العقل العربى، في حاضرنا الراهن ، عقل "سلفى"، تمكن، خلال العصور الوسطى، من تصفية مايجعله متجدداً ، ولذا لم يستجب لعناصر التحديث والاجتهاد والتجدد وبقى عقلاً سلفياً محافظاً ومتعصباً ومغلقاً. فقد انتصرت السلفية على علم الكلام والفلسفة والعلم والاجتهاد ونزعات التنوير وتجمّد كلّ شيء فى مكانه وانسدت طرقه وانغلق فضاؤه.
هذا العقل ، عندما بدأ عصر التماس الحديث الواسع مع الحضارة الأوروبية منذ غزا نابليون مصر عام 1798 ، ثم عندما انهارت الدولة العثمانية وانتهت عام 1923، ثم مع دخولنا فى تفاصيل العصر الحديث، لم يستجب لشروط العصر الحديث على الإطلاق، ولم نسع إلى تجديد هذا العقل، بل حاصر هذا العقلُ العلماءَ وجعلهم يهربون من دائرته إلى خارج مجاله، أما الذين بقوا فى دائرته فقد "دجّنهم" ولم يعطهم الفرصة لكى يقولوا ما يريدون وأجبرهم على الصمت تحت تُهم التكفير والإلحاد والزندقة، فلا فلاسفة ولا علوم حديثة ولا تحضر.
ليس هناك أى نشاطٍ فلسفى أو علمى فى هذا العقل، ولا توجد فلسفة خاصة قمنا بإنتاجها كما حدث فى العصر الوسيط أيام العباسيين والأندلسيين، ولم نساهم فى علوم العصر الحديث على الإطلاق، نحن الآن نعيش كمستهلكين نفعيين على منجزات علوم العصر نأخذ ما يحلو لنا ويساعدنا على الاستهلاك ونرفض الكثير من علوم وأفكار وفلسفات العصر ونراها مفسدة لنا.
هذا الحال وضعنا فى طريقٍ محرجٍ وصعبٍ .. كان يجب أن نتفاعل إيجابياً مع العقل الحديث والمعاصر بأكمله ونتعامل معه بشكل نقدى ورصين ومتوازن بحيث لا يعيق تقدمنا، فنحن نحتاج إلى جعل العقل العربى جديداً لا سلفياً، وكان يجب أن ننقده بقوة ونشير لإخفاقاته، ويجب أن نحضّره ليكون عقلاً كونياً، وليس عقلاً عربياً إسلامياً منغلقا على نفسه، وأن يكون قادراً على التعامل بنجاح مع معطيات التاريخ الحديث والمعاصر، نحن الآن على حافة انطفائه النهائي، فإذا لم نتدارك وهنه وعجزه وجموده سوف يموت عقلاً منفصلاً عن جذوره الأصلية قبل الإسلام، وعن الحضارات العظيمة التى أسستها المنطقة فى حدود العالم الإسلامي.
المشكلة الثانية هى أن عقلنا (الراهن) لم يمد جذوره مع الحضارات الأصلية لبلدانه، فأهمل الحضارات السومرية والمصرية والبابلية والآشورية والكنعانية والفينيقية واليمنية والأمازيغية واعتبرها عدوةً له.
مأزق العقل العربي الراهن
مأزق العقل العربي الراهن
Негізгі бет مأزق العقل العربي الراهن
Пікірлер: 495