الهندسة الصوتية والتسجيل استوديو صوت الجنوب
فضلاً وليس أمرأ اشترك بالقناة وفعل خاصية الجرس لدعمنا و ليصلك كل جديد وإن أعجبك الفيديو إضغط إعجاب وشاركنا رأيك بتعليق وشكراً..
أي شخص يمتلك حقوق الطبع والنشر لأي مادة مستخدمة بقناتنا ولديه إعتراض الرجاء مراسلتنا على الإميل adab.3araby@gmail.com
الخير في الناس مصنوعٌ إذا جُبروا
والشرُّ في الناس لا يفنى وإِن قبروا
وأكثر الناس آلاتٌ تحركها
أصابع الدهر يوماً ثم تنكسرُ
فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ
ولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ
فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها
صوت الرعاة ومن لم يمشِ يندثر
ليس في الغابات راعٍ.. لا ولا فيها القطيعْ
فالشتا يمشي ولكن.. لا يُجاريهِ الربيعْ
خُلقَ الناس عبيداً.. للذي يأْبى الخضوعْ
فإذا ما هبَّ يوماً.. سائراً سار الجميعْ
أعطني النايَ وغنِّ.. فالغنا يرعى العقولْ
وأنينُ الناي أبقى.. من مجيدٍ وذليلْ
* * *
وما الحياةُ سوى نومٍ تراوده
أحلام من بمرادِ النفس يأتمرُ
والسرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ
فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ
والسرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ
فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ
فإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدرِ
جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ
ليس في الغابات حزنٌ.. لا ولا فيها الهمومْ
فإذا هبّ نسيمٌ.. لم تجىءْ معه السمومْ
ليس حزن النفس إلا.. ظلُّ وهمٍ لا يدومْ
وغيوم النفس تبدو.. من ثناياها النجومْ
أعطني الناي وغنِّ.. فالغنا يمحو المحنْ
وأنين الناي يبقى.. بعد أن يفنى الزمنْ
* * *
وقلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما
تأتيهِ عفواً ولم يحكم بهِ الضجرْ
لذلك قد حوَّلوا نهر الحياة إلى
أكواب وهمٍ إذا طافوا بها خدروا
فالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُ
رهنُ الهوى وعَلىَ التخدير قد فُطروا
فذا يُعربدُ إن صلَّى وذاك إذا
أثرى وذلك بالأحلام يختمرُ
فالأرض خمارةٌ والدهر صاحبها
وليس يرضى بها غير الألى سكروا
فإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجباً
هل استظلَّ بغيم ممطر قمرُ
ليس في الغابات سكرٌ.. من مدامِ أو خيالْ
فالسواقي ليس فيها.. غير أكسير الغمامْ
إنما التخديرُ ثديٌ.. وحليبٌ للأنام
فإذا شاخوا وماتوا.. بلغوا سن الفطامْ
أعطني النايَ وغنِّ.. فالغنا خير الشرابْ
وأنين الناي يبقى.. بعد أن تفنى الهضاب
* * *
والدين في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ
غيرُ الأولى لهمُ في زرعهِ وطرُ
من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ
ومن جهول يخافُ النارَ تستعرُ
فالقومُ لولا عقاب البعثِ ما عبدوا
رباًّ ولولا الثوابُ المرتجى كفروا
كأنما الدينُ ضربٌ من متاجرهمْ
إِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا
ليس في الغابات دينٌ.. لا ولا الكفر القبيحْ
فإذا البلبل غنى.. لم يقلْ هذا الصحيحْ
إنَّ دين الناس يأْتي.. مثل ظلٍّ ويروحْ
لم يقم في الأرض دينٌ.. بعد طه والمسيح
أعطني الناي وغنِّ.. فالغنا خيرُ الصلاة
وأنينُ الناي يبقى.. بعد أن تفنى الحياةْ
* * *
والعدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا
بهِ ويستضحكُ الأموات لو نظروا
فالسجنُ والموتُ للجانين إن صغروا
