/ 546336989112960
المطرب الكبير فهد بلان صاحب الصوت الرجولي الذي استطاع بصوته القوي الصافي وأدائه الفني نقل تراث وبيئة بلاده إلى العالم وجعل الأغنية السورية مألوفة لدى المستمع العربي من غير أن يجد نفسه مضطراً للابتعاد عن هويته المحلية .
أما صلب الموضوع هو عن أم نواف "حبقة أنيس نعيم " التي تردد اسمها بين ابناء الجبل اينما وجدوا والتي غنى من اشعارها الحزينة الفنان فهد بلان اغنية " طيور السما" فهي ولدت في السويداء عام 1905 وحيدة وسط أربعة شبان لهم بصمتهم في المجتمع المحلي، كانت البلاد ترزح تحت نير المحتل العثماني، والعائلة تنوء تحت نير الفقر والحاجة كسائر العباد، وعندما تفائل الجميع بالثورة العربية الكبرى، وبأن القادم أحلى؛ جاءت "فرنسا" لتدفن أحلامهم بالطين، غير أن المجاهدين خرجوا من معاقلهم، وفتحوا أبواب جهنم على المحتل الجديد. فكانت مثل نظيراتها ممن ساهموا وساندوا لا تعرف للخوف مكاناً، ويقال إنها في الثاني من آب عام 1925 خرجت إلى شوارع مدينة "السويداء" لتحض الشبان على الالتحاق بالثوار الخارجين إلى أطراف "المزرعة" لملاقاة جحافل القوات الفرنسية، وكانت تعطي الشاب الذي تصادفه متخلفاً "فوطة" كناية عن أنه امرأة ويجب أن يذهب إلى البيت، وبسبب فعلتها هذه تحمس الكثيرون من الشباب والتحقوا بالثوار في ذلك اليوم حملت الماء والخبز ومضت باتجاه "المزرعة"، والتقت عدداً من الثوار على الطريق، ومنهم ابن عمها الشهيد "كاين نعيم" الذي طلب منها العودة إلى البيت، فوعدته بالعودة، وأكملت طريقها لتعالج الجرحى وتطعم الجائعين وتسقي العطاش، وفي يوم وفاتها تحدثت إحدى السيدات من آل "دويعر" عن أفعالها في ذلك اليوم كما رواه والدها عندما أنقذت المصابين من الموت المحتم، وهي التي دفنت والدها الشهيد "فارس دويعر" وأحضرت قميصه لأهله، كما قامت أيضاً بدفن الشهيد "سلمان الشوفي" ومن القصص التي يعلمها أغلب كبار المدينة تلك المتعلقة بمياه الشرب التي تسقي المدينة من "القلعة"، وهي مكان تحصن الفرنسيين حيث كانوا يعاقبون أهل المدينة بقطع مياه الشرب عنهم، فخرجت مع المجاهد "كاين نعيم" الذي طلب منها أن تشغل الحراس حتى يتسلل ويفتح المياه، وهو ما حصل بعد أن انقض على الحارس الثاني وقتله»
عملت "حبقة" كندابة في المآتم العامة وكانت تلك المهنة مصدر رزق لها ولغيرها من السيدات في ذاك الوقت، وهي معروفة بجمال الصوت ورخامته، وكان أغلب الناس يطلبون حضورها في المآتم نظراً إلى قدرتها العجيبة على التأليف وإعطاء المناسبة الحزينة حقها، وكان هذا العمل مصدر دخلها الوحيد، حيث يؤكد المصور الصحفي "شوكت نعيم" ابن أخيها بالقول: «من المعروف أن عمتي كانت "القوالة" أو "الندابة" في أغلب مآتم أهل المدينة، حيث كان آل المتوفى يطلبونها بالاسم نظراً إلى قدرتها على تأليف الكلمات الخاصة بالمآتم، وكلماتها مشهورة ويعرفها الكثيرون، وقد اشتهرت بنعيها لأحد "المرابعين" الذين يعملون بالربع عند الملاكين، فقالت عنه هذه الكلمات: (مات والمساس بيدو والبقر يجعر عليه.. يا ما كربل يا ما غربل يا ما هال التبن عليه)
اتصفت بجمالها وقوة شخصيتها ولسانها السليط اللاذع، فلم تكن تتردد أبداً بتوجيه النقد القاسي لأي شخصية اعتبارية أو سلطوية مهما كان مركزها وعلى مسمع من الجميع، وفي الأماكن العامة؛ وهذا ما دفع بعضهم إلى الهروب منها، وكانت ذاكرتها تستحضر كل التفاصيل الخاصة بأي عائلة وتسلسل جذورها وأبنائها وكافة المقربين منها، وتحدد مكان هجرتها واستقرارها، وكانت تختزن أيضاً الكثير من الأحداث في ذاك الوقت
توفيت بتاريخ 16 كانون الأول 1996، وتزامنت وفاتها مع وفاة اللواء "أبو غالب زيد الأطرش" فارس السيف والقلم في ذلك اليوم تكشفت الكثير من الحقائق عنها، مثل الأموال التي كانت تأخذها من عملها كندابة، حيث كانت تصرف على عدد من الأيتام وبيوت الأرامل، وكانت تقوم بالذهاب إلى البيوت المستورة لتأخذ المال بقوة الشخصية لكي تسد حاجة محتاج، ولذلك يعدّها العامة من صعاليك القرن العشرين
-- مقال للاستاذ ضياء الصحناوي بمدونة وطن موقع السويداء تاريخ السبت 25 حزيران 2016
Негізгі бет فهد بلان * طيور السما * أشعار حبقة نعيم / السويداء
Пікірлер: 2