بل ليكن في علم المجسمة ان التأويل كان عند الصحابة والتابعين قبل ان يكون عند الاشاعرة قلت: ونقل ذلك الحافظ ابن جرير أيضا عن: مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة وغيرهم. ب - وأول سيدنا ابن عباس رضي الله عنه أيضا قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) الذاريات: 47، ” قال: بقوة ” كما في تفسير الحافظ ابن جرير الطبري (7/ 27)، ولفظة (أيد) هي جمع يد وهي الكف كما في ” القاموس المحيط ” في مادة (يدي) حيث جاء فيه: ” اليد: الكف، أو من أطراف الأصابع إلى الكتف، أصلها يدي جمعها: أيد ويدي ” وانظر ” تاج العروس شرح القاموس ” (10/ 417 - 418). ومنه قوله تعالى: (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها) الأعراف: 7. وتستعمل لفظة (أيد) مجازا وتؤول في عدة معان منها: ” القوة ” كقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد) أي: بقوة، ومنها: ” الإنعام والتفضل) ” ومنه قوله تعالى: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب) ص: 17. فتأمل. وقد نقل الحافظ ابن جرير في تفسيره (27/ 7) تأويل لفظة (أيد) الواردة في قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) بالقوة أيضا عن جماعة من أئمة السلف منهم: مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان. ج - وأول أيضا سيدنا ابن عباس النسيان الوارد في قوله تعالى: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا) بالترك، كما في تفسير الحافظ الطبري (مجلد 5 / جزء 8 / ص 201) حيث قال ابن جرير: ” أي ففي هذا اليوم، وذلك يوم القيامة ننساهم، يقول نتركهم في العذاب … ” ا ه. فقد أول ابن جرير النسيان بالترك، وهو صرف لهذا اللفظ عن ظاهره لمعنى جديد مجازي، ونقل الحافظ ابن جرير هذا التأويل الصارف عن الظاهر ونقل ذلك ورواه بأسانيده عن ابن عباس ومجاهد … وغيرهم. وابن عباس صحابي ومجاهد تابعي وابن جرير من أئمة السلف المحدثين، إذن ثبت التأويل في ما يتعلق بالصفات عن السلف بلا شك ولا ريب، وعلى ذلك سار الأشاعرة فهم مصيبون، وقد أخطأ خطأ فادحا وغلط غلطا لائحا من تطاول على الأشاعرة وضللهم لأنهم يؤولون!!، والحق أنهم على هدي الكتاب والسنة سائرون، والحمد لله رب العالمين.
@ابوشهاب-ط4د
4 жыл бұрын
الإمام أحمد بن حنبل يؤول أيضا: روى الحافظ البيهقي في كتابه ” مناقب الإمام أحمد ” وهو كتاب مخطوط ومنه نقل الحافظ ابن كثير في ” البداية والنهاية ” (10/ 327) فقال: ” روى البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السماك عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأول قول الله تعالى: (وجاء ربك) أنه: جاء ثوابه .. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه “. انتهى كلام ابن كثير. وقال ابن كثير أيضا في ” البداية ” (10/ 327): ” وكلامه - أحمد - في نفي التشبيه وترك الخوض في الكلام والتمسك بما ورد في الكتاب والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ” ا ه. 5) تأويل آخر للإمام أحمد: قال الحافظ ابن كثير أيضا في ” البداية والنهاية ” (10/ 327): ” ومن طريق أبي الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل أنه أجاب الجهمية حين احتجوا عليه بقوله تعالى: (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون) قال: يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث، لا الذكر نفسه هو المحدث. وعن حنبل عن أحمد أنه قال: يحتمل أن يكون ذكر آخر غير القرآن ” ا ه. قلت: وهذا تأويل محض، ظاهر واضح، وهو صرف اللفظ عن ظاهره وعدم إرادته حقيقة ظاهرة. 6) تأويل آخر عن الإمام أحمد: قال الحافظ الذهبي في ” سير أعلام النبلاء ” (10/ 578): (قال أبو الحسن عبد الملك الميموني: قال رجل لأبي عبد الله - أحمد بن حنبل -: ذهبت إلى خلف البزار أعظه، بلغني أنه حدث بحديث عن الأحوص عن عبد الله - بن مسعود - قال: ” ما خلق الله شيئا أعظم من آية الكرسي … ” وذكر الحديث، فقال أبو عبد الله - أحمد بن حنبل -: ما كان ينبغي أن يحدث بهذا في هذه الأيام - يريد زمن المحنة - والمتن: ” ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي ” وقد قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة: إن الخلق واقع ههنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن). ا ه 7) تأويل آخر عن الإمام أحمد يتعلق بمسألة الصفات: روى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل[4] أنه سمعه يقول: (احتجوا علي يوم المناظرة، فقالوا: ” تجئ يوم القيامة سورة البقرة …. ” الحديث، قال: فقلت لهم: إنما هو الثواب) ا ه. فتأمل في هذا التأويل الصريح. 8) تأويل الإمام البخاري صاحب الصحيح رحمه الله تعالى: نقل الحافظ البيهقي في ” الأسماء والصفات ” ص (470) عن البخاري أنه قال: ” معنى الضحك الرحمة ” ا ه. وقال الحافظ البيهقي ص (298): ” روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال: معنى الضحك فيه - أي الحديث - الرحمة ” ا ه فتأمل. وقد نقل هذا التأويل أيضا الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” كما سيأتي في حديث الضحك في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
@abuhawee1
Жыл бұрын
خوف وورع بعض علماء السلف جعلهم لا يخوضوا في التأويل و أما علماء الخلف الاشاعرة إجتهدوا في التأويل لتنزيه الله وكلاهما على خير ،أنا عندي تفسير بسيط فالله سبحانه وتعالى أراد أن يسهل لعقل البشرية القاصر لفهم المعنى الحقيقي المقصود فاستخدم صفات بشريه مثل السمع والبصر ويد واصابع وافعال بشريه مثل النزول والمجيئ والاستواء ومن الغباء تفسيق بعضهم لبعضهم البعض
@Sunnah1
10 жыл бұрын
يا فضيلة الشيخ هناك خطأ علمي في بداية الدرس ، مسمى الوهابية أول من أطلقه هو الشيخ العلامة سليمان بن عبدالوهاب الحنبلي ، وهو أطلقها على أتباع أخيه محمد بن عبدالوهاب وله كتاب جميل اسمه (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية) أظنه متوفر على الإنترنت. وأول من استخدم هذا المصطلح هم علماء أهل السنة من المذاهب الأربعة في الحجاز وكذلك في الأحساء ، وليس كما بلغك أنهم الرافضة ، بل خلاف الوهابية مع الرافضة تأخر كثيرا عن خلافهم وعدوانهم على أهل السنة في الجزيرة العربية. هذا ما وصلت إليه في العشرين دقيقة الأولى ، وكذلك قولك أنهم لا يرضون بمسمى الوهابية ولذلك لا يجب مناداتهم به ، هذا ربما يكون مناسبا في مجال التلطف غي الخطاب ، لكن ليس في مجلس علمي بحت ، كذلك نحن لا نرضى أن ننادى بالأشعرية بل نحن أهل السنة والجماعة والسواد الأعظم ونحن أتباع السلف ، شاء من شاء وأبى من أبى ، فهل يرضون بأن ينادوننا بأهل السنة؟ والله لا يفعلون أبدا ، بل ينادونكم بالمعطلة والقبوريين والأشاعرة والمشركين والمبتدعة. أنا يا أيها الشيخ الفاضل من أهل تهامة ، وكل أبائي وأجدادي وكل أهل تهامة من مكة إلى عدن ، على مذهب الإمام الشافعية في الأصول والفروع ، هل تعرف كما بقي منا اليوم بعد دخول الوهابية علينا قبل سبعين سنة؟ بقي منا من يعدون على الأصابع في تلك الأرض التي يسكنها ملايين من البشر. كانوا يطردون الإمام الذي يجهر بالصلاة ويستتيبونه ، وأي عالم له حلقة تدريس كانوا يضيقون عليه ، ويهددونه بعدم الكلام عن شيء لا يرتضونه ، وأقاموا مدارسهم مكان المدارس الشافعية حتى أوشكوا على القضاء على مذهب الإمام الشافعي ، واستبداله بمذهب الخوارج والمجسمة والمشبهة الذي هم عليه. واليوم يهددوننا ويقمعوننا فإذا علموا عن رجل على مذهب الإمام الشافعي في الإعتقاد أو عقيدة أهل السنة ، إذا كان مدرسا فصلوه أو أبعدوه ، وإذا كان إمام مسجد طردوه ، وإذا موظفا في أي مكان هددوه بالنقل أو السجن ، هؤلاء هم الوهابية يا سيدي الشيخ. والله الذي لا إله إلا هو لو تمكنوا منكم في تونس ، أقسم بالله لن يتركوا مالكيا أشعريا واحدا! ولن يتركوا لكم مجلس تدريس ، ولا جامعة ولا مدرسة ، بل سيستأصلونكم كما أستأصلوا مذهب الشافعية وأهل السنة والجماعة من جبال الحجاز وتهامة. والله الله يعلم أني أكتب كلامي هذا مخلصاً في النصيحة لك يا أيها الشيخ الفاضل ، ويعلم الله كم أحمل في قلبي من الحب للسادة المالكية الأشاعرة ، الذين طهرهم الله فلم يوجد بينهم لا معتزلي ولا حشوي واحد ، وأسأل الله أن يطهر تونس والمالكية جميعا من شراذم الوهابية (الخوارج الحشوية) بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم ، ووفقكم وأيدكم بروح منه وصلى الله على نبيه وآله وصحبه وسلم وشكرا لكم.
@alibenamar6325
9 жыл бұрын
+تجربة جديدة المستدرك على شرح العقيدة الواسطية التوطئة بسم الله الرحمن الرحيم الحليم الكريم الذي خلق الانسان في احسن تقويم وهداه اكمل هداية وميزه عن الانعام بالعقل والابانة واتم هدايته بمحكمات الرسالة (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما )167النساء فهياه بذلك لحمل الامانة وانذره من الخيانة فقال جل من قائل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )27الانفال وان من اعظم الامانات واوكد الواجبات تصحيح العقيدة وان جمهرة من العلماء العاملين نذروا حياتهم لذلك الهدف العظيم واجتهدوا فاصابوا في مواضع واخطؤوا في اخرى وهم بحول الله في كل ذلك ماجورون وان تراث ابن تيمية رحمه الله تعالى وتراث من جاء بعده من تلاميذه كابن القيم وتراث المقتدين به كمحمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى جميعا في هذا المجال تراث غزير وكانت غايتهم قمع البدع واستنهاض الهمم لاسترجاع مجد الاسلام والمسلمين الا انه تراث لم يسلم من شوائب و زلات انتجت في صفوف اهل السنة والجماعة فرقة وتشرذما وفساد ذات بين وفي الحديث عن ابن عمر: قال رسول الله (ص) : ( أَشَدُّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي ثَلَاثٌ : زَلَّةُ عَالِمٍ ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْقُرْآنِ ، وَدُنْيَا تَقْطَعُ أَعْنَاقَكُمْ ) اورده البيهقي في شعب الايمان وقد تلقى زلاتهم في عصرنا اتباعهم بالقبول ولعل ذلك كان منهم لمجرد حسن الظن بهم وفي هذا الاطار اقدم هذه المراجعات حول شرح العثيمين رحمه الله تعالى للعقيدة الواسطية التي الفها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمهما المولى عز وجل فقد تضمن الشرح زلات ومغالطات اشربتها قلوب الناشئة على حين غفلة من الزمن ان الاوان للمخلصين من الامة ان يميطوا عنها اللثام ويناجوا بالبروالتقوى من بسببها وقعوا في ابغض العداوات والاثام فان المؤمن باخيه واصلاح ذات البين وتوحيد صف المؤمنين من محكمات التنزيل وهذه مراجعات ارجو ان تكون سببا في مراجعة مسائل الخلاف وارجو ممن يطلع عليها ان يحسن الظن بكاتبها والا يغتربما قد يعترضه فيها من العبارت التي قد تبدو له جارحة وان يكون مطلبه البحث عن الحق الذي به يتحقق الفلاح في الدارين وان يتذكر ان النجاة يوم الدين في التجرد للحق وليس في التعصب لهذا او ذاك من الاتباع وكفى عبرة بقوله تعالى (اذ تبرا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) 166البقرة وقد اخترت منهجا لهذا التعقيب على شرح الرسالة الواسطية ان اقف عند كل كلمة او جملة اوفقرة ارى العثيمين رحمه الله تعالى فيهامقصرا اوغير مصيب فاثبت قوله المعني بالتعقيب ثم ابين ماخذي عليه واترك الحكم للقارئ اللبيب ليحكم لي اوعلي فرايي صحيح يحتمل الخطا وراي الشارح خطا يحتمل الصواب وكل يؤخذ منه ويرد الا المعصوم صلى الله تعالى عليه واله وسلم فاقول على بركة الله وعونه : فاسالوا اهل الذكر يقول العثيمين في مقدمة الطبعة الثانية من شرح العقيدة الواسطية : (...اما بعد فقد من الله تعالى علينا بشرح العقيدة الواسطية التي الفها شيخ الاسلام ابن تيمية في عقيدة اهل السنة والجماعة...) ص17 و ابن تيمية عالم من علماء اهل السنة والجماعة وهو على جلالة قدره ليس العالم الوحيد بل لاهل السنة علماء كثيرون غيره لم يفوضوه ليدون لاهل السنة العقيدة الصحيحة نيابة عنهم ولا الزم الله تعالى المسلمين بتقليد واحد منهم بعينه فابن تيمية الف رسائل في العقيدة منها الرسالة الواسطية والرسالة الحموية والرسالة التدمرية وغيره الفوا ايضا المصنفات بعضها مطولة وبعضها مختصرة في العقيدة والله تعالى يقول (فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون)فباي حق يختار ابن العثيمين للمسلمين ابن تيمية دون غيره كي يقرر لاهل السنة عقيدتهم وباي حق ينصب العثيمين نفسه شارحا للعقيدة الواسطية كي يقدمها لاهل السنة مرجعا في عقيدتهم ؟ ابن تيمية والعثيمين رحمهما الله تعالى لايمكن ان ينكر اخوانهما من اهل السنة فضلهما كعالمين مجتهدين الا ان امر اهل السنة شورى بينهم فلا يليق بابن تيمية او العثيمين او غيرهما من اهل السنة والجماعة ان يستبد بامر تقرير العقيدة الصحيحة للفرقة الناجية بل كل علماء الفرقة وطلبة العلم فيها يدلون بدلائهم فيها دون ان يقصي بعضهم بعضا ولجمهور اهل السنة ان يختاروا من ارائهم حسب ما يبدو لهم انه الاقوى حجة فعلى العلامة عدة مؤاخذات بتزكيته لنفسه شارحا ولابن تيمية مؤلفا 1)=ان العثيمين بهذا القول يزكي نفسه كشارح للعقيدة الواسطية ويزكي عالما من علماء اهل السنة ليصرف الانظار عن علماء اخرين لايقلون قيمة عنه 2)=وهو بهذا لايهتدي بقوله تعالى (فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون )فاهل الذكر ليسوا فردا كابن تيمية ولااثنين او ثلاثة بل هم كثيرون منهم القدامى ومنهم المحدثون 3)= وابن العثيمين يحجر واسعا ويصرف الانظار عن اهل الذكرالذين لاينتمون الى من يعتقد انهم من طائفته ونحن اذا رجعنا الى علماء الامة العاملين بقوله تعالى (فاسالوا اهل الذكر)نجدهم يستفيدون من كل عالم برع في علم من العلوم لايحول بينهم وبين ذلك ما قد يكون عليه من الفهم المخالف لفهومهم ومن ابرز الامثلة على هذا الكشاف للزمخشري يستفيد منه الجميع لغويا واهل السنة والجماعة يدركون مخالفة الزمخشري لهم كمعتزلي ومع ذلك يستفيدون منه 4)=فابن العثيمين بهذا التوجه المذهبي الطائفي الانتقائي : يخالف قوله تعالى ( فاسالوا اهل الذكر... )لانه يحصرهم في واحد او في عدد محدود من العلماء في حين ان الاية لم تحصر اهل الذكر في شخص ولافي عدد محدد من الاشخاص وهوبذلك يخالف السلف الصالح فقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول في خطبته كثيرا : ((واياكم وزيغة الحكيم فان الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة , وقد يقول المنافق الحق فتلقوا الحق عمن جاء به , فان على الحق نورا)) قالوا وكيف زيغة الحكيم قال ((هي كلمة تروعكم وتنكرونها وتقولون ما هذه فاحذروا زيغته ولا تصدنكم عنه فانه يوشك ان يفيئ وان يراجع الحق) اخرجه ابوداود والدارمي والبيهقي وابن عبد البر في الجامع واذا كان التقليد في اصول العقيدة غير جائز عند بعض المتكلمين فان التقليد في فروعها لابد منه اذ الفرق شاسع بين البحث في اثبات وجود الله او اليوم الاخرمثلا وبين البحث فيما يتفرع عنهما من المسائل الدقيقة فالمبحث الاول متيسر لكل مكلف يكفيه لذلك ان يكون عاقلا مميزا ولولم يكن عالما باللغة العربية واصول الفقه اما المبحث الثاني فلايكفي فيه امتلاك العقل بل يجب الى جانب ذلك امتلاك قدر من العلم باصول الفقه وهولايتيسر لعامة الناس فوجب عليهم ان يسالوا اهل الذكر في هذه المسائل الفرعية دون ان يلتزموا بواحد منهم دون غيره اذا اختلفوا يقول الامام الشاطبي : (...فكما ان المجتهد لايجوز في حقه اتباع الدليلين معا ولااتباع احدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح كذلك لايجوز للعامي اتباع المفتِيَين معا ولا احدهما من غيراجتهاد ولاترجيح... ) ثم يقرر القاعدة فيقول : (...فتاوي المجتهدين بالنسبة الى العوام كالادلة الشرعية بالنسبة الى المجتهدين... ) وابن العثيمين يريد ان يقصر الامة على طريق واحد فلا تاخذ الا عن واحد فقط من اهل الذكر او عن طائفة دون غيرها وشرع الله تعالى لم يات الا ليخرج الناس من التقليد فاقوال اهل الذكرلاتؤخذ بمجرد الولاء الطائفي وانما بالنظر في ادلتها وما من عالم من علماء الاسلام الا وهو عرضة للاصابة او الخطا بقطع النظر عن الفرقة التي يواليها 5)= واسوا مما سبق ان ابن العثيمين يجعل نفسه حكما ليحدد من هو من اهل السنة والجماعة ممن هو ليس منها فيقول في ج1 ص 53 : (...وعلم من كلام المؤلف {يقصد ابن تيمية}...انه لايدخل فيهم {اي اهل السنةوالجماعة} من خالفهم في طريقتهم فالاشعرية مثلا والماتريدية لايعدون من اهل السنة والجماعة... ولهذا يخطئ من يقول ان اهل السنة والجماعة ثلاثة سلفيون واشعريون وماتريديون فهذا خطا...) وهوهنا لايزكي نفسه وطائفته فقط بل يحكم بكل يقين ان طريقته متطابقة مع طريقة اهل السنة والجماعة وهو ما لايعترف له به من اخرجهم من اهل السنة والجماعة فالاشعرية والماتريدية في الماضي والحاضريعتبرون انفسهم من اهل السنة والجماعة والمعاصرون منهم يتهمون ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب فضلا عن العثيمين وغيره يتهمونهم بانهم ظاهريون في منهجهم وانهم اقرب الى المجسمة منهم لاهل السنة والجماعة وابن العثيمين نفسه عندما يقول (...ولهذا يخطئ من يقول ان اهل السنة والجماعة ثلاثة سلفيون واشعريون وماتريديون فهذا خطا...) انما هو في الحقيقة يرد على من يخالفه من العلماء في اخراج الاشعرية والماتريدية من اهل السنة والجماعة فهل يصدق العثيمين في الحكم على الاشعرية والماتريدية ويخطئ غيره في اثبات انتمائهم لاهل السنة والجماعة او نفيه ؟ التحدث باسم السلف واهل السنة والجماعة التحدث باسم السلف واهل السنة والجماعة الفرقة الناجية ليس ظاهرة جديدة فما يفعله العثيمين وامثاله من اعلام مدرسة ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب في الجزيرة العربية في عصرنا فعله المشبهة المجسمة من قبل يقول ابن الجوزي (510هـ/597هـ)في كتابه دفع شبه التشبيه باكف التنزيه: (... رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح وانتدب للتصنيف ثلاثة أبو عبد الله بن حامد وصالح القاضي وابن الزاغوني فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام فحملوا الصفات على مقتضى الحس فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات وعينين وفما ولهوات وأضراسا وأضواء لوجهه هي السبحات ويدين وأصابع وكفا وخنصرا وإبهاما وصدرا وفخذا وساقين ورجلين وقالوا ما سمعنا بذكر الراس وقالوا يجوز أن يمس ويمس ويدني العبد من ذاته وقال بعضهم ويتنفس ثم يرضون العوام بقولهم لا كما يعقل وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث ولم يقنعوا بأن يقولوا صفة فعل حتى قالوا صفة ذات ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف وساق على شدة بل قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفة والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين والشيء إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط كيف أقول ما لم يقل فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه ثم قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها وظاهر القدم الجارحة فإنه لما قيل في عيسى روح الله اعتقدت النصارى أن لله صفة هي روح ولجت في مريم ومن قال استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل فإنا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقدم فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر عليكم أحد إنما حملكم إياها على الظاهر قبيح فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه ولقد كسيتم هذا المذهب شينا قبيحا حتى صار لا يقال حنبلي إلا مجسم ثم زينتم مذهبكم أيضا بالعصبية ليزيد بن معاوية ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم لقد شان المذهب شينا قبيحا لا يغسل إلى يوم القيامة ...) فهذا الذي ذكره ابن الجوزي عن هؤلاء موجود في العثيمين واخوانه من التيميين الوهابيين : - فانهم يتسمون باسم السلفية واهل السنة والجماعة وينفون عن غيرهم ان يكونوا كذلك وهم وان كانوا من اهل السنة والجماعة ومن محبي السلف الا ان انتماءهم الحقيقي لمحمد بن عبد الوهاب وهو ولا شك من اهل السنة والجماعة ومن محبي السلف الا انهم لايمثلون بمفردهم اهل السنة والجماعة فضلا عن ان يمثلوا السلف ومن ينظر في مؤلفات الاشاعرة كالحافظ بن حجر يجدهم ايضا يتكلمون باسم اهل السنة والجماعة فانظر حديث البراك يرد على ابن حجرتجد كل واحدمنهما ينصب نفسه متحدثا باسم الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة : قال الشيخ البراك : 2(- قال الحافظ في المقدمة ص 208 : قوله : (أطولهن يدًا) أي: أسمحهن، ووقــع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافًا إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات ، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به ؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منهــا على المعنى الــذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك.اهـ) ثم قال الشيخ البراك: (قوله: "واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة... الخ": لفظ الجارحة لم يرد إطلاقه في الكتاب والسنة ولا في كلام السلف على صفة الرب سبحانه ؛ لا نفيًا ولا إثباتًا، وهو لفظ مجمل ، فيجب التفصيل فيه نفيًا وإثباتًا ؛ فإن أريد بالجارحة الـيد التي تماثل أيدي المخلوقين ، فيد الله سبحانه ليست مثل يد أحد من الخلق . وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط ؛ فيد الله كذلك ؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما كما جاء في الكتاب والسنة؛ فالنافي للمعنى الأول محق ، والنافي للمعنى الثاني مبطل. ولا ريب أن أهل السنة متفقون على نفي مماثلة الله لخلقه في شيء من صفاته ـ لا اليد ولا غيرها ـ بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية. وقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "واتفق أهل السنة والجماعة": يدخل فيهم الأشاعرة ونحوهم من طوائف الإثبات كما يقتضيه آخر كلامه ، ومذهبهم في صفة اليدين لله نفي حقيقتهما ، ثم لهم في النصوص الواردة بذكر اليدين أحد منهجين: إما التفويض، أي: تفويض المعنى.وإما التأويل: بصرف لفظ اليد عن المعنى المتبادر ـ وهو الراجح ـ إلى معنى مرجوح كالقدرة والنعمة. وهو صرف للكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة يسمونه تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف...) فمن الصادق في الحديث باسم اهل السنة والجماعة الوهابية على حداثة نشاتهم نسبيا ام الاشاعرة الذين يعود تاريخهم للنصف الثاني من القرن الثالث ولاول القرن الرابع الهجريين ؟ وقد كان مقلدوابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب يفخرون ويتسمون بالوهابية وما كانوا يتسمون بالسلفية ولا باهل السنة والجماعة فضلا عن ان يحتكروا التسنن وحب السلف فهذاالشيخ محمد بن صالح العثيمين في مجموع فتاواه (المجلد 28 - صفحة 41) يقول عن نفسه وجماعته :( إن الوهابية ولله الحمد من أشد الناس تمسكاً بالكتاب والسنة ) وما كانوا يرون في تسميتهم بالوهابية اغاضة لهم حتى قال شاعرهم الشيخ سليمان بن سمحان : نعــــــــــــم نحن وهابيّة سلفـيـــــــــــة / حنيفيّــة نسقـــي لمن غاضنا المــُرّا ومن هاضَنا أوغاضَنا بمغيضـــــــــةٍ / سنصْعَقه صعْقاً ونكســـــره كسْــــرَا بمحكم آياتٍ وسنـــــــــــة أحمــــــــــــــد / نصـــــــــــول على الأعـدا ونأطُرهم أطْــرَا ولابن سمحان نفسه كتابٌ مشهور بعنوان (الهديّة السنية في التحفة الوهابيّة النجدية) والف الشيخ عبدالله القصيمي في الرد على خصوم الإمام محمد بن عبدالوهاب (الثورة الوهابية) الذي صدر سنة 1931 و (الفصل الحاسم بين الوهابيين وخصوهم) الذي صدر سنة 1934 - وهم شبيهون بمن ذكرهم ابن الجوزي يحملون الصفات على ظاهرها ويرفضون تاويلها الى صفات معان بل يعتبرون ذلك تحريفا للكلم عن مواضعه ويشنعون على من يفعله ــ والصواب عندهم حمل الصفات الخبرية على ظاهرها يقولون هي صفات اعيان لا صفات معان فيد الله تعالى لايصح في تقديرهم ان تؤول الى معنى فيقال مثلا هي قدرة الله تعالى بل يجب القول انها يد حقيقية بمعنى انها عين وبعض وجزء ويكتفون بالقول انها مغايرة لابعاضنا واعياننا واجزائنا وهم كما قال ابن الجوزي عن امثالهم في الماضي (... يرضون العوام بقولهم لا كما يعقل ...)يقصدون هي اعيان وابعاض واجزاء لاكاعياننا وابعاضنا واجزائنا بل هي اعيان الخ...تليق بجلاله - وهم مع ذلك ينفون عن انفسهم التشبيه والتجسيم رغم ان حملهم لايات الصفات على ظاهرها لايؤدي الاالى التشبيه والتجسيم فهم كما قال ابن الجوزي عن امثالهم في عصره (... قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفة ... ثم يتحرجون من التشبيه ويانفون من اضافته اليهم ويقولون نحن اهل السنة والجماعة...) ــ والغريب ان الذين ذكرهم ابن الجوزي كانوا يتولون يزيد ابن معاوية وقد افتى الامام احمد بلعنه وهؤلاء بدءا بزعيمهم محمد بن عبد الوهاب مرتبطون بالحكم الوراثي الملكي السعودي الحاكم بغير رضا اغلب المسلمين في جزيرة العرب - والمعاصرون لابن الجوزي يبدو انهم كانوا احسن منهم حالا فرغم انحراف منهجهم و اخذهم بظواهرالالفاظ دون مجازاتها فانهم لم ينفوا انقسام كلام العرب الى حقيقة ومجازكما فعل ابن تيمية في مجموع الفتاوي ج 7ص 87/114ص فقد قال في ص 88/89 : (...الحقيقة والمجاز من عوارض الالفاظ ... اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة ... لم يتكلم به احد من الصحابة ولاالتابعين ... ولا احد من الائمة المشهورين ... بل ولاتكلم به ائمة اللغة والنحو كالخليل وسيبويه وابي عمرو بن العلاء ونحوهم ... واول من عرف انه تكلم بلفظ المجاز ابو عبيدة معمر بن المثنى ... ولم يقل ذلك احد من اهل اللغة ... وانما هذا اصطلاح حادث والغالب انه كان من جهة المعتزلة... وهذا الشافعي هو اول من جرد الكلام في اصول الفقه لم يقسم هذا التقسيم ولاتكلم بلفظ الحقيقة والمجاز... وكذلك سائر الائمة ... الا في كلام احمد بن حنبل فانه قال في كتاب الرد على الجهمية ...هذا من مجاز اللغة ... وبهذا احتج على مذهبه من اصحابه من قال ان في القران مجازا ...) وادعى ان الالفاظ اول ما تكلم بها الناس لم تكن لها معان لاحقيقة ولامجازا ولهذا يقول ما معناه لكي نعرف هل اللفظ في موضعه من الكلام يحمل على الحقيقة ام على المجاز يجب ان يعرف على ماذا كان يدل اصله عند نشاته الاولى وهي طبعا حسب رايه غير معلومة وهذا قوله حرفيا :(... ان الذين قسموا اللفظ حقيقة ومجازا قالوا الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له {اول مرة} والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له {اول مرة} كلفظ الاسد والحمار اذا اريد بهما البهيمة او اريد بهما الشجاع والبليد ...) ثم يعلق ابن تيمية على هذا فيقول (...وهذا التقسيم والتحديد يستلزم ان يكون اللفظ قد وضع اولا لمعنى ثم بعد ذلك قد يستعمل في موضعه وقد يستعمل في غير موضعه ... وهذا كله يصح لو علم ان الالفاظ العربية وضعت اولا لمعان ثم بعد ذلك استعملت فيها فيكون لها وضع متقدم على الاستعمال ...)ص 90 ادم عليه السلام اول الرسل يقول العثيمين : (...ان جميع رسالات الرسل من اولهم نوح عليه الصلاة والسلام الى اخرهم محمد (ص) كلها تدعوالى التوحيد...) ج1ص20 والصحيح ان اول الرسل ادم عليه السلام وليس نوحا عليه السلام فهذا عبد العزيز بن عبد الله بن بازفي موقعه الرسمي على الانترنات يقول (...آدم، فهو أول رسول وأول نبي ، آدم أبونا آدم - عليه الصلاة والسلام- ، هو أول رسول وأول نبي، وكانت ذريته على الإسلام، عشرة قرون، ثم وقع الشرك في قوم نوح، فأرسل الله إليهم نوحاً، فصار نوح أول الرسل، بعد وقوع الشرك) فهو يخالف العثيمين فيقول عن ادم عليه السلام انه اول رسول والغريب انه رغم المخالفة يحاول ان يتماهى مع العثيمين فيصف نوحا عليه السلام بانه ايضا اول رسول لكن بعد ان انحرف الناس عن رسالة ادم عليه السلام أي انه لايوجد رسول بين ادم ونوح عليهما السلام وهو ما يعني ان ادم عليه السلام اول رسول بمعنى ونوح عليه السلام اول رسول بمعنى ثان وهذا طبعا ليس موضوع الاختلاف وانما المسالة هل كان ادم عليه السلام رسولا ام لا فان القول بان نوحا هو الرسول الاول معناه بهذا الاطلاق نفي الرسالة عن ادم عليه السلام وهذا لايصح لاعتبارات : منهاان ادم عليه السلام كان نبيايعلمه الله تعالى ما به يهتدي ويهدي زوجه وبنيه وقد قال تعالى (قلنا اهبطوا منها جميعا فاما ياتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون) ومنها ان ادم عليه السلام كان عمليا يبلغ رسالة ربه ومن ذلك تحكيمه بين ابنيه قبل ان يقتل الشقي منهما اخاه كان يبين لهما ما يحل وما يحرم على كل واحد منها وهوالذي اشار عليهما بان يقدم كل واحد منهما قربانا لله تعالى وما كان ليفعل ادم ذلك الا بوحي من الله تعالى ثم ان الله تعالى توعد قابيل قاتل اخيه بالعذاب وقد قال جل جلاله ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) فلو لم يكن ادم رسولا فمعنى ذلك انه لن يعذبه لانه سيحتج بانه لم ياته من الله تعالى رسول و حديث الشفاعة لم يكن موضوعه تحديد من كان رسولا ممن لم يكن وانما كان موضوعه التوسل بالانبياء المرسلين فكان الناس يذكرون لكل نبي مرسل فضله الذي به ميزه الله تعالى وكون نوح عليه السلام اول رسول الى الارض تعبير مطلق يجب تقييده بوجه من الوجوه الصحيحة كالقول انه اول رسول بعد انحراف الناس عن رسالة ادم عليه السلام وكان ادم عليه السلام مقصد الناس الاول في طلب الشفاعة ولم يذكر في الحديث انهم طلبوا من بعده شفاعة الا من من كان نبيا رسلولا فكيف يبدؤون به لو كان نبيا فقط فحديث الشفاعة لم يذكر فيه الخضرولقمان ونحوهما ممن كان نبيا غير مرسل وذكر ادم عليه السلام في الاول فدل على انه رسول مثل الذين ذكروا من بعده. تصنيف الفرق والتجني على بعض المخالفين ذكر ابوالحسن الاشعري عيوب بعض المؤرخين للفرق والديانات فقال في مقدمة مقالات الاسلاميين :(...رايت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات ويصنفون في النحل والديانات من بين مقصر فيما يحكيه وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه ومن بين متعمد للكذب في الحكاية ارادة التشنيع على مخالفه ومن بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه من اختلاف المختلفين ومن بين من يضيف الى قول مخالفيه ما يظن ان الحجة تلزمهم به وليس هذا سبيل الربانيين ولا سبيل الفطناء المميزين...) وهذا ما وقع فيه ابن العثيمين رحمه الله تعالى فقد تحدث عن الفرق المبتدعة انطلاقا من الصفحة 29فكان حديثه عاما متداخلا لايصلح لان يكون درسا علميا لمعرفة الفرق على النحو الذي فعله المؤرخون للفرق كالشهرستاني في الملل والنحل ونحوه ولعل ابن عثيمين لم يعط قيمة لذلك ولا كان من اهدافه وانما غرضه فقط ان يثلب الجميع دون فرق بين من كان مبتدعا باتفاق اغلب المسلمين وبين من كان له قدم صدق في التوحيد الخالص والدين الحق ممن لايرتاح اليهم العثيمين ولهذا ينتهي به المطاف الى الاشعرية فيقول : (4-وقسم رابع قالوا نثبت له الاسماء حقيقة ونثبت له صفات معينة دل عليها العقل وننكر الباقي نثبت له سبع صفات فقط والباقي ننكره تحريفا لاتكذيبا ...ينكرونه تحريفا وهوما يدعون انه تاويل ... وهؤلاء هم الاشاعرة امنوا بالبعض وانكروا البعض ... )ج1ص32 هكذا يقدم معتقد الاشاعرة في الاسماء والصفات بهذا التعميم والتبسيط بل والتزويرثم يقول : (فهذه اقسام التعطيل في الاسماء والصفات وكلها متفرعة من بدعة الجهم ومن سن في الاسلام سنة سيئة فعليه وزرها ...) ولا يقف عند هذا الحد بل يضيف :(...فالحاصل انكم ايها الاخوة لو طالعتم كتب القوم ... لرايتم العجب العجاب الذي تقولون كيف يتفوه عاقل فضلا عن مؤمن بمثل هذا الكلام ؟ ولكن ...من لم يجعل الله له نورا فما له من نور الذي اعمى الله بصيرته كالذي اعمى الله بصره...) ص33شرح الواسطية ج 1 نعم هكذا يتحدث عن ابي الحسن الاشعري ناصر السنة وقامع بدعة النفاة بل ويتجاوز ذلك الى التحذير من البلدان الاسلامية التي انتشرت فيها الاجتهادات العقائدية لاهل الذكر من الاشعرية فيعلن صيحات الفزع مخاطبا طلبته ومريديه بالقول (...ولهذا اقول لكم دائمااحرصوا على العلم لاننا في هذا البلد{ يقصد الجزيرة العربية في ظل نظامها الملكي الذي يستثني منصب الامامة الكبرى من الشورى} ...يوشك ان يحل بنا ما حل في غيرنا من البلاد الاسلامية وهذا البلد الان هي الذي يركز عليه اعداء الاسلام ويسلطون عليه سهامهم من اجل ان يضلوا اهلهافلذلك تسلحوا بالعلم حتى تكونوا على بينة من امر دينكم وحتى تكونوامجاهدين بالسنتكم واقلامكم لاعداء الله سبحانه وتعالى ...)شرح الواسطية ج 1ص34 فلاخطرعلى مخاطبيه من النظام الملكي الوراثي المستثني للامامة الكبرى من ان تكون شورى . ولا من الزحف التغريبي الذي نشر العراء والخموروالفساد . ولا من القواعد العسكرية الصليبية في جزيرة العرب قلب ديار الاسلام النابض كل هذا لايهدد دين ((الاخوة)) الذين يخاطبهم وانما الخطر كل الخطر في المعطلة المحرفين حسب زعمه من الاشعرية والماتريدية الذين يدين باجتهاداتهم اغلب المسلمين في غرب ديار الاسلام وشرقها لو كان هذا الخطاب في كتاب من كتب الرافضة ما كان ليسترعي انتباه احد من اهل السنة والجماعة فمعتقد الرافضة القائم على تكفير الصحابة والقائل بان اصحاب محمد (ص)حرفوا القران وجحدوا وصية رسول الله (ص) وانهم لن ينج من النار منهم الا (...كهمل النعم...)وهو النزر القليل الذي يعد افراده على اصابع اليد الواحدة لو كان الخطاب ممن تلك عقائدهم لما كان غريبا منهم ان يعلنوا صيحات الفزع من ان يقترب منهم طوائف من اهل السنة والجماعة كالاشعرية والماتريدية اما ان يعلن العثيمين السني هذه الصيحات خوفا من اخوانه من اهل السنة والجماعة فالامر فعلا غريب وهو امر يذكر بقول الصحابي رضي الله عنه لرسول الله (ص) (ان إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) فنسال الله تعالى الرحمة والمغفرة لابن العثيمين ونسال الله تعالى لمقلديه ان يهديهم لاعادة النظر في اقواله فانه لم يكن معصوما ولا كان الاشاعرة كما وصفهم فقد اخطا في حق الاشعرية من اكثر من وجه : ــــــ فالاشعرية يؤمنون بالذات والصفات كل الصفات : ــــــ والاشعرية لم ياخذوا بتعطيل الجهمية بل عارضوهم في ذلك وعارضوا المعتزلة الذين كان الامام ابوالحسن الاشعري من اعلامهم حتى بلغ الاربعين من عمره وكان ابوالحسن الاشعري قامعا للمعطلة باصنافهم وكان ملتزما بما انزل الله تعالى على رسوله فلايصف الله تعالى الا بما وصف به ذاته ومما يروى من معارضته المبكرة لشيخه المعتزلي ابي علي الجبائي :ان رجلا دخل على الجبائي فقال هل تجوز تسمية الله عاقلافقال الجبائي لا لان العقل مشتق من العقال وهو المانع والمنع في حقه سبحانه محال فامتنع الاطلاق فقال له الشيخ ابو الحسن على قياسك لاتجوز تسميته حكيما لان هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت : (فنحـكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدمـــاء) وقال اخر: ( أبَني حنيفة حكّـموا سفهاءكم إنّي أخاف عليكم أن أغضبا) أي نمنع بالقوافي من هجانا، وامنــعوا سفهاءكم; فإذا كان اللفظ مشتقاًمن المنـع ، والمنع على الله محال، لزمك أن تمنـع إطلاق حكيـم عليه سبحانه فقال الجبائـي : فلم منعت هذاوأجزت ذاك؟ فقال الاشعري : . إنّ طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي ، فأطلقت حكيما لأنّ الشرع أطلقه ومنعت عاقلا لأنّ الشرع منعه، ولو أطلقه الشرع لأطلقته) فاين هذا من قول العثيمين رحمه الله تعالى عن الاشعرية (... وقسم رابع قالوا نثبت له الاسماء حقيقة ونثبت له صفات معينة دل عليها العقل وننكر الباقي نثبت له سبع صفات فقط والباقي ننكره ... ) ـــــ هذا وراي علماء اهل السنة والجماعة في الاشعري والاشعرية يرد ما قاله العثيمين فهذا ابو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري القابسي (ت 403)يقول : (اعلموا ان ابا الحسن الاشعري رضي الله عنه لم يات من هذا الامرالا ما اراد به ايضاح السنن والتثبيت عليها ودفع الشبه عنها ... وما ابوالحسن الاشعري الا واحد من جملة القائمين بنصر الحق ما سمعنا من اهل الانصاف من يؤخره عن ذلكولا من يؤثر عليه في عصره غيره ومن بعده من اهل الحق سلكوا سبيله ... لقد مات الاشعري رضي الله عنه يوم مات واهل السنة باكون عليه واهل البدع مستريحون منه فما عرفه من وصفه بغير هذا) ص100تبيين كذب المفتري فيما نسب الى الامام الاشعري لابن عساكر نقلا عن الشيخ الحبيب بن طاهر دراسة في المنهج والمضمون(ابن ابي زيد القيرواني وعقيدته في الرسالة والجامع) ونقلا من نفس المرجع يقول ابن ابي زيد القيرواني عن الاشعري :(هورجل مشهورانه يرد على اهل البدع وعلى القدرية والجهمية متمسك بالدين )ص102 و299تبيين كذب المفتري ودفاع ابن عساكر(ت571ه) عن ابي الحسن الاشعري ونفي التعطيل عنه والابتداع معلوم في كتابه تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري ومما جاء فيه قوله : (...