والمجدُ والفخرُ والإثراءُ إن كبروا
فسارقُ الزهر مذمومٌ ومحتقرٌ
وسارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطر
وقاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ
وقاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ
ليس في الغابات عدلٌ.. لا ولا فيها العقابْ
فإذا الصفصاف ألقى.. ظله فوق الترابْ
لا يقول السروُ هذي.. بدعةٌ ضد الكتابْ
إن عدلَ الناسِ ثلجُ.. إنْ رأتهُ الشمس ذابْ
أعطني الناي وغنِ.. فالغنا عدلُ القلوبْ
وأنين الناي يبقى.. بعد أن تفنى الذنوبْ
* * *
والحقُّ للعزمِ والأرواح إن قويتْ
سادتْ وإن ضعفتْ حلت بها الغيرُ
ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ
بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا
وفي الزرازير جُبن وهي طائرة
وفي البزاةِ شموخٌ وهي تحتضر
والعزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره
عزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا
فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى
قوم إذا ما رأَوا أشباههم نفروا
ليس في الغابات عزمٌ.. لا ولا فيها الضعيفْ
فإذا ما الأُسدُ صاحت.. لم تقلْ هذا المخيفْ
إن عزم الناس ظلٌّ.. في فضا الفكر يطوفْ
وحقوق الناس تبلى.. مثل أوراق الخريفْ
أعطني الناي وغنِّ.. فالغنا عزمُ النفوسْ
وأنينُ الناي يبقى.. بعد أن تفنى الشموسْ
* * *
والعلمُ في الناسِ سبلٌ بأنَ أوَّلها
أما أواخرها فالدهرُ والقدرُ
وأفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرت بهِ
وسرتَ ما بين أبناء الكرى سخروا
فان رأيتَ أخا الأحلام منفرداً
عن قومهِ وهو منبوذٌ ومحتقرُ
فهو النبيُّ وبُرد الغد يحجبهُ
عن أُمةٍ برداءِ الأمس تأتزرُ
وهو الغريبُ عن الدنيا وساكنها
وهو المهاجرُ لامَ الناس أو عذروا
وهو الشديد وإن أبدى ملاينةً
وهو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا
ليس في الغابات علمٌ.. لا ولا فيها الجهولْ
فإذا الأغصانُ مالتْ.. لم تقلْ هذا الجليلْ
إنّ علمَ الناس طرَّا.. كضبابٍ في الحقولْ
فإذا الشمس أطلت.. من ورا الأفاق يزولْ
أعطني النايَ وغنِّ.. فالغنا خير العلومْ
وأنينُ الناي يبقى.. بعد أن تطفي النجومْ
* * *
أعطني الناي وغنِّ.. وانس ما قلتُ وقلتا
إنما النطقُ هباءٌ.. فأفدني ما فعلنا
هل تخذتَ الغاب مثلي.. منزلاً دون القصورْ
فتتبعتَ السواقي.. وتسلقتَ الصخورْ
هل تحممتَ بعطرٍ.. وتنشقت بنورْ
وشربت الفجر خمراً.. في كؤُوس من أثير
هل جلست العصر مثلي.. بين جفنات العنبْ
والعناقيد تدلتْ.. كثريات الذهبْ
فهي للصادي عيونٌ.. ولمن جاع الطعامْ
وهي شهدٌ وهي عطرٌ.. ولمن شاءَ المدامْ
هل فرشتَ العشب ليلاً.. وتلحفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأْتي.. ناسياً ما قد مضى
وسكوت الليل بحرٌ.. موجهُ في مسمعكْ
وبصدر الليل قلبٌ.. خافقٌ في مضجعكْ
أعطني الناي وغنِّ.. وانسَ داًْء ودواء
إنما الناس سطورٌ.. كتبت لكن بماء
ليت شعري أي نفعٍ.. في اجتماع وزحامْ
وجدالٍ وضجيجٍ.. واحتجاجٍ وخصامْ
كلها إنفاق خُلدٍ.. وخيوط العنكبوتْ
فالذي يحيا بعجزٍ.. فهو في بطءٍ يموتْ
* * *
العيشُ في الغاب والأيام لو نُظمت
في قبضتي لغدت في الغاب تنتثر
لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ
فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ
وللتقادير سبلٌ لا تغيرها
والناس في عجزهم عن قصدهم قصروا.
Негізгі бет أعطني النايَ وغنِّ / رائعة جبران خليل جبران | قصيدة المواكب
Пікірлер: 262