نتفاء الشذوذ وانتفاء العلة من شروط أصحاب الحديث لقبول الحديث.
اختصاص أصحاب الحديث باشتراط انتفاء الشذوذ والعلة ولم يوافقهم على ذلك أكثر الفقهاء والاصوليين.
قال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى (405) هـ: "من الصحيح المختلف فيه خبر يرويه ثقة من الثقات عن امام من أئمة المسلمين فيسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه ومثاله حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له الا من عذر.
قال الحاكم رحمه الله: هكذا رواه عدى بن ثابت عن سعيد بن جبير وهو ثقة وقد وقفه سائر أصحاب سعيد بن جبير عنه.
وهذا القسم مما يكثر ويستدل بهذا المثال على جملة من الاخبار المروية هكذا فهذه الاخبار صحيحة على مذهب الفقهاء فان القول عندهم فيها قول من زاد في الاسناد أو المتن إذا كان ثقة.
فأما أئمة الحديث فإن القول فيها عندهم قول الجمهور الذي أرسلوه لما يخشى من الوهم على هذا الواحد".
ابن الصلاح (643هـ) في أنواع علوم الحديث: عند الكلام على اختلاف الوصل والإرسال:
قال ابن الصلاح: منهم من قال: ((الحكم لمن أسنده، إذا كان عدلا ضابطا فيقبل خبره، وإن خالفه غيره سواء كان المخالف له واحدا أو جماعة))، قال الخطيب: ((هذا القول هو الصحيح)).
قلت: وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله. اهـ
قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح 2/ 612: ((الذي صححه الخطيب: شَرْطُه أن يكون الراوي عدلا ضابطا. وأما الفقهاء والأصوليون: فيقبلون ذلك من العدل مطلقا، وبين الأمرين فرق كثير.
............
والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تقبل دائما، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين فلم يصب، وإنما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظا ولا معنى)).
ابن دقيق العيد (702) هـ عند ذِكر شروط صحة الحديث:
وزاد أصحاب الحديث أن لا يكون شاذا ولا معللا وفي هذين الشرطين نظر على مقتضى مذهب الفقهاء فإن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدثون الحديثَ لا تجري على أصول الفقهاء.
وانظر ما قاله في نوع المضطرب والمقلوب.
قال الزركشي (ت794هـ) في نكته على ابن الصلاح: (((قوله) مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال الموصول إلى آخره.
ذكر بعض من صنف في علوم الحديث أن المعلل أن يروي عمن لم يجتمع به إما بطريق التاريخ كمن تتقدم وفاته عن ميلاد من يروي عنه وإما بطريق الجهة بأن يروي الخراساني عن المغربي ولم ينقل أن الخراساني انتقل من خراسان وأن المغربي انتقل من المغرب.
واعلم أن للمحدثين أغراضًا في صناعتهم احتاطوا فيها لا يلزم الفقهاء اتباعهم على ذلك؛ فمنه:
1- تعليلهم الحديث المرفوع بأنه روي تارة موقوفًا وتارةً مرسلا.
2- وطعنهم في الراوي إذا انفرد برفع الحديث أو بزيادةٍ فيه لمخالفته من هو أحفظ منه، فلا يلزم ذلك في كل موطن؛ لأن المعتبر في الراوي العدالة وأن يكون عارفًا ضابطًا متقنًا لما يرويه، نعم إذا خالف الراوي من هو أحفظ وأعظم مخالفة معارضة فلا يمكن الجمع بينهما ويكون ذلك منه قدحًا في روايته.
3- وكقولهم: من لم يرو عنه إلا راو واحد فهو مجهول.
4- ومن عارضت روايته رواية الثقات فهو متهم.
كل ذلك فيه تفصيل وإنما احتاطوا في صناعتهم كما كان بعض الصحابة يحلِّف مَنْ حدثه أو يطلب شاهدًا أو غيره وكل ذلك غير لازم في قبول أخبار الآحاد لأن الأصل هي العدالة والحفظ.
والفقهاء لا يعللون الحديث ويطرحونه إلا إذا تبين الجرح وعُلم الاتفاق على ترك الراوي.
5- ومنه قولهم: منقطع ومرسل، وهذا إنما يكون عِلَّةً إذا كان المرسِل يحدِّثُ عن الثقات وغيرهم، ولا يكون علَّةً معتبرةً إذا كان المرسِل لا يروي إلا عن الثقات وقلنا إن روايته عنه تعديل وعلى هذا درج السلف، فأما إذا عارضه مسنِدٌ عدْلٌ كان أولى منه قطعًا.
6- كذلك قولهم: فلان ضعيف، ولا يُثبتون وجْهَ الضَّعْفَ، فهو جرح مطلق، وفي قبوله خلاف، نعم ربما يَتوقف الفقهاء في ذلك وإن لم يتبين السبب.
وقال ابن حزم: قد علَّل قومٌ أحاديثَ بأن رواها عن رجلٍ مَرَّةً وعن آخر أخرى، وهذا قوةٌ للحديث وزيادة في دلائل صحته، ومن الممكن أن يكون سمعه منهما)).
ابن حجر (ت852هـ) في نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر
"واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقًا، من غير تفصيل، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح ألا يكون شاذا، ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه.
والعجب ممن أغفل ذلك منهم، مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح، وكذا الحسن!
والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين: كعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم، اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة.
____________________________________________________
مدرسة أصحاب الحديث بإشراف الدكتور/ إبراهيم سعيد الصبيحي _______________________________________________________
للتواصل مع مركز تحبير للدراسات والاستشارات الحديثية بإشرافي من أجل خدمات التراث ومساعدة الباحثين في موضوعات الرسائل العلمية ومراجعاتها: واتساب أعمال: 97477201590+ ______________________________________________________________
الصفحة الشخصية على الفيس بوك: / ebsaeed.sobihe
صفحة: ما لا يسع المحدث جهله: / hadeethhshareef
حسابي على تويتر: / sobihe
Негізгі бет نصوص المحققين في التفريق بين منهج (المحدثين) و(الفقهاء) في اشتراط انتفاء الشذوذ والعلة| الصبيحي
Пікірлер: 8