كَانَ الْأَشْعَرِيّ رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ ورضوانه أَشَّدهم بذلك اهتماما وألدهم لمن حاول الْإِلْحَاد فِي أَسمَاء اللَّه وَصِفَاته خصاما وأمدهم سنَانًا لمن عاند السّنة وأحدهم حساما وأمضاهم جنَانًا عِنْد وُقُوع المحنة وأصعبهم مراما ألزم الْحجَّة لمن خَالف السّنة والمحجة إلزاما فَلم يسرف فِي التعطيل وَلم يغل فِي التَّشْبِيه وابتغى بَين ذَلِك قواما وألهمه اللَّه نصْرَة السّنة بحجج الْعُقُول حَتَّى انتظم شَمل أَهلهَا بِهِ انتظاما وَقسم الموجودات من المحدثات أعراضا وجواهر وأجساما وأثبت لله سُبْحَانَهُ مَا أثْبته لنَفسِهِ من السَّمَاء وَالصِّفَات إعظاما وَنفى عَنهُ مَا لَا يَلِيق بجلاله من شبه خلقه إجلالا لَهُ وإكراما ونزهه عَن سمات الْحَدث تغيرا وانتقَالا وإدبارا وإقبالا وأعضاء وأجراما وائتم بِهِ من وَفقه الله إتباع الْحق فِي التَّمَسُّك بِالسنةِ ائتماما فَلَمَّا انتقم من أصنَاف أهل الْبدع بإيضاح الْحجَج والأدلة انتقاما ووجدوه لَدَى الْحجَّاج فِي تَبْيِين الِاحْتِجَاج عَلَيْهِم فِيمَا ابتدعوه هماما قَالُوا فِيهِ حسدا من الْبُهْتَان مَا لَا يجوز لمُسلم أَن ينْطق بِهِ استعظاما وقذفوه بِنَحْوِ مَا قذفت بِهِ الْيَهُود عَبْد اللَّهِ بن سَلام وأباه سَلاما فَلم ينقصوه بذلك عِنْد أهل التَّحْقِيق بل زادوه بِمَا قَالُوا فِيهِ تَمامًا ومدحوه بِنَفس ذمهم وَقد قيل فِي الْمثل لن تعدم الحسنَاء ذاما وقلما انْفَكَّ عصر من الْأَعْصَار من غاو يقْدَح فِي الدّين ويغوي إبهاما وغاو يجرح بِلِسَانِهِ أَئِمَّة الْمُسلمين ويعوي إيهاما ويستزل من الْعَامَّة طوائف جُهَّالًا وزعانف أغتاما وَيحمل بجهله على سبّ الْعلمَاء والتشنيع عَلَيْهِم سُفَهَاء طغاما لَكِن الْعلمَاء إِذَا سمعُوا بمكرهم عدوه مِنْهُم عراما وَإِذا مَا مروا بلغوهم فِي الْكِبَار من الْأَئِمَّة مروا كراما وَإِذا خاطبهم الجاهلون مِنْهُم قَالُوا لَهُم سَلاما وَلنْ يعبأ اللَّه بتقولهم فِيهِ وتكذيبهم عَلَيْهِ فَسَوف يكون لزاما وَلَوْلَا سُؤال من رَأَيْت لحق سُؤَاله إيَّايَ ذماما فألزمت نَفسِي امْتِثَال مَا أَشَارَ بِهِ عَليّ احتراما لصدفت عَن ذكر وقيعة ذَوي الْجَهْل فِي الْأَئِمَّة احتشاما لكني اغتنمت الثَّوَاب فِي إِيضَاح الصَّوَاب فِي علو مرتبته اغتنَاما وَمَعَ مَا عرف من تشنيعهم فأصحاب الْحق بِحَمْد اللَّه قد أَصْبحُوا على أعدائهم ظَاهِرين وَلمن تأواهم من أَصْحَاب الْبدع مِمَّن خالفهم فِي جَمِيع الْبِلَاد قاهرين وعَلى الانتقام مِمَّن يظْهر لَهُم الْعَدَاوَة للعنَاد قَادِرين وَكَيف لَا يكونُونَ كَذَلِك واللَّه مَوْلَاهُم ونَاصرهم وَهُوَ خير النَاصرين وَقدر أَبِي الْحسن رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ عَمَّا يرمونه بِهِ أَعلَى وَذكر فضائله والترحم عَلَيْهِ من الانتقاص لَهُ عِنْد الْعلمَاء أولى وَمحله عِنْد فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي جَمِيع الأقطار مَشْهُور وَهُوَ بالتبريز على من عاصره من أهل صنَاعته فِي الْعلم مَذْكُور مَوْصُوف بِالدّينِ والرجاحة والنبل ومعروف بشرف الأَبُوة وَالْأَصْل وَكَلَامه فِي حدث الْعَالم مِيرَاث لَهُ عَن آبَائِهِ وأجداده وَتلك رُتْبَة ورثهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لأولاده وتصانيفه بَين أهل الْعلم مَشْهُورَة مَعْرُوفَة وبالإجادة والإصابة للتحقيق عِنْد الْمُحَقِّقين مَوْصُوفَة وَمن وقف على كِتَابه الْمُسَمّى بالإبانة عرف مَوْضِعه من الْعلم والديانة وَمن عرف كِتَابه الَّذِي أَلفه فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَالرَّدّ على من خَالف الْبَيَان من أهل الْإِفْك والبهتان علم كَونه من ذَوي الاتّباع والاستقامة واستحقاقه التَّقَدُّم فِي الْفضل والإمامة وسأذكرها مَا حضرني من ذكره وَأبين مَا وَقع إِلَيّ من أمره رَاغِبًا إِلَى اللَّه فِي إِيضَاح التَّحْقِيق وطالبا مِنْهُ المعونة والتوفيق وَهُوَ جدير بتحقيق الرَّجَاء قدير على استجابة الدُّعَاء وَهُوَ حسبنَا وَنعم الْوَكِيل وَعَلِيهِ فِي كل ملم مؤلم التعويل وَاعْلَم يَا أخي وفقنَا الله وَإِيَّاك لمرضاته مِمَّن يخشاه ويتقيه حق تُقَاته إِن لُحُوم الْعلمَاء رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِم مَسْمُومَة وَعَادَة اللَّه فِي هتك أَسْتَار منتقصيهم مَعْلُومَة لِأَن الوقيعة فيهم بِمَا هم مِنْهُ برَاء أمره عَظِيم والتنَاول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم والاختلاق على من اخْتَارَهُ اللَّه مِنْهُم لنعش الْعلم خلق ذميم والاقتداء بِمَا مدح اللَّه بِهِ قَول المتبعين من الاسْتِغْفَار لمن سبقهمْ وصف كريم إِذْ قَالَ مثنيا عَلَيْهِم فِي كِتَابه وَهُوَ بمكارم الْأَخْلَاق وصدها عليم {وَالَّذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رؤوف رَحِيم وقال الاصولي الشافعي ابوبكر الصيرفي(ت330ه) (كانت المعتزلة قد رفعوا رُؤْسهمْ حَتَّى أظهر اللَّه تَعَالَى الْأَشْعَرِيّ فحجزهم فِي اقماع السمسم ) وقال السبكي (ت771هـ ) في الطبقات : (... واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم يبدع رأيا ولم يُنشِا مذهبا وإنما هو مقرر لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقا وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه فصار المقتدى به في ذلك السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعريا...) طبقات الشافعية (٢/٢٥٤ )) قال العلاّمة المواهبي الحنبلي(ت1071هـ ) في العين والأثر /ص53 . (طوائف أهل السنة ثلاثة: أشاعرة،وحنابلة وماتردية، بدليل عطف العلماء الحنابلة على الأشاعرة في كثير من الكتب الكلامية وجميع كتب الحنابلة) وكان ابن كثير وهو من تلاميذ ابن تيمية اشعريا وكان ابن القيم زميله في التتلمذ على ابن تيمية على عكسه لذا قال ابن حجر في الدررالكامنة في اعيان المائة الثامنة ج1ص17 ان ابن كثير قال لابن القيم (انت تكرهني لانني اشعري ) يقول ابن حجر فرد عليه ابن القيم بقوله (لو كان من راسك الى قدمك شعرما صدقك الناس في قولك انك اشعري وشيخك ابن تيمية )وتناسى ابن القيم انه لا احد يتنكر لشيخه لكن ذلك لايقتضي عدم مخالفته الراي وقد خالف الاشعري شيخه ابا علي الجبائي على ما كان بينهما من الروابط الاجتماعية فضلا عن رابطة المشيخة وابن كثير قد خالف ابن تيمية ايضا اذا يحكم العثيمين بان جماعته التيمية الوهابية فقط اهل السنة والجماعة اما الاشعرية والماتيريدية فاهل بدعة وضلالة لذا يقول : (... كيف يكون الجميع اهل سنة وهم مختلفون فماذا بعد الحق الا الضلال ... لايمكن الا اذا امكن الجمع بين الضدين... والا فلا شك ان احدهم وحده هو صاحب السنة ... ) ص 45 فهل اخطا كل العلماء الذين عدوا الاشعرية والماتريدية من اهل السنة واصاب دونهم العثيمين في نفي التسنن عنهم؟ وهل يسلم التيميون الوهابيون من الاختلاف ام انهم سيختلفون وسيحكم بعضهم على بعض بالضلال كما حكموا على مخالفيهم من الاشعرية والماتريدية؟ لاوجود في تاريخ الفرق لفرقة باسم السلفية ولكن في القرن الرابع عشر الهجري تسمى اتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب بهذا الاسم وراموا احتكار منقبتي اتباع السنة والسلف الصالح وانتهجوا منهجا ظاهريا في فهم نصوص الوحي ظنا منهم ان الامانة لمراد الله تعالى في القران والسنة تقتضي ذلك فحصل الخلاف بينهم وبين القدامى والمحدثين من اهل السنة والجماعة اختلاف الوهابية وهم الان يختلفون فيما بينهم الى انواع شتى من السلفيات والعصبيات فهذا الشيخ ربيع في هذا الموقع kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=62 يتدخل لمجابهة الاختلافات بين السلفيين فيقول : (...وإن الله قد حرم كلاً من الإفراط والتفريط لما ينطويان عليه من الأضرار والشرور وشرع لهذه الأمة التوسط والاعتدال وذلك هو صراط الله المستقيم الذي أمرنا بأتباعه وفيه الخير كل الخير والسعادة كل السعادة والنجاة من المهالك. ولما رأيت خطر هذين التيارين وجهت عدداً من النصائح إلى الشباب السلفي في كل مكان فأرجو أن تلقى ترحيباً وقبولاً لدى إخواننا وأبنائنا وأحبائنا السلفيين. لقد ضمنت وبشدة تلك النصائح حث الشباب السلفي إلى نبذ كل أنواع الفرقة والخلاف وإلى التآخي في الله والتحاب فيه وإلى رفق بعضهم ببعض وإلى الحكمة والموعظة الحسنة لمن يقع في خطأ... )ثم يضيف : (...أن الاختلافات بينهم ليست في عقائد ولا في أصول الدعوة ولا في المنهج وإنما هو قيل وقال وخصومة وجدال في أشخاص بالغوا في تعظيمهم وهم لا يتجاوزون أن يكونوا من طلبة العلم... ) فهو يهون من سبب الاختلاف وما هو بهين لان التعصب للاشخاص كما يبدومن حديثه عن سبب الاختلاف يخفي وراءه فسادا في العقيدة والله تعالى يرجع كل سلوك منحرف الى انحراف في النفس لذلك يقول تعالى (ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ... ) 11الرعد هذا طبعا لو صح القول ان الخلاف بين التيميين الوهابيين ليس خلافا في العقيدة ولافي المنهج وهو مع كل الاسف لايصح فاسباب الاختلاف بينهم اعمق فلا يحق للعثيمين ان ينفي منقبتي التسنن والاقتداء بالسلف عن الاشعرية والماتريدية ولا ان يدعي السلامة من الاختلاف وهذا بحث للشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر | 17/11/1432 هـ في الانقسام السلفي يبين أسبابه ويقدم علاجه يقول فيه : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالاجتماع والاتفاق، ونهاهم عن الشقاق والافتراق وامتن عليهم بنعمة تأليف قلوبهم، وإنَّ أولى الناس اليوم بامتثال هذه الأمور هم أتباع السلف الصالح، أهل السنة والجماعة الذين تميزوا بهذا الاسم لاجتماعهم وعدم افتراقهم. لكن للأسف - أيها الإخوة - فالناظر في الساحة الإسلامية يرى من انقسام السلفيين وتفرقهم ما يدمع العين ويدمي القلب، وفي ورقتي هذه أقف معكم بشيء من الاختصار لمناقشة هذه الظاهرة مبيناً فيها بعض أهم أسبابها، وطرق علاجها، وقد جاءت في محورين: المحور الأول في: أسباب الانقسام السلفي: ولاشك أن الانقسام السلفي اليوم له كثير من الأسباب؛ وهنا لسنا بصدد حصرها، لكننا ننبه على طائفة من أهمها ولا يخفى أن الأمر في هذا اجتهادي، وهذه الكلمات من المأمول أن تكون لبنة في بناء المراجعات الضرورية والنقد الذاتي الذي ينبغي أن يتداعى له الغيورون؛ وفيما يلي عرض سريع لأبرز هذه الأسباب: السبب الأول- اختلاف الأفهام والتعصب للرأي: خلق الله سبحانه وتعالى خلقه متفاوتين في العقل والفهم والطباع، وكان من نتيجة هذا التفاوت أن وجد الاختلاف بين الناس منذ بدايات البشرية الأولى -كما في قصة ابني آدم- إلى يومنا هذا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فالاختلاف أمر واقع ملازم للمجتمعات الإنسانية، وليس المجتمع المسلم عن هذا الواقع ببعيد، وهذا الاختلاف على قسمين رئيسين كما هو معلوم؛ فاختلاف تنوع واختلاف تضاد، أما الأول فهو الذي يكون كل فرد من أفراده صحيحاً في نفسه، وأما اختلاف التضاد فلا يكون كل فرد من أفراده صحيحاً في نفسه، فإن كان في أمر الدنيا فقد يكون هناك مصيب ومخطئ أو قد لا يوجد مصيب، وأما في أمور الدين -ومثاله اختلاف الفقهاء في الأحكام الفقهية أو المحدثين في الحكم على الأحاديث- فلا يجوز أن تخلو الأمة من قائل بالحق في كل مسألة في أي زمن من الأزمنة، والصواب في مثل هذه المسائل مع أحدهم لا جميعهم لأن الحق واحد لا يتعدد كما هو مقرر عند المحققين من أهل الأصول. فاختلاف التضاد في حد ذاته لا ينبغي أن يكون سبباً من أسباب الفرقة والانقسام، إذا كان في مسائل الاجتهاد فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل من المصيب والمخطئ أجره إذا اجتهد في طلب الحق، لكن الذي يؤدي للفرقة هو إصرار كل فريق على رأيه وتعصبه له وعدم اتساع قلبه وصدره للخلاف. السبب الثاني- إعجاب كل ذي رأي برأيه وحب الرياسة والظهور: ولا شك أن في هذا من إيغار الصدور وبث بذور الشقاق والخلاف ما فيه، فكيف إذا تفشى بين كثير من أفراد الجماعة؟ إن هذه الآفات كفيلة بإحداث الانقسام في أي مجموعة تظهر فيها، فإذا أعجب المرء برأيه لم يكد يسمع لغيره، فضلاً عن أن يقبل منهم، وهذا خلاف ما أمر به رب العزة تبارك وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام حيث قال: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، وهو خلاف حال المؤمنين الذين وصفهم سبحانه بقوله: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}. وحب الظهور كما أنه يقسم ظهر صاحبه فإنه أيضاً يقسم ظهر الجماعة عندما يكون مصحوباً بحب الرياسة. السبب الثالث- نفي السلفية عن الآخرين: السلفية ليست كلمة مبهمة ولا مصطلحاً خفياً، بل هي منهج واضح بين، يقوم على الأخذ بالكتاب والسنة وتعظيمهما والعمل بهما في الظاهر والباطن وتحكيمهما في كل الاعتقادات والأفعال والأقوال، مع ضبط ذلك كله بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على دربهم ومنهجهم من الأئمة المتبوعين والعلماء العاملين، وهذه هي السبيل التي أمر الله عز وجل عباده باتباعها كما في قوله جل وعز وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ومثل هذا لا يخفى على أحد ممن ينتمي للسلفية أفراداً وجماعات، فمن زعم الانتماء للسلفية حاكمنا ظاهره إلى ما سبق ووكلنا سريرته إلى الله؛ هذا هو الواجب، وأما الحاصل اليوم فكثير منه يسير بخلاف هذا الأصل الأصيل، حيث تنفي السلفية دون تثبت وبأدنى شبهة، بل أحياناً بمحض التشهي والتشفي. إن الناظر في تاريخ هذه الأمة يجد من حال صدرها الأول عجباً، ففي الجمل وصفين وصل الأمر إلى أن رفع الصحابة سيوفهم في وجه بعض، لكن هذا ما حملهم على البغي على إخوانهم بنفي كل فضيلة عنهم وإخراجهم من دائرة الجماعة الواحدة، ففي تاريخ دمشق لابن عساكر (سمع عمار رجلاً يقول: كفر أهل الشام. قال: لم يكفروا، إن حجتنا وحجتهم واحدة، وقبلتنا وقبلتهم واحدة، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحق، فحق علينا أن نردهم إلى الحق). فياأيها الإخوة! لا يحل إذن لنا أن ننفي السلفية عن أحد ممن يرفع شعارها بمحض التشهي ولا بمجرد الاختلاف معه، وحتى لو قدر وقوع خلاف منهجي في مسألة أو أكثر فإن هذا لا يكفي لنفي السلفية عن المخالف، اللهم إلا إن كان هناك إجماع سلفي سابق لا خلاف فيه وعلمنا إصراره على تنكب منهج السلف الواضح البين، قال ابن تيمية رحمه الله: (فالمتأول والجاهل المعذور ليس حكمه حكم المعاند والفاجر بل قد جعل الله لكل شيء قدراً)، وأما دعوى الإجماع التي لم تثبت، أو الأمر المحتمل، أو ما وقع فيه خلاف بين السلف أنفسهم، فكيف يحل لأحد اليوم أن ينفي السلفية بمثل هذا الاختلاف! السبب الرابع- سوء الظن بالمخالفين وإلقاء التهم جزافاً: الأصل أن تحمل حال المسلمين على السلامة؛ السلامة من الكفر والبدع والمخالفات، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، ويتأكد هذا مع من يرفع راية الإسلام ويدعو إليه، ومن باب أولى مع من يدعو إلى منهج السلف ويذب عنه ويزعم الانتساب إليه. فإن قدر أن صدر من بعض الأفاضل ما يحتمل أن يخالف ما يدعون إليه من منهج السلف، فينبغي حمل كلامهم وأفعالهم على أحسن المحامل، والاعتذار عنهم بشتى أنواع الأعذار؛ كسبق اللسان أو القلم، أو الذهول عن الاحتمال الرديء، أو غير ذلك. ثم لو قدر أن يصدر من الفاضل ما لا يحتمل التأويل ولا الحمل على المحمل الحسن، فإنه يحتمل من الفاضل ما لا يحتمل من غيره، وسابق فضله وعلمه قد يكون بحراً تنغمر فيه مثل هذه الزلة، وأي امرئ لا يقع في الزلات والأخطاء والهنات؟ هذا واحتمال خطأ الفاضل وإقالة عثرته شيء، والسكوت عن الباطل الذي صدر منه شيء آخر، فلا يخفى هنا أن إلقاء التهم جزافاً أمر مختلف عن التخطئة، فالتخطئة مبنية على ما يظهر من الأقوال والأفعال، وأما إلقاء التهم فيتعامل مع النيات، حيث يحاسب الآخرين على مكنونات ضمائرهم، ويحمل أقوالهم وأفعالهم على أسوأ المحامل مستحضراً فساد نية وقصد الآخر، أو أنه يخفي في صدره ما لا يبديه للمؤمنين. السبب الخامس- غياب المرجعية الجامعة: ونعني بهذه المرجعية العالم أو العلماء الذين يلقون قبولاً عند مجموع السلفيين بحيث يرجعون إليهم ويصدرون عن رأيهم عند الاختلاف أو عند وقوع النوازل، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالرد إلى هؤلاء في مثل هذه المواطن، قال الله سبحانه وتعالى( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا )وفي قوله(... لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ...) أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة كما قاله الإمام السعدي. فهو قاعدة أدبية، فمتى حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. ولا يخفى أن مثل هذه المرجعية كانت موجودة مع بدء اندفاعة الصحوة الإسلامية السنية السلفية في العصر الحاضر في حياة المشايخ الثلاثة؛ ابن باز، والألباني، وابن عثيمين رحمة الله عليهم، حيث كانت جموع السلفيين حول العالم تقر لهم بالعلم والفضل وترجع إلى أقوالهم وتسترشد بآرائهم، وقد كان بينهم رحمهم الله من التوافق والتراحم والتقدير المتبادل ما يعزز وحدة السلفيين وإن اختلفت الاجتهادات في بعض المسائل قلت أو كثرت، وبرغم ظهور بوادر الانقسام السلفي في عصرهم، إلا أن وجودهم كان بمثابة صمام الأمان والكابح من الانزلاق السريع نحو هذا الانقسام، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء. السبب السادس- الاختلاف في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع: جزء مهم من الخلاف على الساحة السلفية اليوم مرجعه إلى هذا الأمر، فقد تكون الكلمة متفقة على الحكم الشرعي في مسألة ما، لكن الخلاف يقع في تنزيل هذا الحكم على الواقع، وهذا يرجع إلى اختلاف الأنظار حيال الواقع، والاختلاف في فهمه ومعرفة أبعاده وتفاصيله، والأمر في هذا واسع، فإن العقول تتفاوت والأفهام تختلف، والإلمام بأبعاد الواقع يتفاوت كذلك، ومثل هذا لا ينبغي أن يكون سبباً للتدابر والتقاطع والانقسام، ما دام الضابط في التعامل مع الواقع هو المنهج السلفي نفسه. السبب السابع- قلة العلم وفوضى الساحة العلمية والدعوية: ونقصد بهذه الفوضى الجرأة التي نراها من بعض الناس الذين لا يرقون إلى مرتبة طلاب العلم فضلاً عن أن يكونوا علماء، حيث نجد الواحد منهم يتكلم في كل باب من أبواب العلم والدعوة، وإذا سئل أفتى بغير علم فضل وأضل، هذا مع كون المسألة الواحدة من أمثال هذه المسائل لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر. ولئن كان مثل هذا الأمر ليس بالأمر الجديد، إلا أن انتشار وسائل الاتصال الحديثة قد ساهم في تعاظم أثر هذا الأمر وخطورته، فرسائل المحمول ومواقع الشابكة العالمية أتاحت كماً هائلاً من فرص نشر الآراء والمعلومات. إن باباً عظيماً من أبواب الانقسام السلفي هو تلك الحرب الضروس التي نرى رحاها تدور في جنبات المنتديات والغرف الصوتية المنتشرة على الشابكة، فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الشريحة الأعظم من السلفيين ليست منضوية تحت راية جماعة أو جمعية معينة، بحيث يمكن أن تنضبط في إطار توجهاتها أو توجيهاتها أمكننا أن ندرك سبب استفحال الأمر. إن المرء ليعجب من جرأة بعضهم على تقحم مواطن ليسوا من أهلها، مع ما استقر في أذهان طلبة العلم من خطورة الفتوى بغير علم؛ وقد يكون من أسباب ذلك شيوع مفاهيم حرية الرأي والتعبير في هذا العصر، بحيث أصبحت تمثل مرتكزاً رئيساً في الوعي الجمعي لكثير من الناس، حتى صار الفرد السلفي الذي لم يثن الركب عند أهل العلم واكتفى بسماع الدروس المسجلة واستقى كثيراً من معلوماته الشرعية من المنتديات والمواقع غير قادر على التمييز بين ما هو مقبول وما هو ليس مقبولاً في هذا الباب. السبب الثامن- الخلل في ميزان التقويم: للأسف فالناظر في الخلافات على الساحة السلفية يرى أن كثيراً مما يؤدي منها إلى الانقسام ليس على تلك الدرجة من الأهمية التي أعطيت له، فمنها ما وسع سلفنا السكوت عنه، ومنها ما قدم وحقه التأخير، ومنها ما أعطي أكبر من حجمه بكثير؛ ومرجع هذا في نظرنا إلى وجود خلل لدى البعض في ميزان التقويم، وهذا الداء -كغيره- ليس جديداً، ففي صحيح البخاري عن ابن أبي نعم قال: "كنت شاهدا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت ؟ فقال: من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا، يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هما ريحانتاي من الدنيا"، فانظر إلى هذا الرجل لما اختل عنده الميزان كيف استعظم مسألة دم البعوض ولم ير فيما وقع من أهل العراق بحق الحسين رضي الله عنه من دعوته ثم إسلامه لعدوه ما يستحق السؤال والندم والاهتمام! فكذلك فيما يجد على الساحة، إذ قد يؤدي هذا الخلل إلى أن يعادي المرء على أمر لا يستحق، لكنه يأخذ عنده أكبر من حجمه فيكون في نظره عظيماً، ومن هنا تقع الفرقة. السبب التاسع- طلاب السوء وعدم التثبت من نقل الكلام: تاريخنا الإسلامي فيه كثير من النماذج التي أطلق عليها اسم علماء السوء، والجديد في العصر على الساحة السلفية هو ظهور ما يمكن أن نسميهم طلاب السوء، وهم أناس يتحلقون حول المشايخ لطلب العلم أو حضور الدروس العامة، ثم ينقلون ما يسمعونه من أحد المشايخ لغيره ممن قد يقول في المسألة بقول آخر، وقد يزيد الطالب كلاماً من عنده، أو قد يفهم الكلام على غير وجهه فيقع من نسبته القول لهذا العالم من الشر ما الله به عليم، وشر من كل ما سبق من يعلم بوجود خلاف في مسألة ما فيأتي لأحد المشايخ فيقول: ما تقول يا شيخ فيمن يقول كذا وكذا؟ وقد يكون الشيخ خالي الذهن ولا يقصد إساءة أو تجريحاً لأحد فيأخذ الطالب مقالته إلى الشيخ الآخر قائلاً: الشيخ الفلاني يقول عنك كذا وكذا. فكم من فتنة أشعلها أمثال هؤلاء الطلاب، وكم من عداوات قامت بسببهم، وإلى الله المشتكى. ومن جهة أخرى فإن جزءاً من هذه المشكلة يقع على عاتق المشايخ أنفسهم، حيث يقبلون كلام هؤلاء التلاميذ وقد لا يكونون خبروا أحوالهم وتأكدوا من عدالتهم وضبطهم، وإنما يكتفون برؤيتهم يحضرون مجالسهم. السبب العاشر- الشدة بدل الرفق: حيث وقع الاختلاف فلا بد من وجود النقاش والمحاورة والمجادلة والبيان، لكن من أسباب الانقسام السلفي اليوم ما نراه من شدة على المخالف وسلقه بألسنة حداد وتقريعه وتوبيخه، وهذا مما يثير القلوب بلا شك. المحور الآخر - أيها الكرام - في وسائل علاج حالة الانقسام، وانتظمت لي في النقاط الآتية: ــــــ1 إدراك وجود المشكلة والاعتراف بأهميتها: إن أول خطوة لحل أي مشلكة هي معرفة وجودها، وهذا الإدراك يكاد يكون غائباً عند قطاع لا يستهان به من أبناء الدعوة السلفية ولاسيما الذين يحصرون السلفية في أنفسهم! بعض هؤلاء هم جزء من المشكلة لأنهم فرسان هذا الانقسام، وبعضهم يعيش منعزلاً عن متابعة واقع الدعوة على المستوى العام فلا يعرف حقيقة الحال، وبعضهم يقر بوجود المشكلة لكنه لا يدرك حجمها ولا أبعادها ولا مآلاتها، وبعضهم يدرك كل ذلك لكنه لا يضع حل هذه المشكلة على سلم الأولويات والاهتمامات. ومعلوم أن الافتراق واقع، لكن السعي لدفعه مأمور به قال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، ولأمره تعالى بالاتفاق وتحذيره وتحذير نبيه صلى الله عليه والسلام من الافتراق، فالواجب أن يسعى كل فرد من أفراد الدعوة إلى نشر الوعي بين جموع السلفيين وبيان خطورة هذا الانقسام، فيسعى كل في محيطه بما آتاه الله من قدرة، لإيصال هذه الرسالة وحث المشايخ وطلبة العلم على التصدي لها بالدراسة والتحليل ووضع الحلول وسبل العلاج، ونشر التوصيات والمقترحات والفتاوى بهذا الخصوص. ـــــ 2 الإخلاص وتقوى الله: المدقق في أسباب الانقسام سالفة الذكر يلمس أن جزءاً كبيراً من حل هذه المعضلة يكمن في تقوى الله سبحانه وتعالى، فلو أن كل فرد اتقى الله عز وجل وخشيه حق خشيته، لغلب الصالح العام للسلفيين بل لعموم الأمة المسلمة على صالحه الخاص أو على صالح جماعته الضيقة، ولعرف لإخوانه حقوقهم فحفظها ولم يضيعها، ولعرف لأهل العلم حقوقهم ومنازلهم التي أنزلهم الله إياها، فلم يتعرض لهم بسوء أو تجريح أو اتهام بالباطل. إن المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه وقد نهى الإسلام عن الكبر وأمر بالتواضع، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد"، فكل هذا وأمثاله مما ينبغي أن يضعه المرء نصب عينيه قبل أن يقدم ويتصدر المجالس ويدلي بدلوه بما قد يفرق ولا يجمع، وليتق الله أن يكون ممن وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كما في جامع الترمذي بسند حسن: "من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار". ــــ 3 العمل بالعلم والتأسي بالسلف الصالح: السلفيون من أحرص الناس على متابعة السلف الصالح والتأسي بهم والدعوة إلى ذلك، فمجالسهم ودروسهم مليئة بالكلام عن عقيدة السلف وعلمهم، وعبادتهم وأخلاقهم، لكن الواقع اليوم يظهر أن هناك انفصالاً في كثير من الأحيان بين الواقع وبين ما ندعو إليه، فهل كان السلف رضوان الله عليهم يقعون في أعراض بعض؟ أو كان بعضهم يخرج بعضهم من دائرة أهل الحق ويرميه بالبدع وعظائم الأمور مهما عظم الخلاف بينهم؟ لقد وقعت مقتلة عظيمة بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمل ويوم صفين، وسالت دماء غزيرة زكية طاهرة، لكن القلوب عادت واجتمعت وتآلفت، فمن الله على أهل السنة بالاجتماع بعد الافتراق وبالاتحاد بعد الانقسام، وهذا ما كان ليتم لو لم تكن القلوب طاهرة زكية، وما لم يكن الجميع يريد الحق والخير ويعذر صاحبه. قال ابن تيمية رحمه الله: (كان السلف -مع الاقتتال- يوالي بعضهم بعضا موالاة الدين، لا يعادون كمعاداة الكفار، فيقبل بعضهم شهادة بعض، ويأخذ بعضهم العلم عن بعض، ويتوارثون ويتناكحون ويتعاملون بمعاملة المسلمين بعضهم مع بعض، مع ما كان بينهم من القتال والتلاعن وغير ذلك) ، فما أحرانا اليوم أن نتمثل بهؤلاء الأماجد ونحن بفضل الله لم نصل فيما بيننا إلى حد الاقتتال. وانظر إلى ابن تيمية رحمه الله حيث يصف ولاة الأمر في مصر والشام في زمانه أنهم من الطائفة المنصورة، رغم أن دولتهم كانت تنصر الأشعرية والصوفية، يقول رحمه الله تعالى: (أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما، فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحق الناس دخولاً في الطائفة المنصورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة") ، وما ذاك إلا لكونهم قاموا مقاماً لا يقومه أحد في زمانهم، فهل ترى حال أي فريق من السلفيين اليوم أقل شأناً من حال أولئك! ـــــ 4 البعد عن التعصب المقيت: إذا كان الجمع بين الأقوال في اختلاف التضاد متعذراً، فلا يلزم من ذلك أن ينقسم الصف المسلم وأن تتباغض القلوب، وغياب مثل هذه الروح وتفشي روح التعصب للرأي هي التي تشعل الخلافات والعداوات، ورحم الله أئمتـنا حيث قالوا: رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، فبمثل هذا الفهم تجتمع القلوب وتستقيم الصفوف، وليس معنى ما سبق أن نردد العبارة المشهورة: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، لأنها لا تصح بهذا الإطلاق، ولكن نقول: نتعاون فيما اتفقـنا عليه، ونتـناصح فيما اختلفنا فيه، فيعذر بعضنا بعضا فيما كان الخلاف فيه سائغاً، وينكر بعضنا على بعض فيما سوى ذلك. فلسنا ندعو إلى أن يمتـنع العلماء وطلبة العلم عن الرد على بعضهم، ولا أن يمتـنع أحدهم عن تخطئة غيره، ولا أن يمتـنع أي أحد عن إنكار المنكر وإن صدر من عالم، فكل هذا مطلوب لكن المرء لا ينبغي له ان يتعصب لرأيه ولا أن يحمل الناس عليه حتى إذا لم يوافقوه عاداهم وأنكر عليهم، قال ابن مفلح رحمه الله: (قال أحمد في رواية المروذي لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه) . ــــ 5 إيجاد المرجعية الجامعة: إن وجود مثل هذه المرجعية الجامعة يقلل كثيراً من احتمالات الانقسام بين السلفيين، ومن ثم لا يكون الخلاف وتعدد الآراء وتشظيها بلا ضابط من حيث العدد والاتساع، بل يكون مثل هذا الاختلاف منحصراً في أضيق الحدود. ولا شك أن وجود مثل هذه المرجعية لا يمكن أن يتم بتوصيات ولا بقرارات، لكنه يتم مع الزمن بتراكم الخبرات لدى المؤهلين من أهل العلم لشغل هذا الموقع، ولكن ما يمكن القيام به اليوم هو دعوة أهل العلم من مختلف البقاع للتجمع في مجامع علمية أو هيئات إرشادية تقوم بدراسة المستجدات والنوازل التي تمر بالأمة، وبحث المسائل العلمية الكبار التي قد يقع الشقاق بسببها لتسترشد جموع السلفيين بما يصدر عنها، ومن ثم تقوم بتصويب العمل السلفي وتوعيته وتصويب مساره، وهذه خطة سلفية، قال الذهبي رحمه الله في السير: (قال أبو شهاب الحناط: سمعت أبا حصين يقول: إن أحدهم ليفتي في المسألة، ولو وردت على عمر لجمع لها أهل بدر) ــــ 6 وساطة الحكماء: أما وقد وقع الانقسام في الصف السلفي فالواجب أن ينتدب بعض أهل العلم ممن لم يدخلوا في التحزبات لرأب الصدع ورد المتخالفين إلى الضوابط السلفية السنية التي يدينون بها، فتطرح مسائل الخلاف على طاولة البحث ويتعاهد الجميع أن يكون إحقاق الحق هو همهم، ويستحسن أن يتم تنظيم هذا العمل حتى لا يكون عشوائياً أو وقتياً وذلك بإنشاء جمعيات أو هيئات متخصصة في هذا المجال. فمن المقترح أن تنبري في كل منطقة فرقة من أهل الخير والصلاح من العلماء وطلبة العلم الذين يحظون بالقبول من المتنازعين لتقوم بما ندب الله سبحانه وتعالى إليه، وذلك بالجمع بين المتنازعين ومحاولة تقريب وجهات النظر وإزالة ما في القلوب من شكوك وظنون، ودعوة الجميع للنزول على كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السلف الصالح وأهل العلم الماضون. إن القيام بالإصلاح بين التجمعات السلفية أو طلاب العلم السلفيين - بل بين من ينتسب إلى الإسلام- من أجل المهام، فإصلاح ذات البين من أعظم الأعمال كما بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله كما في جامع الترمذي بسند صحيح: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى يارسول الله. قال: إصلاح ذات البين؛ وفساد ذات البيت الحالقة".والسلفيون بفضل الله منهجهم واحد ودعوتهم واحدة ومرجعيتهم واحدة، فليجتمع المتنازعون منهم على كلمة سواء يرددونها جميعاً، وهي تحكيم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بفهم السلف لتكون حكماً فيما شجر بينهم، وليكن المصلحون من أهل الحكمة حكماً عدلاً بين الأطراف جميعاً، وليكن رائد الجميع هو طلب رضا الله والحرص على الدعوة وعلى أمة الإسلام جميعاً، فهذه والله خطة رشد ما ينبغي لعاقل أن يتخلف أو يعرض عنها. ــــ 6 تحصيل العلم الشرعي المؤصل والدراسة المستفيضة للواقع: العلم جنة، يعصم صاحبه بإذن الله من الوقوع في مواطن الزلل، وقد سبق معنا أن قلة العلم واحدة من أسباب الانقسام الذي نراه اليوم. والعلم المطلوب هو العلم المنهجي المؤصل الذي تناقله علماؤنا الأفذاذ جيلاً بعد جيل. وحيث إن جزءاً من المشكلة سببه اختلاف النظر حيال الوقائع والمستجدات، فإن الأمر يحتاج من العلماء المؤصلين ومن طلبة العلم النابغين إلى مزيد تأمل وتعرف على تفاصيل الواقع المعاصر الذي يزداد تشعباً وتعقيداً يوماً بعد يوم، وهذه المهمة ينبغي أن توليها المجامع والهيئات العلمية التي سبق اقتراحها مزيداً من الاهتمام، مع الاستعانة بالخبراء المتخصصين في شتى المجالات الضرورية، لتتضح الرؤية للجميع ومن ثم يكون الحكم على صورة مطابقة للواقع أو أقرب ما تكون إليه. ــــــــ 7 الاهتمام بتربية الطلاب والتثبت من الأخبار: ما أحوجنا اليوم إلى من يأخذ بأيدي طلاب العلم إلى محاسن الأخلاق ليترفعوا عن الصغائر وسفاسف الأمور التي تضر ولا تنفع، وليترفعوا عن نقل الأخبار بين الأقران حسماً لمادة الفتنة وقطعاً لدابرها. وهذه مهمة أهل العلم والمشايخ الذين يتصدون للتدريس، فلا ينبغي الاكتفاء بتدريس العلوم الشرعية المجردة، بل لابد من تعاهد الطلاب بالتوجيه والإرشاد، فإن العلم ينبغي أن يورث صاحبه العمل، أما إن لم ينعكس هذا العلم المتلقى على أخلاق وسلوكيات الطلاب، فليس هذا هو العلم النافع الذي ترجى به الدار الآخرة ومنهج أهل السنة والجماعة أتباع الأثر والأخبار، فإن لهم عناية بالرواية أكثر من غيرهم، فحري بأتباعهم السلفيين أن يسيروا على منوالهم ويقتفوا آثارهم. ـــــ 8 ضبط الساحة العلمية والدعوية الحقيقية والافتراضية على النت: وهذا يحتاج إلى تضافر جهود أهل العلم وطلابه والدعاة إلى الله وعموم السلفيين الآخذين عنهم المدركين لخطورة هذا الأمر، أما أهل العلم فيرجى منهم التحذير من هذا التفلت -لا سيما على الشابكة العنكبوتية- وإصدار الفتاوى الزاجرة لغير أهل التخصص عن التكلم في المنتديات والغرف الصوتية بغير علم شرعي مؤصل، وكذلك لا بد من التأكيد على أصحاب المواقع والمنتديات ألا يسمحوا بنشر كلام كل من عن له أن يتكلم. إن مثل هذا الأمر الأخير قد يكون من الصعوبة بمكان، لا سيما وأنه مخالف لعرف استقر لسنوات عديدة، حيث يكتفي كثير من أصحاب المواقع والمنتديات بدعوة الزوار لتقوى الله ومن ثم يخلون مسؤوليتهم عما يكتب في منتدياتهم. إن ما ندعو إليه وإن كان يحمل في طياته مشقة كبيرة إلا أنه يغلق باباً للشر عظيماً، وإلا فإن إغلاق المنتديات أو عدم افتتاحها ابتداء، أولى من افتتاحها وملئها بالغث والسمين، لا سيما مع فشو الجهل، وعدم قدرة كثيرين على التمييز بين الحق والباطل. إن وجود عشر منتديات منضبطة بمثل ما ذكرنا من ضوابط، خير وأولى من عشرات بل مئات المنتديات التي تمتلئ بالخير والشر جميعاً. ــــ 9 الرفق بدل الشدة: لقد كان أولى بمن يلجأ إلى الشدة أن يستحضر معاني الرفق الذي حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع، (الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)، (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) إن الذي يلبس على كثير من الناس في هذا المقام، عدم قدرتهم على التفرقة بين مواطن إنكار المنكر ودرجاته، وبين مواطن البحث العلمي ومواطن النصيحة؛ ولسنا هنا في وارد الدعوة لعدم نصح المخالف أو عدم الإنكار عليه -إن لزم الأمر- فضلاً عن الدعوة للسكوت عن أخطائه وعدم بيانها للناس، لكننا ندعو إلى الحكمة وإعطاء كل مقام ما يستحقه، والحكمة كما قال ابن القيم: "فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي". إن مما يوغر الصدور ويزيد من الانقسام على الساحة السلفية أن يسارع البعض لنشر الردود والتعقبات، مع اللمز في المخالف، أو الحط عليه ورميه بالعظائم، وكان أولى من هذا أن يكتفي ببيان الخطأ ومناقشة المسألة مناقشة علمية هادئة، أما إن رأى أن الأمر عظيم وينبغي إنكاره والتحذير منه، فكان أولى به أن يسعى لصاحب المقالة بالنصيحة التي لا تكون في العلن، فيبين له وجه خطئه وخطورة ما يؤدي إليه كلامه، فإن هو بين له المحجة ووجد من صاحبه إصراراً على رأيه دون حجة ودليل أو شبه دليل، فحينها لا تثريب عليه أن ينكر على العلن إعذاراً إلى الله عز وجل، ثم ما أجمل أن يكون هذا الإنكار في حدود الأدب والرغبة الصادقة في رد المخالف عن رأيه، مع السعي لتأليف قلبه وقلب أتباعه، وهذا لا يكون إلا بالرفق الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يعطي عليه ما لا يعطي على غيره. في الختام لا أملك إلا أن أدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون قد وفقني فيما ذكرت من أسباب ووسائل علاج لما تعانيه الساحة السلفية اليوم من انقسام يسر العدو ويحزن الصديق، فما كان من صواب فمن الله سبحانه وتعالى وبمحض توفيقه، وما كان من خطأ أو زلل فمني ومن الشيطان وأنا راجع عنه وتائب إلى الله منه. هذا والله أعلم وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين/ انته فمن خلال هذا البحث والارشاد يبدو الاختلاف طبيعيا بين من يتسمون باسم السلفية فلا يصح ان يدعي العثيمين انهم دون غيرهم اهل السنة والجماعة وانهم بمفردهم الممثلون للسلف الصالح فهم مثل غيرهم يختلفون فيما بينهم كما ان غيرهم يختلفون معهم ويختلفون فيما بينهم والتاريخ يثبت ان الفرق الاسلامية كلها لم تسلم من الاختلاف بما في ذلك اهل السنة والجماعة بل السلف انفسهم حصل بينهم الاختلاف والعثيمين نفسه يعترف بان الاختلاف لم تسلم منه أي جماعة ولذلك قال عن اهل السنة والجماعة بعد ان جعل جماعته ممثلة لهم دون غيرها قال :(...ولهذا لم تفترق هذه الفرقة كما افترق اهل البدع...