مثنوي جلال الدين الرومي
الحقيقة.. مرآة ألقى بها الرّحمان إلى عباده فتشظّت، وحظي كلّ منهم بجزء منها معتقدا أنّه الكل / جلال الدين الرومي
يحتوي ديوان المثنوي لجلال الدين الرومي على خمسة وعشرين ألفاً وستمائة واثنين وثلاثين بيتاً من الشعر ويتضمّن أربعمائة وأربعة وعشرين قصة وأمثولة تسرد معاناة الإنسان في رحلته الروحية الطويلة للوصول إلى مرتبة العشق الإلهي. حمل هذا الديوان الضخم اسم "المثنوي"، نسبة إلى الوزن العروضي الخاص المستعمَل في نظمه، ويتألف من أبيات مفردة مقسمة على شطرين مقفَّيين، ليتحرر الشاعر من وحدة القافية فى القصيدة. كان جلال الدين الرومي يشكو من الشعر المقفّى بشكله التقليدي، لأنه يقيِّده ويحدُّ من حريته في التعبير عمّا يريد؛ فكان يقول؛
"إنني أفكر في القافية ويقول حبيبي لا تفكر إلاَّ في لقائي مستفعلن مستفعلن قتلتني."
قسَّمَ جلال الدين الرومي كتابه المثنوي إلي ستة أجزاء، وجعل لكل جزء مقدِّمة خاصّة به. من بين هذه المقدِّمات الست، ثلاثٌ باللغة العربية، وهي مقدِّمات الجزء، الأول والثالث والرابع، أمّا بقية المُقدِّمات فقد كُتبت باللغة الفارسية.
يقول الرومي في مقدِّمة الجزء الأول، وهي مقدِّمة الكتاب كله: "هذا كتاب المثنوي، وهو أصول أصول أصول الدين في كشف أسرار الوصول واليقين، وهو فقه الله الأكبر، وشرع الله الأزهر، وبرهان الله الأظهر، مَثَلُ نُورِهِ كمشكاة فيها مصباح، يشرق إشراقًا أَنْوَرَ من الإصباح، وهو جِنان الجَنان، ذوات العيون والأغصان، منها عين تُسَمَّى عند أبناء هذا السبيل سلسبيلَا، وعند أصحاب المقامات والكرامات خيرٌ مقامًا وأحسن مقيلَا. الأبرار فيه يأكلون ويشربون، والأحرار منه يفرحون ويطرَبون، وهو كنيل مصر شرابٌ للصابرين، وحسرة على آل فرعون والكافرين، كما قال الله تعالى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ. وإنه شفاء الصدور، وجلاء الأحزان، وكشَّاف القرآن، وسعةُ الأرزاق، وتطييبُ الأخلاق بِأَيْدِي سَفَرَةٍ، كِرام برَرَةٍ، يمنعون بألَّا يمسَّه إلا المطهّرون، تنزيلٌ من رب العالمين لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، والله يرصُده ويرقُبه، وهو خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين، وله ألقاب أُخَرَ لقَّبه الله تعالى بها، واقتصرنا على هذا القليل، والقليلُ يدل على الكثير، والجرعة تدل على الغدير، والحفنة تدل على البيدر الكبير".
✍️ نجيب البكوشي كاتب وباحث تونسي
*المراجع:
*مثنوي جلال الدين الرومي، ترجمة محمد عبد السلام كفافي.
*كتاب الشمس المنتصرة للمستشرقة الألمانية آن ماري شيمل، ترجمة: عيسى علي العاكوب.
* كتاب الرومي و التصوّف للمستشرقة الفرنسية إيفا ميروفيتش. Rûmî et le soufisme
*الديوان العربي لمولانا جلال الدين الرومي، تقديم الشاعر التونسي بشير القهواجي.
Негізгі бет مثنوي جلال الدين الرومي
Пікірлер: 2