الإعلامية بسنت جميل من صحيفة ( اليوم السابع ) وجهت لي السؤال الآتي : مصر بلد الحكماء وليس الأنبياء.. من وجهة نظرك ، هل ذلك يعد أمرا مميزًا أم العكس؟
خزعل الماجدي : نعم هذا ما أراه، وهو أمر مميز وكبير ، لأن الحكماء الذين سأذكرهم هم شخصيات تاريخية معروفة ولها آثار مكتوبة بالهيروغلوفية ، وقد استقصيتهم بدقةٍ فى كتبي الثلاثة عن مصر القديمة، فهناك ما يقرب من 15 حكيماً مصرياً لهم نصوص معروفة، ووجدت أن هناك التماثيل والمنقوشات التي لاتزال موجودة لهم حتى الآن، والنصوص كانت تعبر عن مستوى رفيع جداً من الحكمة والأخلاق، وأعتقد أنه أمر مميز، والآثار هى التى أفصحت عن وجود الحكماء ونصوص حكمتهم فى مصر، وكذلك أفصحت عن وجودهم فى العالم القديم عند الصينين بالدرجة الأولى ثم عند الهنود.
يمكننى القول أن الحكماء أقل قداسة من الأنبياء، ولكن هذا ليس منقصةً فرغم أن تأثيرهم أقل مما أشيع عن الأنبياء، لكنه يبقى أطول بسبب واقعيتهم فى التناول وحكمتهم تفيد الحياة وتغيرها بشكل واضح وتحث عليها، فالحياة هى شغلهم الرئيسى أما الأنبياء فيشغلهم العالم الآخر والغيب، عادة، ولاشك أن كثرة وجود الحكماء فى مصر هى صفة ممتازة تمتاز بها مصر فى الشرق الأدنى بشكلٍ خاص، وأرى أن وجودهم مهّد لظهور الفلاسفة فى العالم اليونانى .فقد كان مصدر الفلسفة اليونانية الأول هو مدرسة الأسرار المصرية ثم برديات الحكماء المصريين الذين أمدّوا الفلسفة اليونانية بالكثير من الجوانب الإنسانية والأخلاقية.
اخناتون ليس نبيا بل هو ملك اراد توحيد الالهة في آتون .
كانت الحكمة تسمى في مصر على اسم إلهة العدالة والحكمة (ماعت) أو (مات) التي يمكن أن تعني (الاستقامة، الحق، الحقيقة، الانضباط، العدل، القانون الكوني الثابت، المنطق، الصلابة) وهي تعاكس الفوضى والفساد والشر التي تجمعها كلمة (أيسفت) وكان رمز ماعت هو الريشة.
أما التعليم والحكمة فكلمتهما هي (سيبابت) وهي مشتقة من جذر (سيبا) التي تعني أيضاً (باب، نجم) وهذا ما يشير إلى أنها تتضمن الرشاد والهداية ، ونظن أنها مصدر كلمة (سوفيا ) الإغريقية التي تعني الحكمة . فإذا كانت الفلسفة (فيلو سوفيا : حبّ الحكمة) إغريقية الشهرة فإن (الحكمة) مصرية الأصل، فقد ظهر حكماء مصر في كل عصورها وكانوا عنواناً نادراً لتوازن المجتمع المصري القديم وحكمته ، وكانوا هم ومدارس الأسرار الروحية والمعابد مصدر الفلسفة الإغريقية كما سنرى .