كالجهمية والمعتزلة ...والروافض...وغيرهم من اهل التعطيل...لكن هذه الفرقة مجتمعة على الحق وان كان يحصل بينهم خلاف لكنه خلاف لايضروهو خلاف لايضلل احدهم الاخر به ...والا فقد اختلفوا في اشياء مما يتعلق بالعقيدة مثل هل راى النبي (ص) ربه بعينه ام لم يره ومثله عذاب القبر على البدن والروح او الروح فقط ...لكنها مسائل تعد فرعية...)شرح الواسطية ج1ص52/53 وهذا قول باطل من عدة وجوه : الوجه الاول ان اتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب ليسوا اهل السنة وانما هم في احسن الحالات جماعة منهم . والوجه الثاني ان الاختلافات التي اشار اليها هي اختلافات اهل السنة والجماعة اما اختلافات جماعته التيمية الوهابية فشيئ اخر . والوجه الثالث ان اختلاف الاشعرية او الماتريدية مع عامة اهل السنة والجماعة او مع الوهابيين هي ايضا اختلافات فرعية وليت شعري ايهما اعمق في الاختلاف : الاختلاف في تاويل اوعدم تاويل الصفات الخبرية من اليد والرجل والقدم والساق والوجه الخ... الى معان . ام الاختلاف في كون النبي (ص) راى الله تعالى بعينيه في الدنيا ام انه لم يره ؟ فاذا كان هذا الاختلاف الثاني لم يؤد الى الفرقة والانقسام والتضليل المتبادل فكيف يكون كذلك الاختلاف في تاويل او عدم تاويل الصفات الخبرية طالما الجميع لاينفيها في حد ذاتها ؟ ان ما اشار اليه الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمرمن اسباب الفرقة بين من اسماهم بالسلفيين ليس سببه طلبة العلم بينهم بل شيوخهم انفسهم بعضهم ان لم يكونوا جميعا لايسلمون من بعض العلل التي اشار اليها فاختلاف الأفهام و إعجاب كل ذي رأي برايه و نفي السلفية والسنية عن الآخرين وسوء الظن بالمخالفين وإلقاء التهم جزافا والاختلاف في تنزيل الحكم الشرعي على الواقع و الخلل في ميزان التقويم و الشدة بدل الرفق كلها يمكن ان يلمسها المرأ بجلاء في حديث العثيمين عن الاشعرية والماتريدية وقدسبقت الاشارة الى بعض اقواله فيهم منقولة من شرح الواسطية ص45 و ص53 ان اسباب الفرقةالتي سردها الشيخ العمرلا تتسبب في الفرقة بين الجماعة الوهابية وبين الحركات الاسلامية الاخرى بل تتسبب في فرقة بينهم وبين انفسهم لذلك قال الشيخ العمران الناظر(... يرى من انقسام السلفيين وتفرقهم ما يدمع العين ويدمي القلب...) حديث الجارية اين الله ؟ يقول العثيمين في شرح حديث الجارية(...قوله{صلى الله عليه وسلم } اين الله ؟ اين يستفهم بها عن المكان قالت في السماء يعني على السماء او في العلو... ) نلاحظ انه فهم من قوله (ص) للجارية اين الله ؟ سؤالا عن المكان ومن المعلوم ان الله تعالى لايحل في مكان فهل فعلا كان (ص) بسؤاله الجارية (اين الله )كان يسال عن المكان ؟ ام انه كان يمتحن مدى وعيها بسمو الله تعالى ورفعته؟ والملاحظة الثانية ان الجارية قالت (في السماء) فشرح العثيمين قولها بقوله (... على السماء ... ) والفرق بين التعبير بحرف الجر في وبين التعبير بعلى فرق كبيرفالجارية لاتتصور للسماء حدودا حتى تقول على السماء أي فوقها لذا قالت في السماء اما العثيمين كمتكلم متاثر بشيخه ابن تيمية فقال (...على السماء...) أي ان السماء تنتهي وهناك على السماء أي فوقها يوجد الله تعالى فهل فعلا تنتهي السماء حتى يتحدث العثيمين عما فوق السماء ويشرح قول الجارية بان (في السماء ) معناه (على السماء) ولا يمكن ان تكون الجارية قصدت بقولها في السماء مكانا محددا من السماء ولو قصدته لما اقرها الرسول (ص) على ذلك انها قصدت ان الله تعالى كما قال العثيمين بعد ذلك (في العلو) وهي الملاحظة الثالثة فان العثيمين قد اول (في السماء) بالعلوولو التزم المعنى الظاهر لقول الجارية (في السماء) لقال انه تعالى في السماء الاولى او الثانية وهكذا الى السابعة لان قول الجارية لايفهم من ظاهره ان هناك مكانا يصح التعبير عنه بعلى السماء لاعلى السماء الدنيا ولاعلى ما فوقها من السماوات بل ظاهر كلامها يفهم منه ان الله في احدى السماوات المعروفة الاولى او الثانية وهكذا وهي طبعا لاتقصد ذلك ولو قصدته لما اقرها الرسول (ص) على ذلك و منهج العثيمين كان يقتضي منه ان يقول كما تعود ( الله في السماء ) أي هو تعالى في السماء حقيقة وله طبعا ان يقول كما تعود ايضا لكن بلاكيف او ان يتوقف فيقول (الله في السماء امروها كما جاءت ؟ اوكلوها لعالمها ولكنه ابى الا ان يؤولها بالعلو وفي منهاج السنة ج1ص250في مطلب الكلام في لفظ الجهة يقول ابن تيمية (...فمن قال الباري في جهة...ان اراد بالجهة امرا عدميا وهو ما فوق العالم وقال ان الله فوق العالم فقد اصاب وليس فوق العالم موجود غيره فلا يكون سبحانه في شيئ من الموجودات ...) فيبدو ان العثيمين يشرح قول الجارية (في السماء) انطلاقا مما تعلمه عن ابن تيمية من ان الله تعالى فوق العالم بمعنى على العالم وهو كلام ملتبس فان العقل البشري لايتصور للعالم حدودا فضلا عن ان يتصور له فوقا فان العقل ماسور بما تعود من ان كل مكان موجود في مكان اوسع منه وهكذا الى ما لانهاية له فاذا قيل له ان الله تعالى فوق العالم خيل اليه ان الله تعالى في مكان خارج المكان ولن يخطر بباله مثل قول ابن تيمية : (...ان اراد بالجهة امرا وجوديا لم يلزم ان يكون كل مرئي في جهة وجودية فان سطح العالم الذي هو اعلاه ليس في جهة وجودية ومع هذا تجوز رؤيته فانه جسم من الاجسام ... ) ن/ م وابن تيمية يعرف المكان فيقول : (...قد يراد بالمكان ما يحوي الشيئ ويحيط به وقد يراد به ما يستقر الشيئ عليه بحيث يكون محتاجا اليه وقد يراد به ما كان الشيئ فوقه وان لم يكن محتاجا اليه وقد يراد به ما فوق العالم وان لم يكن شيئا موجودا ...)منهاج السنة ج2ص144 ثم يختار القول بان الله تعالى فوق العالم وهو المكان الذي سماه من قبل سطح العالم والذي يصفه هنا في اخر مقتطف من كلامه بانه مكان فوق العالم وان (...لم يكن شيئا موجودا...) ولسائل ان يسال : هل يستطيع العقل البشري ان يتصور للعالم فوقا وسطحا ؟ وهل يمكن ان يصف العقل سطح العالم بانه مكان موجود وان لم يكن شيئا موجودا ؟ اليس هذا من متاهات الفكر وحيرة العقول يريد ابن تيمية ان يقول من خلاله ان الله موجود خارج العالم في مكان ليس موجودا او في مكان ليس بمكان ؟ هذه الاسئلة لاتستوقف شيخ الاسلام بل يواصل مساره ليقول :(...فان قيل هو في مكان بمعنى احاطة غيره به وافتقاره الى غيره فالله منزه... وان اريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه قيل اذا لم يكن الا خالق او مخلوق والخالق بائن من المخلوق كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيئ واذا قال القائل هو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه فهذا المعنى حق سواء سميت ذلك مكانا اولم تسمه...)منهاج السنة ج2ص145 والعثيمين يصر على ان الله تعالى فوق العالم وينسى ان مجرد الحديث عن شيئ اسمه فوق العالم يعتبر من المتاهات التي تتجاوز مدارك العقل لما سبق من ان العقل ماسوربحدود الزمان والمكان فلا يتصور للعالم نهاية يصح القول انها فوق العالم والاغرب انه يصر على ان للعالم سطحا وفوقا ونهاية ويدعي ان الله تعالى هناك في ذلك الفوق والسطح مستو على عرشه ويطرب لما نقل من حوار بين ابي المعالي الجويني وبين الهمداني كان الاول ينفي العلو بمعناه الظاهري عن الله والثاني يثبته حتى قال الهمداني (...اخبرنا عن هذه الضرورة التي نجد في نفوسنا ما قال عارف قط يا الله الا وجد من قلبه ضرورة يطلب العلو ...؟) يقول العثيمين في نهاية القصة : (...فبهت ابو المعالي وجعل يضرب على راسه حيرني الهمداني حيرني الهمداني وذلك لان هذا دليل فطري ما احد ينكره ...)ص382شرح الواسطية ج 1 فهل حيرة الهمداني دليل على ان الله تعالى فعلا في السماء بالمعنى الظاهري وهل توجه الناس الى السماء وهو فعلا تلقائي وفطري عند الدعاء هل هو دليل على ان الله تعالى في السماء بالمعنى الظاهري للفظ السماء ؟وليتحير العثيمين حيرة تفوق حيرة الهمذاني نقول : ماذا يكون موقفه لو قدر له ان يرى الناس من خارج الكرة الارضية وهم يرفعون ايديهم انه سيرى بعضهم يرفعون ايديهم الى اسفل والبعض الاخر الى اعلى واخرون على جنبات الارض يرفعون ايديهم نحوالافاق فمن منهم سيقول انه يحمل تصورا سليما عن الله تعالى ؟ ومن المصيب منهم في الاتجاه الى ربه ومن المخطئ ؟ اليسوا جميعا على حق ولكن كلا منهم يتصرف حسب موقعه من الارض والله تعالى لايحل في اي مكان من تلك الامكنة لافي اعلاها ولافي اسفلها ولافي افاقها فهو غني عن المكان والزمان ولكن سكان المعمورة كبشر ليس لهم الا ان يتخذوا العلو رمزا لربهم والعلو لكل واحد منهم يختلف حسب موقعه من الارض فمن يراه منهم منكوسا على راسه هو لايشعر انه كذلك ومن يراه ممدودا نحو الافق هو ايضا لايشعر بانه كذلك ومن يراه واقفا معتدلا لايرى ما يراه هو من الناس في الجهة الاخرى من الارض منكوسين على رؤوسهم ولا يرى ايضا الممددين على جنباتها رافعين ايديهم نحو الافاق بل كل واحد منهم مهما كان موقعه من الارض يرى نفسه واقفا وان الارض تحته والسماء فوقه فيرفع يديه ويدعو ربه ولايخطر بباله ان ثمة من يراه من خارج الارض على غير تلك الهيئة السوية والبشر على الارض تشدهم جاذبيتها ويصعب عليهم الصعود الى فوق وعلى العكس من ذلك لايعجزون عن السقوط والسفول ولهذا بفطرهم يرسخ في مشاعرهم تعظيم العلو لعظمته ومشقته وصعوبة بلوغه لهذا يختارون تلقائيا جهة العلو عند الدعاء فيرفعون ايديهم و يعبرون بذلك عن رفعة الله تعالى وهم لا يفعلون العكس لما رسخ في مشاعرهم من ان السفول لايحتاج جهدا لبلوغه فهو لايصعب على احد بل هو في متناول الجميع ولا قيمة له حتى قال الشاعر (من يهن يسهل الهوان عليه )والله تعالى ليس هينا بل هو تعالى رفيع الدرجات لايتناسب معه عند طلبه ان يتجه الداعون بايديهم الى اسفل بل يتناسب معه ان تتجه الايدي الى السماء وهم وان فعلوا ذلك تلقائيا بدافع الفطرة يعلمون ان الله ليس كمثله شيئ لايحتاج مكانا ولا زمانا فلايحويه مكان عال ولامكان سافل بل هو الغني عن كل الاماكن وهو جل وعلا خالقها كان موجودا قبل ان توجد فكيف يحتاج الى مكان منها يحل فيه وهو موجدها ؟ ولله در ابي المعالي في قوله (كان الله تعالى ولم يكن شيئ غيره وهو الان على ما كان عليه) وقد زيف العثيمين هذا القول البليغ فشرحه خطا وتزويرا فقال (يعني كان ولا عرش وهو الان على ما كان عليه اذا لم يستوعلى العرش): ومعلوم ان ابا المعالي لاينكر استواء الله تعالى على العرش ولكنه ينكر المعنى الظاهري الذي تفهمه منه المجسمة وابن تيمية رغم تعمقه في المسالة فقد قارب التنزيه كما قارب التجسيم : ــ قارب التنزيه عندما قال :(... هو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه ...)فالبينونة تعني ان الله تعالى لايوصف بانه في مكان لافي المكان العالي ولا في السافل بل هو بائن أي منفصل عن المكان بدليل ان وجوده تعالى سابق على وجود المكان والجهات الست فهل هناك مكان خارج العالم كالذي عبر عنه ابن تيمية بــ : (...سطح العالم ...)وان الله تعالى موجود فوقه ؟ هذا السؤال لايجوز ان يطرح لاعتبارات كثيرة : ــ منها انه تناقض اذ من ناحية السؤال يتضمن ان العالم له نهاية وهو محصور بين اعلى مكان فيه وبين اسفل مكان فيه ثم من ناحية اخرى يفترض وجود مكان خارج العالم ولعل هذا اللبس هو الذي جعل ابن تيمية يقول (...فهذا المعنى حق سواء سميت ذلك مكانا اولم تسمه...)منهاج السنة ج2ص145 والصحيح ان بينونة الله كما تعني انه ليس حالافي مكان من امكنة العالم تعني ايضا انه تعالى ليس حالا في مكان من غير امكنة العالم لانه لاوجود لعالم غير العوالم التي خلقها الله وايضا لان الله من الاساس غني عن المكان سواء كان مكانا من امكنة عالمنا او كان مكانا من امكنة العوالم الاخرى على فرض وجودها ــ فالسؤال كان من الواجب الايطرح لانه يؤيد التصور الفاسد الذي يجعل الله تعالى في حاجة الى مكان كي يوصف بالوجود ومن يواصل التفكير بحثا عن كيفية بينونة الله تعالى من العالم هو في الحقيقة اصبح يبحث في ذات الله وهي غيب ولم يعد يبحث في مجرد وجوده تعالى وسائر صفاته التي يمكن التعرف عليها من خلال النظر في مخلوقات الله تعالى وابن تيمية اقترب من التجسيم عندما ربط الله تعالى بالعالم ربطا حسيا فقال : (... كان الله ولا شيئ معه ثم خلق العالم فلا يخلو : ــ اما ان يكون خلقه في نفسه وانفصل عنه وهذا محال ... ـــ واما ان يكون خلقه خارجا عنه ثم دخل فيه وهذا محال ايضا ... ـــ واما ان يكون خلقه خارجا عن نفسه الكريمة ولم يحل فيه فهذا هو الحق ... وهذه القاعدة للامام احمد من حججه على الجهمية ...وذكر الاشعري في المقالات مقالة محمد بن كلاب ...انه يعرف بالعقل ان الله فوق العالم ...) مجموع الفتاوي ج5ص152 فهذه الاحتمالات كلها تتضمن معنى التجسيم فالله تعالى ليس مكانا حتى يخلق في نفسه العالم كما انه ليس مكانا موازيا للعالم حتى يكون العالم خارجا عنه محاذيا له بحيث يقال عنه انه فوقه بائن منه وهو تعالى منفصل بذاته عن العالم : ـــ فلا العالم يخرج منه . ــــ ولا هو تعالى يحل فيه . ــــ ولا هو تعالى بمكان محاذ على فرض وجود مكان محاذ لامكنة العالم . بل هو كما جاء في الحديث عن ابي هريرة (تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق ، فإنه لا تحيط به الفكرة) وهذا المنحى التجسيمي لوجود الله تعالى يجعله العثيمين شرطا في الايمان بالله تعالى لذلك يقول ردا على من ينفي تحيز الله تعالى في جهة : (ان نفيكم للجهة يستلزم نفي الرب عز وجل اذ لانعلم شيئا لايكون فوق العالم ولاتحته ولايمين ولاشمال ولامتصل ولامنفصل الا العدم ولهذا قال بعض العلماء لوقيل لنا صفوا الله بالعدم ما وجدنا اصدق وصفا للعدم من هذا الوصف )ص177ج1ش/ع/الواسطية فالعثيمين يجري على الله تعالى ما ينطبق على كل الاجسام من كونها فوق غيرها او تحته او على يمينه او على شماله متصلة به او محاذية له منفصلة عنه وينسى او يتناسى ان الله تعالى ليس كمثله شيئ وانه مباين لخلقه بينونة غير مادية وانه تعالى غني عن المكان والجهة كان موجودا قبل ان يوجد المكان وجهاته الست معنى التجسيم ثم قدم معنيين للجسم فقال : (ما هذا الجسم الذي تنفرون الناس عن اثبات صفات الله من اجله ؟ اتريدون بالجسم الشيءالمكون من اشياء مفتقر بعضها الى بعض ...فان اردتم هذا فنحن لانقره...اما ان اردتم بالجسم الذات القائمة بنفسها ...فنحن نثبت ذلك ...)ص177/178وفي هذا تهرب من جوهر الاختلاف فالمعنى الاول من المعلوم بطلانه عند فرق الاسلام المعتبرة اما المعنى الثاني فنسبه ابن تيمية لبعض المجسمة فقد قال في تعريف الجسم والتجسيم : ((وأمّا لفظ الجسم، فإنّ الجسم عند أهل اللغة ـ كما ذكره الأصمعي وأبو زيد وغيرهما ـ هو الجسد والبدن. وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) وقال تعالى: (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)فهو يدل في اللغة على معنى الكثافة والغلظ كلفظ الجسد، ثم قد يراد به نفس الغليظ، وقد يراد به غلظه فيقال: لهذا الثوب جسم، أي غلظ وكثافة... ثم صار الجسم في اصطلاح أهل الكلام أعم من ذلك، فيسمّون الهواء وغيره من الاُمور اللّطيفة جسماً وإن كانت العرب لا تسمي هذا جسماً... والنظّار كلهم متّفقون ـ فيما أعلم ـ على أنّ الجسم يشار إليه ) منهاج السنة 2/530 الى ان قال : (...والذين قالوا ان الله جسم قد يقول بعضهم انه مركب...وان كان كثير منهم بل اكثرهم ينفون ذلك ويقولون انما نعني بكونه جسما انه موجود او انه قائم بنفسه او انه يشار اليه او نحو ذلك...) منهاج السنة ج2ص539 فالعثيمين عندما يقول(...اما ان اردتم بالجسم الذات القائمة بنفسها ...فنحن نثبت ذلك ...) هو في الحقيقة يتبنى قولا من اقوال المجسمة والعثيمين متاثر بابن تيمية في اعتقاده بان كل موجود هو بالضرورة اما جسم او حال في جسم (ان الموجود القائم بنفسه لايكون الا جسما وما لايكون جسما لايكون الا معدوما )التاسيس ج1ص93نقلا عن الكتشف الصغير ص33 وهذا ينسجم مع القول السابق للعثيمين (...لانعلم شيئا لايكون فوق العالم ولاتحته ولايمين ولاشمال ولامتصل ولامنفصل الا العدم ولهذا قال بعض العلماء لوقيل لنا صفوا الله بالعدم ما وجدنا اصدق وصفا للعدم من هذا الوصف )ص177ج1ش/ع/الواسطية فابن تيمية ومن جاء بعده من المتاثرين به كابن العثيمين لايعقلون موجودا الا وهو جسم وعبارة ابن تيمية في التاسيس ج 1ص9 (ما ثم موجود الا جسم او قائم بجسم ) فالعثيمين اذا (لايعلم شيئا ــ ولو كان الله تعالى ــ لايكون فوق العالم ولاتحته ولايمين ولاشمال ولامتصل ولامنفصل الا العدم )وهذا صريح في التجسيم و حمل الفاظ الصفات الخبرية على ظاهرها يؤدي بمفرده الى التجسيم فعلو الله تعالى اذا حمل على ظاهره حتما يعني تجسيم الله تعالى ومن يعتقد انه برفع يديه الى السماء عند الدعاء انما هو يشير الى الله تعالى وانه في جهة الفوق فهو ولاشك مجسم من حيث يدري او لايدري ولا ينتفي عنه هذا التجسيم الا بحمل العلو على علو المنزلة علو السلطان والتدبير تعريف الايمان قال ابن كثير في تفسيره (...اماالإيمان في اللغة فيطلق على التصديق المحض ، وقد يستعمل في القرآن ، والمراد به ذلك ... كما قال اخوة يوسف لابيهم وما انت بمؤمن لنا ولوكنا صادقين ... ) تفسير سورة البقرة الاية 3 وقال ابن عاشورفي تفسير الاية 3من سورة البقرة : (يؤمنون معناه يصدقون ...اصل امن ...من أمن ضد خاف فامن معناه جعل غيره امنا ثم اطلقوا امن على معنى صدق ...فصار امن بمعنى صدق على تقدير انه امن مخبره من ان يكذبه ... ثم انهم يضمنون امن معنى اقرفيقولون امن بكذا أي اقر به ... ويضمنونه معنى اطمان فيقولون امن له ... ) فالايمان في لغة العرب يستعمل في المرتبة الاولى بمعنى صدق ثم ضمنوه معنيين اخرين هما اطمان او اقرلهذا كان ابن كثير دقيقا عندما قال (...فيطلق على التصديق المحض ... )فالمعنى المحض لفعل امن وهوالمعنى الاصلي انما هو صدق اما العثيمين فقد اراد ان يتجاوز هذا الاطلاق المحض فقال (...الايمان في اللغة يقول كثير من الناس انه التصديق ... وقد سبق لنا في التفسير ان هذا القول لايصح...)شرح الواسطية ج1ص 54 ولعله بهذا التجاوز يريد ان يؤكد ان الايمان شرعا لايتوقف على مجرد التصديق وهذا فيه حق وباطل : الحق الذي يتضمنه ان الايمان الشرعي تصديق بالجنان واقرار باللسان وعمل بالاركان فالتصديق مجرد شرط من شروط الايمان الشرعي ولايكون بمفرده ايمانا اما الباطل فمن عدة وجوه : الوجه الاول ان من قال من العلماء عن الايمان انه التصديق فلايقصد المعنى اللغوي للتصديق وهومجرد الاقتناع الباطني وانما يقصد المعرفة مع الاقرار بصدق ما عرفته نفسه من الحقائق الايمانية وهذا اقل ما يطلق عليه مسمى الايمان شرعا لانه يجمع بين التصديق بالجنان وبين العمل بالاركان ذلك ان الاقرارعمل اللسان وهو النطق بالشهادتين وهو في نفس الوقت ما عبر عنه بجملة اقرار باللسان وهو ايضا بداية العمل بالاركان ومعلوم ان الايمان شرعا يزيد وينقص بعد التصديق بالجنان حسب زيادة او نقصان العمل فمن عرف الحق واقتنع به وكان قادرا على الاقرار فاقردخل دائرة الايمان شرعا كذلك ان نوى الاقرار فعجز لخرس او خوف ثم يتكامل ايمانه حسب درجة عمله باحكام الدين وقد جاء في شرح الجرجاني للمواقف بيان حقيقة التصديق حيث قال : (...فهو عندنا يعني اتباع ابي الحسن ... التصديق للرسول فيما علم مجيئه به ضرورة فتفصيلا فيما علم تفصيلا واجمالا فيما علم اجمالا فهو في الشرع تصديق خاص ...)شرح المواقف ج 8 ص351/352 فقوله تصديق خاص يعني ان الايمان لايكون بمجرد التصديق اللغوي ولا بمجرد اعتقاد النفس باطنا صحة المبادئ الايمانية واوضح من هذا ما جاء في شرح جوهرة التوحيد ص30:(... (وقيل): ليس النطق شرطا خارجا عن حقيقة الإيمان، (بل شطر) - أي جزء منه - أي إنّ الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب والنطق باللسان، إلا أنّ التصديق ركن لا يحتمل السقوط بحال، والإقرار قد يحتمل السقوط كما في حق الأخرس وغير المتمكن لأجل مانع. وعلى هذا القول، فمن صدق بقلبه وكانت له قدرة على النطق ولم يقع منه النطق بالشهادتين فهو كافر حتى في الآخرة...) الوجه الثاني ان الخوف من تشويش المعنى اللغوي على المعنى الشرعي للايمان لايبرر التنكر للمعاني اللغوية لفعل امن والوجه الثالث ان تخطئة العلماءفيما قالوا من ان الايمان لغة معناه التصديق تجاوز وتسفيه لهم قد يبرراذا وقع فيه طلبة العلم دون الشيوخ كالعلامة العثيمين الدليل على وجود الله تعالى العقل ام الفطرة؟ في هذا المبحث يؤخر العثيمين الدليل الذي قدمه ابن تيمية على وجود الله تعالى ويقدم ما اخره شيخ الاسلام يقول العثيمين في شرح العقيدة الواسطية ج1ص56 : (...الدليل على وجود الله العقل والحس والشرع ثلاثة كلها تدل على وجود الله وان شئت فزد الفطرة... ) اما شيخ الاسلام فيقول :ان الفطرة هي الدليل على وجود الله ويستشهد على ذلك بقوله (...انه ليس في الرسل من قال ... انظرواواستدلوا حتى تعرفوه ... اذا كانت قلوبهم تعرفه وتقر به وكل مولود يولد على الفطرة ... والانسان اذا ذكر ذكر ما في فطرته ... ) ص336مجموع الفتاوي فالانسان ليس ضروريا ان يستعمل عقله ليعرف ان الله تعالى موجود بل الفطرة كافية لمعرفة وجود الله لذلك يقول : (...ان اصل العلم الالهي فطري ضروري وانه اشد رسوخا في النفوس من مبدا العلم الرياضي كقولنا ان الواحد نصف الاثنين ومبدا العلم الطبيعي كقولنا ان الجسم لا يكون في مكانين لان هذه المعارف اسماء قد تعرض عنها اكثر الفطر واما العلم الالهي فما يتصور ان تعرض عنه فطرة... ) ص305مجموع الفتاوي فالعثيمين يخالف شيخ الاسلام في تقديم العقل على الفطرة ولكنه يشترك معه في القول بان صفات الله تعالى لاتعرف مفصلة الا بالسمع ومن المعلوم ان الوجود صفة من صفات الله تعالى وهذا مقتضاه ان العقلاء من الكافرين لايعرفون وجود الله تعالى معرفة حقيقية الا بعد الايمان بالسمع وهو الوحي ؟ وهذا يجعل العثيمين امام معضلة فان الايمان الكامل بصفة وجود الله تعالى اذا توقف على التصديق بالوحي فان التصديق بالوحي نفسه لايتحقق الا بعد الايمان الكامل بصفة وجود الله تعالى ولو صح هذا الدور فلن يتحقق الايمان لابالعقل ولا بالسمع وما ادى الى الباطل فهو باطل والصحيح ان العقل هوطريق الايمان بوجود الله تعالى وهو شرط التكليف اما الفطرة فلا تزيد عن كونها اداتا تدعم العقل مثل الحواس التي وهب الله تعالى الانسان ومثل الايات الكونية التي اتقن الله تعالى صنعها لتقود النظر الى معرفة وجوده تعالى وصفاته المعنوية من حياة وعلم وقدرة وارادة الى غير ذلك من صفات الكمال المعنوية دلالة العقل على وجود الله تعالى يقول العثيمين رحمه الله :(...الدلائل على وجود الله اربعة العقل والحس والفطرة والشرع...) ثم يبرر هذا الترتيب فيقول : (...واخرنا الشرع لا لانه لايستحق التقديم لكن لاننا نخاطب من لايؤمن بالشرع ...)وهذا التبرير والترتيب ترد عليه مسائل : ــ لو صح ما قاله شيخ الاسلام عن منهج الرسل في الدعوة الى الايمان بالله فان العثيمين يكون بهذا الترتيب مخالفا لسنة المرسلين ومباينا لطريقة شيخه المرشد الى طريقة السلف الصالحين فقد قال شيخ الاسلام (...ان الانبياء عليهم السلام دعوا الناس الى عبادة الله اولا بالقلب واللسان وعبادته متضمنة لمعرفته وذكره ... ) مجموع الفتاوي ج2 ص 15وقال في موضع اخر (...انه ليس في الرسل من قال ... انظرواواستدلوا حتى تعرفوه ... اذ كانت قلوبهم تعرفه وتقر به وكل مولود يولد على الفطرة ... والانسان اذا ذكر ذكر ما في فطرته ... ) ص336مجموع الفتاوي ـــ ومع ذلك فالعثيمين بتقديمه العقل في الاستدلال رجع الى المنطق من حيث لايشعرفان الشرع ولو تضمن ما يهدي للايمان بالله فان من لايؤمن بالقران لايمكن ان يذعن للحق اذا حاججه المؤمنون مباشرة من خلال القران وهو تصرف غير مستغرب منه طالما هو لم يؤمن بعد بالقران ـــ وحديث العثيمين عن دلالة العقل على وجود الله لاتتضمن دحض مقولة ان العالم خلق نفسه بنفسه ولادحض مقولة من قال ان العالم نشا صدفة ولاتطرق الى مقولة ثالثة قد تكون في نظر المبطلين اقوى من سابقتيها وهي الادعاء بان العالم غير مخلوق بل هو قديم بذاته فلينظر القارئ ما كتبه سعيد حوى او البوطي او نحوهما من الاشاعرة في الرد على شبه المبطلين دلالة الحس على وجود الله تعالى ذكرفي الصفحة 56 ان الاستجابة للدعاء تجعل الانسان يعرف وجود الله تعالى فقال : (...واما دلالة الحس على وجود الله فان الانسان يدعو الله عز وجل يقول يا رب ويدعو بالشيئ ثم يستجاب له فيه وهذه دلالة حسية هو نفسه لم يدع الا الله واستجاب الله له راى ذلك راي العين...) وهذا الذي ذكره وما سياتي بعده من قصة الاعرابي الذي طلب من الرسول (ص) ان يدعو ربه لتمطر السماء غير دقيق من وجوه : ـــ ان الذي يدعو الله تعالى هو مؤمن بوجود الله تعالى مسبقا والا لما دعا واستجابة الله تعالى لدعائه تحقق له طمانينة النفس اما اصل الايمان فظاهر السبق على الدعاءوهذا ظاهر من لسان حال الاعرابي ومقاله ايضا فهويؤمن بالله تعالى بل ويؤمن بالرسول (ص) ويطلب منه ان يدعو الله تعالى فالاعرابي(... دخل والرسول (ص)يخطب الناس يوم الجمعة ...)ووجه خطابه للرسول (ص) فقال (هلكت الاموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا...) فاستجابة الدعاء هنا لاتحقق الايمان بالله تعالى وانما تحقق اليقين فيه ــ و مجرد الدعاء لوسلمنا جدلا انه صدر من مبطل ثم تحقق فلا يمكن عده دليلا على وجود الله لان المبطل سيعتقد ان ذلك تحقق صدفة ويبقى مبطلا كما سبق ـــ ولكي يكون هذا دليلا على وجود الله تعالى فيجب ان يتكرر مرارا وتكرارا حتى يزول من فكره احتمال الصدفة وهذا عادة لايتحقق واذا تحقق فلن يكون دليلا حسيا وانما هو دليل عقلي لان دورالحس توقف على كونه نقل للذهن مرات الدعاء ومرات الاستجابة فاستطاع العقل عبر معطيات الحس هذه ان يستنتج وجود الله ــ كذلك اذا نظرنا للدعاء بلسان الحال عوض الدعاء بلسان المقال فان الفرق بينهما كبير جدا : فالمبطل طالما هو لايؤمن بوجود الله تعالى فانه لايمكن ان يدعو الله تعالى بلسان المقال اما اذا اصابه ضرما وبلغ قلبه حنجرته وظن انه سيهلك فانه حتما سيدعو الله تعالى كرها من حيث لايشعرسيدعوه بلسان الحال لابلسان المقال واذا تحقق دعاؤه بل حتى اذا لم يتحقق فان الحدث نفسه قد يكون سببا في مراجعة فكره والايمان بربه .فان امن فعلا في مثل هذه الحالة فلن يكون دعاؤه او حسه بمفرده سببا في معرفة وجود الله تعالى وانما هي عملية مركبة اجتمع فيها الحس و الفكر والنفس والشعور والفطرة اما الدعاء خاصة منه الدعاء بلسان المقال على فرض صدوره من مبطل فلادور له من الاساس ـــ والحس في حقيقته اداة تساعد العقل على التفكير يقدم للجهاز العصبي التصورات الحسية عن الواقع وهو كتاب الله المنظورفيشتغل فيها الفكر انواعا شتى من الاشتغال وبيان ذلك ان لذهن الانسان قدرات متعددة منها استقبال ما تمده به الحواس من تصورات بسيطة عن الواقع من الوان وروائح وطعوم واصوات وملامس ومنها انه يستوعب ويخزن تلك التصورات ومنها انه يضيف اليها التصورات البديهية كتصور الكل اكبر من الجزئ وتصور عدم التقاء النقيضين وتصور التساوي بين المتماهيين وتصور ارتباط الاسباب بمسبباتها الخ... ومن قدرات الذهن انه يتصرف فيما يجتمع لديه من تصورات حسية وتصورات بديهية يتصرف فيها بالمقارنة بينها والتجزئة والتركيب والاستنتاج والاستنباط والسبر والتقسيم الخ...ويتمكن من اصدار الاحكام فاذا سمع الانسان جملة تقول( الان نصف النهار)فان حاسة السمع تنقل الجملة اصواتا الى جهازه العصبي فيستقبلها ويخزنها ويبدا اعتماله فيها فيترجم الاصوات الى حروف والحروف الى كلمات والكلمات الى افعال واسماء وحروف ويدرك العلاقة بينها نحويا وصرفيا حقيقة ومجازا الخ ... فينتهي الى استخلاص معنى ينقله اليه مخاطبه عن الوقت وهو انه نصف النهارفينظر في الكون من حوله ليقارن بين المضمون الحاصل من الجملة في الذهن وبين موقع الشمس من السماء فان وجدها في كبد السماء فانه يدرك التطابق عبر المقارنة بين مضمون الجملة وبين الواقع الذي تتعلق به الجملة فيقول فعلا الان نصف النهار وان وجد النجوم ظاهرة والقمر بازغة يكذب مضون الجملة فالحس يساهم في عملية التفكير واكتشاف الحقائق ومنها وجود الخالق ولكن الحس بمفرده ليس كافيا لانتاج الفكر والا لكان الحيوان مفكرا لتمتعه بحواس تفوق حس الانسان الايمان بالملائكة في حديثه عن الملائكة يقول العثيمين رحمه الله تعالى : (هم اجساد بدليل قوله تعالى جاعل الملائكة رسلا اولي اجنحة...اذا قال قائل هل لهم عقول نقول...قال الله تعالى لايعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فهل يثني عليهم ...وليس لهم عقول...)ص 64ص وهذا القول فيه تكلف ما كان السلف يقعون فيه فامر الملائكة من الغيب والحديث فيه يجب ان يكون من القران والسنة فان وجد دليل فبها ونعمت والا فان الله تعالى يقول (لاتقف ما ليس لك به علم) اما وقد دخل العثيمين هذه المتاهة فللسائل ان يسال : كيف الملائكة اجساد ولا تصدها الحواجز المادية تخترق الجدران والاشجار والجبال فالاجساد ولو كانت شديدة الدقة كذرات الرمال او اصغر لاتخترق الحواجز المادية ثم كيف لها اجساد ولاترى خاصة وقد صنع الانسان المجهر الالكتروني الذي يمكن من تكبير الاجسام التي لاترى بالعين المجردة الاف المرات وكيف يستدل على ان لها اجسادا من نسبة الاجنحة لها فهل هذا الا منهج يقود الى تجسيد الله تعالى ايضا لانه نسب لذاته امورا يدل ظاهرها على التجسيد اكثر من دلالة الاجنحة عليه اقصد اليد والساق والوجه والجنب والقدم والمجيئ والنزول الخ... كذلك استدلاله على امتلاك الملائكة عقولا من كونها تطيع الله وتمتثل لامره الا يفتح الباب للقول ان السماوات والارض ايضا لها عقول لامتثالها لامر الله و قولها (...اتينا طائعين )ان نسبة العقول للملائكة ليس مستغربا ولا محظورا في ذاته ولا مستبعدا لكن الغريب طريقةالاستدلال فعالم الغيب لاتدرك تفاصيله بالعقل فكيف يتجرؤ العثيمين على ذلك وهو يعلن ان منهجه التزام نصوص الوحي الايمان بالقضاء والقدر ذكر معنى وصف القضاء والقدر بالخيروالشرفقال كلاما مفيدا يمكن ان يضاف اليه الكثير صفات الله تعالى في هذا المبحث لم يفصل العثيمين مسالة الصفات فخلط بين :الصفات المعنوية والصفات الخبرية , وبين البحث في معاني الصفات وبين تكييفها فتحدث عن هذه الامور الاربعة في سياق واحد فقال : (... صفات الله عزو جل من الامور الغيبية والواجب ...ان يؤمن بها على ماجاءت...)ص74 فهل الصفات كلها غيبية لافرق بين صفات المعاني وبين الصفات الخبرية ؟ وهل المنهي عنه شرعا تدبرمعاني الصفات ام تكييفها ؟ ان الفقرة السابقة من ص 74لا تميز بين هذه المسائل بل تسوقها سوقا واحدا وتنتهي الى المنع المطلق لذا يقول العثيمين رحمه الله تعالى : (...وحينئذ لا نصف الله بما لم يصف به نفسه ولانكيف صفاته لان ذلك غير ممكن ...) ص75 وهذا القول غير دقيق : ـــ فالصفات المعنوية ليست غيبا بل تعرف بالعقل انطلاقا من النظر في الكون وقدعرف الانسان صفات الله تعالى وفي مقدمتها صفة الوجود والحياة والعلم والقدرة الخ... ووصف بها الناس الله تعالى قرونا متطاولة قبل نزول القران فقدعرفوها بعقولهم قبل البعثة ثم لما نزل الوحي اقرهم عليها وهناك صفات معنوية لم ترد في القران والسنة لايجوز وصف الله تعالى بها تادبا معه تعالى فلا يقال عن الله انه العاقل او المهندس الخ...فهذه الصفات رغم انها في ذاتها لاتتضمن عيبا واضحا الا ان الاحتياط يقتضي الالتزام بما وصف الله تعالى به نفسه فيه كفاية ـــ اما الصفات الخبرية من اليد والوجه والساق والجنب الخ... فهذه لو لم ترد في القران والسنة ماجاز للمؤمنين ان ينسبوها الى الله تعالى فهنا يصح القول ( لانصف الله بما لم يصف به نفسه )فلا ننسب لله تعالى من عندنا صفات من جنس الصفات الخبرية وهو ما وقع فيه المشبهة حتى قال احدهم :( اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك) ــــ اما حقيقة وجوده تعالى وحياته وعلمه وقدرته الخ .. فهذه فعلا غيب ولكن الفرق شاسع بين البحث في الصفات كمعان وبين البحث في حقائقها فمعرفة اتصاف الله تعالى ليست من المعارف الغيبية ولا تتوقف على السمع ولكن الغيب هو معرفة كيفياتها فلا يجوز البحث في كيفية وجوده تعالى اوحياته اوعلمه اوقدرته الخ... ولما خلط العثيمين رحمه الله بين هذه الامور اخطا في قوله :(... ولما وصف الله نفسه بان له يدين - بل يداه مبسوطتان -المائدة 64 لو قلنا ان الله تعالى ليس له يد حقيقة بل المراد باليد ما يسبغه من النعم على عباده فهل وصفنا الله بما وصف به نفسه ؟ لا ...) ص 77 اخطا مرتين : ــــ اخطا اذ اعتبر تدبرمعاني القران نفيا لما جاء فيه من صفة اليد فنفي الصفة الغاؤها وهو ما فعله الفلاسفة اما تاويلها خاصة على النحو الذي فعلته الاشاعرة فهو تدبرها واعطاؤها معنى فلا يقال ان الله تعالى خاطب عباده عن ذاته بما لامعنى له ومبدا التاويل في حد ذاته يقوم على الايمان بصفات الله واثباتها ولهذا فان النفاة خاصة منهم فلاسفة اليونان لايجدون انفسهم في حاجة للتاويل لانهم ينفون الصفات من الاساس ومما يؤكد ان القول بان اليد هي الانعام على المؤمنين او القدرة القاهرة على العالمين ليس تكييفا لليد وانها هو تدبر لها بحيث يصبح لها معنى يفهم ويليق بجلال الله تعالى ان الاعجمي اذا سال عن قوله تعالى ( بل يداه مبسوطتان ) 64 المائدة ستترجم له اليدان بما يقابهما في لغته ويجد المترجم نفسه مضطرا لتنبيهه الى ان معنى اليدين ليس الجارحتين وانما عبر بهما مجازا عن صفة معنوية يتصف بها المولى عز وجل فلا يقول للاعجمي اقراها كما جاءت ولاتسال عنها او يترجمها له ويقول افهمها على ظاهرها او افهمها على ظاهرها لكن لاتعتقد انها شبيهة بما يماثلها لفظا عند البشر . ـــ والخيار الثالث هو خيار الوهابية وهو خطا لانه اعتبر اليد عينا لامعنى وهذا لا يخفى على العثيمين لذلك يقول (... والخبرية - يقصد الصفات - مثل اليدين والوجه والعينين ... وما اشبه ذلك ... نظيره ابعاض واجزاء لنا ... ) ص 78فهل يكفي لاجتناب التجسيم والتشبيه ان يقال لله ابعاض واجزاء لكنها ابعاض لاكابعاضنا واجزاء لاكاجزائنا لوصح هذا القول لصح قول من قال ان الله تعالى جسد لاكالاجساد واذا كان هذا واضحا فالصفات المعنوية تعرف بالعقل قبل ان تعرف بالسمع . والصفات الخبرية لاتعرف الا بالسمع وتاويلهاهو الطريق الوحيد لاجناب التجسيم ودرئ اتهام القران والسنة بمخاطبة المكلفين بما لايفهم . اما تكييف الصفات المعنوية والخبرية فمنهي عنه شرعا بايات التنزيه كقوله تعالى (لاتضربوا لله الامثال ...)وقد حرص الوهابية على التحلي بالامانة على مراد الله تعالى ولكنهم سقطوا في التجسيم عن غير قصد بسبب منهجهم الظاهري وبسبب تضييقهم الخناق على ملكة العقل وتاكيد العثيمين رحمه الله على المنهج الظاهري واستبعاد العقل مبثوث في اكثر من موضع من شرحه للرسالة الواسطية من ذلك قوله :(...المبحث الرابع وجوب اجراء النصوص الواردة في الكتاب والسنة على ظاهرها لانتعداها...)ص77 وقوله (المبحث السادس ان العقل لامدخل له في باب الاسماء والصفات )ص80 وهو يدرك مخالفة ذلك للقران ولكنه يبرره تبريرا غيرمقبول فيقول :(...والحاصل ان العقل لامجال له في اسماء الله وصفاته فان قلت قولك هذا يناقض القران لان الله يقول ومن احسن من الله حكما والتفضيل بين شيئ واخر مرجعه الى العقل ...واشباه ذلك مما يحيل الله به على العقل فيما يثبته لنفسه وما ينفيه عن الالهة المدعاة ؟ فالجواب ان نقول ان العقل يدرك ما يجب لله سبحانه وتعالى ويمتنع عليه على سبيل الاجمال لاعلى سبيل التفصيل ...)ص81 وهذاكما سبق تبرير غير مقبول لسببين : ـــ لان صفات الله تعالى الواجبة له والمستحيلة عليه والممكنة كلها قابلة لان تعرف وقد عرفت بالعقل قبل نزول القران ـــ والعثيمين نفسه رحمه الله بعد هذا القول اراد ان يقدم امثلة على قدرة العقل المحدودة حسب زعمه فاذا به يطنب في بيان قدرة العقل على معرفة صفات الله تعالى فانظر اطنابه في الصفحتين 81و82ولم يقدم دليلا واحدا يثبت عجز العقل عن معرفة صفات الله تعالى هل هناك تاويل محمود ؟ من المعلوم في ادبيات الوهابية انهم يرفضون التاويل بما هو صرف للفظ عن المعنى الراجح الى المعنى المرجوح لدليل يقترن به وقد وصل الامر بالجبرين الى درجة انه حرف معنى التاويل عند الاشاعرة فقالهوعندهم (... صرف اللفظ عن المعنى المتبادر منه بلادليل كتحريف معنى اليدين المضافتين الى الله الى القوة او النعمة وتحريف معنى الاستواء الى الاستيلاء وتحريف معنى الضحك الى الثواب وغير ذلك كما يفعل الاشاعرة وغيرهم وهذا من الالحاد في اسماء الله واياته ... والتعطيل معناه انكار ما يجب لله تعالى... كلي كتعطيل الجهمية...جزئي كتعطيل الاشعريةالذين ينكرون بعض الصفات ويؤولونها ويثبتون بعض الصفات ...)