من البديهي إن للغذاء الأثر الكبير على جسم الانسان وحالته الصحية والبدنية، الا إن ما أثبته الشرع المقدس إن للغذاء أثر على روح وأخلاق وسلوك الانسان أيضا قال (تعالى) : " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً " (1). ويعتقد بعض المفسّرين أنّ تقارن ذكر هذين الأمرين: وهما : ( أكل الطّيبات و العمل الصالح )، هو خير دليل على وثاقة العلاقة بينهما، وهي إشارةٌ إلى أنّ الأطعمة الطيبة تترك أثرا طيبا على الروح و الأخلاق و السلوك بخلاف الأطعمة الأخرى والتي تترك الأثر السيء عليها. ولكن لا يمكن القول أبداً أنّ الأكل والغذاء هو العلّة التّامة لبلورة الأخلاق، ولكنّه يمثل عاملاً مُساعداً في ذلك، بحلاله وحَرامه، وأنواعه.
كما أثبت علماء العصر الحاضر، أنّ السّلوكيات الأخلاقية عند الإنسان، تنطلق من خلال ترشّح بعض الهرمونات من الغدد الموجودة في جسم الإنسان، والغُدد بدورها، تتأثر مباشرةً بما يأكله الإنسان، لذا سنتناول بالبحث أثر الاطعمة الطيبة على روح وسلوك الانسان ومن ثم أثر الاطعمة الخبيثة عليها ونختم بأثر فضول الطعام عليها أيضا.
أولا : أثر الاطعمة الطيَبة:
لانقصد بالطيَبة ما كان طعمها طيبا بل ما كان حلالا من الطعام لا شبهة فيها وكان أثرها طيبا على الانسان بدنا وروحا، وإلا قد تكون بعض الاطعمة المحرمة ذات طعم طيب الا انها تترك على البدن والروح الأثر الخبيث، وقد ورد في الروايات الشريفة بعض تلك الاطعمة منها:
1 ـ ما ورد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «عَلَيكُم بِالزَّيتِ فإنّهُ يَكْشِفُ المُرَّةَ... وَيُحْسِّنُ الخُلُقَ»(2)..
2 ـ في حديث آخر عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقِلَّ غَيْظَهُ فَلْيَأكُلْ لَحمَ الدُّراجِ(3) »(4).
3 ـ روي عن الامام الكاظم (عليه السلام) قال: من اشتكى فؤاده وكثر غمه فليأكل الدراج "(5).
4 ـ روي عن رسول الله (صلى الله عليه و آله): " عليكم بالعدس ، فانه مبارك مقدس ، يرق القلب، ويكثر الدمعة، وقد بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى بن مريم (عليه السلام) " (6). كما روي عنه (صلى الله عليه وآله) : " شكا نبي من الانبياء إلى الله (عزو جل) قساوة قلوب قومه، فأوحى الله (عز وجل) إليه، وهو في مصلاه: أن مُر قومك أن يأكلوا العدس، فانه يرق القلب ويدمع العين ويذهب الكبر [ياء] وهو طعام الابرار " (7)
5 ـ روي عن الامام الصادق (عليه السلام) : " الخل الخمر ينير القلب ، ويشد اللثة ، ويقتل الدواب البطن" (8)
6 ـ روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)، أنّه قال: «شَكى نَبِيٌّ مِنَ الأنبِياءِ إِلى اللهِ (عَز وَجَلَّ) الغَمَّ فَأَمَرَهُ اللهُ (عَزّ وَجَلَّ) بِأَكْلِ العِنَبِ»(9). وعنه (عليه السلام): لما حسر الماء عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح (عليه السلام) جزع جزعا شديدا واغتم لذلك، فأوحى الله إليه أن كل العنب الأسود ليذهب غمك" (10)
7 ـ وورد عن الإمام الصّادق(عليه السلام):«مَنْ أَكَلَ رُمّانَةً عَلَى الرِّيقِ أَنارَتْ قَلْبَهُ أَربَعِينَ يَوماً»(11). قال أبو عبد الله (عليه السلام): "من أكل رمانة على الريق أنارت قلبه فطردت شيطان الوسوسة أربعين صباحا" (12)
8 ـ عن الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)، في وصيته لجعفر بن أبي طالب(رضي الله عنه)، فقال له: «يا جَعْفِرُ كُلِ السَّفَرجَلَ فَإِنّهُ يُقَوي القَلْبَ وَيُشْجِعُ الجَبَانَ»(13).
