
بعد ثلاث سنوات من التجارِب، أجرى خلالها المركز أبحاثا على مختلف أنواع البذور القابلة للتكيف مع أصناف التربة الموريتانية، والظروف المناخية المتغيرة من منطقة لأخرى، كانت النتائج تعطي المفاجأة الأهم للخبراء الصينيين: فعموم مناطق البلاد قابلةٌ وفاعليةٍ كبيرة، لاحتضان زراعة نباتاتٍ غنية بالبروتينات والفيتامينات، كنبتة الفصة التي تمثل أفضل غذاء عالمي للماشية.
نتائج الأبحاث الصادرة عن هذا المركز تؤكد قرب عهد القطيعة مع استيراد الأعلاف، وتوفير ملايين كانت تستنزف وطنيا من العملة الصعبة، هذا إن حصل توجه من المنمي الموريتاني نحو زراعة محاصيل العلف، والاعتماد عليها لتغذية الماشية، فالتكاليف رخيصة والعائد أكبر، مقابل فاتورة التجربة التقليدية.
التقنيات المستنتجة يحاول المركز اليوم نقلها للمنمين الموريتانيين وخبراء البلاد، قبل مباشرتهم للعمل في حظائر التحسين الوراثي للسلالات، والاستفادة منها في مشاريعهم الخصوصية.
مئات المستفيدين حتى اليوم على فنيات زراعة الأعلاف ومعالجتها، وإدارة حقولها، وتقنيات تربية الأبقار الحلوب وإدارة مزارعها.
هنا يواصل الخبراء الصينيون منذ 2017 عمليات التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة، لتحسين السلالة المحلية، بعد نجاح مرحلة زراعة الأعلاف المناسبة للتغذية، ما سيرفع من حجم إنتاج اللحوم والألبان لدى البقر، من خمسٍ إلى عشرةِ أضعاف إنتاج السلالات المحلية.
مجحفة هي الفاتورة التي يدفعها المنمي الموريتاني سنويا مقابل صمود ماشيته... وسائل بدائية مرهقة... وتكاليف تفرضها عوامل بيئة صحراوية شاسعة، لا تكادُ تعشوشب رقع منها لأشهر معدودات حتى تذبل من جديد...
مليارات تنفق سنويا على الأعلاف علها تضمن البقاء على الحياة، لكنها لن تخلق المفارقة في أجسام هِزال وأضرع لم يصل عطاؤها إلى أفق يستشرف معه اكتفاء ذاتي وشيك، من منتج تنفق على استيراده أكثر من 100 مليون دولار سنويا.
فهل يكمن الاستعداد سريعا لدى المنمي الموريتاني، لدخول التجربة الجديدة، لخفض التكاليف ورفع الإنتاجية؟ أم أن الأمر سيتطلب سنوات لنشر ثقافة التوجه الجديد؟
عبد الله الخليل، لشبكة الرؤية، مقاطعة واد الناقة منطقة إديني
Негізгі бет الصين تخلق المفارقة في تربية المواشي وزراعة الأعلاف بموريتانيا
Пікірлер: 89