(رائعة)تظُنُّ أنَّك مُبتَلَى؟ هذا هو نَبيُّك صلْى اللَّه عليه وسلَّم ماتَ أبوهُ وماتت أُمُّه، وماتَ جدُّه، وماتت زوجَتُهُ، ومات جميعُ أبنائِه في حياتِه عدا فاطمة أُوذِيَ في بدنِهِ، حُوصِرَ في الشِّعبِ ثلاثةً إعوام حتَّى وقعُ عليه مِن الجُوعٌ هو وأهلُهُ ما وقع،اتَّهمًوه في عِرضِهِ، جُرِحَ وكُسِرت سِنُّه، ودخلت دخلت حلقة المغفر في وجنتيه...
( مادامَ يستطِعُ أن يَحمِلَ فليُحمَّل)
#التفريغ_
النَّاسُ يَتَصَوّرُونَ أنَّ أَولِيَاءَ الله تّبَاَركَ وتَعَالَى هُمُ الذِينَ لا يُصِيبُهُم شَيءٌ مِن هَمٍّ ولا غَمٍّ، ولا مِن أَذَى، ولا مِن مَرَضٍ، ولا غيرِ ذلك مِن المُعَانَاةِ فِي هذهِ الحَيَاةِ، وهذا خطأ؛ فَخَيرُ الأنبياءِ والمُرسَلِينَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٍ صلّى الله عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ أَصَابَهُ مِن أَلوَانِ البَلَاءِ مَا لم يُصِبْ أحدًا مِن الأَنبِيَاءِ والمُرسَلِينَ، فالنَّبِيُّ صَلَّى الله عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ ذَاقَ مَرَارَةَ اليُتْمِ حتّى وهو حَمْلٌ في بَطنِ أُمّهِ، حتَّى وهو حَملٌ في بَطنِ أُمّهِ؛ لأنَّ أَبَاهُ ماتَ قَبلَ أن يُوَلدَ -صلّى الله عليه وَسَلّمَ-.
ماتتْ أُمُّهُ وله سِتَّةُ أَعوَامٍ، كَفَلَهُ جَدُّهُ فَمَاتَ وَلَهُ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ، تَزَوّجَ خَدِيَجَة رَضِيَ اللهُ عنها وكانَ لها مُحِبًّا، فَمَاتَتْ في حَيَاتِهِ قَبلَ الهِجرَةِ إلى المَدِينَةِ صلّى الله عليهِ وسلّمَ رُزِقَ مِنها مِن الوَلَدِ مِن الذُّكُورِ والإِنَاثِ ما رُزِقَ، مَاتُوا جَمِيعًا إلّا فَاطِمَة، فإنَّها بَقِيَتْ بَعدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وكانَ يَعلَمُ أنَّها أَسرَعُ أَهلِهِ لُحُوقًا بِهِ بعدَ مَوتِهِ، رَزَقَهُ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى إبراهِيمَ على كِبَرِ السِّنِّ في آخِرِ حَيَاتِهِ مِن مَارِيَةَ القِبْطِيَّةَ، فَمَاتَ ولَهُ عَامَانِ وبِضعَةُ أَشهُرٍ، ومَاتَ وهُو في حِجْرِ رَسُولِ الله، في حِجرِ أَبِيهِ، فَذَاقَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ مَرَارَةَ الفَقْدِ، وَذَاقَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآلِهِ وسلّمَ مَرَارَةَ الاعتِدَاء، هو أشرفُ الخَلْقِ، وأَكرَمُهُمْ حَسَبًا، وأَفضَلُهُمْ نَسَبًا، ومع ذَلكَ أَهَانُوهُ صَلّى الله عليهِ وسلّم بِأَلوانِ الإِهَانَةِ والإيذاءِ في مَكَّةَ، يَخنُقُهُ مَن يَخنُقُهُ حتّى يَنقَطِعَ نَفَسُهُ، ثُمّ يُرسِلُهُ فَيَقَعُ على الأرضِ يَجِبُ كما تَجِبُ الحَائِطُ، ويَأتِي مَن يَجعَلُ بينَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهو ساجدٌ عندَ الكَعبَةِ القَذَرَ مِن سَلَى الجَزُورِ، ذُبِحتْ نَاقَةٌ وَرُمِيَ سَلَاهَا، هذا السَّلَى هو كالمَشِيمَةِ بالنسبةِ للمرأةِ، وَضَعَتْ فَأُتِيَ بالسَّلَى فَجُعِلَ بين كَتِفَيِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلم ظلَّ ساجِدًا حتَّى جاءتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ الله عنها فَأَزَالت ذلك عن ظهرِ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم-، أَرادُوا أن يُذِيقُوهُ مَرَارَةَ الجُوعِ؛ فَحُصِرَ ثَلاثَةَ أَعوامٍ في الشِّعْبِ، ومَعَهُ أَهلُ بَيتِهِ، والمُؤمِنُونَ بِهِ وبعضُ الكُفَّارِ مِن عَشِيرَتِهِ الذين تَعَصَّبُوا للنَّبِيِّ -صلّى الله عليه وسلّم فَبَقُوا في الشِّعْبِ لا يُبَاعُ لهم، ولا يُبتَاعُ مِنهُم، ولا يُنكَحُ إليهِم، ولا يَنكِحُونَهم مِن أَحَدٍ، قُوطِعُوا مُقَاطَعَةً كَامِلَةً في الشِّعْبِ ثَلاثَةَ أَعوَامٍ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَتَآمرُوا على قَتْلِهِ، فَنَجَّاهُ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى وخَرَجَ مِن بَلَدِهِ مُهَاجِرًا.
