ذكر أبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات صفة الزند والزندة، وكيفية الفتل، فلا بأس بإيراده هنا، قال: أفضل ما اتخذت منه الزناد شجرتا المرخ والعفاء، بفتح العين المهلمة بعدها فاء، فتكون الأنثى، وهي الزندة السفلى مرخاً، ويكون الذكر وهو الزند الأعلى عفاراً. أخبرني بعض علماء الأعراب أن العفار شجر، يشبه صغار شجر الغبيراء، منظره من بعيد كمنظره وأما المرخ فقد رأيته ينبت قضباناً سمحة طوالاً لا ورق لها. ولفضل هاتين الشجرتين في سرعة الوري، وكثرة النار، سار قول العرب فيهما مثلاً، فقالوا: في كل الشجر نار، واستمجد المرخ والعفار، أي: ذهبا بالمجد فكان الفضل لهما.
ولذلك قال الأعشى: المتقارب
زنادك خير زناد الملو ... ك خالط فيهن مرخ عفارا
ويختار أن تكون الزندة من المرخ، والزند من العفار.
ومن فضيلة المرخ في كثرة النار، وسرعة الوري، ما ذكر أبو زياد الكلابي فإنه قال: ليس في الشجر كله أورى زناداً من المرخ، قال: وربما كان المرخ مجتمعاً ملتفاً، وهبت الريح، فحك بعضه بعضاً، فأورى، فاحترق الوادي كله. ولم نر ذلك في شيء من الشجر.
ثم بعد أن ذكر الأشجار التي تتخذ منها الزناد، قال: وصفة الزندة: عود مربع في طول الشبر أو أكثر، وفي عرض إصبع أو أشف، وفي صفحاتها فرض، وهي نقر، الواحدة منها فرضة، وتجمع فراضاً أيضاً. والزند الأعلى نحوها، غير أنه مستدير، وطرفه أدق من سائره.
فأما وصف الاقتداح بها، فإن المقتدح إذا أراد أن يقتدح بالزناد، وضع الزندة ذات القراض بالأرض، ووضع رجليه على طرفيها، ثم وضع طرف الزند الأعلى في فرضة من فراض الزندة، وقد تقدم فهيأ في الفرضة مجرى للنار إلى جهة الأرض يحز، وقد حزه بالسكين في جانب الفرضة، ثم فتل الزند بكفه كما يفتل المثقب، وقد ألقى في الفرضة شيئاً من التراب يسيراً يبتغي بذلك الخشنة، ليكون الزند أعمل في الزندة، وقد جعل إلى جانب الفرضة عند مفضى الحز، رية تأخذ فيها النار، فإذا فتل الزند، لم يلبث الدخان أن يظهر، ثم تتبعه النار فتنحدر في الحز، وتأخذ في الربة. وتلك النار هي السقط. انتهى كلامه باختصار كثير...
Негізгі бет إشعال النار بعودي المرخ والعفار من طرق العرب قديما
Пікірлер: 240