ص90تهذيب شرح تسهيل العقيدة الاسلامية والعثيمين هو الاخر يصف التاويل عند الاشاعرة بانه تحريف فيقول :(...وتغيير المعنى يسميه القائلون به تاويلا...لكن ما ذهبوا اليه في الحقيقة تحريف لانه ليس عليه دليل صحيح ...)ص87 وفي هذا الكلام ماخذ كثيرة : اولها ان التاويل الذي يعترف به الوهابية انما هو التفسيركان يقال تاويل قوله تعالى (كالعهن المنفوش ) يعني كالصوف المنفوش ثانيهما هذا التاويل الذي يعني التفسير لايحتاج دليلا يقترن به كي يمارسه متدبر القران الكريم فلم نشهد اعتراضا من احد على من يؤول العهن بالصوف او القسورة بالاسد او الليث او الهزبر الخ...فهذا التاويل بابه مفتوح دون قيد او شرط الماخذ الثالث ان التاويل الذي يشترط في مشروعيته ان يكون لدليل يقترن به هو ما عرف بانه (صرف اللفظ عن المعنى الراجح الى المعنى المرجوح الخ...) وهذا يقول عنه ابن تيمية انه مبتدع ويسميه الجبرين تحريفا للكلم عن مواضعه وتبديلا لمعاني الالفاظ فهذا التاويل لاينقسم عند الوهابية الى محمود ومذموم بل كله مرفوض فكيف يقول العثيمين هذه المرة :(...(جـ )- المعنى الثالث للتاويل : صرف اللفظ عن ظاهره ,وهذا النوع ينقسم الى محمود ومذموم فان دل عليه دليل فهو محمود ويكون من القسم الاول وهو التفسير وان لم يدل عليه دليل فهو مذموم ويكون من باب التحريف وليس من باب التاويل وهذا الثاني هو الذي درج عليه اهل التحريف في صفات الله عز وجل مثاله قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ...قال قائل معنى استوى استولى ...فنقول ...هذا تحريف ...لانه ما دل عليه دليل ...) ص89/90 انه قول الباطل من كل الوجوه : ــ الوجه الاول ما سبق بيانه من ان التاويل الذي يكون لدليل يقترن به انما هو صرف اللفظ عن ظاهر معناه الخ... وليس التاويل بمعنى التفسيرفالتفسيراذا عبر عنه بكلمة تاويل لايشترط في ممارسته وجود الدليل بل كل لفظة في القران مهما كانت واضحة يجوز بيانها بكلمة اخرى تحمل مثلها نفس المعنى والتاويل اذا قصد به التفسير فلا يدخل في تعريفه ما ذكره العثيمين في اول كلامه المقتطف من (ص89/90)حيث قال : (...(جـ )- المعنى الثالث للتاويل : صرف اللفظ عن ظاهره...) لان التفسير كنوع من انواع التاويل لم يعرفه احد بانه صرف اللفظ عن ظاهر معناه ولا قال احد انه خاص بالالفاظ كمفردات بل التفسير شرح معجمي للافاظ والتزام بمعانيها الظاهرة و تحديد لوظائفها في البنية اللغوية باعتماد قواعد اللغة من نحو وصرف ــ ثم التاويل بمعنى التفسيرلا يمكن ان يكون هو التاويل الذي دعا رسول الله (ص) ان يعلمه الله جل جلاله لابن عباس لان ابن عباس يعرف التفسير فلايحتاج معاجم اللغة ولاقواعد النحو والصرف لانه بطبعه امام في ذلك كله يصدق عليه قول الاصمعي (ولست بنحوي يلوك لسانه ولكني سليقي اقول فاعرب ) فمن الواضح ان الرسول (ص) يدعو الله ان يعلمه تاويلا اخر ارفع من التفسير الذي هو في متناول الجميع ــ الوجه الثالث اما وقد قسم العثيمين التاويل الى محمود ومذموم فكان عليه ان ينصف الاشاعرة فانهم كانوا لايؤولون الا بدليل على عكس قوله عنهم (...الثاني -يقصد النوع الثاني من التاويل - هو الذي درج عليه اهل التحريف في صفات الله عز وجل مثاله قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ...قال قائل معنى استوى استولى ...فنقول ...هذا تحريف ...لانه ما دل عليه دليل ...) ص89/90 فهذا القول لايعني به نفاة الصفات فقط وانما يعني به الاشاعرة ونحوهم من مثبتة الصفات الذين ينفون ان تكون الصفات الخبرية اعيانا يدعي عليهم انهم يؤولونها بدون دليل اي بغير مبررشرعي وهوليس فقط بهتانا منه وانما هوايضا تناقض وتدليس لانه يوحي بانه يؤمن بوجود تاويل بدليل واخر بغيردليل في حين ان حقيقة موقفه مثل عامة الوهابية رفض التاويل من الاساس والامثلة التي قدمها على التويل المحمود في ص 91تبطل ادعاء الوهابية انهم لايحيدون عن ظواهر نصوص السمع فهم ينفون التاويل قولا ويثبتونه ممارسة فالعثيمين في ص 90 يؤول (اتى امر الله) بسياتي امر الله وينصرف عن ظاهر الفعل وهو الحاضر الى ما يخالفه وهو المستقبل ثم يقول هذا التاويل (عليه دليل وهو قوله فلا تستعجلوه )وهذا في ذاته صحيح لكن الغريب انه يرفض مثله عن الاشاعرة ويسميه تحريفا للكلم عن مواضعه اذا فعلوه فانهم لم يؤولوا اليد والوجه والساق والرجل والجنب والاصبع والمجيئ والنزول الخ ...الا لوجود الدليل وهو ايات التنزيه الكثيرة الاستواء شعار الملك والتوحيد الاستواء في اللغة العربية يطلق على معان متعددة : ـــ منها التمكن والاستقراركما في قوله تعالى عن سفينة نوح عليه السلام (واستوت على الجودي)اي تمكنت في مكان واستقرت فوقه وهو جبل الجودي كذلك يقال : استوى الرجل على ظهر الدابة اي استقر على ظهرها واستواء الله تعالى على العرش لايمكن ان يكون بهذا المعنى لايقول ذلك الا مشرك ـــ ومن معاني الاستواء الاستقامة والاعتدال ومنه قوله تعالى عن الزرع (فاستوى على سوقه) فالزرع في مرحلة معينة من النمو يستوي على سوقه اي يستقيم ويعتدل ويزول عنه الاعوجاج ,قال ابوحيان في البحر المحيط ج8ص103(فاستوى اي تم نباته على سوقه جمع ساق كناية عن اصوله) وهذا المعنى للاستواء لايليق بالله تعالى ايضا فقوته قديمة وازلية وليست حادثة ولا فانية مثل قوة الزرع ـــ ومن معاني الاستواء تمام القوة وبلوغها الحد الاقصى ومنه قوله تعالى (ولما بلغ اشده واستوى) اي تمت قوته الجسدية وفي القاموس (واستوى الرجل بلغ اشده) وفي مختار الصحاح (واستوى الرجل انتهى شبابه) وهذا كسابقه لايليق بالله تعالى ـــ ومن معاني الاستواء نضج الطعام وتساوي الاشياء ففي المصباح المنيرص113(استوى الطعام اي نضج) وفيه ايضا (استوى القوم في المال اذا لم يفضل منهم احد على غيره وتساووا فيه وهم فيه سواء) وفي لسان العرب (استوى الشيئان وتساويا تماثلا) ــ ومن معاني الاستواء الجلوس ومنه الاستواء على السرير وهو الجلوس فوقه ومن تصور هذا في حق الله تعالى فقد اصبح مشبها ومجسدا خالصا ــ ومن معاني الاستواء العلو في المكان او الرتبة :قال ابن منظور في اللسان (استوى اي علا تقول استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت اي علوته ) وقال الفيروزابادي في البصائر ج2ص106(ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم اي ركبتم واستعليتم) وقال الطبري في تفسيرالاية 29البقرة (...الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه : ـــ منها انتهاء شباب الرجل وقوته فيقال ...قد استوى الرجل . ـــ ومنها استقامة ما فيه اود من الامور والاسباب ...ـــ ومنها الاقبال على الشيئ... ـــ ومنها الاحتياز والاستيلاء كقولهم استوى فلان على المملكة بمعنى احتوى عليها وحازها . ـــ ومنها العلو والارتفاع كقول القائل استوى فلان على سريره يعني به علوه عليه ...) استواء الله تعالى على العرش هذه المعاني كلها لاتليق باستواء الله تعالى على العرش لانها تشترك في معنى التجسيم باستثناء المعاني الاخرى التي اول بها المؤولون معنى الاستواء وهي القصد والاعتلاء المجازي وهوالاستيلاء و التمكن اما المعانى الظاهرة للاستواء فقد رفضها السلف ولذلك رجح الامام الطبري في تفسيره جامع البيان المعنى المجازي للاستواء فقال : (...وأولـى الـمعانـي بقول الله جل ثناؤه:{ ثُمَّ اسْتَوَى إلـى السماءِ فَسَوَّاهُنْ } علا علـيهنّ وارتفع فدبرهن بقدرته وخـلقهنّ ... علا عليها علو ملك وسلطان لاعلو انتقال وزوال ...) الاية 29 البقرة تفسير الطبري - (ج 1 ص 159) ومعلوم ان علو الملك والسلطان هو العلو المجازي اما العلو بمعناه الحقيقي والظاهري فهو الذي يعني التجسيم ومن لوازمه الانتقال والزوال كاستواء الرجل على السريرفانه استواء مادي جسماني تم بانتقال الرجل من مكان الى مكان ثان وهو السرير ثم بعد مدة من الزمن ينتقل منه الى مكان اخر وهذا كله لايليق باستواء الله تعالى لا الى السماء ولا على العرش وقد بين ذلك ابن عاشورفقال :(... وأحسب أن استعارته تختلف بقرينة الحرف الذي يعدى به فعله: فإن عدي بحرف " على " كما في هذه الآية ونظائرها فهو مستعار من معنى الاعتلاء ، مستعمل في اعتلاء مجازي يدل على معنى التمكن ...) ثم قال : (...فأما إذا عدي فعل الاستواء بحرف اللام فهو مستعار من معنى القصد والتوجه إلى معنى تعلق الإرادة ، كما في قوله ثم استوى إلى السماء ...)وفي كل هذه الحالات يكون الاستواء من صفات المعاني لا من الصفات الاعيان التي هي بدوها يجب تاويلها الى معان كي تكون لائقة بجلاله تعالى غير متعارضة مع ايات واحاديث التنزيه الاستواء في السياق القراني والاستواء بمعنى الاعتلاء والقصد المجازيين يليقان بالله تعالى ومما يؤكد هذا ما انتبه اليه ابن عاشور من السياق الذي يرد فيه التعبير بالاستواء حيث قال : (...ومما يقرب هذا المعنى قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - : يقبض الله الأرض ويطوي السماوات يوم القيامة ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض . ولذلك أيضا عقب التركيب في مواقعه كلها بما فيه معنى التصرف كقوله هنا يغشي الليل النهار إلخ...) كذلك قوله: (...ولذلك نجده بهذا التركيب في الآيات السبع واقعا عقب ذكر خلق السماوات والأرض ، فالمعنى حينئذ : خلقها ثم هو يدبر أمورها تدبير الملك أمور مملكته مستويا على عرشه...) وهذه الايات في صفحة واحدة لمن اراد ان يتدبرها مليا ان ربكمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. الأعراف : 54 . إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. يونس : 3 . اللهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الأيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ الرعد : 2 . طَهَ . مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى . إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى . تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى . الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى . لَهُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى . طه : 1 ـ 6 . الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا . الفرقان : 59 . اللهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِىٍّ وَ لا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ . السجدة : 4 . هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ . الحديد : 4 ـ 5 . ولسائل ان يسال لماذا يرد ذكر الاستواء بعد الخلق و لماذا التعقيب بعده بكل العبارات الدالة على ان الله تعالى المهيمن المستولي الذي لاسلطة لسواه (...له ملك السماوات والارض ...) (.... لَهُ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ...) (...والى الله ترجع الامور ...) (...مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِىٍّ وَ لا شَفِيعٍ...) (...وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ...) (...الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا...) والجواب ان الله تعالى كان ولم يكن في الوجود معه احد من خلقه الطائعين ولا العاصين فهو جل جلاله منفرد بالوجود الفعلي اما المخلوقات فكانت موجودة في علمه تعالى فهي موجودة بالقوة لابالفعل والموجود بالقوة لا تحتمل منه المنازعة لانه في حكم المعدوم فلما اوجد الله تعالى المخلوقات و اصبح لها وجود بالفعل اصبحت المنازعة من عصاة المخلوقات محتملة فاراد الله تعالى ان يعلن سلطانه ترغيبا لاوليائه كي يعبدوه حق عبادته وترهيبا لاعدائه لعلهم يتوبون او يهلكون على بينة فلا تكون لهم على الله تعالى حجة وهذا الاعلان كما جاء في اول الخلق وظهور المخلوقات من العدم الى الوجود يتكرر عندما تفنى الخلائق وذلك هو قوله (ص) فيما يرويه عن ربه عز وجل (... يقبض الله الأرض ويطوي السماوات يوم القيامة ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض . ...) وهذه ومضة من عالم الغيب تبصرة للعباد بمصيرهم و تاكيدا لاقامة الحجة على العصاة منهم يخبرهم بان كيدهم سيبور وانهم لن يضروا الله شيئا كل ذلك لكي يسلموا لله تعالى فلا ينازعونه في سلطانه وكان الله تعالى غنيا عن اعلان استوائه على العرش بداية الخلق وعن تكراره عند فناء الخلائق فهو العزيز المنيع الذي لايخشى منازعة منازع وفي الحديث القدسي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ( : الْعِزُّ إزَارِي ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي ، فَمَنْ نَازَعَنِي فِيهِمَا عَذَّبْتُهُ " )، رَوَاهُ مُسْلِمٌ ولكن فضلا منه تعالى ذكره اولا واخرا لكي لاتكون للناس على الله حجة بعد انذاره المتكرر وجه ارتباط الاستواء بالعرش وقد استبعد ابن عاشور ما ذهب اليه امام الحرمين من ان الاستواء يعني الاستيلاء فقال (...وأراه بعيدا ، لأن العرش ما هو إلا من مخلوقاته فلا وجه للإخبار باستيلائه عليه ...) واذا كان ابن عاشور لم ير لتخصيص العرش بالاستواء وجها مناسبا فلقائل ان يقول الوجه في ذلك بين واضح وهو ان العرش رغم كونه كما قال ابن عاشورمن مخلوقات الله الا انه حجرها الاساس ونقطة ارتكازها فكان جديرا بان يكون استواء الله تعالى متعقا به دون غيره من مخلوقاته فالعرش في الكون كالنواصي فيما خلق الله تعالى من الدواب وقد قال تعالى (ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها)فلا يقال في هذا ايضا(...وأراه بعيدا ، لأن الناصية ما هي إلا جزء من اجزاء متعددة لكل دابة فلا وجه للإخبار للاخذ بها دون غيرها من اجزاء كل دابة ...) لان الاخذ بالناصية من الدابة رمز استذلالها وقيادتها فناصية الدابة رمز عنادها وابائها فاذ اخذ بناصيتها كان ذلك دليلا على التمكن منها وقهرها ومكانة العرش من الكون كمكانة الناصية من الدابة والله تعالى اعلم ولعل ما اهتدى اليه ابن عاشور من ارتباط ذكر استواء الله تعالى على العرش بمعاني الملك للكون وتدبير امره يؤكد الشبه بين مكانة العرش من الكون وبين مكانة الناصية من الدابة فقد قال رحمه الله تعالى : (...والعرش حقيقته الكرسي المرتفع الذي يجلس عليه الملك ، قال تعالى ولها عرش عظيم وقال : ورفع أبويه على العرش ، وهو في هذه الآية ونظائرها مستعمل جزءا من التشبيه المركب ، ومن بداعة هذا التشبيه أن كان كل جزء من أجزاء الهيئة المشبهة مماثلا لجزء من أجزاء الهيئة المشبه بها ، وذلك أكمل التمثيل في البلاغة العربية ، كما قدمته آنفا . وإذ قد كان هذا التمثيل مقصودا لتقريب شأن من شئون عظمة ملك الله بحال هيئة من الهيئات المتعارفة ، ناسب أن يشتمل على ما هو شعار أعظم المدبرين للأمور المتعارفة أعني الملوك ، وذلك شعار العرش الذي من حوله تصدر تصرفات الملك ، فإن تدبير الله لمخلوقاته بأمر التكوين يكون صدوره بواسطة الملائكة ، وقد بين القرآن عمل بعضهم مثل جبريل عليه السلام وملك الموت ، وبينت السنة بعضها : فذكرت ملك الجبال ، وملك الرياح ، والملك الذي يباشر تكوين الجنين ، ويكتب رزقه وأجله وعاقبته ، وكذلك أشار القرآن إلى أن من الموجودات العلوية موجودا منوها به سماه العرش ذكره القرآن في آيات كثيرة . ولما ذكر خلق السماوات والأرض وذكر العرش ذكره بما يشعر بأنه موجود قبل هذا الخلق . وبينت السنة أن العرش أعظم من السماوات وما فيهن ، من ذلك حديث عمران بن حصين أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال : كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وحديث ابي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في حديث طويل : فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمان ومنه تفجر أنهار الجنة وقد قيل إن العرش هو الكرسي وأنه المراد في قوله تعالى وسع كرسيه السماوات والأرض كما تقدم الكلام عليه في سورة البقرة ...) فتاويل الاستواء بالاستيلاء يفهم من السياق الذي ورد فيه كل مرة وهو ما نبه اليه ابن عاشور بقوله السابق (...ولذلك نجده بهذا التركيب في الآيات السبع واقعا عقب ذكر خلق السماوات والأرض...) ومن هنا يمكن اعتبار القول بان الاستواء هو الاستيلاء تفسيرا للقران بالقران وليس مجرد تاويل ثم هو المعنى الوحيد الذي يليق بجلال الله تعالى فقد مر ان كل معاني الاستواء في اللغة العربية تشترك في معنى التجسيد فساد الاعتراض على تاويل الاستواء بالاستيلاء ــ اعترض العثيمين فقال (... انه لم يرد في اللغة العربية ان استوى بمعنى استولى...)شرح الواسطية ج1ص381 وقد سبق نقل قول الطبري في تفسيرالاية 29البقرة (...الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه : .... ومنها الاحتياز والاستيلاء كقولهم استوى فلان على المملكة بمعنى احتوى عليها وحازه...) ولايمكن ان يكون قد خفي ذلك على العثيمين ــــ واعترض على مبدا تاويل الاستواء من الاساس فقال :(قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ظاهر اللفظ ان الله تعالى استوى على العرش استقر عليه وعلا عليه . فاذا قال قائل معنى استوى استولى على العرش فنقول هذا تاويل عندك لانك صرفت اللفظ عن ظاهره لكن هذا تحريف في الحقيقة لانه ما دل عليه دليل ... ) ص90 وهذا اعتراض باطل ودعوى مردودة لان هذا التاويل في حقيقة الامريقترن به اكثر من دليل وهو ايات التنزيه الكثيرة كقوله تعالى (ولم يكن له كفؤا احد) فاعتماد ظاهر اللفظ استوى والقول انه يعني ان الله استقر على العرش يؤدي الى تشبيه الله تعالى باستواء سفينة نوح عليه السلام على الجودي وتشبيه له تعالى باستواء الادميين على ظهور الدواب فاقتضى ذلك صرف اللفظ عن ظاهر معناه والقول بان استواء الله على العرش انما هو استواء ملك وتدبير وهو استواء مجازي وليس استواء تجسيم ـــ واعترض على تاويل الاستواء بالاستيلاء بان قال الاستيلاء يوحي بان الله تعالى غلب من نازعه الملك وهو تعالى في الاصل لامنازع له حتى يغالبه وهذا قوله حرفيا : (...ان كلمة استولى تعطي في الغالب ان هناك مغالبة بين الله وبين غيره فاستولى عليه وغلبه ...) وهذا الاعتراض لا يصح والا فان الله تعالى وصف نفسه بانه احكم الحاكمين وبانه غالب على امره الخ...ولا يعني ذلك بالضرورة وجود الهة تحكم معه وهو تعالى احكمها ولا يعني ايضا وجود قوى تغالبه وهو تعالى غالبها فكذلك عندما يؤول الاستواء بالاستيلاء فلا يعني بالضرورة وجود الهة غير الله تعالى تنازعه السلطة على الكون فهذا النوع من الاعتراضات لو يفتح له الباب سيرد كل قول ولو كان ثابتا بالحجج القطعية من النقل والعقل وفي الحديث (...يقبض الله الأرض ويطوي السماوات يوم القيامة ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض . )ولا يعني ان الله تعالى يقيم للمتالهين وزنا ويعلن انه انتصر عليهم وانما اعلان انذارلكي لاتكون للعصاة على الله تعالى حجة يوم الدين ومثل هذا الاعتراض ذكر الامام الطبري نظيره عن معطل هرب من تاويل استوى بعلا لكي لا يلزمه حسب زعمه القول بان الله تعالى قبل استوائه الى السماء كان تحتها لذلك رد عليه الامام الطبري فقال : (... والعجب مـمن أنكر الـمعنى الـمفهوم من كلام العرب فـي تأويـل قول الله:{ ثُمَّ اسْتَوَى إلـى السَّماءِ } الذي هو بـمعنى العلوّ والارتفـاع , هربـاً عند نفسه من أن يـلزمه بزعمه ... أن يكون إنـما علا وارتفع بعد أن كان تـحتها...) ثم ذكر ان هذا المتهرب من تاويل الاستواء بالعلو والارتفاع خوفا من ان يفهم من ذلك التاويل ان الله تعالى كان تحت السموات السبع ذكر انه استبدل العلو والارتفاع بتاويل اخر فقال : (استوى يعني اقبل ) فرد عليه الامام الطبري بنفس المقياس فقال (...تأوله بـالـمـجهول من تأويـله الـمستنكر، ثم لـم ينـج مـما هرب منه. فـيقال له: زعمت أن تأويـل قوله:{ اسْتَوَى } أقْبَلَ، أفكان مدبراً عن السماء فأقبل إلـيها ...؟) ثم قرر الامام الطبري القاعدة المنطقية فقال (... فإن زعم أن ذلك لـيس بإقبـال فعل ولكنه إقبـال تدبـير، قـيـل له: فكذلك فقل:علا عليها علو ملك وسلطان لاعلو انتقال وزوال...) وهذا الاعتراض يبطله ما انتبه اليه العثيمين نفسه في الصفحة 132 حيث قال : (...وكلمة اعلم هنا اسم تفضيل ولقد تحاشاها بعض العلماء وفسرها بعالم فقال ان ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين اي هو عالم بمن ضل عن سبيله وهو عالم بالمهتدين قال لان اعلم اسم تفضيل وهو يقتضي اشتراك المفضل والمفضل عليه وهذا لايجوز بالنسبة لله ...) وقد رد رحمه الله تعالى على هذا القول المتهافت ردا صحيحا يمكن ان يرد به على من رفض تاويل استوى باستولى فقد قال العثيمين :(...لاباس ان نقول اعلم بمعنى ...اسم التفضيل ولو فرض خلو المفضل عليه من ذلك المعنى كما قال الله تعالى اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا فجاء باسم التفضيل مع ان المفضل عليه ليس فيه شيئ منه اطلاقا ...) ص133 فكذلك استواء الله تعالى على العرش اذا اول باستولى فلا يعني بالضرورة ان هناك من نازع الله تعالى ملكه وانه جل جلاله انتصر عليه في المنازعة وانما هو استيلاء غلبة وملك بدون منازع ــ واعترض على الاستشهاد بيت الاخطل قد استوى بشر على العراق***من غير سيف ودم مهراق بان هذا البيت لايعرف قائله وهو اعتراض باطل فكم من ابيات استشهد بها اللغويون ولايعرف قائلها ولما عرف قائله فقد نسبه الزبيدي للاخطل وكذا ابن كثير في البداية والنهاية وقال الذهبي الاخطل شاعر زمانه عند ذلك قال المعترضون على تاويل الاستواء بالاستيلاء انه بيت نصراني وهي حجة داحضة فنصرانية الاخطل ليست اقبح من شرك شعراء الجاهلية وضعف هذه الاعتراضات خاصة منها الاول والرابع توحي بان المعترضين معاندون لاغير والامن يصدق ان العثيمين لايعرف ان الطبري وغيره يفسرون الاستواء في اللغة بمعان منها الاستيلاء ومن يصدق ان المعترضين لايعرفون ان نصرانية الاخطل لاتمنع الاستشهاد ببيته كما لم تمنع وثنية شعراء الجاهلية الاستشهاد بشعرهم حتى عده ابن عباس ديوان العرب انهم لايمكن ان يكونوا على تلك الدرجة من ضعف الذكاء ولكنه التعصب لاغير ـــ ورغم هذا الاختلاف فقد ذكر العثيمين ما يعد تنازلا عن ظاهريته فقال : (... الاستواء في البيت بمعنى العلو لان العلو 1علو حسي كاستوائنا على السرير 2وعلو معنوي بمعنى السيطرة والغلبة...) شرح الواسطية ص 378 فهذا القول غريب ممن لايعترف بوجود المجاز في اللغة العربية ولكنه على اية حال يرفع الاختلاف فاذا كان استواء الله تعالى على العرش استواء سيطرة وغلبة وهو الاستواء المعنوي وليس استواء حقيقيا وهو ما عبر عنه العثيمين بالاستواء الحسي فاذا كان الاستواء معنويا فهذا هو المعنى الذي يليق بجلاله تعالى فمرحبا بالوفاق فانه لا احد من حيث المبدا يرضى بنفي استواء الله تعالى على العرش طالما وصف الله تعالى به نفسه ولكن المحظور اعتباره استواء حقيقيا حسيا فان ذلك شرك لايشفع لقائله ان يقول بعده انه استواء يليق بجلاله بلا كيف وقد جاءت في محاججته للقائلين بالاستيلاء مزيد مقولات تفيد تزحزحه عن ظاهريته من حيث يظن انه يرد على من يسمهم بالمعطلة: ـــ من ذلك رده على من يتهم الوهابية بانهم يقولون بان الله تعالى محدود وان العرش محيط به وهو مستو عليه فقد قال في رده : (...ان اردتم بكونه محدودا ان العرش محيط به فهذا باطل وليس بلازم فان الله تعالى مستو على العرش وان كان عز وجل اكبر من العرش ومن غير العرش ولايلزم ان يكون العرش محيطا به بل لايمكن ان يكون محيطا به لان الله سبحانه وتعالى اعظم من كل شيئ واكبر من كل شيئ والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ...) فهذه العبارات (اكبر من العرش) و(من غير العرش) و(اعظم من كل شيئ) و(اكبر من كل شيئ )الخ ...لاتستقيم مع القول بان استواء الله تعالى على العرش استواء حقيقي غير مجازي فتلك العبارات لاتقبل الا ممن يؤول الاستواء اما الذي يابى الا ان يجري الاستواء على معناه الظاهرفلا يمكن الا ان يصل الى مواقف شبيهة بمواقف المشبهة ومنها قول احد المشبهة : (وان العرش ليئط من تحته كاطيط الرحل الجديد وانه ليفضل من كل ج قالانب اربعة اصابع) ج 1الملل والنحل ص96الشهرستاني ـــ ومن ذلك ايضا رده على من اتهم الوهابية بانهم في فهمهم لاستواء الله تعالى على العرش جعلوه فقيرا الى محل يحل فيه وهو العرش فرد قائلا (...واما قولهم يلزم ان يكون محتاجا الى العرش فنقول لايلزم لان معنى كونه مستويا على العرش انه فوق العرش لكنه علو خاص وليس معناه ان العرش يقله ابدا فالعرش لايقله والسماء لاتقله ... فالعرش محمول ...تحمله الملائكة ... لكنه ليس حاملا لله عز وجل...) فهذا الرد في الحقيقة تراجع كلي عن اعتماد المعنى الظاهري للاستواء لقوله حرفيا انه (علو خاص) فكانه لم ينتبه لكون العلوالخاص هو (علو سلطان وتدبير )وهو قول المؤولين وهو لايتناسب مع التزام ظواهر الالفاظ الذي لايقود الا الى (علو انتقال وزوال...) وقد اطال العثيمين الحديث عن علو الله تعالى وفوقيته بمعناهما الحقيقي الظاهري لاالمجازي من الصفحة373الى الصفحة 400فلم يات بطائل غير تاكيده على التزام ظواهر النصوص في علو الله تعالى على عرشه والغريب انه رام الاستدلال على علو الله وفوقيته الظاهرية الحقيقية بالعقل فقال : (واما دلالة العقل فنقول لاشك ان الله عز وجل اما ان يكون في العلو او في السفل وكونه في السفل مستحيلالانه نقص...فاذا كان السفل مستحيلا كان العلو واجبا...)ص391 وهذا لايعد دليلا عقليا وان عد فهو دليل عقلي فاسد منهي عنه شرعا ــ كونه ليس دليلا عقليا انه مبني على اسس خاطئة : فهو يفترض مسبقا ان الله تعالى اما في العلو او السفل الحقيقين الظاهرين من لفظتي العلو والسفل ويستبعد العلو والسفل المعنويين المجازين ولو كان دليلا سليما عقلا لقدم اربع احتمالات وهي ان الله تعالى اما في العلو الحقيقي او في العلو المجازي واما في السفل الحقيقي او السفل المجازي والحقيقة من ذلك كله انه تعالى في العلو المعنوي المجازي ولا يليق به العلو الحقيقي المادي فضلا عن السفل بمعنييه المادي والمعنوي ومن مخالفة العقل ايضا ان احتمالا عقليا ثالثا كان عليه ان يضعه في الحسبان وهو ان الله تعالى يحتمل الا يكون في العلو ولا في السفل وهو الا يكون في مكان من الاساس بان يكون غنيا عن الاماكن كلها اما كونه استدلالا عقليا منهيا عنه شرعا فلانه لم يضع ادلة السمع في الاعتبار بل طرح المسالة من منطلق العقل فقط بمعزل عن القران والسنة فقال (...ان الله عز وجل اما ان يكون في العلو او في السفل... ) ونسي او تناسى قوله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) وهي اية تنزه الله تعالى عن كونه في العلو او السفل بل هو تعالى موجود قبل ان يوجد العلو والسفل وغفلته عن السمع هي التي جعلته من البداية يحصر الاحتمالات في احتمالين فقط : (...اما ان يكون في العلواو في السفل...) فلو وضع السمع في الاعتبارلقال (...اما ان يكون في العلواو في السفل او غنيا عن المكان...) ثم اردف قائلا :(...وهناك تقرير عقلي اخر وهو ان نقول ان العلو صفة كمال باتفاق العقلاء واذا كان صفة كمال وجب ان يكون ثابتا لله لان كل صفة كمال مطلقة فهي ثابتة لله ...) وهذا القول لاجديد فيه بل تاكيد على خطئه الاول وهو استبعاد القران والسنة لان العلو المتفق على انه صفة كمال لله تعالى انما هو العلو المجازي المعنوي وليس العلو الحقيقي الظاهري المادي فهذا علو لايليق بجلال الله تعالى لانه يصوره حالا في خلق من خلقه وهو السماء والخلاصة ان العثيمين يصر على الاستواء الحقيقي الظاهري ومع ذلك يجادل في كون ذلك لايعني التجسيد فيقول : (... ان اردتم بالجسم ...العظام واللحم والدم ...فهذا ممتنع على الله وليس بلازم من القول بان استواء الله على العرش علوه عليه ...) وهذا قول مردود لان التزامه بظاهر النص وعدم ايمانه بانقسام اللغة الى حقيقة ومجاز جعله يعتبر استواء الله على العرش استواء حقيقيا وهو يعني التجسيد طالما هو يعتبر تلك الصفة صفة عين لاصفة معنى وهو لايقول ان الله جسم من عظم ولحم ودم ولكنه مصر على ان استواءه على العرش استواء عيني حقيقي لامعنوي كما هو الحال في اليد والوجه والقدم والساق والجنب الخ... كلها يعتبرها صفات اعيان لاصفات معان فلا فرق بينه وبين من يقول عن الله تعالى انه جسم لكن لاكالاجسام وهذا ليس مذهب اهل السنة والجماعة وانما هو مذهب الحشوية يصفون الله تعالى بما يعني التجسيد ويكتفون بالقول انه تعالى يختلف في ذلك عما يعرف من مثله عند البشرولهذا فان استواء الله تعالى على العرش هو في تقديرهم جلوس حقيقي على العرش غاية ما في الامر انه جلوس خاص لهذا يشبهه ابن تيمية باجلاس الميت في قبره للسؤال فيقول : ما نصه : " واذا كان قعود الميت في قبره ليس هو مثل قعود البدن، فما جاءت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم من لفظ القعود والجلوس في حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهما أولى أن لا يماثل صفات أجسام العباد " مجموع الفتاوي ج5 وهذا التشبيه لاستواء الله تعالى على العرش بقعود الميت في قبره زلة كبرى : ــ لانها تجعل لاستواء الله تعالى على العرش شبيها هو استواء الميت في قبره والله تعالى ليس له شبيه بين خلقه لافي الدنيا ولافي الاخرة ولابينهما في البرزخ ــولانها تجعل استواء الله تعالى على العرش من جنس الاستواء على ظهر الدابة اوالاستواء على السريرالخ...غاية ما هنالك انه استواء خاص ليس له مثيل لايشبه استواء الانسان على السرير كما ان استواء الانسان على السرير لايشبه استواءه في قبره اذا مات مختلف المواقف من الصفات من الصفحة 91الى الصفحة 102قسم المواقف من صفات الله تعالى الى ثلاثة اقسام : التعطيل والتفويض والاثبات ــ فسوى في التعطيل بين من ينفي الصفات وبين من يؤولها فقال : (اذا قال قائل معنى قوله تعالى بل يداه مبسوطتان أي قوتاه هذا محرف ... ومعطل للمراد الصحيح لان المراد اليد الحقيقية فقد عطل المعنى المراد واثبت معنى غير مراد...) ص92 وهذا لو صح وهو لايصح فمعناه انه لافرق بين من ينفون الصفات من الاساس وبين من يثبتونها ويؤولونها الى معان ـــ وجعل التفويض اشنع من التعطيل فقال (...واذا قال ...لاادري افوض الامر الى الله لااثبت اليد الحقيقية ولااليد المحرف اليها اللفظ نقول هذا معطل وليس بمحرف ...) ص92ثم قال (...وليعلم ان القول بالتفويض كما قال شيخ الاسلام هذا من شر اقوال اهل البدع والالحاد ...)ص93 ــ وبهذا لايترك أي خيار الا ما يسميه بقول اهل السنة والجماعة وهو اثبات المعاني الظاهرة وهذا التفصيل فيه امر ايجابي واخر سلبي : الايجابي انه يفرض ان يكون للالفاظ معان فلا يقال لله يد والله اعلم ما المقصود باليد اما الامر السلبي فهو ان العثيمين بعد ان فرض ان تكون للالفاظ معان تمسك بالمعاني الظاهرة للالفاظ لذلك يقول مدعيا انه يمثل بقوله اهل السنةوالجماعة : (اهل السنةوالجماعة ...لايفوضون المعنى كما يقوله المفوضة بل يقولون نحن نقول بل يداه أي يداه الحقيقيتان مبسوطتان وهما غير القوة والنعمة...)ص92 واثبات المعنى لايكفي لان المحظورامران :اولهما الادعاء بان معاني الالفاظ معان مجهولة لايعلمها الا الله فهذا يؤدي كما قال العثيمين نقلا عن ابن تيمية الى القول بان الرسول نفسه (ص)لايعلم معنى يد الله ووجهه وساقه وجنبه الخ.. .وثاني المحظورين هو القول بمعانيها الظاهرة لان هذا ايضا يؤدي الى تشبيه الله تعالى بخلقه فيقال له يد ووجه وساق وعينان الخ... بمعنى انها اعضاء واجزاء واعيان حقيقية فهذا لايجوز وصف الله به ولايكفي لازالة شناعته القول انها اعضاء واجزاء واعيان لاتشبه نظائرهاعند البشر والصحيح ان اهل السنة والجماعة ما كانوا مفوضة وما كانوا ايضا ظاهرية مجسمة ومن الخطا وصف التاويل بانه تحريف وابطال لمعاني الصفات الحقيقية وقد مضى الحديث عن تقسيم التاويل الى محمود ومذموم وانه ليس من جنس واحد وقد مضى بيان ان الاشعرية لايؤولون الا لدليل يوجب التاويل اما الفهم الظاهري للصفات الخبرية فهو الذي يؤدي الى الضلال عن المعاني الحقيقية للافاظ التي وصف الله تعالى بها نفسه في ايات واحاديث الصفات الخبرية فالله تعالى عندما يقول (بل يداه مبسوطتان ) قول له معنى بكل تاكيد لكن الخلاف أي المعنيين اراد الله تعالى هل اراد المعنى الظاهري الحقيقي ام اراد المعنى المجازي ؟ العثيمين ينفي وجود المجاز في اللغة من الاساس والمعنى الظاهري يفهم منه انه تعالى صاحب يدين حقيقيتين أي جارحتين هما حسب تعبير العثيمين (...مثل اليدين والوجه والعينين ...وما اشبه ذلك مما سماه نظيره ابعاض واجزاء لنا ) ص78شرح الواسطية ج1هذا ما اراد العثيمين ان يصل اليه وهو تجسيم ولا ينفعه بعده ان يقول هما يدان حقيقيتان لكن لاتشبهان يدي احد من المخلوقات اما تفويض الكيفية فهذا مسلم بين كل الفرق التي بحثت في ذات الله تعالى وصفات فالذين ينفون الصفات ويؤمنون بالذات فقط لم يكيفوها والذين يؤمنون بذات الله وصفاته لم يكيفوا الذات ولا الصفات فموضع الاختلاف بين مثبتة الصفات ليس التكييف وانما موضعه أي المعنيين اراد الله باليد والوجه والساق والجنب الخ...هل اراد المعنى الظاهر وبالتالي التجسيم ام اراد المعنى المجازي والتالي التنزيه وعدم الغفلة عن قوله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) طريقة السلف اسلم وطريقة الخلف اعلم واحكم هذه المقولة جديرة بان تكون عنوانا لكتاب يؤرخ لعلم الكلام يبين مناهجه و المراحل التي مر بها ويبين الملابسات التي احاطت به وجعلته بين المدح والذم ولكن العثيمين اقتداء بمرجعه ابن تيمية يحكم عليها بانها من قول الاغبياء ظنا منهما ان المقوله تنسب للسلف الجهل بالكلام وضحالة العلم وهو مجرد وهم والصحيح ما قاله العلامة ابن عاشور في التحرير والتنويرقال رحمه الله : (...وعلى الاختلاف في محمل العطف في قوله تعالى والراسخون في العلم انبنى اختلاف بين علماء الامة في تاويل ما كان متشابها من ايات القران ومن صحيح الاخبار ... ـــ فكان راي فريق منهم الايمان بها على ابهامها واجمالها وتفويض العلم بكنه المراد منها الى الله تعالى وهذه طريقة سلف علمائنا قبل ظهور شكوك الملحدين او المتعلمين وذلك في عصر الصحابة والتابعين وبعض عصر تابعيهم ...) ثم بين امرين هامين يتعلقان بالسلف في هذه المسالة : الامر الاول انهم رغم ايمانهم بالصفات الخبرية على سبيل الاجمال والابهام كان منهم رغم ذلك من يفهم ابعادها لذلك قال ابن عاشور: (...وليس في وصف هذه الطريقة {يقصد طريقة الخلف}بانها اعلم او احكم غضاضة من الطريقة الاولى لان العصور الذين درجوا على الطريقة الاولى فيهم من لاتخفى عليهم محاملها بسبب ذوقهم العربي وهديهم النبوي وفيهم من لايعير البحث عنها جانبا من همته مثل سائر العامة...) والامر الثاني الذي بينه ابن عاشور هو سبب ترك السلف للتاويل والتعمق فقال ان السبب الاول هو :(...ماراوا من اقتناع اهل عصرهم بطريقتهم وانصرافهم عن التعمق في التاويل...)أي ان اهل عصرهم لم يكونوا يركزون في اسئلتهم على المتشابهات ولا كانت تثير في عقولهم من الشبهات ما ستثيره في عقول من ياتون بعدهم والسبب الثاني ان الذين يثيرون البحث في مسائل الصفات من المشككين من الملحدين او من طلبة العلم المتعمقين في بحوثهم كان شانهم في عهد السلف لا يدفع الى العناية بالتاويل فقد كان عددهم قليلا وهو ما عناه بقوله : (...وهذه طريقة سلف علمائنا قبل ظهورشكوك الملحدين او المتعلمين...)أي ان هذين الصنفين من اصناف البشر لم يكن لهم ضغط ثقافي يدفع الى البحث في المتشابهات فقد كان المشركون يسالون عن الرب من أي شيئ هووكان نصارى نجران قد جادلوا في معنى كون المسيح عليه السلام روح وكلمته وانتهى الجدل بان تعلم الصحابة والتابعون ان الله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير)وان ظواهر الالفاظ في صفات الله تعالى ليست مقصودة وانما فقط معانيها هي مراد الله تعالى ولهذا هي واضحة المعاني والمقاصد لاتثير اهتمامهم ولا يتجادلون فيها لما استقر في اذهانهم من التنزيه المطلق وقد كان السلف يمنعون بل ويعاقبون من يتطرق للمتشابهات ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويلها تاويلا يشكك المؤمنين في دينهم وفي هذا الاطار ترد قصتا ضرب عمر بن الخطاب لصبيغ بن عسل بالعراجين حتى ادمى راسه وامر الامام مالك باخراج سائله عن كيفية استواء الله تعالى على العرش وكان السلف يعتقدون ان هذه الطريقة اسلم لمواجهة المشككين وحماية عامة المسلمين وخاصتهم ولكن هذه الطريقة لم تكن مجدية فقد فشا بعدهم الجدال في مسائل الذات والصفات فشوا لم يعد الزجر والمنع فيه كافيين فكانت طريقة الخلف ضرورية لامحيد عنها لذلك قال ابن عاشور : ــــ (...