في المَدِينةِ جَاءَ إِيذَاءٌ جَدِيدٌ، إِيذَاءُ المُنَافِقِينَ، فَاتَّهَمُوهُ في عِرضِهِ، وتَكَلَّمُوا في حَقِّ عَائِشَةَ المُبَرَّأَةَ التي هي أَطهَرُ مِن مَاءِ السَّمَاءِ، وكانت فِتنَةً عَظِيمَةً حتَّى أَنزَلَ الله تبارَكَ وتَعَالَى بَرَاءَتَها في القُرآنِ المَجِيدِ.
المُنَافِقُونَ تَآمرُوا بِهِ لِيَقتُلُوهُ، مَرةً بِأن يَجعَلُوا حَجَرًا يَسقُطُ على رَأسِهِ صلّى الله عليه وسلّم وهو جَالِسٌ عِندَ حِصنٍ مِن حُصُونِ اليَهُودِ، فَأعلَمَهُ الله تبارَكَ وتَعَالَى بِذَلك، فَقَامَ قَبلَ تَنفِيذِ مُؤَامَرةِ الاغتِيَالِ.
واعتُدِيَ عليه في المَعرَكَةِ، دَخَلتْ حَلْقَةٌ مِن حَلْقَاتِ الخُوذَةِ في وَجنَتَهِ فما خَرَجَتْ إلّا مَعَ أَسنَانِ الصَّحَابِي الذي أَرَادَ أَن يَنزِعَهَا مِن وَجْنَةِ رَسُولِ اللهِ، وَوَقَعَ في حُفرَةٍ مِن الحُفَرِ التي جُعِلَتْ في سَاحَةِ المَعرَكَةِ، وَجُعِلَ فَوقَهَا بَعضُ غُصُونِ الأَشجَارِ، وفَوقَ الغُصُونِ بَعضُ الرَّملِ حَتَّى لا يَتَفَطَّنَ لها مَن يَمُرُّ، فَوَقَعَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم في وَاحِدَةٍ مِن تِلكَ الحُفَرِ، فَجُرِحَ في جَنبِهِ -صلّى الله عليه وسلّم-، وكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، كُسِرَتْ سِنَّةُ رَسُولِ اللهِ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-.
هذا الإِيذَاءُ يَصِلُ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وهو أَكرَمُ الخَلقِ على الله، هل تَرَكَهُ الله تبارك وتعالى للكُفَّارِ وأَسْلَمَهُ إِلَيهِم؟ حَاشَا وكلَّا، وإنَّمَا هو الابتِلَاءُ على قَدرِ المَكَانَةِ عِندَ الله جَلَّ وعَلَا
يُبْتَلَى الرَّجُلُ على قَدرِ دِينِهِ، فَإِذَا كانَ في دِينِهِ صَلَابَةٌ زِيدَ في ابتِلَائِهِ، مادَامَ يَحْمِلْ فَلْيُحَمَّلْ، مادَامَ قَادِرًا على الحَمْلِ فلا بَأْسَ مِن أن يُحَمَّلَ؛ لِتَعلُو مَنزِلَتُهُ عندَ الله -جلَّ وعَلَا-.
قناة القرآن والسنة بفهم سلف الأمة على التيليجرام
t.me/abou_Abdullah_Quran_and_...
قناة القرآن والسنة بفهم سلف الأمة على الفيس بوك / قناة-القرآن-والسنة-بفه...
Негізгі бет تظن أنك مبتلى ؟ من روائع مقاطع الشيخ محمد سعيد رسلان _حفظه الله
Пікірлер: 80