لعقود طويلة سيطر وهمٌ على العقل المسلم مفاده: أننا إذا استطعنا أن نوجد ( الطبيب المسلم - المهندس المسلم - الأستاذ المسلم - العامل المسلم - .. إلخ ) الملتزم بتعاليم الإسلام وأخلاقه فإننا بذلك سننصر الإسلام نفسه في النهاية، لأن الإسلام هو في النهاية ليس إلا حصيلة لمجموع أفراده، فإن كانوا ناجحين مهذبين فسيكون هو أيضا في موضع الشرف والاحتفاء!
🔸 ولكن ما حدث أن المسلمين صار عندهم جيوش من الأطباء والمهندسين والعمال والأساتذة ورجال الأعمال والحرفيين والنساء وربات البيوت الصالحين دون أن يتقدم الإسلام نفسه في بلادهم خطوة واحدة للأمام ، بل أحيانا تخلف للخلف!
🔸 ومؤشر ذلك هو مانراه الآن من تدني سمعة الدين والمتدينين، واتساع في المحرمات مع استحلال لها وتبجح في ذلك ( وليس فعلها مع الاعتراف بالذنب ورجاء في التوبة كما كان قديما)، وأيضا من المؤشرات أن أعداء الملة والأمة الذين يخونونها ويعتدون عليها ازدادوا تسلطا، وأنه مازال كل من يرفع رأسه بكلمة الحق يتعرض للظلم والتعذيب والاعتقال، ومازالت أبسط حقائق الإسلام غائبة عن عموم المسلمين، بل لقد أصبح الخطاب الدعوي الذي سيطر على المنابر طوال العقود الماضية فاقد الصلاحية، لايقنع أحد، ولا يرقق قلبا، ولا يصلح حالا، ولا يحل مشكلة.
🔸 ونتيجة لذلك تمزقت نفوس المسلمين، وغلب النفاق على بلادهم، سواء النفاق البدوي ( ذو النزعة قاسية القلب، النابعة من حدة الطباع ومن الجهالة) أو النفاق المدني ( نفاق المثقفين والنشطاء والمجادلين في الله بغير علم ولا هدى، ونفاق أهل الشبهات والمنقلبين على الإسلام بعدما كانوا جزء منه )
ويضاف مع ذلك الاستثمار الحثيث الذي تقوم به أغلب الدول العربية والغربية من أجل صناعة نسخة خاصة لها من الإسلام ، فالأمريكان ينحتون لأنفسهم إسلامًا متكيفا مع ثقافتهم، وفالفرنساوية يريدون ( إسلاما فرنسيا يركع للعلمانية ولما يسمى "قيم الجمهورية") ، والطغاة العرب يستثمرون بسخاوة في صناعة ( دين فرعوني خاضع للفرعون) .. إلخ
🔸 أما الجماعات الكبرى التي حملت الإسلام أو حملت بعض جوانبه، ( تربية\ دعوة \ بلاغا \ تعليما \جهادا\ سياسة)، فسواء المصيب منها أو غير ذلك فقد انهارت كلها وتفككت، وصار عندنا الآن عدد مهول وضخم من المؤمنين "الأفراد" الذين بالكاد يقصر همهم على المحافظة على أنفسهم و على أسرهم من أمواج الفتن وضيق العيش وتضييق الطغاة، وفي نفس الوقت عندنا "دين" مضطهد ومحارب من العالم كله من أول جناب نبيه صلى الله عليه وسلم وحتى أبسط حقائقه في الحلال والحرام.
فكيف حدث هذا ؟
هل فرضية صلاح الأفراد المفضي لتمكين الدين هي فرضية خاطئة ؟
وهل هناك فرق بين التمكين الذي قد يناله بعض الناس في بعض الوقت ( مثل أن يكون رئيس مؤسسة - أو رئيس شركة - أو حاكم مقاطعة - أو حتى حاكم بلدة) وبين التمكين للدين نفسه ؟
هل تحكم العمليتان نفس القوانين ؟
وهل هناك هداية في القرآن والسنن الإلهية لهذه المسألة؟
الإجابة في هذا المقطع العزيز النفيس، والذي قدم فيه الإمام الشيخ نظريته في التفريق بين (تمكين الوعد وتمكين الابتلاء) والتي طرحها قبل أن يخوض مغامرته لرئاسة المصريين ومحاولة إنقاذهم من قرون الاستعباد والذل والمهانة. ومن يتتبع إنتاج الأستاذ الإمام يجد أنه كرر تلك النظرية ربما مرات عديدة ( أحصينا نحن حوالي 5 مرات على الأقل ) في دروسه ومحاضراته ومؤتمراته في الفترة ما بين 2011 و2012.
فرج الله كربته، ومتع المسلمين بحياته، ونفعنا بعلومه في الدارين.
اللهم آمين
🔴 للاشتراك في برنامج أين الطريق، يرجى متابعة صفحة القناة الرسمية على التليغرام
t.me/WhereIsTh...
Негізгі бет 🔴 التمكين للأشخاص يختلف عن التمكين للدين | قوانين سياسة الناس (7) | حازم صلاح أبوإسماعيل
Пікірлер: 61