وكان راي جمهور من جاء بعد عصر السلف تاويلها بمعان من طرائق استعمال الكلام العربي البليغ من مجاز واستعارة وتمثيل مع وجود الداعي الى التاويل وهو تعطش العلماء الذين اعتادوا التفكر والنظر وفهم الجمع بين ادلة القران والسنة...) ولايعني هذا ان السلف كانوا يقتصرون على الزجر والمنع بل كانوا يبينون للصادقين من المؤمنين ما يلتبس عليهم من المتشابهات ولكن الغالب عليهم انهم كانوا يمنعون البحث في المتشابهات وفي نفس الوقت كانوا يلتزمون بايات التنزيه فلا يجعلون الالتزام بظواهر الالفاظ شرطا لمعرفة مراد الله بل بالعكس كانوا رغم منعهم للتاويل كانوا يرفضون اعتماد ظواهر الالفاظ طريقا لمعرفة مراد الله تعالى لكل هذا قيل طريقة السلف اسلم لانها تقلص الجدال والمراء وتقلص نسبة التاويلات البعيدة المحتملة الخطا وطريقة الخلف اعلم واحكم لانها تقمع المشككين الملاحدة بعد ان اصبح ادماء رؤوسهم بعراجين النخل او طردهم من المجالس غير ممكن وبعد ان اصبح ابناء المسلمين بسبب الصراع الثقافي لايكتفون بالمعاني الاجمالية المبهمة فالحكم بالاسلم والاحكم والاعلم اذا ليس متعلقا بالسلف او الخلف وانما هو متعلق بالطريقتين والا فان السلف والخلف يشتركون جميعا في السلامة والعلم والحكمة وقد بينت مجريات الاحداث ان طريقة الخلف التي كان السلف ينتهجونها لكن في نطاق ضيق هي الاسلم فعلا والاحكم والاعلم ولو التزم عامة علماء الامة طريقة الضرب والمنع كما فعل عمر بن الخطاب مع صبيغ وطريقة الطرد والاقصاء كما فعل مالك مع من سائله عن الاستواء لتغلب الزنادقة والمشككون وهو ما اشار اليه ابن عاشور بقوله : (...لو لم يؤولوها ... لاوسعوا للمتطلعين الى بيانها مجالا للشك او الالحاد او ضيق الصدر في الاعتقاد ...) ولاصبح حملة العقيدة الاسلامية موسومين بضحالة الفكر وضيق الافق ولهذا فان الامام احمد رضي الله عنه لما راى امر التاويل الباطل قد فشا ولم يعد المنع والعقاب يجد ادلى بدلوه فاسكت المتاويل بالباطل وابان الحق بالتاويل الصحيح تكييف الظاهرية من التزم ظواهر الالفاظ في الصفات الخبرية سقط في التكييف من حيث لايدري فانظر قول العثيمين (...اننا نشاهد في المخلوقات اشياء تتفق في الاسماء وتختلف في المسميات ... لايمكن لاحد ان يقول ان لي يدا كيد الجمل او لي يدا كيد الذرة او لي يدا كيد الهرفعندنا الان انسان وجمل وذرة وهر كل واحد له يد مختلفة عن الثاني مع انها متفقة في الاسم فنقول اذا جاز التفاوت بين المسميات في المخلوقات مع اتفاق الاسم فجوازه بين الخالق والمخلوق من باب اولى...)ص105شرح الواسطية ج1 وهذا تكييف واضح ليد الله تعالى فهي يد حقيقية أي هي عضو وبضع وجزء الا انها تختلف عن يد الانسان والجمل والهر الخ...كما ان تلك الايادي لكل واحدة منها كيفيتها الخاصة التي بها تختلف عن غيرها هذا التكييف لايزول الا بترك ظواهر الالفاظ والانصراف عنه الى معان تليق بجلال الله تعالى فيقال يد الله تعالى قدرته ووجهه ذاته وهكذا كل الصفات الخبرية والخطا في التاويل اقل شناعة من تعمد التكييف ووصف الله تعالى بظواهر الالفاظ ولله در الناظم : (وكل وصف اوهم التشبيها اوله او فوض او رم تنزيها ) حصحص التاويل والتفويض أ = اورد العثيمين على نفسه اسئلة فلم يجد لهامخرجا غير التاويل والتفويض وهو المتبرؤ من التاويل والتفويض : ـــ قال (...فان قال قائل ان النبي صلى الله عليه واله سلم حدثنا باحاديث تشتبه عليناهل هي تمثيل او غير تمثيل ونحن نضعها بين ايديكم قال النبي صلى الله عليه واله سلم انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لاتضامون في رؤيته...) ص105 هذا هو السؤال الاول اما الجواب فلم يات على العادة الوهابية كان يقول نعم سنرى الله حقيقة كما هو ظاهر الفاظ الحديث الا انها رؤية مخالفة للرؤية المعهودة في الدنيا بل لجا الى التاويل فقال بعد لف ودوران في جواب سماه مجملا: (...يجب عليك ...ان ترد المشتبه الى المحكم لان هذه الطريق طريق الراسخين في العلم...) ونسي او تناسى ان رد المتشابه الى المحكم لايكون الا بالتاويل اما التزام ظواهر الالفاظ فانه يجعل رد المتشابه الى المحكم مستحيلا ثم قال في رد سماه مفصلا : (...ان قول النبي انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لاتضامون في رؤيته ليس تشبيها للمرئي بالمرئي ولكنه تشبيه للرؤية بالرؤية ...) وهذا القول هروب من فهم الحديث انطلاقا من ظاهره اراد ان يقول ان الله ليس كالقمر لايتحيز في جهة مثل القمر ولاتحيط به الانظار كما تحيط بالقمر الخ... وهذا كله صحيح لكنه من تحصيل الحاصل فالصحابة كانوا يدركون ان الله تعالى يختلف عن القمرلايحتاجون مزيد بيان في هذا الشان وانما السؤال كان عن الرؤية في حد ذاتها هل سيرون ربهم ام لا فتنبيه العثيمين الى ان المسالة تتعلق بتشبيه الرؤية بالرؤية وليس تشبيه المرئي بالمرئي تنبيه في غير محله لانه كما سبق من تحصيل الحاصل وفي جواب الرسول اثبات الرؤية وتاكيد على انها رؤية تختلف عن الرؤية بمعناها الظاهري فالرؤية بمعناها الظاهري تحول دونها الحواجزوتقتضي من الرائي اختيار موقع مناسب كي لايضام فيها اما رؤية الله فمعنوية مجازية لهذا تختلف عن الرؤية بالمعنى الظاهري للفظة الرؤية ومن ثمة لايضام فيها الرائي وقد اقترب العثيمين من هذا المعنى عندما قال (...المراد انكم ترونه رؤية واضحة ... ولهذا اعقبه بقوله لاتضامون في رؤيته...) فلا المرئي يشبه المرئي ولا الرؤية تشبه الرؤية في الدنيا قمر مجسد ورؤية عين مجسدة تماما كما يفهم من ظواهر الالفاظ اما في الاخرة فان الله تعالى لايتجسد كما ان رؤية الانسان له لاتتجسد بل كل ذلك غيب لاتفهم حقيقته من ظواهر الفاظ الوحي وانما الالفاظ مجازا تقربها الى افهام البشروتبقى رغم ذلك غيبا ولن تعرف رؤية الله تعالى على حقيقتها الا في الاخرة وقد انزاح العثيمين كليا عن منهجه الظاهري في شرحه لقوله (ص) :(ان اول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر) ص108 فقال كلاما رائعا وهو (هل انت تعتقد ان هؤلاءالذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه او تعتقد انهم على صورة البشرلكن في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه وما اشبه ذلك على صورة القمر ...)ص 108/109 فاين هذا من قوله في(المبحث الرابع وجوب اجراء النصوص الواردة في الكتاب والسنة على ظاهرها لانتعداها )ص77 وقد تجاوز العثيمين هذا التاويل الى تاويل ابعد منه فقال : (...هناك جواب اخر وهو ان الاضافة هنا من باب اضافة المخلوق الى خالقه فقوله على صورته مثل قوله عز وجل في ادم ونفخت فيه من روحي ...المراد الروح التي خلقها الله...فادم على صورة الله يعني ان الله هو الذي صوره ...)ص109 يقصد العثيمين ان الصورة التي خلق الله تعالى عليها ادم عليه السلام هي مثل روح ادم عليه السلام رصورة مملوكة لله تعالى وليست صورته الذاتية كما ان روح ادم عليه السلام ليست جزءا من روح الله الذاتية كما يبدومن ظواهر الفاظ الحديث وهذا التاويل لو انتبه العثيمين لوجد انه يسوي بين ادم عليه السلام وبين كل البرايا من حجر وشجر وحيوان الخ ...فكلها خلقت على صورالله أي كلها خلقت على صور هي ملك لله تعالى وقد شعر العثيمين انه بهذا التاويل قد اصبح يمارس التحريف فسال : (...هل يعتبر هذا الجواب تحريفا ام له نظير ؟...)ص110ثم اجاب فقال (...له نظير كما في بيت الله وناقة الله وعبد الله لان هذه الصورة أي صورة ادم منفصلة بائنة من الله...)ص110وهو في منتهى الضعف لان هذا التاويل كما سبق يؤدي الى القول بان كل مخلوق هو على صورة الله تعالى وليس ادم فقط وقد رجع في النهاية الى منهجه الظاهري واضاف الصوة الى الله تعالى فقال : (...فاذا قلت ما هي الصورة التي تكون لله ويكون ادم عليها ؟ قلنا ان الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل لكن لايلزم من ان تكون هذه الاشياء مماثلةللانسان فهناك شيئ من الشبه ...)ص110 وهذا صريح في اثبات الصورة لله تعالى صورة حقيقية كما يبدومن ظواهر الفاظ الحديث صورة لله تعالى على صورة ادم عليه السلام وهذا لايليق بجلال الله تعالى ولا يستساغ حتى لو اضيفت اليه العبارة المشهورة (بلا كيف )ولكنه القول المناسب لصاحب (المبحث الرابع وجوب اجراء النصوص الواردة في الكتاب والسنة على ظاهرها لانتعداها )ص77 ب = ثم اورد سؤالا ثانيا فقال : (... فان قال قائل ....قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله خلق ادم على صورته ...)ص105/107 فاجاب بما يفيد ان التاويل لازم واجاب بما يفيد انه من اهل التفويض والتجهيل هذا وهو عدو التاويل والتفويض والتجهيل : لزوم التاويل قال : (...هذا كلام الله وهذا كلام رسوله والكل حق ...هذا نفي للمماثلة وهذا اثبات للصورة فقل ان الله ليس كمثله شيئ وان الله خلق ادم على صورته...) وخلاصة هذا القول عقدة لاحل لها الا بالتاويل اما التزام ظواهر الالفاظ فيؤدي هنا الى اظهار القران والسنة في مظهر التناقض القران يقول عن الله تعالى (ليس كمثله شيئ) والسنة تقول (ان الله خلق ادم على صورته) لزوم التفويض ثم قال : (...فهذا كلام الله وهذا كلام الرسول والكل حق نؤمن به ونقول كل من عند ربنا ونسكت وهذا غاية ما تستطيع ...) ص108 لو كانت هذه النهاية تتعلق بتكييف الذات الالهية لقلنا هذا هو الحق وهذا هو الواجب فهو تعالى لاتحيط به فكرة لكن الامر يتعلق بالبحث عن المعنى ولا يتعلق بالتكييف فهل نقول خاطبنا الله والرسول (ص) بالغاز لاتفهم اليس هذا هو التفويض الذي شنع العثيمين وابن تيمية على القائلين به ووصفاه بانه(...من شر اقوال اهل البدع والالحاد ...)ص93 ؟ خلق الله تعالى ادم على صورته هذه المسالة في نهاية المطاف تعود لاحد مبحثين محتملين اما لمبحث الصفات الالهية واما لمبحث تكريم الله تعالى لبني ادم فان الحقت بالمبحث الاول فالانسب اللائق بجلال الله تعالى ان يقال خلق الله تعالى ادم على صفات ومعان هي من جنس صفات معاني الكمال الالهي من حياة وعلم وارادة الخ ...وهذا يعني امرين : اولهما مخالفة الله تعالى لبني ادم فحياته ليست كحياتهم وكذلك علمه وارادته ووجوده الخ ...فكل ذلك في الله تعالى ذاتي كامل اما فيهم فهي صفات غير ذاتية بل هي فيهم من عنده تعالى وهي بعدصفات كمال محدود وليس كمالا مطلقا ككمال الله تعالى. والامر الثاني كون ادم على صورة الله لايعني شيئا سوى التكريم المشار اليه في قوله تعالى (ولقد كرمنا بني ادم ...)وهو كرم نفي النقصان حسب تعبير القرطبي في تفسيره وهو تكريم وهبه الله لبني ادم مقابل المسؤولية التي حملوها وهي الامانة في الارض فلا يجوز تقبيح وجوههم حتى يلقوا ربهم فيكون هو تعالى من يكرم بالجنة من هو اهل للتكريم ويهين في جهنم من لم يغتنم في مرضات الله ما كرمه به في الدنيا اما ان كان الحديث يتعلق بالمبحث الثاني بعود الضمير في الحديث (...على صورته....) على ادم عليه السلام فالمسالة تصبح منتهية والنهي عندها عن ضرب الوجه وتقبيحه يرجع لتقدير صورة ابي البشر فعدم تقبيح الوجه الادمي نوع من البربابينا ادم عليه السلام كما يرجع كذلك الى حق التكريم الالهي الذي اسداه الله تعالى لكل المكلفين على اختلاف دياناتهم واعمالهم فلا يضرب ولايقبح وجه ادمي بغير حق حتى يلاقي خالقه فيكون هو تعالى من يحاسبه بما يليق بمعتقده وعمله في الدنيا اما التكريم واما الاهانة * وفى فيض القدير: الجـزء الأول. حرف الهمزة. في الحديث رقم: 739 (إذا ضرب أحدكم خادمه) أو مواليه أو حليلته أو نحو ولده، وذكر الخادم في بعض الروايات والعبد في بعضها ليس للتخصيص، وإنما خص لأن سبب ذكره أن إنساناً ضرب خادمه وآخر عبده على وجهه، فالسبب خاص والحكم عام، فشمل الحكم إذا ضرب حداً أو تعزيراً لله أو لآدمي ونحو ولي وسيد وزوج (فليتق) في رواية لمسلم فليتجنب وهي مبينة لمعنى الإتقاء (الوجه) من كل مضروب معصوم وجوباً لأنه شين، ومثله له للطافته وتشريفه على جميع الأعضاء الظاهرة لأنه الأصل في خلقة الإنسان، وغيره من الأعضاء خادم، لأنه الجامع للحواس التي بها تحصل الإدراكات المشتركة بين الأنواع المختلفة، ولأنه أول الأعضاء في الشخوص والمقابلة والتحدث والقصد، ولأنه مدخل الروح ومخرجه ومقر الجمال والحسن، وبه قوام الحيوان كله ناطقه وصامته فلما كان بهذه المثابة احترمه الشرع وأمر بعدم التعرض له في عدة أخبار بضرب أو إهانة أو تقبيح أو تشويه، ومثل الوجه في عدم الضرب المقاتل لا الرأس كما قال بعض الشافعية، وجاء في رواية لمسلم تعليله بأن الله خلق آدم على صورته أي على صورة المضروب، وقيل الضمير لله بدليل رواية الطبراني بإسناد رجاله ثقات كما قال ابن حجر على صورة الرحمن وفي رواية لابن أبي عاصم عن أبي هريرة مرفوعاً "من قاتل فليتجنب الوجه فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن". فيتعين إجراء ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إيراده على ما جاء بغير إعتقاد تشبيه أو تأويله على ما يليق بالرحمن جل وعلا. وفيه أنه يحرم ضرب الوجه وما ألحق به في الحد والتعزير والتأديب. وألحق بالآدمي كل حيوان محترم، أما الحربيون فالضرب في وجوههم أنجح للمقصود وأردع لأهل الجحود.أ.هـ فالحديث يتنازعه مبحثان اما مبحث الصفات او مبحث التكريم الالهي لبني ادم ولايفوت التعليق على قول الشوكاني (فيتعين اجراء ذلك ...على ما جاء بغير اعتقاد تشبيه او تاويل ...) بان عدم اعتقاد التشبيه لايكون الا بالتاويل اما اعتماد ظواهر الالفاظ فانه لايساعد على التنزيه ولايحقق المطلوب وهو اعتقاد ما يليق بجلال الله تعالى فلا سبيل الا الى احد امرين اما التاويل والتنزيه او اعتماد ظواهر الالفاظ والوقوع في التجسيم لايقال ان اعتماد قوله تعالى (ليس كمثله شيئ ...) كاف في التنزيه لان ذلك معناه تفويض المتشابهات وترك لتدبرها والجمع بين الادلة الشرعية هنا لايكون الا بالتاويل والا تبقى النصوص متناقضة بعضها ينزه والبعض الاخر يجسد يد الله تعالى هل نقول خلق الله ادم بيده ام بقوته ام بهما معا وماذا عن الاشياء التي خلقها الله تعالى بقوله (كن) هل هي مخلوقة بيده ام بقوته ام هي مخلوقة لابيده ولا بقوته بل بكن الجواب ان كن واليد كلاهما يعبران عن قوة الله تعالى وقدرته ومظاهر القوة والقدرة الالهية لا ينحصرالتعبير عنها في اليد ولافي كن وهذا ما يبدو ان العثيمين لايضعه في الحسبان عندما يقول (القوة شيئ واليد شيئ اخر ...)ص 117 فالجماعة الوهابية بسبب منهجهم الظاهري يجعلون لله يدا حقيقية جارحة باتم معنى الكلمة ثم عبثا يهونون من شناعة التجسيم بقولهم انها لاتشبه جوارح البشرقال ابن حجر : (ووقــع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافًا إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات ، وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به ؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منهــا على المعنى الــذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك.اهـ) فقال الشيخ البراك (...لفظ الجارحة لم يرد إطلاقه في الكتاب والسنة ولا في كلام السلف على صفة الرب سبحانه ؛ لا نفيًا ولا إثباتًا،...) وهذا من نافلة القول لان الجارحة تفهم من ظاهر لفظ اليد فليس مشروطا ان ياتي ذلك في القران والسنة ولكن الشيخ البراك يتجاهل ذلك ويواصل فيقول: (... وهو لفظ مجمل ، فيجب التفصيل فيه نفيًا وإثباتًا ؛ فإن أريد بالجارحة الـيد التي تماثل أيدي المخلوقين ، فيد الله سبحانه ليست مثل يد أحد من الخلق ...) فلفظ اليد ليس مجملا بل هو في ظاهره حقيقة في الجارحة والجماعة الوهابية تقليدا لشيخهم ابن تيمية لايؤمنون بانقسام اللغةالى حقيقة ومجازولهذا يصر البراك على ان يد الله جارحة ويكتفي بنفي مماثلتها لجارحة الادمي فيقول : (... وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط ؛ فيد الله كذلك ؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما كما جاء في الكتاب والسنة؛ فالنافي للمعنى الأول محق ، والنافي للمعنى الثاني مبطل...) والصحيح ان المعنيين باطلان فاذا كانت يد الله تعالى ليست كيد الادمي فان فعل الله تعالى ايضا ليس كفعل الادمي فالادمي يفعل بجارحة اما الله تعالى فلا يفعل بجارحة ولعل البراك لم يفكر جيدا فيما يقتضيه قوله (...وإن أريد بالجارحة اليد التي يكون بها الفعل، والأخذ، والعطاء، ومن شأنها القبض والبسط ؛ فيد الله كذلك ؛ فقد خلق آدم بيديه، ويأخذ أرضه وسماءه يوم القيامة بيديه، ويقبض يديه ويبسطهما...) فان هذا القول معناه ان الله تعالى يفعل بجارحة لافرق بينه وبين الادمي الا في نوع الجارحة وهذا ضرورة لايصح فان الله تعالى لايباشر الخلق بالجوارح وانما يقول للشيئ كن فيكون بغير معاناة ولهذا قيل في تاويل اليد الخلق بغير واسطة قاله القرطبي في تفسيره للاية : (قال يا ابليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي ...)من سورة ص حيث قال (...وقيل لما خلقت بيدي لما خلقت بغير واسطة ...) فاليد واليدان والايدي ونحوها من الالفاظ مجازات تعبر عن قدرة الله تعالى وقوته وردت في سياقات قرانية مختلفة فذكرت اليد في السياق المناسب وذكرت اليدان او الايدي في السياقات المغايرة وقد اورد الطبري في اخر الاقوال قول من زعم ان يد الله تعالى يد حقيقية غير انها ليست بجارحة كجوارح بني ادم ثم ذكر حججهم فقال : (... وقال آخرون منهم : بل"يد الله " صفة من صفاته ، هي يد ، غير أنها ليست بجارحة كجوارح بني آدم . قالوا : وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن خصوصه آدم بما خصه به من خلقه إياه بيده . قالوا : ولو كان معنى"اليد " ، النعمة ، أو القوة ، أو الملك ، ما كان لخصوصه آدم بذلك وجه مفهوم ، إذ كان جميع خلقه مخلوقين بقدرته ، ومشيئته في خلقه نعمة ، وهو لجميعهم مالك . قالوا : وإذ كان تعالى ذكره قد خص آدم بذكره خلقه إياه بيده دون غيره من عباده ، كان معلوما أنه إنما خصه بذلك لمعنى به فارق غيره من سائر الخلق . قالوا : وإذا كان ذلك كذلك ، بطل قول من قال : معنى"اليد " من الله ، القوة والنعمة أو الملك ، في هذا الموضع . ...) تفسير الطبري ج3ص131 تعدد وتنوع مظاهر القدرة اليد وهذا قول مردود فان تخصيص ادم في خلقه بيد الله تعالى لايتعارض مع كون بقية الخلق ايضا خلقوا بيد الله تعالى ذلك ان اليد كقوة وقدرة الهية متعددة الصور ولهذا فان القدرة والقوة التي خلق الله تعالى بها ادم تختلف عن القوة والقدرة التي خلق الله تعالى بها غيره فكان خلقه تعالى لادم وللعرش وللقلم ولجنة عدن يختلف عن خلقه لبقية الخلق فكل المخلوقات مخلوقة بيده تعالى لكن يد الله تعالى تتعدد مظاهرها فهي ليست يدا واحدة ولا اثنتين بل هي ايد لاتحصى ولاتعد واذا كان الله تعالى قد خلق ادم بكيفية مغايرة للكيفية التي خلق بها بنيه وزوجه وسائر الخلق فتلك هي الخصوصية التي خصه الله تعالى بها ونظير هذا ان الله تعالى قد سمى الصاحين بانهم (عباد الرحمن) دون العصاة والمشركين رغم انه تعالى رب العالمين فكذلك هنا خلق الله تعالى لادم بيده لايعني ان غيره لم يخلقوا بيد الله تعالى وانما خلق ادم كان متميزا عن خلق غيره فكانت قدرته تعالى في خلقه اظهر منها في خلق بنيه اذ خلقه من غير اب ولا ام كذلك خلقه للعرش متميز عن خلق السماوات والارض والقلم اول الخلق على الاطلاق وجنة عدن منها تنبع انهار الجنة وهكذا شرف الله تعالى هذه العناصر الاربعة بقوله انه خلقها بيده رغم ان بقية الموجودات هي الاخرى خلقت بيد الله تعالى و تميزهذه العناصرالاربعة ظاهر لمدارك العقلاء فلماذا لايصار اليه و يفسر به المعنى الذي (... به فارق {ادم عليه السلام }غيره من سائر الخلق ...) وشاركه فيه العرش والقلم وجنة عدن وهو انسب عقلا ونقلا من ان يصار الى اضافة الجوارح لله تعالى ثم قال الطبري (... قالوا : وأحرى أن ذلك لو كان كما قال الزاعمون أن : "يد الله " في قوله : وقالت اليهود يد الله مغلولة ، هي نعمته ، لقيل : "بل يده مبسوطة " ، ولم يقل : "بل يداه " ، لأن نعمة الله لا تحصى كثرة . وبذلك جاء التنزيل ، يقول الله تعالى:وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها سورة إبراهيم : 34وسورة 18النحل قالوا : ولو كانت نعمتين ، كانتا محصاتين . قالوا : فإن ظن ظان أن النعمتين بمعنى النعم الكثيرة ، فذلك منه خطأ ، وذلك أن العرب قد تخرج الجميع بلفظ الواحد لأداء الواحد عن جميع جنسه .... أن الدرهم إذا ثني لا يؤدي في كلامها إلا عن اثنين بأعيانهما .... قالوا : ففي قول الله تعالى : بل يداه مبسوطتان ، مع إعلامه عباده أن نعمه لا تحصى ، مع ما وصفنا من أنه غير معقول في كلام العرب أن اثنين يؤديان عن الجميع ما ينبئ عن خطأ قول من قال : معنى"اليد " ، في هذا الموضع ، النعمة ...)تفسير الطبري ج3ص131/133 المبالغة في الرد على اليهود سبب تثنية اليد وهذا القول على طوله وتفريعاته لاحجة فيه بل هو باطل من وجوه الوجه الاول: ان خلاصته ترجع الى الاحتجاج بتثنية اليدين وليس في السياق القراني ما يشعر بان في مراد الله تعالى من تثنية اليدين ان يثبت لذاته جارحتين مختلفتين عن جوارح خلقه وانما سبب التثنية كما يظهر من السياق القراني الرد على اليهود وهو تكذيبهم في قولهم الباطل عن الله تعالى (يد الله مغلولة) نسبوا له يدا واحدة وجعلوها مغلولة فكان من تمام التحدي والتكذيب ان نسب لذاته يدين لايدا واحدة وان وصفهما بالمبسوطتين فقد كذبهم الله تعالى مرتين كذبهم في العدد حيث قالوا (... يد الله ... )فقال (... بل يداه ... )وقالوا (... مغلولة ... )فقال(... مبسوطتان ... )ثم اضاف قوله تعالى (ينفق كيف يشاء) الوجه الثاني : نظيرتثنية اليد قوله تعالى (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا)134النساء قال القرطبي في تفسيرهذه الاية (...ان المشركين كانوا لايؤمنون بالقيامة وانما يتقربون الى الله تعالى ليوسع عليهم في الدنيا ويرفع عنهم مكروهها فانزل الله عز وجل : من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة ...) وهذا من اسلوب القران البليغ انه يجيب عن السؤال بما يتجاوز بيان المسؤول عنه الى بيان ما له به صلة الوجه الثالث : لو كان من مراد الله تعالى ان يصف ذاته بان له يدين حقيقيتين لانزل في ذلك قولا محكما مستقلا ولكنه تعالى ما كان ليفعل ذلك وقد انزل في محكم تنزيله (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) الوجه الرابع : ان احتجاجهم هذا نظيراحتجاجهم بقوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) فقد ادعى الوهابية ان المصدر دليل على ان تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام كان تكليما حقيقيا بحرف وصوت كلاما مباشرا من الله تعالى الى موسى عليه السلام من غير واسطة ولا حجاب وكل ذلك باطل فلا المصدر يعني بالضرورة نفي المجاز ولا السياق الذي جاء فيه تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام يساعد على الدعوى بل الحقيقة ان الله تعالى اراد ان يقول ان وحيه الى موسى عليه السلام لم يكن كله كتابا منزلا وانما اغلب وحيه اليه انه كلمه تكليما وليس تنزيل كتاب وذلك ليقطع محاججة اليهود لمحمد (ص) وقولهم (...لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه...)93الاسراء فكذلك ذكر اليدين هنا ليست الغاية من عدد الاثنتين بيان كم لله تعالى من الجوارح يد ام يدان ام ايد فالله تعالى غني عن الجوارح (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)وانما الغاية كما سبق بيانه في الوجه الاول تبكيت اليهود في كذبهم عليه تعالى بان له يدا واحدة ومغلولة الوجه الخامس ان تثنية اليدين لاتعني بالضرور تقليص نعم الله تعالى الى نعمتين مفردتين قال القرطبي في تفسير الاية 64من سورة المائدة (يجوز ان يكون هذا - يقصد قوله تعالى بل يداه مبسوطتان - تثنية جنس لاتثنية واحد مفردفيكون مثل قوله عليه الصلاة والسلام ((مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين )) فاحد الجنسين نعمة الدنيا والثاني نعمة الاخرة ...كما قال واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة 20لقمان ) الجامع لاحكام القران ج8ص84 وهذا من نافلة القول للرد على الشبهة والا فان استقراء السياق الذي وردت فيه تثنية اليد يؤكد ان الغاية منه تبكيت اليهود كما سبق بيانه دعوى الاجماع على ان لله يدين فقط ويدعي العثيمين ان السلف مجمعون على ان لله تعالى يدين لااكثر ولا اقل فقد قال في الصفحة 301 : (...واجمع السلف على ان لله يدين اثنتين فقط بدون زيادة...)وهذا قول باطل : ــ لانه لم يقدم دليلا يثبت ان السلف مجمعون فعلا على ذلك وبالرجوع الى تفسير الطبري نجده يقول ان من حجج المحتجين على ان لله يدين حقيقيتين انهم (...قالوا وبذلك تظاهرت الاخبار عن رسول الله (ص) وقال به العلماء واهل التاويل...)تفسير الطبري ج3ص133 وهذا القول لاتصريح فيه باجماع السلف و اخبار النبوة لايمكن ان تتعارض مع القران وفيه ذكر اليد مفردة ومثناة وجمعا اما اختلاف العلماء في المسالة فاوضح من ان يستدل عليه بجمع اقوالهم المختلفة في معنى اليد فضلا عن اختلافهم في تاويلها مفردة ومثناة وجمعا ــ ثم ان العثيمين رحمه الله تعالى ادرك قوة اعتراض من اعترض على حصر الايدي في اثنتين بقوله تعالى (مما عملت ايدينا )71يس . ذهب الى التاويل فقال : (...ما ذهب اليه العلماء من ان اقل الجمع اثنان...) ص301 وكون الاثنين اقل الجمع لااشكال فيه لكن الاشكال في الداعي الى تاويل الايدي بانها اثنتان لا اكثر وقد وردت في اكثر من اية بصيغة الجمع فكان واجب العثيمين ان يحمل الايدي على ظاهرها وانها جمع حيث وردت جمعا ومفردة حيث وردت مفردة ومثناة حيث وردت مثناة وان يبحث عن حكمة تغيير صيغتها من موضع لاخر ـــ واغرب من هذا التاويل تاويله الثاني وقوله : (...واما ان نقول ان المراد بهذا الجمع التعظيم تعظيم اليد وليس المراد ان لله اكثر من اثنتين...) ص302 فهذا التاويل البديل دليل تذبذب وشعور بفساد التاويل الاول اما وقد اول الجمع بان المراد منه التعظيم فلماذ التعظيم لليد دون اليدين ولماذا لم يذكر الله تعالى اليد في كل مرة بصيغة الجمع تعظيما لها فان يد الله تعالى لو كان هذا التاويل صحيحا جديرة بان تعظم في أي موضع تذكر فيه من القران والسنة فهل يذكر الله تعالى اليد تارة مفردة واخرى مثناة وثالثة جمعا الا لحكمة تقتضي تغيير صيغتها في كل مورد ترد فيه وهي معظمة في اي صيغة وردت يد الله تعبير عن ذاته ـــ وقد تطور الامرفاول بعد ذلك اليد بانها الذات الالهية فقال (...ثم ان المراد باليد هنا نفس الذات...) واستدل على ذلك بقوله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس )41الروم فالمراد بايدي الناس ذواتهم وقياسا على ذلك اراد ان يقول ان يد الله تعالى ايضا هي تعبير عن ذاته ولكن الغريب انه عندما ذكر خلق الله تعالى للانعام قال (ان الانعام التي هي الابل لم يخلقها الله تعالى بيده)ص302 والله تعالى يقول(مما عملت ايدينا ) فلماذا ايدي الناس عبرت عن ذواتهم وبسببها نسب الفساد الحاصل في البر والبحراليهم وايدي الله تعالى لم تعبر عن ذاته فلم ينسب العثيمين بسببها خلق الانعام لله تعالى ؟ فهذا خلط وتناقض عجيب : ـــ فكيف يؤول اليد بالذات وهو الذي اصر على رفض تاويل الوجه بالذات رغم ان الوجه لايتعدد وانه ادل على الذات من اليد التي تتعدد الى يدين على اقل تقدير ـــ ثم لماذا جعل ايدي الله تعالى وهي جمع لماذا جعلها يدا واحدة فقال : (...فـ ((مماعملت ايدينا)) كانه قال مما عملنا لان المراد باليد ذات الله التي لها يد والمراد بيدي اليدان دون الذات ...) ص302 والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا استبدل الايدي في قوله تعالى ((مماعملت ايدينا)) باليد المفردة ؟ واذا كانت ايدي الناس قد عبرت عن ذوات الناس فلماذا ايدي الله لاتعبر عن ذات الله وهو ما دعاه الى استبدالها بيد مفردة ؟ ولماذا نفى عن اليدين ان تكونا تعبيرا عن الذات مثل اليد والايدي ؟ واذا سلمنا ان الخلق باليد وليس بالايدي ولاباليدين فقد قال ايضا كما سبق :(... ان الانعام التي هي الابل لم يخلقها الله تعالى بيده ...) فبماذا اذاخلق الله تعالى الانعام باليد ام باليدين ام بالايدي اليست الاية صريحة انه خلقها بايد ؟ يد الله تعالى تعبيرعن قوته ثم بعد هذه الفوضى في الحديث عن اليد واليدين والايدي وايها يمثل ذات الله تعالى اليد المفردة ام الايدي وهل خلق الانعام باليد ام بالايدي كما هو صريح الاية وهل الايدي جمع ام انه مثنى يراد به اقل الجمع ؟ بعد كل هذا يفتح العثيمين مسالة اخرى ليقول ان الايدي لاتعني من الاساس لااليد ولااليدين ولاالايدي وانما هي القوة ولم يبين هل هي قوة معنوية ككلمة كن ام قوة حقيقية من يد حقيقية او رجل حقيقية او قدم حقيقية الخ...العثيمين لايحدد ذلك ولكن يقول : (...واما قوله تعالى والسماء بنيناها باييد 47الذاريات فالايد هنا بمعنى القوة فهي مصدر اد يئيد بمعنى قوي وليس المراد بالايد صفة الله ولهذا ما اضافها الله الى نفسه ... )ص303 والسؤال هنا هل يجهل العثيمين : ـــ ان هذا تاويل وانصراف عن المعنى الراجح الى المعنى المرجوح الذي من المفروض ان يكون لدليل يقترن به فما الذي داعاه اليه خاصة وقد علمنا ان الوهابية والعثيمين لايحيدون عن ظواهر الالفاظ بل هم من الاساس لايؤمنون بغير ظواهر الالفاظ باعتبار انهم ينفون انقسام اللغة الى حقيقة ومجاز ؟ ـــ وهل يجهل ان الايد وان كانت تعني القوة فانها في الاصل مفرد يد وهي الجارحة وهذا ما اشار اليه ابن عاشورفي تفسير الاية 47من سورة الذاريات فقال : (والايد القوة واصله جمع يد ثم كثر اطلاقه حتى صار اسما للقوة ) وقال الطبري في تفسير الاية45من سورة ص : (فان قال لنا قائل وما الايدي من القوة والايدي جمع يد واليد جارحة ... قيل ان ذلك مثل وذلك ان باليد البطش وبالبطش تعرف قوة القوي فلذلك قيل للقوي ذو يد ...) فكون الايد تطلق على القوة لايجوز ان يصرف الفهم عن معنى الجارحة الذي هو فيها الاصل ثم ان العثيمين لاينفي ان تكون الايد جمع يد بل يتجاوز الى نفي نسبتها الى المولى عز وجل وذلك قوله (...ما اضافها الله الى نفسه...) فليته بين هي ايد من ان لم تكن فعلا مضافة الى الله تعالى ؟ انها في كل الاحوال مضافة الى الله تعالى ان كانت جمع يد فهي اياديه وان كانت قوة فهي قوته ـــ واغرب مما مضى ان العثيمين بعد ان اول اليد بالقوة كما في المقتطف السابق من قوله بالصفحة 303انكر على من سماهم على عادته باهل التعطيل انكرعليهم تاويلهم اليد بالقوة تارة وبالنعمة اخرى فقال : (هذا وقد خالف اهل السنة والجماعة في اثبات اليد لله تعالى اهل التعطيل من المعتزلة والجهمية والاشعرية ونحوهم وقالوا لايمكن ان نثبت لله يدا حقيقية بل المراد باليد امر معنوي وهو القوة او المراد باليد النعمة لان اليد تطلق في اللغة العربية على القوة وعلى النعمة ... وجوابنا على هذا من عدة وجوه اولا ان تفسير اليد بالقوة او النعمة مخالف لظاهر اللفظ وما كان مخالفا لظاهر اللفظ فهو مردود الا بدليل ...) ص304/306 وهذا قول مردود عليه من عدة وجوه : اولها انه هو نفسه كان يقول في الصفحة 303 (...واما قوله تعالى والسماء بنيناها باييد (47الذاريات )فالايد هنا بمعنى القوة فهي مصدر اد يئيد بمعنى قوي وليس المراد بالايد صفة الله ولهذا ما اضافها الله الى نفسه ... ) ثانيها ان الذين اولوا اليد بالقوة تارة وبالنعمة اخرى انما فعلوا ذلك بدليل وهو ايات التنزيه التي تنفي عن الله تعالى الابعاض والاعيان والاجزاء فلا معنى لقوله (...وما كان مخالفا لظاهر اللفظ فهو مردود الا بدليل ...) ص304/306فدليل الاشاعرة موجود وهم لايقارنون بالمعتزلة ولابالجهمية فان هؤلاء ينفون صفات المعاني فضلا عن الصفات الخبرية ولهم طرق شتى يعبرون بها عن نفي الصفات ليس هذا موضع بيانها اما الاشاعرة فمن مثبتة كل الصفات ولله الحمد والمنة فان الاشاعرة ليسوا بمفردهم من يؤول اليد بالقوة اوالنعمة فهذا الطبري في تفسير الذاريات يقول : (....((والسماء بنيناها باييد وانا لموسعون ))يقول تعالى ذكره والسماء رفعناها سقفا بقوة...) ومن قبل للطبري كان السلف يؤولون الصفات الخبرية فقد قال الماوردي في تفسيره :(... قوله عز وجل ((اولم يروا انا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاما ))فيه وجهان : احدهما يعني بقوتنا قاله الحسن كقوله والسماء بنيناها بايد أي بقوة الثاني يعني من فعلنا وعملنا من غير ان نكله الى غيرنا قاله السدي ...) فالحسن والسدي من التابعين والعثيمين نفسه قد نقل عن السلف انهم يختلفون وان منهم من اول الساق بالشدة ولم يجرها على ظاهرها فقد قال في الصفحة 303 : (...قوله تعالى يوم يكشف عن ساق (42القلم )فان لعلماء السلف في قوله عن ساق قولين : القول الاول ان المراد به الشدة . والقول الثاني ان المراد به ساق الله عز وجل ...) هل قال السلف بان لله يدا حقيقية فكيف يستقيم بعد هذا ان يتحدى من يسميهم المبطلين بان ياتوا بشواهد تثبت تاويل السلف لليد بالقوة ونحوها فالشواهد موجودة في كلامه هو نفسه ولكنه مع ذلك يعاند فيقول : (...انهم ــ يقصد السلف ـــ كلهم مجمعون على ان المراد باليد اليد الحقيقية فان قال قائل اين اجماع السلف هات لي كلمة واحدة عن ابي بكر او عمر او عثمان او علي يقولون ان المراد بيد الله اليد الحقيقية اقول له ائت لي بكلمة واحدة ...يقولون ان المراد باليد القوة او النعمة...)ص306 فهل السؤال الذي افترض ان مخالفيه يطرحونه عليه تكون الاجابة عليه بطرح سؤال مماثل له لكن في الاتجاه المعاكس له ام ان الجواب عليه يكون بان ياتي فعلا بشاهد يثبت ان السلف كانوا يقولون يد الله تعالى يد حقيقية هذا هو الجواب الواجب تقديمه لكن لما كان غير موجود رد على السؤال بسؤال لامعنى له سوى العجز عن التحدي اما وقد طلب مثالا على تاويل السلف فالشواهد على تاويل السلف للصفات الخبرية من اليد والساق هو نفسه كما سبق سطرها في كتابه فلا معنى لان يتحدى فيقول : (... انه يمتنع غاية الامتناع ان يراد باليد النعمة او القوة في مثل قوله ((لما خلقت بيدي)) 75ص لانه يستلزم ان تكون النعمة نعمتين فقط ونعم الله لاتحصى ويستلزم ان القوة قوتان والقوة بمعنى واحد لاتتعدد...)ص307 وهو بكل تاكيد يعلم ان الطبري اول اليدين بالنعمة فقال في تفسير قوله تعالى (بل يداه مبسوطتان ) :(...انما وصف تعالى ذكره اليد بذلك والمعنى العطاء لان عطاء الناس وبذل معروفهم الغالب بايديهم فجرى استعمال الناس في وصف بعضهم بعضا اذا وصفوه بجود وكرم او ببخل وشح وضيق باضافة ما كان من ذلك من صفة الموصوف الى يديه ومثل ذلك من كلام العرب في اشعارها وامثالها اكثر من ان يحصى فخاطبهم الله بما يتعارفونه ويتحاورونه بينهم في كلامهم ...)تفسير الطبري ج 3 ص130 وقد نقل الماوردي اكثر من تاويل لليدين فقال في تفسيره ج 2ص51/52: (بل يداه مبسوطتان فيه اربع تاويلات : احدها ان اليدين ها هنا النعمة من قولهم لفلان عندي يد أي نعمة ومعناه بل نعمتاه مبسوطتان نعمة الدين ونعمة الدنيا والثاني اليد ها هنا القوة كقوله تعالى اولي الايد والابصار ومعناه بل قوتاه بالثواب والعقاب والثالث ان اليد ها هنا الملك من قولهم في مملوك الرجل هو ملك يمينه ومعناه ملك الدنيا والاخرة والرابع ان التثنية للمبالغة في صفة النعمة كما تقول العرب لبيك وسعديك وكقول الاعشى : يداك يدا مجد فكف مفيدة وكف اذا ما ضن بالزاد تنفق وقال القرطبي في تفسير المائدة الاية 64ج8ص85/84 (كيف تكون بل نعمتاه مبسوطتان واجيب بانه يجوز ان يكون هذا تثنية جنس لاتثنية واحد مفرد فيكون مثل قوله عليه الصلاة والسلام (مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين )فاحد الجنسين نعمة الدنيا والثاني نعمة الاخرة وقيل نعمة الدنيا النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة كما قال واسبغ عليكم نهمه ظاهرة وباطنة ...وقيل ان النعمة للمبالغة كقول العرب لبيك وسعديك وليس يريد الاقتصار على مرتين وقد يقول القائل مالي بهذا الامر يد أي قوة قال السدي معنى قوله يداه قوتاه بالثواب والعقاب بخلاف ما قالت اليهود ان يده مقبوضة عن عذابهم ...) وكل هذه التاويلات محتملة الا ان استقراء نصوص الشرع قرانا وسنة يدل على ان اولاها بالاعتبار هو المبالغة في الحكم على الشيء: موافقة او دحضا الغاء او اعتبارا اليد في الموافقة والاعتبار ـــ قوله تعالى :(مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)134النساء ففي الاية تثنية للثواب لمن اراد ثوابا واحدا وهو ثواب الدنيا ترغيبا لمن يريد ثواب الله تعالى ـــ وقوله تعالى (...ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير)3/4الملك اراد الله تعالى بقوله كرتين تاكيد اتقان الله لخلقه السماوات السبع ولا يعني بقوله كرتين ان النظرة الواحدة لاتكفي لادراك اتقان الله تعالى لصنع الكون او ان الانسان لو ارجع بصره اكثر من ذلك انه سيجد في خلق الرحمن تفاوتا ـــ وانظرالحديث القدسي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ؛ فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) رواه مسلم ففي الحديث (... وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ...)والذراع ضعف الشبر وفيه: (...، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ...) والباع ضعف الذراع وفيه :(...، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)والهرولة دون العدو وفوق المشي فهي ضعف المشي فالتثنية والمضاعفة تعبيرعن مزيد الاهتمام بالشيء الذي تتعلق به التثنية والمضاعفة وهوتعبير شائع في القران والسنة يثبت الاستقراء ان الغاية منه الحث عليه وبيان قيمته ان كان امرا مشروعا او النهي عنه ورده ان كان محرما او مكروها اليد في الرد والالغاء لقد سخط الله تعالى على اليهود لقولهم يد الله مغلولة فرد عليهم بصيغة المثنى لانهم قالوا يد الله مغلولة فقابل اليد الواحد ة باليدين الاثنتين وذلك كاف في التحدي ولو قدر انهم قالوا يدا الله مغلولتان لقال بل اياديه مبسوطة فصيغة المثنى التي وردت عليها اليد بكل تاكيد لها علاقة بالصيغة التي جاءت عليها في دعوى اليهود واستقراء نصوص الشرع يثبت انه اذا كان الشيء او الفعل غير معتبر ولامرضي عند الله تعالى فان الخطاب فيه قد يستعمل المثنى اويستعمل الجمع احيانا لتاكيد كراهته وسوئه وبطلانه فانظر قوله تعالى : ـــ (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ ( 38 وانظر قوله تعالى : ـــ (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا . لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ) المحدد لصيغة اليد ولهذا فان افراد اليد اوتثنيتها او جمعها هي الاخرى تتم وفق مقاصد دقيقة وحكيمة وهي بصورة عامة تعظيم المولى عز وجل وسياقات النصوص الشرعية تختلف فبعضها لتحقيق هذا المقصد تستعمل المفرد واخرى تستعمل المثنى وثالثة تستعمل الجمع تعدد الايدي للتعبيرعن عظمة الله : ـــ ان عظمة الله تعالى تقتضي في مواضع من القران استعمال اليد في صيغة الجمع ومن ذلك انه لما كان خلق الله تعالى متعدد العناصر ومتقن الصنع وعظيم النفع ذكر الله تعالى فيه اليد بصيغة الجمع : فقال تعالى (والسماء بنيناها باييد وانا لموسعون )47الذاريات فالسماء متعددة الطبقات و بين كل اثنتين منها فضاء يقدر بمسيرة خمس مائة عام تزخر بما لايحصيه الا الله تعالى من الملائكة والمخلوقات فناسب ان تذكر يد الله تعالى بصيغة الجمع لتتناسب مع عظمة الله تعالى واتساع واتقان خلقه ـــ كذلك لما ذكر الله تعالى الانعام من الابل والبقر والغنم فانه تعالى لما كانت متعددة ومتنوعة وفوائدها عميمة على بني ادم كما جاءت مفصلة في كلام الله ناسب التعبير عنها ان تذكر يدالله تعالى بصيغة الجمع فقال تعالى ممتنا على بني ادم (اولم يروا انا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها ياكلون ولهم فيها منافع ومشارب افلا يشكرون ) افراد اليد للتعبيرعن عظمة الله وفي مواضع اخرى من القران عظمة الله تعالى تقتضي عكس ذلك فان الله تعالى عندما اراد ان يستنقص قوة الخلق امام قوته عبر عن ذاته بصيغة المفرد فقال (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) فلم يقل بيديه ولا باياديه لانه لو قال ذلك لاظهر ذاته في مشقة ومعاناة وان تدبير امر الكون استدعى منه تعالى اكثر من يد فناسب افراد اليد التعبير عن عظمته وقوته التي لاغالب لها فقال (...والارض جميعا قبضته ...) ثم اضاف فقال (...والسماوات مطويات بيمينه...) فقابل في المرتين الجمع بالمفرد ليدل على عظمته تعالى وانه غالب على امره ولو بيد واحدة وهي قبضة واحدة تتصف باليمن والبركة وابلغ من ذلك ما جاء في السنة من كونه تعالى باصبع واحد يدير امر الكون وليس بيد كاملة بتمامها وكمالها فقد أخرج الشيخان ـ واللفظ لمسلم ـ عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أو يا أبا القاسم: إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال الحبر، تصديقا له، ثم قرأ: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون. تثنية اليد للتعبير عن عظمة الله وخصوصية خلق ادم عليه السلام ـــ اما خلق ادم عليه السلام فلم يعبر عنه الله تعالى باليد ولا بالايدي وانما باليدين والسبب والله تعالى اعلم أ = ان اليد يعبر بها عن ذات الله تعالى اذا كانت ازاء ذوات خلقه المفردة كما في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ )10الفتح و عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال ,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يد الله مع الجماعة ) رواه البخاريفاليد مع اليد وفي الحديث (انا ثالث الشريكين )عبر عن ذاته بالمفرد لانه ازاء افراد ب = ولم يقل ايضا بايدينا لان ادم عليه السلام كان فردا ولم يكن جمعا كطبقات السماء ولا كتعدد انواع واعداد الانعام والله تعالى يقول (لخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) 57غافر فلم يكن مناسبا ان يقول بايدينا ج = وادم عليه السلام كان فردا وكان حريا ان يعبر عن خلقه باليد المفردة لكن لما كان خلقه متميزا عن خلق غيره من البشر كانت لله تعالى به مزيد عناية فقال (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ولم يقل بيدي وبهذا يتضح ان افراد اليد او تثنيتها او جمعها ليست الغاية منه بيان ان يد الله تعالى يد حقيقية فذلك امر تنفيه ايات التنزيه وانما صيغ اليد اختلفت حسب السياق القراني الذي ترد فيه لتعبرعن حكم امر ما عند الله تعالى هل هو راض به ام انه ساخط عليه هل هو ذا شان ام ان امره هين وفي كل الاحوال تكون الصيغة التي ترد عليها اليد محققة بتلك الصيغة في ذلك الموضع لتعظيم المولى عزوجل خطاب يغيض ولايؤلف اسلوب العثيمين في شرح العقيدة الواسطية اسلوب يغيض القلوب يفرق ولايجمع يفتن بين المؤمنين ولايصالح وهذه عينات من اقواله وهي صريحة لاتحتاج تعليقا: ـــ في الصفحة 33 يقول عن الاشاعرة :(... فالحاصل انكم ايها الاخوة لو طالعتم في كتب القوم التي تعتني بجمع اقاويل الناس في هذا الامر لرايتم العجب العجاب الذي تقولون كيف يتفوه عاقل فضلا عن مؤمن بمثل هذا الكلام ولكن ... من لم يجعل الله له نورا فما له من نور الذي اعمى الله بصيرته كالذي اعمى الله بصره فكما ان اعمى البصر لو وقف امام الشمس التي تكسر نور البصر لم يرها فكذلك من اعمى الله بصيرته لو وقف امام انوار الحق ما راها والعياذ بالله ولهذا ينبغي لنا دائما ان نسال الله تعالى الثبات على الامر وان لايزيغ قلوبنا بعد اذ هدانا لان الامر خطير والشيطان يدخل على ابن ادم من كل صوب ومن كل وجه ويشككه في عقيدته وفي دينه وفي كتاب الله وسنة رسوله فهذه في الحقيقة البدع التي انتشرت في الامة الاسلامية ولكن ولله الحمد ما ابتدع احد بدعة الا قيض الله له بمنه وكرمه من يبين هذه البدعة ويدحضها بالحق ... ولهذا اقول لكم دائما احرصوا على العلم لاننا في هذا البلد في مستقبل اذا لم نتسلح بالعلم المبني على الكتاب والسنة فيوشك ان يحل بنا ما حل في غيرنا من البلاد الاسلامية وهذا البلد الان هي الذي يركز عليه اعداء الاسلام ويسلطون عليه سهامهم من اجل ان يضلوا اهلها فلذلك تسلحوا بالعلم حتى تكونوا مجاهدين بالسنتكم واقلامكم لاعداء الله سبحانه وتعالى ... اتى هؤلاء المبتدعون فابتدعوا في دين الله تعالى ما ابتدعوا اما لقلة علمهم او لقصور فهمهم او لسوء قصدهم فافسدوا الدنيا بهذه البدع ... ومن جملة الذين بينوا البدع وقاموا قياما تاما بدحضها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله واسال الله لي ولكم ان يجمعنا به في جنات النعيم هذا الرجل الذي نفع الله بما اتاه من فضله ومن على الامة بمثله الف هذه العقيدة ... لطلب احد قضاة واسط الذي شكا اليه ما كان الناس عليه من البدع ...) وفي الصفحة 118 فما بعدها يتحدث باسم اهل السنة فيقول : (...يقولون هي يد حقيقية ثابتة لله من غير تكييف ولا تمثيل والمحرفون يقولون قوته او نعمته اما اهل السنة فيقولون القوة شيئ واليد شيئ اخر والنعمة شيئ واليد شيئ اخر فهم لايحرفون الكلم عن مواضعه فان التحريف من داب اليهود (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه )النساء46فكل من حرف نصوص الكتاب والسنة ففيه شبه من اليهود فاحذر هذا ولا تتشبه بالمغضوب عليهم الذين جعل الله منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت...) ....................... فصاحة القران لاتبررالمنهج الظاهري فصاحة القران مجمع عليها بين العرب جميعا فهل تقتضي ان يفهم القران انطلاقا من ظواهر الفاظه ؟ الجواب لايمكن الا ان يكون بالنفي الا ان العثيمين له راي اخر فهو يقول : (...واذا كان كذلك فانه يجب ان نقبل كلامه على ما هو عليه وان لايلحقنا شك في مدلوله ...ولا يمكن ان يكون كلاما عييا غير فصيح ...وجب على المخاطب القبول بما دل عليه مثال ذلك قوله تعالى ...ما منعك انسجد لما خلقت بيدي ... وجب عليك ان تؤمن بان لله تعالى يدين اثنتين خلق بهما ادم ...)ص134 وهذا الكلام في منتهى الضف والفساد فالقران رغم فصاحته المجمع عليها يمكن ان يختلف الناس في فهمه وهو ما حصل فعلا ولايعني ذلك انه كلام عيي حسب تعبير العثيمين بل مناهج الناس في فهمه واختلافهم في الامام باللغة العربية وعلوم القران واختلاف قدراتهم العقلية هي التي تجعل فصاحة القران لا تشفع لهم كي تتحد فهومهم له : ولهذا فان من بلغه قوله تعالى (ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي) ولم يبلغه قوله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير ) سيفهم خطا ان لله تعالى يدين اثنتين حقيقيتين كايدي الناس ومن بلغته الايتان وكان يعتقد خطا ان اللغة العربية لاتنقسم الفاظها في الاستعمال الى حقيقة ومجاز سيفهم ان لله تعالى يدين اثنتين حقيقيتين لكنهما تختلفان عن ايدي الناس اما الذي تبلغه الايتان وهو يدرك ان الالفاظ في اللغة العربية قد تستعمل للتعبير عن الحقيقة كما قد تستعمل للتعبير المجازي وان القرائن المصاحبة للالفاظ هي التي تحدد هل المراد منها الحقيقة ام المجازمن تجتمع لديه هذه المعطيات سيفهم من اليدين شيئا ثالثا وهو ان اليدين تعبير مجازي عن القدرة الالهية التي بها خلق الله تعالى ادم عليه السلام فلا ينفي اليدين ولايجسمهما وانما يثبتهما باثبات معنييهما وهو قدرة الله تعالى البالغة وايضا لايثبتهما جارحتين مخالفتين لجوارح البشر لانه يعلم ان الله تعالى لايتبعض ولا يتجزا فكون القران فصيحا لايبرر الاعتماد الكلي للمنهج الظاهري في فهم اياته كما لايبررالاعتماد الكلي لمنهج التاويل بل يجب التقيد بما ضبطه علماء اصول الفقه من القواعد المنهجية التي تعصم العقل من فهم كلام الله تعالى على غير مراده قال الامام الشاطبي في الموافقات ج3ص314: (... فالبيان مقترن بالمبين فاذا اخذ المبين من غير بيان صار متشابها وليس بمتشابه في نفسه شرعا بل الزائغون ادخلوا فيه التشابه على انفسهم فضلوا عن الصراط المستقيم ...) وضرب قبل ذلك امثلة فقال : (... ولاجل ذلك عدت المعتزلة من اهل الزيغ حيث اتبعوا نحو قوله تعالى اعملوا ما شئتم وقوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وتركوا مبينه وهو قوله وما تشاؤون الا ان يشاء الله . واتبع الخوارج نحو قوله تعالى ان الحكم الا لله وتركوا مبينه وهو قوله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم هديا و قوله فابعثوا حكما من اهله وحكما من اهلها . واتبع الجبرية نحو قوله والله خلقكم وما تعملون وتركوا بيانه وهو قوله جزاء بما كانوا يكسبون وما اشبه...) ص313الموافقات ج3 وما يفعله الوهابية شبيه بذلك يلتزمون بظواهر الالفاظ في المواضع التي يجب فيها التاويل فلا يكاد يبقى فرق بينهم وبين من يقولون ان الله تعالى جسد لاكالاجساد فالقران الكريم كلام فصيح ومع ذلك فان اجتزاءه يجعله متشابها فاذا قرئ قوله تعالى (بل يداه مبسوطتان ) وعزل عن قوله تعالى (ليس كمثله شيئ ... ) واضيف اليه الادعاء بان اللغة العربية لاتنقسم الى حقيقة ومجازفلن يفهم عندها مراد الله تعالى من قوله (بل يداه مبسوطتان ) فبيان القران وفصاحته يزولان اذا اجتزئت اياته واتباع المدرسة الوهابية يشيعون ان القران محكم بين فصيح ويغفلون ان النظر في اياته اية اية منفصلات عن بعضها البعض ينتهي بالناظراما الى التعطيل واما الى التجسيم والتمثيل والتشبيه وهو ما فعله نصارى نجران فانهم بمجرد ان اقر رسول الله (ص) بان عيسى ابن مريم روح الله وكلمته الزموه (ص) بتاليه المسيح لمجرد ظاهر لفظتي روح وكلمة فالروح والكلمة كلفظتين في اللغة معناهما بين واضح لاتحتاجان الى تاويل اما في مثل هذا السياق فهما من المتشابهات لايزول عنها التشابه الا بايات واحاديث التنزيه ولهذا لاتصح تخطئة ناشر الموافقات لرشيد رضا وقوله (... وقد اخطا رشيد رضا في تفسير المنار عندما نقل عن ابن تيمية ان المتشابه عنده ايات الصفات خاصة ومثلها احاديث الصفات ...) هامش ص 326ج3فايات الصفات خاصة منها ايات الصفات الخبرية هي من المتشابهات فعلا لانها بظاهرها تجسد الله تعالى فلا بد من تاويلها الى معان تليق بجلال الله تعالى ما لاعين رات ولااذن سمعت ولاخطر على قلب بشر يبسط العثيمين المسائل تبسيطا لايمكن الا ان يحمل على سطحية مفرطة في التفكير وهذا يتضح بالمقارنة بين قوله وقولي ابن تيمية وابي حامد الغزالي في نظرهم الى اللغة التي نزل بها القران الكريم فليقنع القارئ بان لله تعالى يدين حقيقيتين يقول العثيمين في جملة من الاسئلة التقريرية يوجهها لمخالفه ويجيب عليها بنفسه نيابة عنه فيقول : (هل الله عزو جل حينما قال بيدي عالم بان لديه يدين ؟ فسيقول عالم فنقول هل هو صادق فسيقول هو صادق بلا شك... ولاان يقول عبربهما وهو يريدغيرهما عيا وعجزا ولاان يقول اراد من خلقه ان يؤمنوا بما ليس فيه من الصفات اضلالا لهم فنقول له اذا ...استغفر ربك وتب اليه ...) هكذا بكل بساطة فالله تعالم عالم بما قال عن نفسه في القران وهو تعالى صادق فيما قال وقوله تعالى قول فصيح قاله لهداية عباده لالتضليلهم اذا يجب فهم كلام الله تعالى انطلاقا من ظواهرالفاظه وبالتالي الاقرار بان له يدين حقيقيتين هما جارحتان الا انهما لاتشبهان جوارح البشرويكفي للرد على هذه الادعاءات المستبسطة للامورباجراء حواربشكل مغاير كان يقال : :ــ ان قيل هل الله عزو جل حينما قال بيدي عالم بان لديه يدين ؟ ــ فسيقال يده مجازعن قدرته فقد قال رسول الله (ص) تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فانه لاتحيط به فكرة وقال تعالى عن ذاته العلية (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) ــ فان قيل لماذ اذا عبر بما ظاهره فيه تجسيد له ــ فسيقال هوتعالى خاطب عباده بما يعرفون من المجازفي لغتهم وهو تعالى يعلم انهم لن يفهموا من قوله تعالى بيدي جارحة يدا حقيقية بعد ان قال لهم (لم يكن له كفؤا احد) فيده قدرته ــ ولوكان التجوز في اللغة عيا وعجزا عن التعبيرلما تكلم به فصحاء العرب في الجاهلية والاسلام...) هكذا وبكل يسر يمكن الرد و عندما يقرا المرا لابن تيمية ولابي حامد الغزالي وهما يتحدثان في نفس الموضوع يدرك ان العثيمين يستبسط الامور بشكل مبالغ فيه يقول ابوحامد الغزالي : (فحاصل ما تقدم أن جميع ما أطلق على الله - تعالى - من الأسماء والصفات هو مما أطلق قبل ذلك على الخلق ; إذ لو وضع لصفات الله - تعالى - ألفاظ خاصة وخوطب بها الناس لما فهموا منها شيئا قال - تعالى (وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم...)نقلا عن تفسير المنار (المسالة 3في تفسير الاية 7ال عمران) ويقول ابن تيمية (... والاخبار عن الغائب لايفهم ان لم يعبر عنه بالاسماء المعلومة معانيها في الشاهد ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد مع العلم بالفارق المميز)ص97الرسالة التدمرية فالقران الكريم مجمع على فصاحته كما انه مجمع على صدق الله تعالى فيه وانه جل جلاله انما اراد به هداية العباد لاتضليلهم ولكن لايعني ذلك وجوب اعتماد ظواهرالفاظه فقط لفهمه ولايعني ذلك ان وضوح معاني الايات المتشابهات هو نفسه سواء قرئت بمعزل عن الايات المحكمات او قرئت متصلة بها و لاتعني فصاحة القران انها تصل الى درجة تجعل قارئه يفهم امور الغيب كما هي عند الله تعالى فالقران في نهاية المطاف كلام الله تعالى خاطب عباده فيه باللغة التي اعتادوا في عالم الشهادة لهذا جاء فيه الخطاب جامعا بين الحقيقة والمجازوضرب الامثال وما ترك صيغة من صيغ التعبير الا استعملها وبذلك هو قران عربي مبين ومع ذلك تبقى حقائق الاشياء التي ضمنها الله تعالى في القران ابعد مما يدركه الناس عبر لغة عالم الشهادة ولذلك قال رسول الله (ص) عن الجنة مثلا (فيها ما لاعين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)وهو ما يعني ان الايات والامثال التي تضمنها القران في وصف الجنة مهما كانت فصيحة بينة لايمكن ان يقتصر النظر عليها لفهم الجنة بل يجب ان يتجاوز الفكر ظواهر الالفاظ فلا يظنن الانسان مثلا ان كلمة العسل المعبر بها عن احدى متع الجنة تحمل نفس المضمون الذي تحمله في الدنيا بل عسل الجنة لايشترك مع عسل الدنيا الا في الاسم والصفة المادية ولله درابي حامد الغزالي اذ قال(... لو وضع لصفات الله - تعالى - ألفاظ خاصة وخوطب بها الناس لما فهموا منها شيئا...)فانه قول يصح عن كل الامور الغيبية التي اخبر بها القران الكريم ولو كانت ظواهر الالفاظ كافية لما ذكر الله تعالى ايات واحاديث التنزيه الى جانب الايات والاحاديث التي ظاهرها تجسيد الله تعالى ولما قال رسول الله (ص) عن نعيم الجنة (فيها ما لاعين رات ...)الخ الحديث ولاكتفى بظواهر الايات التي وصف الله تعالى فيها الجنة ولكن العثيمين لايضع هذه الاعتبارات في ذهنه بل يبسط الامورويريد ان يعتمد ظواهر الالفاظ فقط ويظن ان ذلك كاف لفهم مراد الله تعالى من كلامه ومن سنة رسوله (ص) صدق الرسول (ص) مثل فصاحة القران لاتقتضي المنهج الظاهري ثم ذكر العثيمين وبنفس الاسلوب ان الرسل عرفوا الناس بالله تعالى وصفاته وكانوا صادقين فيما قالوا فيجب تصديقهم فيما قالوا وهذا القول كسابقه لاحجة فيه لان صدق الانبياء لايعني بالضرورة ان قولهم في الله تعالى وصفاته ووعده ووعيده يجب اخذه على ظاهره لسببين : ـــ اولهما ان ذلك يؤدي الى مناقضة ايات واحاديث التنزيه ــــ وثانيهما ما روي عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله (ص) قال قال الله عز وجل عن الجنة (اعددت لعبادي الصالحين مالا عين رات ولا اذن سمعت ولاخطر على قلب بشر)رواه البخاري ومسلم وزاد ابن مسعود (ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل ) اخرجه ابن ابي حاتم وقال ابن عباس رضي الله عنهما (ليس في الجنة شيئ مما في الدنيا الا الاسماء )رواه البيهقي فلوكانت ظواهر الالفاظ التي وردت في القران والسنة كافية في وصف الجنة لما قال الله عز وجل في هذا الحديث القدسي ما قال بل لو كانت ظواهر الالفاظ كافية لاقتصر ذكر الجنة ونعيمها عليها واذا كانت ظواهر الالفاظ لا تفي بوصف نعيم الجنة حتى صرف الحديث القدسي عنه الانظار بقوله عزوجل (...ولاخطر على قلب بشر) وبقول رسوله (ص) (ليس في الجنة شيئ مما في الدنيا الا الاسماء) فكيف تفي ظواهر الالفاظ ببيان صفات الله تعالى دون ان توضع ايات التنزيه في الاعتبارودون تاويل الصفات الخبرية الى معان تليق بجلاله؟ النفي والاثبات في الصفات ص141 قسم صفات الله تعالى الى صفات منفية وصفات مثبتة فقال : (...فصفات الله عز وجل قسمان ثبوتية وسلبية او ان شئت فقل مثبتة ومنفية والمعنى واحد...) ثم قال : (...فالمثبتة كل ما اثبته الله لنفسه وكلها صفات كمال ...) وفي ذلك كله يخبؤ امرين لايستقيمان : 1)= تقديمه للصفات المثبتة وتقديمها في الذكر على الصفات المنفية لايستقيم لمخالفته نصوص القران الكريم فالله تعالى يبدا بنفي ما لايليق به من الصفات ثم يضيف لنفسه ما يليق به منها فالصفات المنفية في القران تسبق المثبتة وليس العكس النـــــــــــــــــــــــــفي الاثبـــــــــــــــــات الاية والسورة ليس كمثله شـــــــــيئ وهو السميع البصيـر فاعلم انه لاالــــــــــــــــــــه الا اللـــــــــــــــــــــــه فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثـــــــــــــــــــــــالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــونَ وقد التزم ابن ابي زيد القيرواني هذا التقسيم فقال في مقدمة الرسالة : (...لا إله غيره، ولا شبيه له ولا نظير له، ولا ولد له ولا والد له، ولا صاحبة له ولا شريك له، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء لا يبلغ كنه صفته الواصفون، ولا يحيط بأمره المتفكرون، يعتبر المتفكرون بآياته، ولا يتفكرون في ماهية ذاته، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، وسع كرسيه السموات والأرض، ولا يؤوده حفظهما، وهو العلي العظيم، العالم الخبير، المدبر القدير، السميع البصير، العلي الكبير، وانه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان بعلمه. خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وله الأسماء الحسنى، والصفات العلى، لم يزل بجميع صفاته وأسمائه، تعالى أن تكون صفاته مخلوقة، وأسماؤه محدثة. كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته لا خلق من خلقه، وتجلى للجبل فصار دكا من جلاله، وأن القرآن كلام الله...) ويدعي الوهابية ان ابن ابي زيد القيرواني على منهجهم وانه سلفي مثلهم وهوادعاء ينفيه هذا التقسيم الذي اعتمده ابن ابي زيد القيرواني وهو تقسيم وصفه ابن تيمية حسب زعمه بانه تقسيم بدعي فقال : (قلتم هو ليس بجسم ولا جوهر ولاجهة له ولايشار اليه بحس ولايتميز منه شيئ من شيئ وعبرتم عن ذلك بانه ليس بمنقسم ولامركب وانه لاحد له ولاغاية تريدون بذلك انه يمتنع عليه ان يكون له حد وقدر او ان يكون له قدر لايتناهى فكيف ساغ لكم هذا النفي بلا كتاب ولاسنة )نقض اساس التقديس 2)= لا خلاف في كون الصفات المثبتة لله تعالى هي صفات كمال لكن الخلاف هل ايات واحاديث الصفات تثبت لله تعالى الكمال بظواهر الالفاظ فيها ام انها تثبت الكمال لله تعالى بمجازاتها ؟ لايجيب العثيمين عن هذا السؤال بل يصادره فيقول :(...ومن كمالها انه لايمكن ان يكون ما اثبته دالا على التمثيل لان المماثلة للمخلوق نقص ...)ص142وهو يريد بهذا القول ان ينفي دلالة الصفات الخبرية بظواهر الفاظها على التمثيل ويكفي دليلا على بطلان هذا القول ان الخلاف بين نفاة الصفات وبين مثبتتها ثم بين المثبتة انفسهم لم يكن سببه الا ما تبدوعليه ظواهرالفاظ الصفات الخبرية من التمثيل والتجسيم فاذا كانت الصفات السلبية بطبعها معنوية وكان الرد يسيرا على النفاة بانها لاتعني التمثيل فان الصفات الخبرية على العكس من ذلك تماما فمن يسمع وصف الله تعالى بلفظ الحياة والسمع والعلم الخ ... ليس كمن يسمع وصفه تعالى بلفظ اليد والعين والوجه الخ...فتلك الفاظ بطبعها تدل على امور معنوية ودلالتها على الامور المادية ليست مباشرة اما هذه فاول ما يتبادر الى الذهن عند سماعها انما هو التمثيل والتجسيم ولا يمكن ان تكون دالة على كمالات معنوية الا اذا اعتبرت مجازات والجماعة الوهابية اقتداء بمرجعهم الاول ابن تيمية لايؤمنون بوجود المجاز في اللغة ومقتضى نفي المجازالا تكون الايات والاحاديث المثبتة لصفات الله تعالى مثبتة لكمال الله تعالى لان ظواهر الالفاظ فيها تجسد الله تعالى وتمثله بخلقه فالحديث القدسي عن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال يقول الله عز وجل يوم القيامة : (يا ابن ادم مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي . قَالَ : يَا رَبِّ ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ ؟ فَيَقُولُ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ ، وَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ؟ وَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي . فَيَقُولُ : كَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ ؟ فَيَقُولُ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَطْعَمَكَ فَلَمْ تُطْعِمْهُ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ؟ وَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي . فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، وَكَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ ؟ فَيَقُولُ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ ، وَلَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ؟ ) مثل هذا الحديث بمجازاته يثبت لله تعالى كمالات عديدة اما بظاهر الفاظه فلا يعني سوى التجسيم والتمثيل والوهابية بنفيهم المجاز فانهم يصبحون محجوجين ومبعدين عن فهم مراد الله تعالى بقدر ما نفوا من ادوات فهم اللغة العربية التي نزل بها القران الكريم لايستطيعون اثبات الكمالات لله تعالى عبر التزام حقائق الالفاظ وظواهرها فان قيل يكفيهم قوله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) قيل كلا هو قول هم به محجوجون لانه يلزمهم بالتاويل ويلزمهم بالانصراف عن ظواهر الفاظ الصفات الخبرية وهم بعد منصرفون عنها رغم ما يدعون من الالتزام بالظاهرفانهم لو التزموا بظواهر قلبا وقالبا لصاروا مشبهة خالصين الحقيقة والمجاز في العربية ـــ تعريف الحقيقة والمجاز يقول الزمخشري في كتابه الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور ص28 : (اعلم ان الحقيقة في اللفظ الدال على موضوعه الاصلي ... واما المجاز فهو ما اريد به غير المعنى الموضوع له في اصل اللغة اتساعا...) اي ان اللفظ عندما يتكلم به اهل اللغة اول مرة يتواضعون له على معنى محدد ذلك المعنى هوالمعنى الحقيقي لذلك اللفظ لكن بعد ذلك قد يستعملونه في غير ما تواضعوا عليه اول مرة فيصبح للفظ معنيان المعنى الاول وهو الحقيقي والمعنى الثاني هو المعنى غير الاصلي ويسمى المجاز ومثال ذلك الهزبروالليث وضعا في اصل اللغة للدلالة على الاسد الحيوان المفترس ومع ذلك قد يستعملان في غير المعنى الذي وضعا له ابتداء من ذلك قول الشاعرالجاهلي بشر بن عوانة العبدي (افاطم لو شهدت ببطن خبت / وقد لاقى الهزبراخاك بشرا) (اذا لرايت ليثا ام ليثـــــــــــا / هزبرا اغلبا لاقـــــى هزبرا) ففي البيت الثاني لفظ الليث ذكر مرتين في المرة الاولى تعبير حقيقي عن الليث وهوالاسد وفي المرة الثانية في اخر صدر البيت لفظ الليث تعبير مجازي عن الشاعر بشريستعير لنفسه لفظ الليث ليبين انه كان شجاعا صمد وجها لوجه الليث كما لو كان هو الاخر ليثا كذلك لفظ الهزبروهو من اسماء الاسد ايضا ذكر مرتين في عجز البيت الثاني في المرة الاولى تعبير حقيقي عن الهزبر وفي المرة الثانية الهزبر تعبير مجازي عن الشاعر يستعير لفظ الهزبر لنفسه لبيان شجاعته في مواجهة الهزبر وبشربن عوانة العبدي الوارد ذكره في اخر البيت الاول شاعرجاهلي خطب امراة فابى والدها تزويجه اياها فطلب منه مهرا يتطلب منه ان يسافرفيهلك في ارض ذات وحوش ولكنه ذهب فعلا يبحث عن مهر لفاطم فلما هجم عليه الاسد هاجمه وانتصر عليه وقال في ذلك شعرا منه البيتان السابقان المجاز ضرب من ضروب البلاغة البلاغة في العربية تتضمن علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع والمجازيجمع بين اكثرمن نوع من انواع علم البيان لهذا قال السيوطي في الاتقان :(زوج المجاز بالتشبيه فتولد بينهما الاستعارة)ص150وعلم البيان يتضمن التشبيه والاستعارة والكناية والغاية من المجاز مثل الغاية من مجموع انواع علم البيان فهو ضرب من ضروب التعبير يهدف الى بيان المعنى وعلم المعاني وعلم البديع يشتركان مع علم البيان في غاية واحدة هي تبليغ المعنى وبيان المراد من القول فالمجاز اذا طريقة من طرق اللغة في بيان وتبليغ المعاني عبر الكلام المكتوب او المسموع وهو شيء واقع لايمكن التنكر لوجوده في لغة العرب كما لايمكن التنكر للاشارة باليد او الاصابع او بحركة الحاجب اونحوذلك من قسمات الوجه او غيره من اعضاء الجسم فهذه كلها طرق في التعبير رغم انها ليست كلاما منطوقا ولامكتوبا الا انها قد تبين المعنى وتبلغه بوضوح متناه وبسرعة لانظير لها ولا ينوب عنها الكلام في بعض الاحيان والمجازكطريقة لغوية في التعبير اللغوي هو الاخر يتفوق في بعض المواضع على غيره من انواع علم البيان فللمجاز خاصية لاينوب عنه فيها التشبيه اوالاستعارة او الكناية بل ولاتنوب عنه فيها الحقيقة يقول الجرجاني في الفقرة 108من اسرار البلاغة (... مما اتفق العقلاء عليه ان التمثيل اذا جاء في اعقاب المعاني او برزت... في معرضه ونقلت عن صورها الاصلية الى صورته كساها ابهة وكسبها منقبة ورفع من اقدارها وشب من نارها وضاعف قواها في تحريك النفوس لها ودعا القلوب اليها واستثارلها من اقاصي الافئدة صبابة وكلفا وقسر الطباع على ان تعطيها محبة وشغفا) وهذا يمكن ادراكه من خلال قوله تعالى ردا على اليهود (بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) فانه ابلغ واقرب الى الحس مما لو رد بكلام لااستعارة فيه ولاتمثيل ولاتشبيه ولا مجازفانه لو فعل ذلك لكان مراده يبلغ الناس في شكل تجريدي لايحرك مشاعرهم وهو ما عبر عنه الجرجاني بامثلة منها قوله : (وان اردت ان تعرف ذلك ...فانظر الى نحو قول البحتري : دان على ايدي العفاة وشاسـع / عن كل ند في الندى وضريب كالبدرافرط في العلو وضوءه/ للعصبة السارين جد قريـــــب وفكر في حالك وحال المعنى معك وانت في البيت الاول لم تنته الى الثاني ولم تتدبر نصرته اياه وتمثيله له فيما يملي على الانسان عيناه ويؤدي اليه ناظراه ثم قسهما على الحال وقد وقفت عليه وتاملت طرفيه فانك تعلم بعد ما بين حالتيك وشدة تفاوتهما في تمكن المعنى لديك...) ثم ذكر سبب تاثير التمثيل في النفس فقال في الفقرة 112: (فاما القول في العلة والسبب لم كان للتمثيل هذا التاثير... فاول ذلك واظهره ان انس النفوس موقوف على ان تخرجها من خفي الى جلي ...وان تردها في الشيئ تعلمها اياه الى شيئ اخر هي بشانه اعلم وثقتها به في المعرفة احكم نحو ان تنقلها عن العقل الى الاحساس وعما يعلم بالفكر الى ما يعلم بالاضطرار والطبع...) و الله تعالى انما ضمن القران المجازفنسب لذاته ما نسب من الصفات الخبرية من اليد واليدين والايد والعين والاعين والوجه والجنب والساق الخ ...ونسب للجنة ما نسب من انواع النعيم (... فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ... )ونسب للنار ما نسب من اصناف العذاب والغاية من ذلك كله تقريب الامور الغيبية الى افهام البشراما الحقائق فابعد مما يخطر على البال من ظواهر الالفاظ المعبر بها عنها وهو تعالى بعد قد نبه الى الفارق في ايات واحاديث التنزيه كما نبه الرسول (ص) الى الفارق بين نعيم الجنة ونعيم الدنيا وبين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة ــ الادلة على ان المجاز من العربية المجازماثور عن العرب استعملوه في شعرهم ونثرهم وقد مر المثال من شعر بشر بن عوانة العبدي فلا ينكرالمجاز احد حتى ينكر ان العرب يرفعون الفاعل وينصبون المفعول وقد دونه العلماء كما دونوا النحو والصرف وغير ذلك من علوم اللغة ومن العلماء الذين ذكروا المجاز : الخليل الفراهيدي (100هـ -174 هـ )قال في كتابه الجمل في النحو : ( وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ﴾ والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله : ﴿جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾ ولا إرادة للجدار ولأبي عبيدة معمر بن المثني (114 هـ - 210 هـ )وهو عالم في اللغة كتاب مجاز القرآن وله كتاب المجاز ومن علماء الحديث الامام احمد باعتراف ابن تيمية (...قال في كتاب الرد على الجهمية ...هذا من مجاز اللغة ... وبهذا احتج على مذهبه من اصحابه من قال ان في القران مجازا ...) مجموع الفتاوي ج 7 ص 88/89 ومن علماء الحديث ايضا ابن قتيبة حيث قال في كتابه غريب الحديث ج 1 ص 272: ( والنبات لا يجوز أن يكون شراباً ، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف ، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه ؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون ...) ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني (132 هـ - 189 هـ )حيث قال في كتابه الجامع الصغير: ( فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين ؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار ؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه ) ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز ، وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو : ( وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز ) وقد نزل القران الكريم بلغة العرب فتضمن ما تتضمنه من طرق البيان والبلاغة ومنها الحقيقة والمجاز ـــ ابطال شبه منكري المجاز 1= ادعى ابن تيمية ان الالفاظ في الاصل ليس لها معنى لا حقيقة ولامجازا وان سياق الكلام هو الذي يحدد معانيها ولهذا هي حقيقة في كل سياق ترد فيه وهذا القول لايصح الا في حالة واحدة وهي حالة غيرمتحققة انها حالة انفصال اللغة عن الواقع وهو انفصال لا وجدود له الا في عمل الخليل بن احمد فانه عندما الف معجم العين اخذ الحروف الهجائية وصنع منها ما يمكن ان ينطقه العرب عبرها من الفاظ فتحصل على كم هائل من الالفاظ قسمها من بعد الى مستعمل ومهمل ففرق مثلا بين (زيد) وبين (ديز) لكن واقع اللغة الذي نشات عليه خلاف هذا فالالفاظ اول ما نشات في عالم البشر نشات مستعملة في معان محددة تربطها بالواقع هي معانيها الحقيقية ولاوجود بينها لالفاظ مهملة وهذا متحقق سواء قيل بتوقيف اللغة او قيل بوضعها فان كل لفظ من الفاظها انما نشا مرتبطا باستعماله في الواقع : ان قلنا اللغة توقيفية فمعنى ذلك ان الله تعالى علم ادم الاسماء كلها : ـــ اما بان علمه حقيقة كل اسم ومجازه . ـــ واما انه علمه معناه الحقيقي ثم هو بما وهبه من العقل استعمل الاسماء في غير ما علمه ربه فظهر المجاز . هذه هي الاحتمالات الممكنة وليس بينها ان الله تعالى علمه الاسماء منفصلة عن المعنى بحيث يقال انها لاحقيقة لها ولامجاز اما ان قلنا اللغة من تواضع البشرفمعنى ذلك : ــ انهم تواضعوا على معنى محدد لكل لفظ هو معناه الحقيقي بينهم . ــ ثم بعد ذلك استعملوه في غير ما تواضعوا عليه فظهر المجاز. ــ ولايمكن ان يقال انهم سبقوا الخليل بن احمد فصاغوا الالفاظ بتركيبها من الحروف الهجائية وانها كانت في البداية كلها مهملة لاحقيقة لها ولامجاز وابن تيمية يصر على هذه الوضعية التي تخالف الواقع فيقول (...وهذا التقسيم والتحديد - يقصد تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز - يستلزم ان يكون اللفظ قد وضع اولا لمعنى ثم بعد ذلك قد يستعمل في موضعه وقد يستعمل في غير موضعه ... وهذا كله يصح لوعلم ان الالفاظ العربية وضعت اولا لمعان ثم بعد ذلك استعملت فيها فيكون لها وضع متقدم على الاستعمال ...)ص 90 مجموع الفتاوي ج 7فقوله (...وهذا كله يصح لوعلم ان الالفاظ العربية وضعت اولا لمعان ...) قول صريح في اعتقاده بان الالفاظ عند نشاتها الاولى كانت كلها مهملة اي منفصلة عن اي معنى وهوما لايستطيع ان يثبته لان الالفاظ بكل بساطة وليدة الاستعمال أي لاوجود لالفاظ خارج دائرة الاستعمال الا مع محاولة الخليل بن احمد وهي محاولة لاتعبر عن حقيقة نشاة اللغة وقد مضى بيان الحجة على ان الالفاظ لم تكن ابدا منفصلة عن معانيها الحقيقية او المجازية او عنهما معا سواء قيل بتوقيف اللغة او قيل بوضعها وابن تيمية في النهاية لايتخذ موقفا فاصلا من كون اللغة توقيفية ام انها نشات بالتواضع بل الاحتمالان عنده جائزان وهو يصرح بان تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز تقسيم ممكن في صورة ما اذا كانت اللغة من وضع البشر وهو لايستبعد ان تكون اللغة كذلك فقد قال مجموع الفتاوي ج7ص 90 (... وهذا انما صح على قول من يجعل اللغات اصطلاحية ... ) أي من وضع الناس ثم شبه ظهور اللغة بينهم بظهور الاصوات في عالم الحيوان فقال : (...نجد ان الله يلهم الحيوان من الاصوات ما به يعرف بعضها مراد بعض وقد سمى ذلك منطقا وقولا في قول سليمان علمنا منطق الطير وفي قوله قالت نملة...) مجموع الفتاوي ج7ص91ثم قال مباشرة في نفس الصفحة (...وكذلك الادميون...) 2= ادعى ابن تيمية ان تقسيم اللغة الى حقيقة ومجازحادث في الامة ومبتدع فقال في مجموع الفتاوي ج 7 ص 88/89 : (...الحقيقة والمجاز من عوارض الالفاظ ... اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة ... لم يتكلم به احد من الصحابة ولاالتابعين ... ولا احد من الائمة المشهورين ... بل ولاتكلم به ائمة اللغة والنحو كالخليل وسيبويه وابي عمرو بن العلاء ونحوهم ... واول من عرف انه تكلم بلفظ المجاز ابو عبيدة معمر بن المثنى ... ولم يقل ذلك احد من اهل اللغة ... وانما هذا اصطلاح حادث والغالب انه كان من جهة المعتزلة...لم يوجد هذا في كلام احد من اهل الفقه والاصول والتفسير والحديث ...وكذلك سائر الائمة لم يوجد لفظ المجاز في كلام احد منهم الا في كلام احمد بن حنبل فانه قال في كتاب الرد على الجهمية في قوله انا ونحن ونحو ذلك في القران هذا من مجاز اللغة ...