الحكمة ارتبطت بالدين ، وكانت التبشيرات الدينية الجديدة أقرب الى الحكمة منها إلى الجوهر الروحي والديني ، وهذا ماكان يدعو له الملوك والحكماء ، وهذا ماحصل مع تعاليم أخناتون التي كانت تشير إلى دعوته أكثر مما تشير إلى النط الأدبي الأخلاقي فقط كما ألفناه حيث "لم يترك لنا أخناتون أي كتاب مقدس، ومن ثم فإن ما أسسه لا ينتمي إلى ديانات الكتاب. وإن "كلمة الإله" بكل ما في هذه العبارة من معنى لا يوجد تخيل لها في الديانة الجديدة، حيث إن ذلك الإله الذي أُعلن عنه مؤخراً ظل صامتاً. فآتون نفسه لم ينطق ببنت شفة، بل على العكس فإن أخناتون المبشر به هو الذي تكلم عنه. ومن ثم فإننا يجب أن نعتمد على الأدلة المستوحاة والمستخرجة من النصوص الخاصة بالملك وبكبار رجال دولته.وتذكر لنا النصوص في كثير من الأحيان "تعاليم أو "تعليمات" أخناتون التي وضعها في قلوب رعاياه. ولتأكيد ذلك، فإن الكلمة المصرية المستخدمة لهذا الغرض هي "سيبايت" التي تشير إلى أدب الحكمة المتداولة في الكتابات التي ترجع إلى عصور سابقة حوالي أواخر الدولة القديمة، ولكن في عصر العمارنة يبدو في الحقيقة وعلى وجه الحصر أن حالة التعاليم والتعليمات كان الملك هو فقط الذي يفصح عنها، ولا يوجد في أي مكان آخر أي أثر للرسالات الدينية" (هورنونج 2010: 73).
أما حكماء مصر فكثيرون وسنذكر أهمهم وأهم بردياتهم وكتبهم :
1. كا ارسو: عاش حوالي (2704- 2680) ق.م
2. كاجمني (قاقمنا): وجدت حكمته في بردية بريس، وقد عاش هذا الحكيم في زمن الأسرة الثالثة وبداية الأسرة الرابعة معاصراً للملك سنفرو.
3.إمحوتب: وهو الطبيب والمهندس الذي بنى هرم زوسر المدرج.
4. بتاح حتب: وهو الحكيم الذي ظهر مع الأسرة الخامسة وهو وزير الفرعون (ديد كارع).
5.إيبّور (إيبو العجوز): وهو الحكيم الذي حذّر من ثورة اجتماعية قادمة في زمن الأسرة السادسة .
6. دوا خيتي: عاش هذا الحكيم حوالي 2300 ق.م إبان الأسرة التاسعة .
7. خيتي (أختوي) الملك: ظهرت تعاليم الملك إلى أبنه مريكرع حوالي 2133 ق.م من الأسرة العاشرة .
8. نب- كاورع: ربما كان هذا الحكيم هو آخر ملوك الأسرة التاسعة ويسمى (أختيوس الثاني) .
9. إمنمحات الأول: لم يكن الملك إمنمحات الأول (1991- 1962) ق.م حكيماً بالمعنى الدقيق للكلمة ولكنه حين تعرض إلى مؤامرة كادت تودي بحياته أشرك ولده ( سنو سرت الأول) في الحكم وكتب له (تعاليم) بليغة ومهمة في السياسة والحكم .
10. آني: الحكيم آني ظهر في حدود 1580- 1558 ق.م في عصر الملكة أحمس .
11. آمنمؤبي: مع الحكيم أمنمؤبي نصل إلى ذروة الحكمة المصرية في تطورها فقد ظهر في حدود 1000 ق.م بين الأسرتين 21- 22.
12. أمِنبْت بن كانخْت : عاش حوالي 1000 ق.م و كتبت حكمه وأمثاله بالخط الهيروغليفي.
13. لقمان الحكيم المختلف على نسبه .
14. عنخ شاشنقي: كاهن وحكيم مصري عاش في عين شمس في القرن الخامس قبل الميلاد.
15. بدي اوزر (بتوزريس ): يقف على رأس مجموعة من حكماء عائلته وهم معه (شسو،جد جحوتي إن عنخ، جدحر، بتوكم) وقد ظهروا في عصر الأسرة 30 وهي آخر أسرة فرعونية في حدود 360 ق.م .
مصر بلد الحكماء وليس بلد الأنبياء
مصر بلد الحكماء وليس بلد الأنبياء
Негізгі бет مصر بلد الحكماء وليس بلد الأنبياء
Пікірлер: 109