ثانيا : أثر الأطعمة الخبيثة:
و نقصد بالاطعمة الخبيثة ما كانت حراما أو تركت أثرا خبيثا في نفس الانسان أو في بدنه وإن كانت ذات طعم طيب، وقد تقدم إن العلماء أثبتوا تأثر سلوك لانسان بما تفرزه غدده من هورمونات والغدد تتأثر بما يردها من طعام ، وعلى هذا الأساس، فإنّ لحومَ، الحيوانات تحمل نفس الصّفات النفسيّة الموجودة في الحيوان، فالضّواري تفعل فِعْلَ عناصر التّوحش في الإنسان، والخنزير يذهب بالغيرة عند الإنسان، وهكذا فإنّ لحم أيّ حيوان، يخلف بصماته على روح آكله مباشرةً، وينقل إليه صفاته، وقد حذرت الروايات من بعض الاطعمة نذكر منها :
1 ـ الأكل الحرام و هو من أشد الأطعمة خبثا في روح وسلوك الانسان :
*يورث عدم قبول الصّلاة و الصّيام والعبادة، كما ورد عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): «مَنْ أَكَلَ لُقْمَةَ حَرام لَنْ تُقْبَلَ لَهُ صلاةُ أَربَعِينَ لَيلَةً، وَلَمْ تُسْتَجَبْ لَهُ دَعوَةُ أَربَعِينَ صَباحاً، وَكُلُّ لَحْم يُنٌبِتُهُ الحَرامُ فَالنَّارُ أَولَى بِهِ، وَإنَّ اللُّقْمَةَ الواحِدَةَ تُنْبِتُ اللَّحْمَ»(14). ومن الطبيعي فإنّ قبول الصّلاة له شروطٌ عديدةٌ، ومنها: حضور القلب وطهارته من الدّرن والغفلة، والحرام يسلب منه تلك الطّهارة و الصّفاء، ويخرجه من أجواء النّور والإيمان.
*من شروط إستجابة الدّعاء هو الإمتناع عن أكل الحرام، حيث جاء شخص إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقال له: " اُحِبُّ أنْ يُستَجاب دُعائِي، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «طَهِّرْ مَأَكَلَكَ وَلا تَدْخُلْ بَطْنَكَ الحَرامَ»(15).
*الاكل الحرام يسلب التوفيق و الفلاح كما روي عن الفضل بن الرّبيع أنّ «شريك بن عبدالله»، دخل يوماً على «المهدي»، الخليفة العبّاسي في وقتها فقال له المهدي العباسي: «أي شريك»، أعرض عليك ثلاثة اُمور، عليك أن تختار إحداها، فقال ما هي؟، فقال له: إمّا أن تقبل منصب القضاء، أو أن تعلّم إبني، أو تأكل معنا على مائدتنا، ففكّر شريك قليلاً، وقال إنّ الأخيرة أسهلها، فحجزه المهدي، وقال لطبّاخه، حضّر له أنواعاً من أطباق أمخاخ الحيوانات، المخلوطة بالسّكر و العسل. فعندما أكلَ شريك من ذلك الطعام اللّذيذ، «وطبعاً الحرام»، قال الطبّاخ للمهدي، إنّ هذا الشّيخ لن يُفلح أبداً بعد هذا الطّعام، فقال الرّبيع: وفعلاً قد صدقت نبوءة الطبّاخ.(16)
2 ـ الدم روي عن الإمام الصّادق(عليه السلام)، حيث سئل عن علّة تحريم الدم، فقال(عليه السلام):«وَأَمَّا الدَّمُ فَإَنَّهُ يُورِثُ الكَلَبَ وَقَسْوَةَ القَلبِ وَقِلَّةَ الرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ لا يُؤمِنُ أَنْ يَقْتُلَ وَلَدَهُ وَوالِدَهُ».(17)
Негізгі бет انتبهوا على طعامكم.. كلام مهم جدا عن أثر الغذاء على روح و سلوك الانسان..الشيخ علي المياحي
Пікірлер: 196