أمُّ سَلَمَة، هِندُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ المَخْزُومِيَّة، كانَتْ واحِدَةً مِنْ أَبْرَزِ زَوْجاتِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ، وأُمًّا مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ. وُلِدَتْ فِي زَمَنٍ كانَتْ فِيهِ مَكَّةُ تَعِيشُ فِي ظَلامِ الجَاهِلِيَّةِ، لكِنَّهَا كانَتْ مِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الإِسْلامِ، حَيْثُ تَزَوَّجَتْ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَقَرَّرَا مَعًا الهِجْرَةَ إِلَى بِلادِ الحَبَشَةِ فِي السَّنَةِ الخَامِسَةِ مِنَ البَعْثَةِ، حَيْثُ كانَتْ تِلْكَ الهِجْرَةُ الأُولَى.
لكِنَّ عِنْدَمَا قَرَّرَا الهِجْرَةَ إِلَى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، واجَهَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَقَبَةً كَبِيرَةً؛ فَقَدْ مَنَعَهَا أَهْلُهَا مِنَ الرَّحِيلِ مَعَ زَوْجِهَا. إِلَّا أَنَّ القَدَرَ كانَ لَهَا بِالمِرْصَادِ، حَيْثُ أُطْلِقَ سَرَاحُهَا بَعْدَ فَتْرَةٍ، فَحَمَلَتْ طِفْلَهَا وَبَدَأَتْ رِحْلَتَهَا الشَّاقَّةَ. وَفِي الطَّرِيقِ، اِلْتَقَتْ بِعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ الَّذِي سَاعَدَهَا فِي الوُصُولِ إِلَى يَثْرِبَ، لِتَكُونَ بِذَلِكَ أَوَّلَ امْرَأَةٍ تُهَاجِرُ إِلَى الحَبَشَةَ، وَأَوَّلَ ظَعِينَةٍ تَدْخُلُ المَدِينَةَ.
بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، وَوَجَدَتْ أُمُّ سَلَمَةَ نَفْسَهَا فِي حَاجَةٍ إِلَى الدَّعْمِ. تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ، وَأَصْبَحَتْ رَفِيقَتَهُ فِي العَدِيدِ مِنَ الغَزَوَاتِ. فِي غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ، كانَ لِرَأْيِهَا أَثَرٌ كَبِيرٌ؛ حَيْثُ نَصَحَتْهُ بِعَدَمِ الكَلامِ حَتَّى يَنْحَرَ بُدْنَهُ، مِمَّا جَعَلَهَا تُعْرَفُ بِرَأْيِهَا الصَّائِبِ وَعَقْلِهَا الرَّاجِحِ.
بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ، أَصْبَحَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مَرْجِعًا لِلصَّحَابَةِ فِي الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، حَيْثُ رَوَتْ ٣٧٨ حَدِيثًا، مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَثَلَاثَةَ رَوَاهَا البُخَارِيُّ، وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَوَاهَا مُسْلِمٌ. كَمَا أَوْرَدَ الذَّهَبِيُّ فِي مُسْنَدِهِ ٣٨٠ حَدِيثًا لَهَا، وَرَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ مُبَاشَرَةً، بِالإِضَافَةِ إِلَى رِوَايَتِهَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَفَاطِمَةَ الزَّهْرَاء.
تُوُفِّيَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِي المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ، وَكانَتْ آخِرَ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، حَيْثُ دُفِنَتْ فِي مَقْبَرَةِ البَقِيعِ. اخْتَلَفَ المُؤَرِّخُونَ فِي تَارِيخِ وَفَاتِهَا، فَقِيلَ إِنَّهَا تُوُفِّيَتْ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ، أَوْ رَمَضَانَ، أَوْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، أَوْ شَوَّالَ، فِي السَّنَوَاتِ مِنْ ٥٧ هـ إِلَى ٦٤ هـ. وَذَكَرَ الدَّمِيرِيُّ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ يَوْمَ عَاشُورَاء فِي السَّنَةِ ٦١ هـ، بَيْنَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ إِنَّهَا تُوُفِّيَتْ فِي آخِرِ السَّنَةِ ٦١ هـ بَعْدَ أَنْ وَصَلَهَا نَعِيُ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ.
تَظَلُّ قِصَّةُ أُمِّ سَلَمَةَ رَمْزًا لِلشَّجَاعَةِ وَالإِيمَانِ، وَتُجَسِّدُ قُوَّةَ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ فِي مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ.
كانت أم سلمة سببًا في نزول بعض آيات القرآن. طلبت من النبي ﷺ توضيح دور النساء في الغزوات والميراث، فنزلت الآية ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ...﴾ [النساء:32]، وآية ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ...﴾ [الأحزاب:35]. كذلك، سألت عن عدم ذكر النساء في الهجرة، فنزلت الآية ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ...﴾ [آل عمران:195]. وتروي أم سلمة أنها شهدت جبرائيل عليه السلام في صورة دحية الكلبي عندما أتى النبي ﷺ. من خصائصها، كما ذكر ابن القيم، أنها رأت جبرائيل في هذه الصورة. عند أهل السنة والجماعة، لأم سلمة مكانة رفيعة، بينما يرى الشيعة أنها أفضل زوجات النبي بعد خديجة، وكانت مخلصة لعلي بن أبي طالب
#أم_سلمة #زوجات_النبي #نزول_القرآن #المرأة_في_الإسلام #أحاديث_نبوية #الهجرة #أهل_البيت #تفسير_الآيات #السنة_والجماعة #الشيعة #مكانة_المرأة_في_الإسلام #قصص_إسلامية #تاريخ_إسلامي
Негізгі бет قصة أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها
Пікірлер