ﻟﻤﺎ ﻓﻨﻴﺖ ﺍﻟﻔﻨــﺎ*** ﻣﺎ ﺑﻘﻴﺖ ﺇﻻ ﺃﻧـﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺲ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ***ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ
شرابي لي مني *** وسري في الأواني
حاشا يكون الثاني *** أنا الشارب المشروب
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻜﺎﺱ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺨﻤﺮﺓ ***ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ
ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ***ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﺤﺐ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ
قوله: لما فنيت الفناء, هذا اصطلاح معروف عند أرباب التصرف, وهو عبارة عن ظهور العظمة والجلال, ويعبرون عنه بالاضمحلال, وفيه تكّل العبارات وتضيع الإشارات وتخشع الأصوات (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن و
ما بقيت إلا أنا, لأن قوله صار بالله, وقد فني العبد وبقي الرب.
قال صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن ربه: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه, ولا زال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, و يده التي يبطش بها, و رجله التي يمشي بها, وإن سألني لأعطينه, وإن استعاذني لأعيذنه), وقال في رواية أخرى : (كنتُ هو) فإذا صار هو هو, أين يكون هذا العبد ؟ و الحاصل لا موجود مع الله, ولا متكلم سواه, (فالله هو الولي, وهو يحيي الموتى) الشورى 19.
وأما قوله: (في الحس وفي المعنى) إذ هو في الحس ببصره, وفي المعنى ببصيرته, وإن شئت قلت: هو في الحس بشبحه وفي المعنى بروحه
أنا الكأس أنا الخمرة *** أنا الباب أنا الحضرة
أنا الجمع أنا الكثرة *** أنا المحب المحبوب
قوله رضي الله عنه (أنا الكأس أنا الخمرة) فالمراد بالكأس هو البشرية الحاملة سر الألوهية, أما الخمرة عبارة عن الروحانية, وفي هذا المعنى قال سلطان العاشقين سيدي عمر بن الفارض رضي الله عنه : (أرواحنا خمر وأشباحنا كرم).
وأما قوله : (أنا الباب أنا الحضرة) لا شك آن أولياء الله هم أبواب حضرة الله, إذ لا وصول إلى الله إلا بصحبة أولياء الله, لأنهم هم القوم لا يشقى جليسهم, والحاصل هم أبواب الله, قال تعالى (وأتوا البيوت من أبوابها) البقرة 189, وإذ تحققنا أن الولي هو باب الحضرة يصح له أن يقول : أنا الحضرة, لأن باب الحضرة ليست غيرها والله أعلم.
وأما قوله : (أنا الجمع أنا الكثرة) كان نظره رضي الله عنه للنفس الأصلية التي كثرت في وحدتها وتنزهت في بهجتها, ومن أجل هذا قال تعالى: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة) الأعراف 189, وكل نفس من الأنفس إلا وهي فرع من النفس الأصلية, ويصح للفرع أن يقول : أنا الأصل, وكذلك الأصل يقول : أنا الفرع, لان مقامهما واحد والله اعلم.
وأما قوله: (أنا المحب المحبوب) أشار رضي الله عنه للآية الكريمة وهو قوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) المائدة 54, وهؤلاء القوم اللذين حبهم الله في الأزل, وحبوه في الأبد, فصار أحدهم حبيبا ومحبوبا, ونشير لطرف من المحبة, قال تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) آل عمران 92, قال بعض العارفين : (لن تنالوا محبتي وفي قلوبكم محبة غيري), ولاتكن المحبة إلا في قلب حي, وحياته بموت النفس, فان قيل كيف قدم محبته لهم على محبتهم له وقدم ذكرهم له على ذكره إياهم ؟ قال تعالى: (أذكروني أذكركم) البقرة, فالجواب كما قال الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله تعالى عنه : (الذكر مقدم طلبا, فكأنه أمر بالطلب منه فقدم ذكرهم له), وأما المحبة, فهي تحفة إلهية ليس للعبد فيها اختيار, فلا يصح وجودها إلا بعد بروزها من جانب الغيب على يد المشيئة, فلهذا قدم محبته لنا على محبتنا له, وله الفضل والمنة, ومعنى محبته لنا توفيقه لنا بالطاعات, والله أعلم.
Негізгі бет أنا الكأس أنا الخمرة l مهرجان معراج الروح - طنجة - الوصلة الثانية
Пікірлер: 56