كان مسقط رأس صالح الكويتي في مدينة الكويت، تحديدا في منطقة شرق، أحد أحياء المدينة. ابن لأسرة يهودية من أصل عراقي، واسمه الحقيقي: صالح بن عزرا بن يعقوب، وإنما سمي بالكويتي بسبب شهرته الموسيقية والتي كانت قد بدأت في الكويت. ولد عام 1908 في بدايات القرن العشرين، وكان يشاركه الفن أخوه، والمعروف بداوود الكويتي، عازف العود الشهير.
كان صالح الكويتي شغوفا بالموسيقى منذ نعومة أظفاره، إلى أن لازم الموسيقار الكويتي الكبير خالد البكر، وهناك تعلم العزف والغناء، واطلع على أنواع الألحان الكويتية واليمانية والحجازية والبحرينية، إلى أن أجادها. كما وقد تعرف أيضا على الموسيقى العراقية والمصرية من خلال الاسطوانات المتاحة آنذاك.
بعد أن امتلك صالح وأخوه القدرة الفذة على الإبداع وكمّا معرفيا بالموسيقى بشتى ضروبها، طفقا يشتركان في إقامة حفلات موسيقية غنائية لدى بيوتات الأصدقاء والأقارب والمعارف، وعلى بلاط الشيوخ والوجهاء في الكويت، قبل أن ينتشرا إلى أقطار الخليج.
في العام 1927 رافق صالح الكويتي عبد اللطيف الكويتي المطرب المعروف إلى البصرة، لتسجيل اسطوانات موسيقية غنائية، بعد أن لاقى استحسانا واعجابا وتقديرا من كبار المطربين العراقيين، الأمر الذي جعله يمكث فترة زمنية لا بأس بها لتوسيع مداركه في الغناء العراقي وأصول المقامات وتفرعاتها.
بعد عامين من البصرة، قرر صالح وبشكل قطعي الانتقال الى بغداد، حيث عمل هو وأخوه في ملهى يدعى (الهلال) مارسا فيه العزف، إذ كان صالح يجيد العزف على الكمان، وأخوه عازفا ماهرا على آلة العود. ومن خلال عزفهما وتقديمهما بعض الأغنيات تعرفا على كثير من المطربين العراقيين، ومن أهمهم المطربة العراقية سليمة باشا مراد، والتي أعجبت بموسيقاه أيما إعجاب، وسرعان ما اقترحت عليه أن يحاول تلحين بعض الأغاني، لما يمتلكه من مهارات فذّة في الموسيقى وإحساسات مرهفة في الغناء والعزف.
بدوره، قام صالح الكويتي بأخذ مجموعة من المقاطع الشعرية للشاعر الغنائي عبد الكريم العلاف، وقام بتلحينها في فترة زمنية قصيرة، أنتج مجموعة من الالحان لأغنيات لاقت إقبالا منقطع النظير من جمهور الموسيقيين والمطربين ومتذوقي الفنون الأصيلة. الأمر الذي جعل صالح الكويتي يعطي جل اهتمامه للتلحين والإبداع فيه. ومن أهم تلك الأغاني: قلبك صخر جلمود، يا نبعة الريحان، آه يا سليمة، خدري الجاي خدري، هوّا ال بلاني، وغيرها.
في عام 1932 التقى صالح الكويتي بالموسيقار المصري الكبير محمد عبد الوهاب، والذي قام بزيارة لبغداد لإحياء عدة حفلات غنائية على مسرح حديقة المعرض، كان لقاءً هاما ومكتنزا بالجمال. عبّر فيه عبد الوهاب عن اهتمامه بالألحان العراقية، وخصوصا مقام (اللامي) الذي طوره الكويتي وجعل منه مقاما مشهورا خارج العراق. وقد استفاد منه عبد الوهاب فيما بعد في ألحان بعض أغانيه.
في العام ذاته، زارت كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي أم كلثوم بغداد، ولكنها لم تلتق بصالح الكويتي، وإنما التقت بلحن من ألحانه، ناب عن ملحنه، دالّا على عبقرية ليس لها مثيل، أغنية (قلبك صخر جلمود) التي لحنها الكويتي لسليمة مراد، والتي بدورها، لم تستطع أم كلثوم كتم إعجابها الشديد بالأغنية واللحن، فقامت السيدة بغناء هذي الأغنية، بعد أن دربتها سليمة مراد على اللحن والكلمات. كانت المرة الوحيدة التي تغني فيها السيدة لملحن غير مصري.
في العام 1936، نشأت الإذاعة العراقية، فقامت الحكومة العراقية بتكليف صالح الكويتي لتشكيل فرقة الإذاعة الموسيقية، والتي عملت هذي الفرقة مدة ثمانية أعوام وبرئاسته، إلى أن قدم استقالته، مكتفيا بتقديم بعض البرامج الخاصة في الإذاعة. ومتفرغا لبعض أعماله الموسيقية، ومن أهمها، وضعه للموسيقى التصويرية لأول فيلم سينمائي عراقي (عليا وعصام)، لحن جميع أغانيه والتي أدتها سليمة مراد؛ بطلة الفيلم.
ظروف كثيرة أحاطت بالكويتي، أهمها النزاع العربي الاسرائيلي، وخدع الصهيونية التي أوهمت أبناء الطائفة اليهودية وأرغمتهم على الهجرة، وصدور قانون إسقاط الجنسية. كل هذه الظروف كنت سببا في هجرة صالح الكويتي من العراق إلى لأراضي المحتلة عام 1951، تاركا وراءه إرثا حافلا بالابداع وحقبة زاخرة بالانتاج الفني المميز، منحه كل الاحترام والحب والتقدير من الأوساط الرسمية والفنية والشعبية.
Негізгі бет لقاء مع صالح الكويتي
Пікірлер: 16