وبهذا احتج على مذهبه من اصحابه من قال ان في القران مجازا كالقاضي ابي يعلى وابن عقيل وابي الخطاب وغيرهم ...) وهذا قول مردود من وجوه : ـــ منها ان ابن تيمية لا يوقن بمن احدث هذا التقسيم فيقول (...والغالب انه كان من جهة المعتزلة ...) والتخمين لايحتج به ـــ ومنها ان الذين قالوا بتضمن اللغة للمجاز ما كانوا جميعا من المعتزلة فمنهم الخليل الفراهيدي (100هـ -174 هـ )والامام احمد وابن قتيبة وغيرهم ـــ ومنها ان من اصحاب احمد بن حنبل باعتراف ابن تيمية نفسه كما في المقتطف السابق من كلامه منهم من قال بوجود المجاز في القران (...كالقاضي ابي يعلى وابن عقيل وابي الخطاب...) ـــ ومنها ان المجاز كان معروفا عند العرب في الجاهلية في شعرهم ونثرهم وامثالهم وهذا لايحتاج ضرب امثلة عليه لثبوته ووضوحه ـــ وفي صحيح البخاري قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ . وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ !! قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ !! فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا ، فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟! قَالَتْ : نَعَمْ جَاءَنَا ، شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ ؟!! قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ : غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ !! قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ؛ الْحَقِي بِأَهْلِكِ . ... فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ، وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ؟ فَقَالَتْ : نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ . فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتْ : اللَّحْمُ . قَالَ : فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتْ الْمَاءُ . قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ . قَالَ : فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ ، قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ !! فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ ، قَالَ : فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ !! قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ...) ففي هذاالحديث فوائد منها : ـــــ اثبات المجاز في اللغة العربية وفي القران والسنة فالعتبة الحقيقية حائط صغير جدا ارتفاعه قدر الذراع او دونه يتخذ في الاسفل امام باب الدار كي لاتدخلها دواب الارض كالعقارب ونحوها من تحت الباب اما العتبة المجازية كما في هذا الحديث فهي المراة زوج الرجل 3= ومن حجج منكري المجازتاخر تدوينه وقول ابن تيمية ان تقسيم اللغة الى الحقيقة والمجاز اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة ـــ وهو احتجاج باطل لان التاخر في التدوين لايعني بالضرورة ان تقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع لان المدونين من الاساس لايدونون اشياء يبتدعونها وانما يدونون اشياء موجودة في الواقع فهم مثلا عندما دونوا ان العرب يرفعون الفاعل وينصبون المفعول لم يبتدعوا ذلك وانما دونوا ما وجدوا من لغة العرب كما هي في واقعهم قبل ان ينحرف اللسان بمخالطة الاعاجم كذلك الامر كان مع المجازفلو لم يكن ثابتا معلوما في لغة العرب لما دونوه فالتدوين بطبعه يقوم على اساس التوصيف وتقريرالواقع وليس على الابتداع 4= ومن اغرب حجج نفاة المجاز قولهم : (المجاز كذب فيمتنع وجوده في القرآن، ولأن المجاز يجوز نفيه وكتاب الله لا يجوز نفي شيء منه) وهذا القول في منتهى الضعف : فالمجاز بعيد عن الكذب بعد السماء عن الارض وذلك ظاهر من اختلاف الغاية منهما: ـــ فالغاية من الكذب اخفاء الحقيقة اما من يعدل عن الحقيقة الى المجازفلايقول مثلا حمزة بن عبد الطلب شجاع بل يقول حمزة بن عبد المطلب اسد فانه لا يتهم بالكذب واخفاء الحقيقة بل بالعكس هويظهرشجاعة حمزة ناصعة اكثرمن الذي عبر عنها باستعمال الحقيقة بدل المجاز. ـــ فالمتجوز يحرص على تبليغ الحقيقة بقدر ما يحرص الكاذب على اخفائها لذلك فان المتكلم اذا وجد المعاني الحقيقية للالفاظ لاتسعفه بتقديم الحقيقة كما يراها يعدل عنها الى المجاز ـــ بل ويجد من سامعيه استحسانا بقدر ما يجد منهم الكاذب استهجانا فلا يسمي المجاز كذبا الا من خفيت عليه هذه المعاني الظاهرة او كابر من اجل هوى في نفسه ولله در الجرجاني اذ قال في اسرار البلاغة ص 391:(من قدح في المجاز وهم ان يصفه بغير الصدق فقد خبط خبطا عظيما ويهرف بما لايخفى ) ـــ فان كان ولابد من تسميته كذبا فهو ليس كذبا حقيقيا بل هو كذب مجازي والكذب المجازي ليس محضورا ولاعيبا بل هو من المعاريض وفي الحديث عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : إِنَّ فِى الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ. أخرجه: ابن أبى شيبة (5/282 ، رقم 26096) ، وهناد فى الزهد (2/636 ، رقم 1378) ، والبخاري في الأدب المفرد (1/297 ، رقم 857 وعن ابي هريرة أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ :لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، قَطُّ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللهِ قَوْلُهُ : إِنِّي سَقِيمٌ ، وَقَوْلُهُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا، وَوَاحِدَةً فِي شَأْنِ سَارَةَ، فَإِنَّهُ قَدِمَ أرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أحْسَنَ النَّاسِ ، فَقَالَ لَهَا : إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ، إِنْ يَعْلَمْ أنَّكِ امْرَأتِي ، يَغْلِبْنِي عَلَيْكِ ، فَإِنْ سَألَكِ فَأخْبِرِيهِ أنَّكِ أخْتِي ، فَإِنَّكِ أخْتِي فِي الإسْلاَمِ ، فَإِنِّي لاَ أعْلَمُ فِي الأرْضِ مُسْلِمًا غَيْرِي وَغَيْرَكِ .....)أخرجه البخاري 4/171(3357) و\"مسلم\" 7/98 . واذا كان الناس يلجؤون الى المعاريض للضرورة فما بالله تعالى من ضرورة فانه قادر ان يخلق فيهم العلم بذاته وصفاته ووعده ووعيده وسائر الغيبيات دونما حاجة الى اللغة اصلا كما خلق فيهم العلم بذواتهم ولكن حكمة الله تعالى شاءت بان يكونوا مكلفين ان يؤمنوا بالغيب بعقولهم وان يخاطبوا في شانه باللغة التي يتواصلون بها في الدنيا وفيها الحقيقة والمجازوهي اية من ايات الله تعالى كما في قوله جل وعلا(... خلق الانسان علمه البيان ...)3/4الرحمن ــ اما معنى النفي الذي يتضمنه المجازفليس من النفي المعيب حتى يحتج به ويقال (... المجاز يجوز نفيه وكتاب الله لا يجوز نفي شيء منه) فالحقيقة التي ينصرف عنها المتجوز هي المعيبة وليس المجاز: فانظر في المثل السابق وتفكرمن المسيئ الى حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه : هل هو من يفهم لفظ اسد بمعناه الحقيقي ام الذي يفهمه بمعناه المجازي ؟ ان الذي ينفي عن حمزة المعنى الحقيقي للفظ الاسد ويثبت له المعنى المجازي هو المحسن لحمزة . وعلى العكس من ذلك من يثبت له المعنى الحقيقي للفظ الاسد و ينفي عنه المعنى المجازي هو المسيئ اليه : ــ الاول بتاويل لفظ الاسد وعدم التزام ظاهره ينفي عنه الحيوانية ويثبت له الشجاعة . ــ والثاني بالتزام ظاهر لفظ الاسد ينفي عنه الشجاعة ويثبت له الحيوانية المتضمنة في المعنى الحقيقي للفظ الاسد كذلك الالفاظ المتعلقة بالصفات الخبرية في القران والسنة من اليد والساق والجنب والقبضة والنزول والمجيئ الخ...نفي حقائها اللغوية الظاهرة ليس نفيا معيبا بل هو النفي اللائق بجلاله تعالى لانه نفي لتجسيد الله تعالى ونفي لتمثيله بخلقه وفي المقابل نفي مجازاتها بدعوى الصدق في التزام ظواهر الالفاظ هو المعيب لانه نفي للكمالات التي استعمل المجاز في التعبير عنها فان اثبات حقائق الالفاظ مقتضاه اثبات الاعضاء لله تعالى من اليد والساق والوجه والجنب والقبضة الخ... وهو جل جلاله (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) وعلى العكس من ذلك نفي حقائق الالفاظ واثبات مجازاتها تنزيه لله تعالى عن التجسيد والتمثيل والمشابهة لخلقه 5= ومن حججهم لنفي المجاز قولهم (المتكلم لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا ضاقت به الحقيقة وعجز عنها، فيستعير من المجازات ما يبلغ مراده، وهذا مستحيل في حق الله تعالى) وهو قول باطل : ــ فقد كان العرب في منتهى الفصاحة ورغم ذلك استعملوا المجاز في امثالهم وشعرهم ونثرهم فكان ذلك دليلا على ان العدول عن الحقيقة الى المجاز له اسباب اخرى غير التي زعموا فمن المكابرة الادعاء بان المجاز عمل من ضاقت به الحقيقة ــ العدول عن الحقيقة الى المجاز له دوافع اخرى ذكرها العلماء من ذلك ما قاله الزمخشري :(واعلم انه انما يعدل عن الحقيقة الى المجاز لمعان ثلاث :وهي الاتساع والتشبيه والتوكيد...فمن ذلك قوله تعالى ((وادخلناه في رحمتنا))الاية فهذا مجاز وفيه الاوصاف الثلاثة المذكورة : اما الاتساع فهوانه زاد في اسماءالجهات والمحال اسما هو الرحمة , واما التشبيه فانه شبه الرحمة وان لم يصح دخولها بما يجوزدخوله , واما التاكيد فانه اخبر عما لايدرك بالحاسة وذلك تغال بالمخبرعنه وتفخيم له اذ صير الى منزلة ما يشاهد ويعاين الا ترى الى قول بعضهم في الترغيب في الجميل ((لورايتم المعروف لرايتموه حسنا جميلا)) وانما يرغب بان ينبه عليه ويعظم من قدره فيصور في النفوس على اشرف احواله واعلى صفاته وذلك بان يخيل متجسما لاعرضا متوهما ...) الجامع الكبيرص30 ومما يمكن ان يضاف الى اسباب العدول عن الحقيقة الى المجاز: ان غرض المتجوزمن العدول عن الحقيقة الى المجاز ليس مجرد تقديم المعنى وانما غرضه تحريك السواكن بنوع من الخيال والتعبيرالفني الموجود في المجازفيكون قوله ابلغ في حس سامعه والله تعالى لم يرد تقديم المعاني جافة مجردة في القران الكريم وسنة الرسول (ص) بل اراد ان يقربها الى الحس وان يحرك بها القلوب فقدمها في اسلوب ياخذ بتلابيب النفس ويحرك الوجدان فاستعمل كل المؤثرات اللغوية من بديع وبيان وبلاغة ومن الغريب ان يدعي مدع ان المجاز علامة العي والواقع يثبت انه لايستطيع التجوزالامن كان له خيال خصب وشاعرية بالغة ــ ثم ان كثيرا من المواضيع لاتسعف ظواهر الالفاظ وحقائقها بالتعبير عنها فيكون المجاز احسن وابلغ في التعبير عنهاوهو ما اشار اليه الزمخشري عندما قال (...الا ترى الى قول بعضهم في الترغيب في الجميل ((لورايتم المعروف لرايتموه حسنا جميلا))... ) ولما كان الله تعالى الحكيم الخبير الذي خلق الانسان وعلمه البيان يعلم الاساليب البيانية التي يتخاطب بها العرب ويتواصلون بها فيفهمون مراد بعضهم بعضا ولوكانت مواضيع التخاطب بينهم بعيدة عن عالم الحس خاطبهم في القران والسنة فيما هو من عالم الغيب بمجازات هي اقوم وابلغ وابين مما لو خاطبهم بحقائق الالفاظ و ظواهرها ولله در ابي حامد الغزالي اذ قال : (...أن جميع ما أطلق على الله تعالى من الأسماء والصفات هو مما أطلق قبل ذلك على الخلق إذ لو وضع لصفات الله تعالى ألفاظ خاصة وخوطب بها الناس لما فهموا منها شيئا قال تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم...)نقلا عن تفسير المنار (المسالة 3في تفسير الاية 7ال عمران)ولابن تيمية قول مماثل حيث قال : (... والاخبار عن الغائب لايفهم ان لم يعبر عنه بالاسماء المعلومة معانيها في الشاهد ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد مع العلم بالفارق المميز)ص97الرسالة التدمرية فالله سبحانه وتعالى عندما يخاطب عباده تارة بظواهر الالفاظ واخرى بمجازاتها فليس لانه : (...ضاقت به الحقيقة وعجز عنها، فيستعير من المجازات ما يبلغ مراده...) وانما لانه تعالى يعلم ان عباده لايفهمون مراده فيما اراد ان يبلغهم من مسائل عالم الغيب الا عبر المراوحة والمزاوجة في التعبير بين الحقيقة والمجاز وضرب الامثلة وغير ذلك من اساليب البيان ولهذا لم يقتصر جل جلاله على الحقيقة او المجازوبذلك اقام الحجة على من نظر في القران والسنة بعين واحدة : فان من اغمض عينيه عن المجازات صارمجسما ووقع في التفريط والنبو عن الحق قال الجرجاني في الفقرة 342من اسرار البلاغة:(اما التفريط فما تجد عليه قوما في نحو قوله تعالى هل ينظرون الا ان ياتيهم الله...واشباه ذلك من النبوعن اقوال اهل التحقيق فاذا قيل لهم الاتيان ... انتقال من مكان الى مكان وصفة من صفات الاجسام ...والله عز وجل خالق الاماكن والازمنة ومنشئ كل ما تصح عليه الحركة والنقلة والتمكن والسكون والانفصال والاتصال والمماسة والمحاذاة وان المعنى على الا ياتيهم امر الله...وان حقه ان يعبر بقوله تعالى فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقول الرجل اتيك من حيث لاتشعر يريد انزل بك المكروه...في حال غفلة منك...نعم اذا قلت ذلك للواحد منهم رايته ان اعطاك الوفاق بلسانه فبين جنبيه قلب يتردد في الحيرة ويتقلب ونفس تفر من الصواب وتهرب وفكر واقف لايجئ ولا يذهب يحضره الطبيب بما يبرئه من دائه ويريه المرشد وجه الخلاص من عميائه ويابى الا نفارا عن العقل ورجوعا الى الجهل ...) ومن اغمضوا اعينهم عن حقائق الالفاظ وظواهرها صاروا مبطلين وسقطوا في الطرف المقابل من التفريط فهم كما قال الجرجاني : (...قوم يحبون الاغراب في التاويل ويحرصون على تكثير الوجوه وينسون ان احتمال اللفظ شرط في كل ما يعدل به عن الظاهر فهم يستكرهون الالفاظ على ما لاتقله من المعاني يدعون السليم من المعنى الى السقيم ويرون الفائدة حاضرة قد ابدت صفحتها وكشفت قناعها فيعرضون عنها حبا للتشوف او قصدا الى التمويه وذهابا في الضلالة...)فقرة343اسرار البلاغة امامن جمع بين حقائق القران والسنة وبين مجازاتهما اثبت لله تعالى من الصفات ما اثبت الله تعالى لنفسه دون تعطيل اوتجسيم وسلم من التفويض ولم يقع في تناقض من يدعي التنزيه رغم التزامه الظاهر ونفيه التاويل فان من يرفض التاويل من ناحية ويدعي من ناحية ثانية انه ينزه الله تعالى ويصر على حمل الالفاظ على ظواهرها من ناحية ثالثة فانه بهذه الاجراءات الثلاثة لايمكن ان يكون الا متناقضا وكان كمن اختلس الجواب الصحيح في امتحان الحساب دون ان يمر بالتمشي المنطقي الموصل الى ذلك الجواب الصحيح يقال له من اين لك هذا كيف وصلت اليه ويتضح انه مدلس مختلس ويشهد عليه مساره بالتناقض ولايشفع له الادعاء بان ايات التنزيه اوصلته الى تلك النتيجة لان ايات التنزيه اذا وضعت جنبا الى جنب مع ايات الصفات الخبرية تبدو متعارضة ولايزول ذلك التعارض الا بحمل المتشابهات على المحكمات ولايكون ذلك الا بالتاويل وهو يرفض التاويل ويلتزم بظواهر الالفاظ وبذلك يكون ادعاءه التنزيه ادعاء بلا دليل بل هو تنزيه مسقط الاسماء والصفات الاسماء مفردها اسم قال الله تعالى (وعلم ادم الاسماء كلها)وقد ذهب الطبري في تفسيره للاية 31من سورة البقرة الى انها اسماء بني ادم واسماء الملائكة ولم يستبعد ان تشمل اسماء غيرهم فقال (...غير فاسد ان يكون دالاعلى جميع اصناف الامم...)فالاسماء الفاظ دالة على المسميات المتعددة والمتنوعة في عالمي الغيب والشهادة ومنها اسماء تتعلق بالله تعالى وقد مثلت الاسماء مسائل بحث واختلاف بين المتكلمين منها هل اسماء الله تعالى هي الله جل وعلا ام هي غيره ام انها ليست هو ولاغيره ؟ سؤال في منتهى الغرابة وهو ما جعل الرازي يقول في تفسيرسورة الاعلى (...هذه المسالة في وصفها ركيكة وان كان كذلك كان الخوض في ذكر الاستدلال عليه ارك وابعد...) ومن احسن ما قيل في الجواب قول الايجي في المواقف : (...وقد اشتهر الخلاف في ان الاسم هل هو نفس المسمى او غيره ولايشك عاقل في انه ليس النزاع في لفظة (ف رس )انه هل هو نفس الحيوان المخصوص او غيره ) واتم الجرجاني فقال (...فان هذا مما لايشتبه على احد...)ثم بين الجرجاني محل النزاع فقال : (...بل النزاع في مدلول الاسم هو الذات من حيث هي هي . ام هو الذات باعتبار امر صادق عليه عارض له ينبئ عنه ...) وجواب ابي الحسن الاشعري : (قد يكون الاسم عين المسمى نحو الله فانه اسم للذات من غير اعتبار معنى فيه . وقديكون غيره نحو الخالق والرازق مما يدل على نسبته الى غيره ولاشك انها غيره . وقد يكون لاهو ولاغيره كالعليم والقدير مما يل على صفة حقيقية )المواقف المرصد7ص233 فما معنى ان يكون الاسم عين المسمى ؟ انه تعبير ملتبس والمراد منه ان مدلول الاسم هو عين المسمى والبون شاسع بين الاسم كحروف تكتب و تنطق وتسمع وبين مدلول الاسم كمعنى يدرك بالعقل فلفظ الله ليس هو الله تعالى اما مدلول لفظ الله فهو الله تعالى بكل جلاء هذا اللبس سببه المقصد البعيد الذي اراد المتكلمون الوصول اليه وهو انتقاء الالفاظ وهي(الاسماء) الدالة على الذات الالهية المجردة لهذا تمت التفرقة بين لفظ الجلالة (الله) تعالى وبين لفظ (الخالق) او (الرازق) فاللفظان الاخيران لايدلان على الله تعالى كذات مستقلة منفصلة وانما هما لفظان يربطان الله تعالى بخلقه كخالق لها انشاهامن العدم ورزقها ولهذا فان الخالق والرازق صفتان لله تعالى اما الله فاسم له وليس مجرد صفة ولهذافان صفات المعاني عند الاشعرية هي صفات لله تعالى اما الصفات المعنوية فهي اسماء له جل جلاله ومن هنا فان الصفات تؤخذ من الاسماء وقد قال العثيمين رحمه الله (والصفات الماخوذة من الاسماء هي كمال بكل حال...ليس فيها تفصيل وغيرها تنقسم الى الثلاثة الاقسام التي سلف ذكرها )ص143 في الصفحتين 142/143وهي: صفات كمال مطلق كصفة القدرة وصفات كمال مقيد كصفة المكرفانه تعالى لايتصف بها الا في مقابل مكر الماكرين من الكافرين والعصاة وصفات نقص مطلق كصفة العجزوهي منفية عنه تعالى وقد اعتمد الجرجاني في شرح المواقف منهجا اخر في التقسيم فقال (...اعلم ان الاسم الذي يطلق على الشيئ اما ان يؤخذ من الذات ...او من جزئها اومن وصفها الخارجي اومن الفعل الصادر عنه ...)ج8ص231 فهذه اربع جهات : ــ فهل لله تعالى اسم من جهة الذات ؟ مسالة خلافية فالمعتزلة انطلاقا من عجز العقل عن ادراك حقيقة الذات الالهية نفوا وجود اسم يدل على حقيقة ذاته العلية اما الجرجاني ورغم موافقته على ان الذات الالهية لاتدرك بالعقل فانه اثبت وجود اسم يدل عليها فقال : (...وضع الاسم لايتوقف عليه اذ يجوز ان يعقل ذات ما بوجه من وجوهه ويوضع الاسم لخصوصيته ويقصد تفهيمها باعتبار ما لا بكنهها ويكون ذلك الوجه مصححا للوضع وخارجا عن مفهوم الاسم على ما مر من ان لفظ الله اسم علم له موضوع لذاته من غير اعتبار معنى فيه ...)ص232/233ص ولعل الرايين يصحان فقد جاء في الحديث (...اسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك اوانزلته في كتابك اوعلمته احدا من خلقك او استاثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القران ربيع قلبي ...) فالاسم الذي استاثر الله تعالى به في علم الغيب عنده هو الاسم الذي يصح ان يقال هو مسماه المطابق لذاته وهو الاسم الذي لو خاطبنا به الله تعالى لما اتسعت انفسنا لاستيعابه اما الاسماء الاخرى التي سمى بها نفسه فانزلها في كتابه او علمها احدا من خلقه علمه اياها بوحي او بالهام او بملكة العقل فهذه الاسماء كلها كما قال الجرجاني (...يقصد تفهيمها باعتبار ما لا بكنهها...) أي هي اعلام تدل على المولى عز وجل عرفنا بذاته بواسطتها دون ان تكون معرفة لنا بحقيقة ذاته كما هي في الغيب ـــ وليس لله تعالى اجزاء فلا اسماء له هي ابعاض واعيان واجزاء وما يوحي بذلك من اليد والوجه والجنب ونحوها من الصفات الخبرية يجب تاويلها الى معان تليق بجلال الله تعالى ولهذا يقول الجرجاني في شرح المواقف : (اما الماخوذ من الجزء {يقصد الاسم }كالجسم للانسان مثلا فمحال عليه...فلايتصور لذاته تعالى جزء حتى يطلق اسم عليه ـــ اما من جهة الوصف الخارجي فلله تعالى اسماء ذكر الجرجاني لها امثلة فقال : (واما الماخوذ من الوصف الخارجي الداخل في مفهوم الاسم فجائز في حقه تعالى ثم هذا الوصف قد يكون حقيقيا كالعليم وقد يكون اضافيا كالماجد بمعنى المعالي ويكون سلبيا كالقدوس ـــ واما الاسم الماخوذ من الفعل فجائزفي حقه تعالى ايضا تسبيح الاسم والمسمى قال الله تعالى (سبح اسم ربك الاعلى ) وللمفسرين في ذلك تاويلات اهمها تاويلان : الاول (عظم ربك الاعلى لارب اعلى منه واعظم)وهذا التاويل يجعل لفظ اسم مجرد صلة بين لفظتي سبح وربك وهو يعني ان المسمى هو المعني بالتسبيح دون الاسم والتاويل الثاني (نزه اسم ربك الاعلى فلا تسمي به شيئا سواه كما فعل المشركون من تسميتهم الهتهم اللات والعزى) وقد اختار الامام الطبري التاويل الثاني فقال في تفسيره: (واولى الاقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال معناه نزه اسم ربك ان تدعو به الالهة والاوثان ) واختاره الرازي فقال :(ففي اللفظ {ويقصد به اسم } احتمالات احدها ان المراد نزه اسم ربك عن ان تسمي به غيره...كما كان المشركون يسمون الصنم اللات ومسيلمة برحمان اليمامة . وثانيهماان لايفسر اسماءه بما لايصح ثبوته في حقه نحو ان يفسر الاعلى بالعلو في المكان والاستواء بالاستقرار بل يفسر العلو بالقهر والاقتداروالاستواء بالاستيلاء . وثالثها ان يصان عن الابتذال...ورابعها...مجده باسمائه التي انزل...ونظير هذا التاويل قوله تعالى فسبح باسم ربك العظيم ومقصودالكلام ...امران احدهما...صل باسم ربك لاكما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية والثاني ان لايذكر العبد ربه الا بالاسماء التي ورد التوقيف بها) ونقل الرازي عن الواحدي :(معنى سبح باسم ربك : ـــ نزه الله تعالى بذكر اسمه المنبئ عن تنزيهه وعلوه عما يقول المبطلون ـــ وسبح اسم ربك أي نزه الاسم من السوء) وبهذالم يخرج الامرعن الاسم اذ في الحالة الاولى اعتبر الاسم وسيلة لتنزيه الله تعالى وفي الحالة الثانية جعل التنزيه في عدم استعمال الاسم في غير محله والمعنيان صحيحان : ــ فتنزيه الله تعالى انما يكون بالاسماء التي سمى بها نفسه مثل اسم (الرب) فيقول المسبح (سبحان ربي الاعلى) ولا يقول (سبحان واجب الوجود) لان واجب الوجود مصطلح كلامي يعبر به المتكلمون عن الله تعالى فلا يجوز تسبيح الله تعالى به رغم صحة معناه لان الله تعالى لم يسم به نفسه لافي القران ولافي السنة ـــ كذلك الاسماء التي سمى بها الله تعالى نفسه مثل الله والحي والعزيز والمالك الخ... من تنزيه الله تعالى الا يسمى بها غيره وفي الحديث عن ابي هريرة (ان اخنع الاسماء عند الله يوم القيامة رجل ملك الاملاك شاهان شاه ) ولايصح اعتراض من قال ان الاسم (لفظة مؤلفة من حروف ولايجب تنزيهها كما يجب في الله ) وهوما ذكره القرطبي لان تنزيه الاسم لذاته لم يقل به احد وانما التنزيه في الامتثال لامر الله تعالى باستعماله في تنزيهه و عدم تسمية غيره به و عدم اجاراء ما كان من الاسماء موحيا بالتجسيم والتبعيض على ظاهره بل يجب تاويله بما يليق بجلاله تعالى من معاني الكمال واسمه تعالى معلوم انه (رب العالمين) ولهذا الاستجابة لامره تعالى بالتسبيح في قوله (سبح اسم ربك الاعلى )تكون كما بين رسول الله (ص) بالقول (سبحان ربي الاعلى )وليس بسبحان اسم ربي الاعلى نظير هذا ان القائل اذا امر فقال (وحدوا الله )لا يجاب عليه بترديد قوله (وحدوا الله )ثم تضاف اليه كلمة التوحيد (لااله الا الله ) وانما مباشرة ينطق الموحدون بكلمة التوحيد (لااله الا الله )دون ترديد لجملة الامر (وحدوا الله )كذلك هنا لفظة (اسم )هي من الفاظ الامر بالتسبيح في قوله تعالى (سبح اسم ربك الاعلى )لايرددها المسبح وانما يسقطها ويكتفي بمدلوها وهو ان يستعمل في تسبيحه لفظ (رب العالمين )وهو الاسم الذي عني في الامر بالتسبيح فيقول (سبحان ربي الاعلى) ولا يقول (سبحان اسم ربي الاعلى) واذا كان هذا بينا واضحا يسقط احتجاج من احتج بان الاسم هو المسمى فقال :(وهذا كله يدل على ان الاسم هو المسمى لانهم لم يقولوا سبحان اسم ربي الاعلى ) الجامع لاحكام القران القرطبي تفسير الاعلى ولهذا التعقيد واللبس فان الامام الرازي بعد ان استرك مسالة اعتبار الاسم هو المسمى قال ان لفظة (اسم):(...جعلناها اسما لكل ما دل على معنى غير مقترن بزمن والاسم كذلك ...يلزم ان يكون ...اسما لنفسه فههنا الاسم نفس المسمى فلعل العلماء الاولين ذكروا ذلك فاشتبه الامرعلى المتاخرين وظنوا ان الاسم في جميع المواضع نفس المسمى ) ثم ختم بقوله (...هذا حاصل التجقيق...) وقد ورد الامر بتسبيح رب العالمين غير مقترن بلفظ (اسم)في ايات كثيرة منها : في سورة التغابن في آلاية 1:(يسبح لله ما في السماوات وما في الارض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) وفي سورة الإسراء في آلاية 1:(سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير ) وفي سورة الإسراء في آلاية 93:(...قل سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا ) وفي سورة الإسراء في آلاية 108:(ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا ) وفي سورة المؤمنون في آلاية 91:(ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ) وهكذا بعد الفعل (سبح )او احد مشتقاته يرد اما اسم من اسمين هما اسم (الله) او( الرب) مضافا وقد يردان معا كما في قوله تعالى في سورة النمل في الاية8:(فلما جاءها نودي ان بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ) واما يرد بدلا عنهما احد الاسمين الموصولين (الذي) او( من ) كما في قوله تعالى (سبحان الذي اسرى بعبده ) ويمكن اعتبار هذه الايات دروسا عملية في تطبيق قوله تعالى (سبح اسم ربك الاعلى ) فجعلت اسمه تعالى اما الله او الرب مضافا او الاسم الموصول متبوعا بفعل من افعاله كقوله تعالى (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين )13الزخرف او بفعل من افعال خلقه كما في الحديث عن ابي هريرة انه كان اذا سمع الرعد قال (سبحان من يسبح بحمده الرعد بحمده ) التناسب بين الاسماء والصفات ايهما اكثر عددا الصفات ام الاسماء وايهما اكثر الصفات المنفية او المثبتة ؟ يقول العثيمين : (...الصفات اعم من الاسماء لان كل اسم متضمن لصفة وليس كل صفة متضمنة لاسم ...)ص145 ويقول (...الصفات المنفية عن الله عز وجل فكثيرة ولكن الاثبات اكثرلان صفات الاثبات كلها صفات كمال...) وكل هذا فيه نظر : ـــــــــــ مقارنة عدد الاسماء بعدد الصفات فلو نقف مبدئيا مع الاشتقاق فاننا سنجد الاسماء تتساوى مع الصفات ويؤكد هذا قوله :(كل اسم من اسماء الله دال على ذاته وعلى الصفة التي اشتق منها)ص144 والصفات الخبرية من اليد والعين والوجه والمجيئ والنزول والفرح والضحك الخ...لايمكن اعتبارها صفات زائدة عن صفات المعاني المثبتة بدليل انها ليست مشتقة من اسماء الله تعالى فهي مجازات لكل صفة منها معنى او معان تليق بجلال المولى عز وجل فاليدمثلا تارة هي القدرة واخرى هي النعمة و الفضل حسب السياق الذي ترد فيه وهذه الصفات الخبرية تبدو اعم من الاسماء رغم ان الاسماء هي الاصل وسبب ذلك والله اعلم انها شرح و تبيين للاسماء و من طبيعة الشرح والتبيين انه اعم لما فيه من طرق التحليل والتبسيط فالعلاقة بين الاسماء والصفات كالعلاقة بين الشروح والمتون فهي في الاصل متساوية لكن في الظاهرالشروح تبدو اعم من المتون ومن العبرة الدالة على خطا من يحمل الصفات الخبرية على ظواهرهاويعتبرها صفات مستقلة انها لاتشتق منها اسماء لله تعالى فلا يسمى الله تعالى مثلا الجائي انطلاقا من قوله تعالى (وجاء ربك والملك صفاصفا ) في حين يسمى المولى عز وجل السميع والبصير انطلاقا من مثل قوله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) وهكذا كل الصفات التي لم تاولها الاشعرية وهي المسمات عندهم صفات المعاني تشتق منها لله تعالى اسماء نزل بها الوحي في القران والسنة على عكس الصفات الخبرية فالتاكيد على ان اليد مثلا صفة زائدة عن صفة القدرة او عن صفة النعمة والفضل والقول انها يد حقيقية ورفض ردها الى صفات المعاني عبر التاويل فانه لامعنى له غير التجسيد والتجسيم والتمثيل ولو كانت لله تعالى ابعاض واجزاء واعيان زائدة عن صفات المعاني لانزل فيها نصوصا محكمة وهذا لم يحصل بل حصل العكس وهو التاكيد على تنزيه الله تعالى ومخالفته للحوادث ومن الغريب ان المشركين كانوا يقولون للرسول (ص) واصحابه صف لنا ربك هل هو من ذهب ام من نحاس ام من فضة الخ ...وكانوا ينسبون الملائكة بنات له تعالى ويجعلون له شركاء وكانوا لفرط الانحراف الذي اصاب عقولهم يستغربون كيف يكون الله تعالى واحدا غير متعدد بل منهم من كان لا يقبل الايمان باله لايرى مثل اصنامهم وذلك لشدة ارتباطهم بالمادة وعالم الحس وفي تفسير القرطبي عن الحسن قال كان رجل من طواغيت العرب بعث النبي (ص) نفرا يدعونه الى الله ورسوله والاسلام فقال لهم اخبروني عن رب محمد ما هو ومما هو امن فضة ام من حديد ام من نحاس ؟ فاستعظم القوم مقالته فقال اجيب محمدا الى رب لايعرفه فبعث النبي (ص) اليه مرارا وهو يقول مثل هذا فبينما النفر ينازعونه ويدعونه اذ ارتفعت سحابة فكانت فوق رؤوسهم فرعدت ورمت بصاعقة فاحرقت الكافر وهم جلوس فرجعوا الى النبي (ص) فاستقبلهم بعض اصحاب النبي (ص) فقالوا احترق صاحبكم فقالوا من اين علمتم قالوا اوحى الله الى النبي (ص)ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) وارتباط الفكر بالمادة والحس امر طبيعي في بني ادم الا انه في المشركين قد بلغ مبلغ الغلو والا فان اصله موجود في كل بني ادم حتى الانبياء والمرسلين وقد بدا في موسى عليه السلام عندما قال (رب ارني انظر اليك ) 143الاعراف وفي ابراهيم عليه السلام عندما قال(رب ارني كيف تحيي الموتى )260البقرة وقال الرجل الصالح عندما مرعلى القرية وهي خاوية على عروشها(انى يحيي هذه الله بعد موتها )259البقرة واذا كان الله تعالى قد نزه ذاته عن تصورات الجاهليين ورد عليهم ماوصفوه به في مثل قوله تعالى (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)182الصافات ولم يقبل تجسيدهم وطلبهم (اجعل لنا الهة كما لهم الهة )138الاعراف ولاقبل طلبهم لموسى عليه السلام (ارنا الله جهرة )اذا كان الله تعالى قد فعل ذلك مع المشركين لعلمه تعالى بان تعلقهم بالحس قد تجاوز القدرالذي يليق ببني ادم فانه على العكس من ذلك مع من لم تفسد فطرهم من عامة عباده لاسيما من الانبياء والمرسلين والصالحين فانه استجاب لهم وعاملهم بلطفه فقد قبل من موسى عليه السلام طلبه وعلمه درسا لطيفا بقوله تعالى (... لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)143الاعراف وفعل مثل ذلك مع ابراهيم عليه السلام حيث قال له (...قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )260البقرة اما الرجل الصالح فكانت قصته كما وردت في قوله تعالى انه :(... أَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)سورة البقرة -260) ومن هذا القبيل تعرف الله تعالى لعامة عباده بصفاته الخبرية فنسب لذاته اليد والوجه والجنب والقدم والساق والفرح والتحسر والتاذي فقال في الحديث القدسي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قال الله - تعالى -: يُؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر؛ بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار))؛ متفق عليه وهو تعالى كما قال عن حقيقة ذاته العلية (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) فكل ذلك مجرد لطف من الله تعالى بعباده وعذرا لهم في كون طبيعتهم كما خلقها مشدودة الى عالم الحس بالقدر الذي هي مهيئة للسمو والايمان بالغيب وهو تعالى اذتعرف لهم بتلك المجازات نبههم في ايات التنزيه الى ما يعصم فكرهم من النزول الى مستوى الانعام التي لاتدرك الا المحسوسات ومن هنا جاء مدح المؤمنين بالغيب الذين تتجاوز مداركهم عالم الحس بقدر الطاقة العقلية التي وهبهم المولى عز وجل فكان من الضرورة بمكان تاويل الصفات الخبرية الى معان تليق بذات الله تعالى وهو ما يجعلها تلتقي مع صفات المعاني المشتقة من الاسماء الحسنى وبتاويلها يسموالفكر وينتفي تجسيد الله تعالى ومن يرفض التاويل ويلتزم بظواهر الالفاظ يعمق في ذاته الحس المادي فلا يسمو الفكر لديه سموا يليق بفكر من يؤمن بالغيب وهو بذلك يكون قد ضل عن الغاية التي من اجلها نسب الله تعالى لذاته الفاظا ظاهرها التجسيد ولم يفقه ان الله تعالى اراد ان يرفع بها فكره المجبول على النشاط في عالم الحس بقدر ماهو مجبول على السمو الى الايمان بالغيب فهو عوض ان يتقبلها من الله تعالى كمجازات يرتفع بها فكره من عالم الحس والتجسيد اعتبرها في ذاتها حقائق فاخلد بها الى عالم الحس وقال هي اعيان وابعاض واجزاء حقيقية ثم ان رافض التاويل هذا عندما ادرك ان الله تعالى لايتبعض ولايتجزا ولايتعين لم يراجع نفسه بل اصر على القول واكتفى بادعاء انها ابعاض مجهولة الكيفية تليق بجلال الله تعالى وعظمته وهو اداعاء لاينقله بعيدا عن عالم الحس والتجسيد ـــــــــــ الموازنة بين النفي والاثبات الصفات الثبوتية كما قال العثيمين (... كلها صفات كمال...) اما الصفات المنفية فهي وان كانت بذاتها لاتليق بجلال الله تعالى فان نفيها عن الله تعالى يثبت كماله جل وعلا وقد قال العثمين رحمه الله في ص163(والصفات السلبية : لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد . ثلاث اثبات -يقصدما جاء في اول سورة الاخلاص- وثلاث نفي وهذا النفي يتضمن الاثبات كمال الاحدية والصمدية ) وقال في شرحه لاية الكرسي (والنوم من صفات النقص...وهذه صفة من صفات النفي وقد سبق ان صفات النفي لابد ان تتضمن ثبوتا وهوكمال الضدوالكمال في قوله تعالى لاتاخذه سنة ولا نوم كمال الحياة والقيومية...لايحتاج الى النوم...)ص167 ولهذا فان صفات النفي والاثبات كلها تشترك في الدلالة على كمال الله تعالى ومن الدليل على ذلك ان كل صفة مثبتة تقابلها صفة منفية ولذلك سمى الاشعرية صفات المعاني بالصفات السلبية لانها تسلب عن الله تعالى عكسها فاثبات صفةالوجود يقابله نفي صفة العدم واثبات البقاء يقابله نفي صفة الفناء وهكذا كل صفة كمال مثبتة تقابلها صفة نقص منفية ولهذا لايصح القول (...ولكن الاثبات اكثر...) وفي ص181يقول :( هو الاول : الاول فسره النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : الذي ليس قبله شيء وهنا فسر الاثبات بالنفي ...وقد سبق ان الصفات الثبوتية اكمل واكثر فلماذا ؟ فنقول ...لتوكيد الاولوية...) وقد قدم القران النفي على الاثبات في اكثر من اية كما سبقت الاشارة اليه والسبب في ذلك والله اعلم من وجهين : الوجه الاول : ان كمال الله تعالى من المسائل المعلومة لدى العقلاء فطريا لايحتاج تاكيدا الوجه الثاني : ان الانحرافات الشركية الطارئة على عقول البشر هي التي تحتاج التقديم ليحذرها الموحدون و في القاعدة الاصولية دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة وفي الحديث عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه (...ما نهيتكم عنه ، فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم...) فقد علم من منهج الشرع تقديم النهي عن المحذور على الامر بالواجب وهذا يسري في احكام العقيدة كما هو في احكام التعبد و المعاملات وتمام القول في التناسب بين الاسماء والصفات انها متساوية وهي الى جانب ذلك لايحصيها الا الله تعالى لان منها كما مر في دعاء الرسول (ص) ما استاثر الله تعالى بعلمه الطريق لمعرفة الاسماء والصفات اول صفات الله تعالى عرفها الانسان بعقله وهي صفة الوجود وغيرها كثير من صفاته تعالى عرفها الانسان بعقله انطلاقا من تدبر اياته تعالى في الكون ولكن العثيمين يصر على ان صفات الله تعالى واسمائه بل وغيرها من المعارف حتى المتعلقة بعالم الشهادة يريد ان يقول ان طريقها النقل فانظر قوله (...فلو سالنا سائل من اين علمنا ان الله تعالى اعطى كل شيئ خلقه فنقول من كلام موسى...) ص149يقصد قوله تعالى :(...قال ربنا الذي اعطى كل شيئ خلقه ثم هدى )50طه وهذا القول في حد ذاته صحيح لايعترض عليه مسلم لكن الغريب هو استبعاد العقل بغير مبرر شرعي فنحن معشر بني ادم قبل ان ينزل القران الكريم عرفنا ان ربنا اعطى كل شيئ خلقه ثم هدى عرفنا ذلك بعقولنا انطلاقا من النظر في العالم واننا بسبب ذلك امنا بوجود الله تعالى وصدقنا رسله وكل صفات الله تعالى المثبتة والمنفية قد عرفها الانسان بعقله وحديث الله تعالى عن المشركين في كل عصريستشف منه انهم كانوا يعرفون صفات الاله الحقيقي رغم انهم كانوا يعبدون غيره من الهة المصطنعة ولهذا حاججهم الله تعالى بما يعرفون من تلك الصفات وعجزوا عن الرد كما اقروا بانها صفات مفقودة في الهتهم وعندما انزل الله تعالى الوحي على رسله اقرها ولم يضف في شانها جديدا سوى امرين اولهما الصفات الخبرية وثانيهما ايات التنزيه الاولى انزلها الله تعالى ليتعرف بها الى عباده حسب الطرق البيانية التي عهدوا في عالم الحس من التشبيه والكناية والمجاز و الاستعارة وضرب الامثلة والثانية انزلها لينبههم الى ان الصفات الخبرية ليست مرادة ظواهرها وانما المراد منها مجازاتها انعام الله تعالى على الخلق في معرض الحديث عن الصراط المستقيم ذكر العثيمين اقسام النعم باعتبار ان الصراط المستقيم هو صراط الذين انعم الله تعالى عليهم فنفى العثيمين ان يكون الله تعالى انعم على الكافرين نعمة تهديهم الى الصراط المستقيم فقال :(لوسالنا سائل هل لله على الكافر نعمة ؟قلنا نعم ولكنها نعمة عامة وهي نعمة ما تقوم به الابدان لاما تصلح به الاديان...) وهذا لايصح على اطلاقه فان الكافرين ككل بني ادم انعم الله تعالى عليهم بالتكريم فوهبهم عقولا وخلقهم في احسن تقويم وسخر لهم الكون وارسل اليهم رسله مبشرين ومنذرين وهذه نعم تصلح بها الابدان والاديان معاولكنهم اغتنموها في اصلاح الابدان دون اصلاح الاديان فهم كما قال المولى عز وجل (بدلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار)28ابراهيم فالنعمة التي اختص بهاالله تعالى الموحدين حتى نسب اليهم الصراط المستقيم انما هي نعمة اكتساب الصالحات الباقيات من الاعمال وهي نعمة اقدر الله تعالى عليها الكافرين الا انهم فرطوا فيها فلم يغتنموها كما اغتنمها الموحدون ولهذا سيكونون محجوجين يوم القيامة ولن يكون لهم عذر يعتذرون به الى المولى عز وجل فهم قد انعم الله تعالى عليهم نعمة كانت كفيلة بان تجعلهم مع اصحاب الصراط المستقيم لو اغتنموها ولكنهم كانوا كما قال تعالى في قوم ثمود :(واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) واذا كان التوفيق للايمان والضلال عن سواء السبيل بيد الله تعالى فلا يعني ذلك انه ينعم على من يشاء ويضل من يشاء بغير حكمة فنعمة التوفيق للايمان يهبها لمن ارادها وسعى اليها دون من اراد غيرها وسعى الى ضدها اما نعمة تبيين الرشد من الغي فقد انعم بها المولى عز وجل على الجميع لافرق فيها بين المؤمنين والكافرين وقال سبحانه وتعالى (لااكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي...) فاصل النعمة التي بها تتحقق سعادة الدارين وهبها الله لكل بني ادم وذلك قوله تعالى (ولقد كرمنا بني ادم...)يقول ابن عاشور رحمه الله تعالى :(ان نعم الله على عباده كلهم كثيرة والكافر منعم عليه بما لايمترى في ذلك ولكنها نعم تحفها الام الفكرة في سوء العاقبة ويعقبها عذاب الاخرة فالخلاف المفروض بين بعض العلماء في ان الكافر هل هو منعم عليه خلاف لاطائل تحته )ص194ج1 لكن لما اختلف بنوادم في تصريف تلك النعمة اختلف جزاءهم عند الله تعالى فالمؤمنون صرفوها في اكتساب الايمان والكافرون صرفوها في اكتساب الفسوق والعصيان فبقيت النعمة على اصلها مع المؤمنين وانقلبت مع الكافرين نقمة واصلها واحد والله تعالى يقول( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا)20الاسراء حقيقةالكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرسي ذكر العثيمين الكرسي في الصفحة 171 فما بعدها فقال انه ( محيط بالسماوات والارض ) و استشهد بحديث ابن عباس وفيه ان الكرسي (موضع قدمي الله عزوجل )ص171/172واستنتج من اية الكرسي 26صفة لله تعالى منها في ص 174الصفة 18فقال (...اثبات الكرسي -كصفة لله تعالى - وهو موضع القدمين... ) ــــــ فما هما العرش و الكرسي ــــــ و هل هما مخلوقان عظيمان ام هما من صفات الله تعالى ــــــ وهل يصح ظاهر الروايات فيما لله تعالى بهما من صلة ــــــ وهل تتفق الروايات في القول بان الكرسي محيط بالسماوات والارض للاجابة عن هذه المسائل يمكن الانطلاق من سبر لما جاء في تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وتفسير ابن عاشور قال ابن عاشور(والجمهور قالوا ان الكرسي مخلوق عظيم)التحريرص23 ج3ومع ذلك فقداختلف المفسرون في حقيقة الكرسي هل هو مجرد صفة من صفات الله تعالى ام انه خلق من مخلوقات الله تعالى ؟كما اختلفت الروايات في مسائل تتعلق بالعرش والكرسي وعلاقتهما بالله تعالى وبالكون الكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرسي من مخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلوقات الله الــــــــــــــكــــــــرسي من صفات اللـــــــه في تفسيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرابن كثيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر ج1ص680 قال ابن جريروقال اخرون الكرسي موضع القدمين ثم رواه عن ابي موسى والسدي والضحاك ومسلم البطين عن ابن عباس قال : (علمه ) عن ابن عباس قال سئل رسول الله (ص) عن قول الله وسع كرسيه السماوات والارض قال كرسيه موضع قدميه والعرش لايقدر قدره الا الله عز وجل وروي عن سعيد بن جبير مثله قال السدي عن ابي مالك الكرسي تحت العرش وهواختيار الطبري فقد قال في جامع البيان ج2ص130:(واما الذي يدل على صحته ظاهر القران فقول ابن عباس الذي رواه جعفر ...عن سعيد بن جبيرعنه انه قال (هو علمه )...لايؤوده حفظ ما علم واحاط به مما في السماوات والارض وكما اخبر...ربنا وسعت كل شيئ رحمة وعلما ...فكذلك قوله وسع كرسيه السماوات والارض واصل الكرسي العلم ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة ...) وقال السدي السماوات والارض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش وقال الضحاك عن ابن عباس لوان السماوات السبع والاراضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن الى بعض ما كن في سعة الكرسي الابمنزلة الحلقة في المفازة قال ابن ابي زيد حدثني ابي قال قال رسول الله (ص) ما السماوات السبع في الكرسي الا كدراهم سبعة القيت في ترس وقال ابوذرسمعت رسول الله يقول ما الكرسي في العرش الا كحلقة من حديد القيت بين ظهري فلاة من الارض عن ابي ذر الغفاري انه سال النبي (ص)عن الكرسي فقال رسول الله (ص) والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والارضون السبع عند الكرسي الا كحلقة ملقاة بارض فلاة وان فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة عن عمر رضي الله عنه قال اتت امراة الى رسول الله (ص) فقالت ادع الله ان يدخلني الجنة فعظم الرب تبارك وتعالى وقال ان كرسيه وسع السماوات والارض وان له اطيطا كاطيط الرحل الجديد من ثقله وفي الطبري عن عبد الله بن خليفة (...وانه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار اربع اصابع ...) وفي تفسيٍــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرالقرطبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي ج4ص275 عن علي رضي الله عنه الكرسي لؤلؤ والقلم لؤلؤ وطول القلم سبع مائة سنة وطول الكرسي حيث لايعلمه العالمون قال ابن عباس كرسيه علمه ورجحه الطبري عن ابن مسعود قال بين كل سمائين مسيرة خمس مائة عام وبين السماءالسابعة وبين الكرسي خمس مائة عام وبين الكرسي وبين العرش مسيرة خمس مائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش يعلم ما انتم فيه وعليه وقيل كرسيه قدرته التي يمسك بها السماوات والارض كما تقول اجعل لهذا الحائط كرسيا أي ما يعمده روى اسرائيل عن السدي عن ابي مالك في قوله وسع كرسيه قال ان الصخرة التي في الارض السابعة ومنتهى الخلق على ارجائها عليها اربعة املاك لكل واحد منهم اربعة وجوه ... هم قيام عليها قد احاطوا بالارضين والسماوات ورؤوسهم تحت الكرسي والكرسي تحت العرش والله واضع كرسيه فوق العرش عن اناس من اصحاب رسول الله (ص)في قوله وسع كرسيه فان السماوات والارض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش قال ابوموسى الاشعري الكرسي موضع القدمين وله اطيط كاطيط الرحل عن ابن بريدة عن ابيه قال لما قدم جعفرمن الحبشة قال له رسول الله (ص) ما اعجب شيئ رايته ثم قال رايت امراة على راسها مكتل من طعام فمر فارس فاذراه فقعدت تجمع طعامها ثم التفتت اليه فقالت له ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فياخذ للمظلوم من الظالم فقال رسول الله (ص)تصديقا لقولها لاقدست امة او كيف تقدس امة لاياخذ ضعيفها حقه من شديدها عن ابي ذر قال قلت يا رسول الله ايما انزل عليك اعظم قال اية الكرسي ثم قال يا ابا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي الا كحلقة ملقاة بارض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة في الاحاديث المتعلقة بالعرش والكرسي مضامين متنوعة تتعلق بمسائل عديدة تتعلق بالعرش والكرسي وهي مضامين تساعد على فهم حقيقة العرش والكرسي و في نفس الوقت تساعد على معرفة درجة صحة تلك الاحاديث فمن الاحاديث ما يتعلق بحجميهما : 1)حجم العرش والكرسي تعد الاحاديث المعبرة عن حجم العرش والكرسي من اشد المسائل وضوحا فاتساع الكون ان كان الكرسي والعرش مخلوقين شيئ يلحظه المؤمنون والمبطلون لايمتري فيه ممترفلاغرابة ان يكونا من الاتساع والعظم كما جاء في الحديث (...ماالسماوات السبع مع الكرسي الا كحلقة ملقاة بارض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة) وفي القران الكريم ما يؤيد ذلك وهو قوله تعالى (والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون )47الذاريات 2)مادة العرش والكرسي جاء في الحديث عن علي رضي الله عنه : ( الكرسي لؤلؤ والقلم لؤلؤ وطول القلم سبع مائة سنة وطول الكرسي حيث لايعلمه العالمون ) وهذا الحديث ادخل على العرش والكرسي عنصرا جديدا وهو القلم الذي كتب الله تعالى به مقادير الاشياء في اللوح المحفوظ فالقلم من لؤلؤ والكرسي من لؤلؤ ولم يذكرفي هذا الحديث هل العرش و اللوح المحفوظ من لؤلؤ ام لا ولكن ضم القلم الى الكرسي وكونهما من مادة غير معهودة يوحي بان الكرسي والقلم ونحوهما امور غيبية لايعلم حقيقتها الا الله تعالى ويصعب الاعتقاد انها كواكب او فضاءات او نحو ذلك من المخلوقات التي نعرف نظائرها في عالم الشهادة 3)موضعهمافي الكون فقد جاء في الاحاديث : كماقال السدي ( السماوات والارض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش ) وفي حديث عمر ( ان كرسيه وسع السماوات والارض وان له اطيطا كاطيط الرحل الجديد من ثقله ) وهو لايتناقض مع حديث السدي وخلاصة الحديثين ان الكرسي كالوعاء للسماوات والارض لكن حديث ابن مسعود يحمل معنى اخر اذ جاء فيه ان: (... بين كل سمائين مسيرة خمس مائة عام وبين السماءالسابعة وبين الكرسي خمس مائة عام وبين الكرسي وبين العرش مسيرة خمس مائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش يعلم ما انتم فيه وعليه) وفي هذه الحال التي يبينها هذا الحديث لم تعدالسماوات والارض كما في حديث السدي (... في جوف الكرسي... ) ولا الكرسي (...وسع السماوات والارض...) كما في حديث عمر بل السماء السابعة خارج الكرسي فبما ان بينها وبين الكرسي خمس مائة عام فلايمكن ان تكون في جوفه قد تكون السماوات الاخرى وهي ست في جوفه اما السماء السابعة فلا والاشكال يستحكم اكثر مع حديث ابي مالك : فقد روى اسرائيل عن السدي عن ابي مالك في قوله وسع كرسيه قال : ان الصخرة التي في الارض السابعة ومنتهى الخلق على ارجائها عليها اربعة املاك لكل واحد منهم اربعة وجوه ... هم قيام عليها قد احاطوا بالارضين والسماوات ورؤوسهم تحت الكرسي والكرسي تحت العرش والله واضع كرسيه فوق العرش) فهذا معناه ان الصخرة من اسفل والملائكة الاربع يقفون عليها و قد احاطوا بالارضين والسماوات ورؤوسهم تحت الكرسي وهو ما يعني ان الصخرة والملائكة والاراضين والسماوات السبع كلهم خارج الكرسي من اسفله فلم يعد شيئ منها في جوفه وهذاتناقض واضح في تموضع الارضين والسماوات من الكرسي وهوما يعني ان هذه الاحاديث لايمكن ان تكون كلها صحيحة وبعضهاظاهربجلاء انه من الاسرائيليات لما فيها من تجسيد لذات الله تعالى ويتاكد هذا الحكم ببعض ما ذكر من : 4)دور العرش والكرسي و كونهما موضعين ماديين يجلس علهيما المولى عزوجل فقد جاء في حديث ابي موسى الاشعري تجسيد لذات الله تعالى ووصف لاثر استوائه على الكرسي فقد : قال ( الكرسي موضع القدمين وله اطيط كاطيط الرحل الجديد) واشنع منه ما روي عن عبد الله بن خليفة قال : (اتت امراة النبي (ص) فقالت ادع الله ان يدخلني الجنة فعظم الرب تعالى ذكره ثم قال ان كرسيه وسع السماوات والارض وانه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار اربع اصابع ثم قال باصابعه فجمعها وان له اطيطا كاطيط الرحل الجديد اذا ركب من ثقله وقد اعرض بعض المفسرين صفحا عن هذه الاحاديث وحكم عليها بانها لايصح منها شيئ ومع ذلك فالعرش والكرسي مذكوران في القران الكريم فلا بد من البحث عن معنييهما ولاباس باستغلال هذه الاحاديث فيما لايتناقض مع الحقائق الايمانية في عقيدة التوحيد 5)الثابت في احاديث العرش والكرسي الثابت فيها بقطع النظر عن صحيحها وسقيمها ثلاثة امور:اولها اتساع العالم وثانيها موقع العرش والكرسي من العالم فهما منه بمثابة الناصة من كل دابة وثالثها وهوالاهم دلالتها على علم الله تعالى وقدرته وهيمنته وسلطته القاهرة وهذه الامور الثلاثة مسلمة لااشكال فيهافالعالم فعلا اوسع مما عرف الانسان الى حد الان. وهو بداهة يدار من موقع ما لايمنع العقل التعبير عنه بالعرش والكرسي خاصة وهما في عالم البشر رمز الحكم والسلطة والتوجيه .اما كون الله تعالى هو المهيمن على العالم فمن المسلمات في عقيدة التوحيد ثم ان الكرسي و العرش ولو سلمنا بانهما مخلوقان عظيمان وان قيادة العالم هما اداتها فلايعني ذلك ان علاقة حكم الله تعالى بهما علاقة حلول واتصال فالله تعالى مباين لخلقه وفعله لايكون بالة وانما يقول للشيئ كن فيكون ولهذا فاحسن ما قيل في تاويل العرش والكرسي انهما يمثلان علم الله تعالى وشمول ملكه وسلطته فهما مهبط علمه وهما ناصية العالم ياخذه الله بهما كما هو تعالى ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها وقد روي عن ابن عباس وسعيد ابن جبير ان العرش والكرسي علم الله تعالى وهو اختيار الطبري فقد قال (...اما الذي يدل على صحته ظاهر القران فقول ابن عباس الذي رواه جعفر بن المغيرة عن سعيد بن جبير عنه انه قال هو علمه وذلك لدلالة قوله تعالى ذكره ولايؤوده حفظهما على ان ذلك كذلك فاخبر انه لايؤوده حفظ ما علم واحاط به مما في السماوات والارض وكما اخبر عن ملائكته انهم قالوا في دعائهم ربنا وسعت كل شيئ رحمة وعلما(7غافر) فاخبر تعالى ذكره ان علمه وسع كل شيئ ...) واعترض العلامة محمود شاكر على استدلال الطبري فقال(وقد اراد الطبري ان يستدل بعد بان الكرسي هو العلم بقوله تعالى ربنا وسعت كل شيئ رحمة وعلما فلم لم يجعل الكرسي هو الرحمة وهما في اية واحدة ) ويمكن رد هذا الاعتراض بان العلم اولى من الرحمة لان دور الكرسي في العالم كما يظهر من مجموع الروايات انما هو التنظيم والاتقان لكل عناصر العالم بما فيها العناصر التي لاتعني الرحمة لها شيئا من الارضين والسماوات وهي جماد في حين ان الرحمة لاتشمل الا الاحياء والكرسي وسع الاحياء وغير الاحياء فكان تفسير الطبري له بالعلم اولى من تفسيره بالرحمة لان العلم يشمل كل العالم ثم ان الروايات تتناقض في كون الكرسي يسع الارضين والسماوات فبعضها يجعها في جوفه والبعض الاخر يجعل السماء السابعة فوقه وبعض الروايات تجعل الارضين والسماوات تحته والعرش في كل الروايات فوق الكرسي مباين للارضين والسماوات وهذا يتناسب مع وسع علم الله تعالى لكل عناصر العالم ثم ان العرش والكرسي كما يعنيان علم الله تعالى يعنيان ايضا ملكه وحكمه للعالم وقدرته القاهرة وهذا المعنى صريح في لفظي العرش الكرسي و التعبير بهما مجازا عن الملك والسلطة والحكم والسؤدد معلوم في القران الكريم وقد حكى الله تعالى على لسان الهدهد اذ قال عن بلقيس (اني وجدت امراة تملكهم واوتيت من كل شيئ ولها عرش عظيم )23النمل فانظر كيف ركزت الاية على الملك (...تملكهم...) ثم قال (واوتيت من كل شيئ...) ثم لخص ذلك كله في العرش فقال (...ولها عرش عظيم )وهذه المعاني كلها موجودة في الايات والاحاديث التي ذكرت العرش والكرسي ومن الطريف ان ابن عباس قال في قوله تعالى ولها عرش عظيم قال (سرير كريم ... حسن الصنعة ، ... سرير من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ) وموضع الطرافة في هذا ان كرسي الرحمن ايضا وصف في حديث علي رضي الله تعالى عنه بانه من لؤلؤ ومن عظمة عرشه تعالى انه عرش له كرسي وهو ما عنته الاحاديث التي تقول ان الكرسي موضع القدمين فتلك الاحاديث على فرض صحتها غايتها تعظيم ملك الله تعالى بتعظيم عرشه ولاباس بالتذكيربحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه حيث قال (... بين كل سمائين مسيرة خمس مائة عام وبين السماءالسابعة وبين الكرسي خمس مائة عام وبين الكرسي وبين العرش مسيرة خمس مائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش يعلم ما انتم فيه وعليه) فاين هي عظمة عرش بلقيس من عظمة عرش الرحمن ؟ ومن الاحاديث القطعية الدلالة على ان العرش والكرسي يعنيان حكم الله تعالى وسلطته القاهرة العادلة قول المراة في حديث جعفرللفارس الذي اسقط مكتلها من فوق راسها(... ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فياخذ للمظلوم من الظالم ...)وقد قال (ص) تصديقا لقولها (...لاقدست امة او كيف تقدس امة لاياخذ ضعيفها حقه من شديدها) كما ان الايات التي ذكر فيها الكرسي ارتبط فيها الكرسي بسلطان الله تعالى ومنها : الايــــــــــــــــــــــــــــــــــة التعقيب عليه بذكر سلطته تعالى ذكـــــــــــــــــــــــــــــــــر الــــــــــــــــــــــــعرش الــــــــــحديــــــــــد4 يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها ثُمَّ اسْتَوى عَلى العــــــــــــــَرْشِ الاعـــــــــــــراف 54 يُغْشــــــــــــــــــــــــي اللَّيْلَ النَّهارَ ثُمَّ اسْتَوى عَلى الـــــــــــــــــعَرْشِ يــــــــــــــــــــــــــــــونس 3 يُدَبِّرُ الأمْـــــــــــــــــــــــــر ثُمَّ اسْتَوَى عَلى الـــــــــــــــــعَرْشِ الرعـــــــــــــــــــــــــــــــد 2 وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجْري لأجَل مُسَمَّىً ثُمَّ اسْتَوى عَلى العــــــــــــــــــَرْش السجــــــــــــــــــــــــدة 4 ما لَكُمْ مِنْ دونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفيـــــــــع ثُمَّ اسْتَوى عَلى الــــــــــــــــــعَرْشِ وقد نقل الرازي عن القفال كلاما في هذا المعنى فقال :(المقصود من هذا الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه...خاطب الخلق في تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوه في ملوكهم ...جعل الكعبة بيتا له يطوف الناس به كما يطوف الناس ببيوت ملوكهم وامر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم وذكر في الحجر الاسود انه يمين الله في ارضه ثم جعله موضعا للتقبيل كما يقبل الناس ايدي ملوكهم وكذلك في محاسبة العباد يوم القيامة من حضور الملائكة والنبيين والشهداء ووضع الموازين فعلى هذا القياس : اثبت لنفسه عرشافقال (الرحمن على العرش استوى) ...ثم اثبت لنفسه كرسيا فقال (وسع كرسيه السماوات والارض)....) ولايعني هذا بالضرورة نفي العرش والكرسي كمخلوقين عظيمين من مخلوقات الله تعالى بل لامنافاة بين الامرين فان علم الله تعالى وقدرته و سلطته جل وعلا من المسلمات فليس بعيدا عن الصواب ان يكون العرش والكرسي تعبيرا مجازيا عن احاطة علمه وكمال قدرته كما ذهب الى ذلك الطبري وهو مروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير رضي الله عنهما ولا يحيل العقل في نفس الوقت ان يكون العرش والكرسي مخلوقين عظيمين يتنزل اليهما امر الله تعالى فيتحقق في الكون ما سبق في علمه انه كائن وبهما ينفذ امر الله تعالى وسلطانه في العالم كما هو مشاهد في ارتباط الاسباب بمسبباتها فان فعله جل جلاله وابداعه في الكون لايتم بالة وانما يقول للشيئ كن فيكون فهو بديع السماوات والارض ولعل العرش والكرسي سببان من الاسباب التي رتب بها نظام الكون وفي كل الاحوال لايصح قول العثيمين ان الكرسي ( محيط بالسماوات والارض ) لما مضي من تعارض الروايات في موضع السماوات والارضين من الكرسي كما لايصح اعتماد ظاهر الحديث من كون الكرسي (موضع قدمي الله عزوجل )ص171/172 ولاان يستنتج من اية الكرسي ما سماه العثيمين الصفة 18حيث قال (...اثبات الكرسي -كصفة لله تعالى - وهو موضع القدمين... ) فان ذلك يؤكد تجسيد الذات الالهية الوارد في الحديث الموضوع الذي يجعل من العرش سريرا يجلس عليه الرحمان فلا يفضل منه الا موضع اربعة اصابع انه استنتاج يؤكد التجسيد بجعل الكرسي درجا بين يدي العرش كـ :(موضع...) لــــ : (... قدمي الله عزوجل ) فلا بد من تاويل العرش والكرسي ان قيل بانهما من صفات الله بكونهما تعبير مجازي عن علمه تعالى وقدرته هل اصبح الغيب معلوما للبشر؟ سال العثيمين رحمه الله تعالى فقال : (فان قلت يقال الان انهم صاروا يعلمون الذكر من الانثى في الرحم فهل هذا صحيح ؟...)ثم اجاب بعد الاعتراف بالظاهرة فقال : (لكنهم يعلمون ذلك الابعد تكوين الجنين ...وللجنين احوال اخرى لايعلمونها ...) ص196 وهذا قول حق وكان ممكنا ان يضيف القول بان معرفة ما في الارحام غيب في كل العصور لو يوضع الانسان الحالي في نفس الوضع الذي كان فيه الانسان عند نزول قوله تعالى (ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس باي ارض تموت ان الله عليم خبير )34لقمان فالغيب ينقسم الى غيب مطلق واخر نسبي فالمطلق كحقيقة الروح والوعد والوعيد و الاخرة فهذه المغيبات لاسبيل الى معرفتها في الدنياباي حال من الاحوال اما الغيب النسبي فمثل جنس الجنين هل هو ذكر ام انثى فانه غيب طالما هو في الرحم اما اذا اخرج منه او صور بالاشعة او اذا اكتملت مدة حمله فولد فانه بداهة يصبح من عالم الشهادة ثم ان الانسان اذا منع من تصوير الحامل او شق بطنها فانه الان كما في الماضي لايستطيع ان يعلم علم اليقين ما ببطنها اذكر هو ام انثى وفي القران امور من هذا القبيل تحدى بها الله الناس ثم اصبحت في متناولهم لكن لايعني ذلك انهم تجاوزوا سلطانه من ذلك ان السفن كانت تنتقل بفضل طاقة الرياح فقال تعالى (إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الريح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ...) الشورى: 33 ولا يدعي عاقل ان اختراع المحركات مكن الناس من تجاوز سلطانه تعالى لانه سبحانه كما تحدى الاولين بقدرته على ان يسكن الرياح يمكن ان يتحدى الاخرين بتفجير البراكين تحت البحار او نحو ذلك من الامور العظيمة التي لاقبل للمخلوقات بها فالاية 33من سورة الشورى مجرد مثل للعبرة والا فان قدرة الله تعالى لاتنحصر في ارساله او تسكينه الرياح كما ان ضعف الناس امامه تعالى لاينحصر في حاجتهم الى الرياح كي تتقدم سفنهم في البحر بل هم في حاجة للبحروالله تعالى قادر ان يجعله قاعا صفصفا وهم في حاجة الى استقرار الارض وعدم اضطرابها كي يستقر البحر وتتمكن السفن والغواصات من التواجد فيه سالمة من الدمار وهم في حاجة الى الوقود والى وجود الاكسوجين كي يحترق الوقود في محركات السفن ويحتاجون غير ذلك من الامور التي هي بيد الله تعالى وهكذا هو امر المغيبات فزيادة عن كونها ليست على مستوى واحد من الخفاء فان الانسان اذا توصل الى معرفة بعضها فلايعني انه قد امتلك مفاتحها او انه احاط بمجموعها علماوهو مدين لله تعالى فيما يفتح له من عالم الغيب والله تعالى يقول (لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء) فالله تعالى هو الذي وهبه العقل وهداه لصناعة الاجهزة الطبية التي مكنته من معرفة ما في الارحام قبل ان تولد وهو الذي ارسل اليه الانبياء والرسل فعلم حقيقة الملائكة والجن والحلال والحرام والوعد والوعيد واحوال الاخرة القدرة الالهية اعترض العثيمين رحمه الله على ما جاء في تفسير الجلالين من القول : (وخص العقل ذاته فليس عليها بقادر)ص201فقال :(هذا خطا عظيم) وهو كما قال خطا عظيم بل وهو كما قال ايضا سوء ادب مع الله تعالى (فينبغي للانسان ان يتادب فيما يتعلق بجانب الربوبيةلان المقام مقام عظيم )ولكن العثيمين رحمه الله قال ايضا وربما من حيث لايشعر (كيف لايقدر على نفسه وهو قادر على غيره )فهذا القول مقتضاه ان الله تعالى قادر ان يفعل بنفسه ما يفعله بغيره وهذا لايجوز ان يخطر ببال عاقل فضلا عن مؤمن موحد وانما هذا يخطر على بال المبطلين الذين يجادلون المؤمنين في الله تعالى فيوردون عليهم اسئلة سقيمة يريدون بها التشكيك في وجود الله تعالى وقدرته ووحدانيته فيقولون مثلا هل يستطيع الله ان يخلق الها مثله ؟ فهذا السؤال وغيره من الاسئلة المشابهة منشؤهاامران : جهل بحقيقة الالوهية ومحدودية وفساد في العقل : الامرالاول وهو الجهل بحقيقة الالوهية فيتمثل في عدم ادراك ارتباط قدرة الله تعالى بالحكمة فهو جل جلاله على كل شيئ قدير لكن لايعني ذلك انه يفعل بقدرته الظلم والعبث وما يتنافى مع الحكمة محال ان يفعل ذلك وهومع ذلك لا يوصف بالعاجز لان العاجز هو من بذاته نقص يمنعه من الفعل او يخضع لسلطة من خارجه تمنعه من فعل ما يريد وهذان الامران لا ينطبقان على الله تعالى فهو كامل في ذاته لايعجز و ارادته مطلقة فلايمنعه مانع ولكن كما (كتب ربكم على نفسه الرحمة) كتب على نفسه ايضا الا يفعل بقدرته خلاف الحكمة ومن التزم بالا يفعل شيئا خلاف الحكمة لايسمى عاجزا طالما كان عدم فعل ذلك ليس ناتجا عن نقص في الذات ولاعن خضوع لمانع من خارج الذات وبهذا يحصل التوفيق بين صفات الكمال فلا تنفى صفة الحكمة بصفة القدرة ولاصفة العدل بصفة التوحيد اوالعكس واكثر من ذلك ان الله تعالى يتصف بالحلم الى جانب القدرة والحكمة فهو لايكتفي بالتنزه عن الظلم والعبث بل يعفو رغم قدرته على المؤاخذة بادنى ظلم يقع فيه المكلف اما الامر الثاني وهو محدودية العقل وفساد عقول بعض البشر فظاهر من خلال اسئلتهم السقيمة نفسها : فمن يسال (هل يستطيع الله ان يخلق الها مثله ؟)عقله محدود وفاسد في نفس الوقت :محدود لانه لم يستطع ان يجمع بين صفتي القدرة والوحدانية وهما صفتان واجبتان لله تعالى فهو لم يجد قولا وسطا يوفق به بين الامرين بل جعل احلى الخيارين مرا فالاله عنده اماعاجز رغم وحدانيته واما الاله قادر و هو مع ذلك ليس منفردا بالوهيته اما كونه عقلا فاسدا فظاهر من وجهين الوجه الاول ان مقام الالوهية لايتسع لاكثر من واحد لان الاشتراك فيه يعني فقد حرية التصرف الا بعد الاتفاق مع الشريك ومن كان مرتبطا بغيره فاقدا لحرية التصرف بمفرده لايمكن ان يكون الها فهم عندما يطرحون سؤالهم السقيم هل يستطيع الله ان يخلق الها مثله انما يعبرون عن فساد عقولهم وتناقضها فاسئلتهم تلك شبيهة باضغاث الاحلام والكوابيس وشبيهة بعقول الاطفال او المجانين لهم قدرة على الحركة والتصرف في الاشياء لكن لايرتبونها ترتيبا منطقيا فالطفل او المجنون مثلا لو يعطى مجسمات لارقام من واحد الى عشرة فانه يستطيع ان يتصرف فيها بجعل التسعة تحت الواحد والخمسة فوق الثمانية وهكذا دواليك فيبني بها مجسما غريبا كذلك هؤلاء يستطيعون طرح الاسئلة وتنويعها لكن لايقيمونها على منطق سليم فتكون تماما كعبث الاطفال والمجانين بمجسمات الارقام او تكون مجرد خيالات لايربطها بالمنطق والواقع رابط وانما هي فقط تعبير عن وجود عقول مريضة فاسدة اما الوجه الثاني فان من يطرح مثل ذلك السؤال يريد ان ينفي صفة التوحيد بصفة القدرة وصفة القدرة بصفة التوحيد فانه اذا قيل بقدرته تعالى على خلق اله مثله تنتفي عنه صفة التوحيد واذا قيل انه لايستطيع تنتفي عنه صفة القدرة وهذا لاينتهي الى شيئ سوى ابطال وجود الله تعالى وهواعتقاد فاسد يصدرعن عقول غيرسليمة يوقعها في الحيرة والتخبط فانها بذلك لاتقع في الكفر فقط بل ايضا تقع في العجز عن ايجاد تفسيرمقنع لنظام الكون المتقن الهادف الحكيم : فان نفي وجود الله تعالى بمثل هذه الاسئلة السقيمة يفتح عليهم تحديا كبيرا وهو تقديم البديل الذي يفسر سبب وجود الكون ونظامه الهادف الحكيم وهوما عجز عنه الدهريون قديما ويعجز عنه العلمانيون حديثا فالدهريون نسبوا الموت والحياة للدهروهو في منتهى الغباء اذ الدهر لايملك عقلا يمكن رد نظام الكون الهادف اليه وهو نفس الخطا الذي يقع فيه العلمانيون عندما ينسبون نظام الكون الهادف الحكيم الى الانتخاب الطبيعي فان الطبيعة لاعقل ولاوعي لها حتى ينسب لها نظام عناصر الكون الهادف الماثل في كل عنصر من عناصر الكون في الانسان و فيما حوله من عناصر الوجود فالذين يختارون القول بان الطبيعة قديمة و موجودة بذاتها وانها تتطور وترتقي دون تدبير من قوة واعية حكيمة من خارجها يقولون قولامن اضعف واغبي المقولات التي ترفضها بداهات العقول فاولى بهم ان يراجعوا مقولاتهم تلك عوض ان يسالوا اسئلتهم السقيمة تشكيكا في ارقى المبادئ الايمانية العدل والمساواة اثار العثيمين رحمه الله الفرق بين التعبير عن الاسلام بانه دين العدل او بانه دين المساواة فقال :(اخطا على الاسلام من قال ان دين الاسلام دين المساواة بل دين الاسلام دين العدل)وملاحظة الشيخ في عمومها كانت في محلها فان بعضهم باسم المساواة اراد ان يبطل احكام الاسلام بازالة مميزات الافراد فيوزع عليهم الحقوق والواجبات دون اعتبار كونهم ذكورا او اناثا كبارا اوصغارا افرادا او متعددين وهذا ما يفعله التغريبيون العلمانيون من اليسار واليمين عندما يدعون مثلا الى ابطال احكام توزيع المواريث اوالى توزيع الادوار بين الرجال والنساء في الاسرة والمجتمع دون مراعاة لجنسيهما ان ذلك في الحقيقة ليس من العدل ولا من المساواة بل هو من المماهاة فالعدل والمساواة كقيمتين انسانيتين يتمنى كل فرد ان يعامل بهما تعنيان اعطاء كل ذي حق حقه وتحميل كل واحد المسؤولية التي تنسجم مع جنسه وعمره ووضعه الصحي وتكوينه العلمي الى غير ذلك من الاعتبارات التي لايمكن غض الطرف عنها عند توزيع الحقوق والواجبات على الافراد في اي ميدان من ميادين الحياة الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية او غيرها اما المماهات فهي على العكس من ذلك تماما انها تعني توزيع الحقوق والواجبات بين الافراد دون ان توضع الفوارق بينهم في الاعتباركان تفرض نفقة الابناء على الام وعلى الاب معا وان يفرض ايضا تبعا لذلك الضرب في الارض لاكتساب المال عليهما معاوهذا قد يفعله الزوجان من باب التعاون وحسن المعاشرة لكن دون ان يلغي المبدا الشرعي والطبيعي القاضي بان دور الام هو الحمل والارضاع وحضانة الابناء ودور الاب الضرب في الارض واكتساب المال للانفاق على زوجه وابنائه وهو ما قرره الله تعالى في كتابه العزيز ( والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف... ) ولكن الضالين المضلين من دعاة التغريب لايرضون بهذا ويعتبرونه مجانبا للعدل والمساواة ويدعون الى المماهاة بين الرجل والمراة وهو في الحقيقة يؤدي الى اثقال كاهل المراة وتحميلها فوق طاقتها لتقوم بدورها من الامومة ودور العائل معا وقد تجاوز هذا الاجحاف شخصها كي يصيب المجتمع فالموظفات في التعليم ونحوه من الوظائف العمومية ينقطعن عن العمل بسبب دور الامومة اثناء النفاس ونحوه من المناسبات ولهن على ذلك رخص خالصة الاجرعلى حساب المجتمع ما كان للمجتمع ان يتحملها لو كان مكانهن في تلك الوظائف رجال وهذا لايعني بالضرورة الدعوة الى عزل النساء عن هذه الوظائف فالاكتساب حق للرجال والنساء كما يضمنه القران الكريم (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسالوا الله من فضله ) ولكن يذكر هذا لبيان ان توزيع الادوار دون مراعاة لمميزات الافراد ليس من العدل ولامن المساواة وانما هو من المماهاة التي تنتج عنها مشاكل يشقى بسبهها من تمت المماهاة بينهما ويشقى المجتمع بحثا عن الحلول لها ولهذا كان الشيخ العثيمين مصيبا في اثارة هذه المسالة الا ان التعبير بالعدل والمساواة كلاهما تعبير صحيح وقد وردا معا في القران والسنة صفة المحبة في الله تعالى يتهم العثيمين الاشاعرة دون استثناء بانهم ينفون عن الله تعالى كونه يحب فيقول في الصفحات (238/240) في معرض حديثه عن الود والحب والخلة والفرق بين الحبيب والخليل يقول : (...مثل الاشاعرة يقولون لايمكن ان تثبت المحبة بين الله وبين العبد ابدا لان العقل لايدل عليها وكل ما لايدل عليه العقل فانه يجب ان ننزه الله عنه ...)ص240 وفي الصفحة 257 يضيف : (وانكر الاشاعرة وغيرهم من اهل التعطيل ان يكون الله تعالى متصفا بالرحمة قالوا لان العقل لم يدل عليها وثانيا لان الرحمة رقة وضعف وتطامن للمرحوم وهذا لايليق بالله عز وجل لان الله اعظم من ان يرحم بالمعنى الذي هو الرحمة ولا يمكن ان يكون لله رحمة وقالوا المراد بالرحمة ارادة الاحسان او الاحسان نفسه اي اما النعم او ارادة النعم ) وهذا لايعبر عن تفهم لقضايا الخلاف وانما هو خطاب التنفير والتشهير يفرق ولا يجمع يضلل ولا ينيرالعقول : لانه عمم فلم يقل مثلا بعض الاشاعرة ينفون عن الله تعالى المحبة والرحمة ولانه لم يقدم قولا موثقا لعلم من اعلام الاشاعرة يثبت انه او ان الاشاعرة جميعا ينفون المحبة والرحمة عن الله تعالى ولانه لم يوضح مورد التهمة هل هو نفي للمحبة والرحمة في ذاتيهما او انه نفي لتكييف المحبة والرحمة ولانه رد نفي المحبة عند الاشاعرة حسب دعواه الى اعتمادهم العقل مرجعا دون القران الكريم والسنة النبوية المطهرة والاشاعرة ليسوا معصومين من الخطا ولاهم متفقون في كل شيئ ولكن هناك خطوط عريضة يعرفون بها فلا يجوز انكارها من تلك الخطوط انهم لايعتمدون فيما يقولون على عقولهم بل يقدمون القران والسنة في كل مسالة فيها نص قطعي الورود والدلالة وبالرجوع الى كتبهم في مسالة اتصاف الله تعالى بالمحبة نجد الامام الرازي يقول في تفسير الاية 55من سورة الاعراف (المجلد 14ص137) : (...اجمع المسلمون على ان المحبة صفة من صفات الله تعالى لان القران نطق باثباتها في ايات كثيرة واتفقوا على انه ليس معناها شهوة النفس وميل الطبع وطلب التلذذ بالشيئ لان كل ذلك في حق الله تعالى محال بالاتفاق...) وهكذا يظهر من كلام الرازي انه لا الاشاعرة ولاغير الاشاعرة من المسلمين ينكرون ان الله تعالى يتصف بالمحبة وان الاختلاف انما هو في تصور ماهية محبته تعالى ولهذا يقول الامام الرازي في ص 138: (...اقصى ما في الباب ان يقال ان المحبة في الشاهد عبارة عن الشهوة وميل الطبع ورغبة النفس وذلك في حق الله تعالى محال الا انا نقول لم لايجوز ان يقال محبة الله تعالى صفة اخرى سوى الشهوة وميل الطبع يترتب عليها ارادة ايصال الخيروالثواب الى العبد اقصى ما في الباب انا لانعرف ان تلك المحبة ما هي وكيف هي ...) وهذا عين الصواب من ناحيتين : اولهما انه فرق بين المحبة كصفة ذاتية في الله تعالى وبين ما ينتج عنها من ايصال الخير الى المحبوب وهو بذلك فارق القائلين بان المحبة هي ارادة الخير للمحبوب فخلطوا بين المحبة وبين ما ينتج عنها. وثانيهما انه لم يشبه محبة الله تعالى بالمحبة المتبادلة بين المخلوقات واعتبر كيفية المحبة في الله تعالى غيبا لا تدرك العقول في الدنيا كنهها وبهذا يتضح تجني بعضهم على الاشاعرة او عدم المامهم بحقيقة قولهم في المحبة فانه لايصح القول بان الاشاعرة ينفون صفة المحبة ولا يصح كذلك القول انهم جميعا يخلطون بينها وبين الذي ينتج عنها من ارادة الخير للمحبوب فهذا محمد محمود صقر في بحث له بعنوان تاصيل مفهوم المحبة الالهية على شبكة الالوكة بتاريخ ( 18/4/2012) يقول فيه (...فهؤلاء من أشهر المفسرين، وتفاسيرهم من أشهر التفاسير ومن أكثرها تداولاً بأيدي الناس، وأنت ترى أن كثيرين منهم أوَّلوا صفة المحبة بلوازمها؛ كالثواب وغيره، وأن آخرين قد عصمهم الله من الزلل في فهم هذه الصفة؛ فأمَرُّوها كما جاءت، معتبرين إيَّاها فوق الثواب والإنعام؛ لأنها أجلُّ نعمة؛ فالأول مذهب الأشعرية والثاني مذهب أهل السنة) فهذا قول بين البطلان اذا وضع بجانب ما سبق من كلام الامام الرازي وفي التحريروالتنويرلابن عاشور(ج2ص90)اشادة ببيان الفخر الرازي لوهن دليلي بعض المتكلمين على كون المحبة من العباد مجرد الطاعة ومن الله مجرد ارادة الخير فقد قال : (... ومن الناس من زعم ان تعلق المحبة بالله مجاز مرسل في الطاعة والتعظيم بعلاقة اللزوم ...او مجاز بالحذف والتقدير يحبون ثواب الله او نعمته . لان المحبة لاتتعلق بذات الله اما لانها من انواع الارادة والارادة لاتتعلق الا بالجزئيات وهو راي بعض المتكلمين واما لانها طلب الملائم واللذة لاتحصل بغير المحسوسات وكلا الدليلين ظاهر الوهن كما بينه الفخر....) فهذان علمان من اعلام الاشاعرة الامام الرازي والعلامة ابن عاشور و بهما يثبت خطا من عمم الحكم بان الاشاعرة لايؤمنون بصفة المحبة في الله تعالى او انهم يقعون في الخلط بينها وبين لازمها من ارادة الخير واذا كان كل يؤخذ منه ويرد الا المعصوم صلى الله عليه وسلم فانه لا فرق في الخطا بين من خلط بين المحبة و لوازمها وبين من اعتبر محبة الله يحددها المعنى الظاهر للفظ المحبة فان ظاهر لفظ المحبة يحيل على كيفية المحبة التي يتصف بها العباد في عالم الشهادة وهي (... الشهوة وميل الطبع ورغبة النفس...)فيجب المصير الى ان صفة المحبة في الله تعالى لاتشترك مع المحبة المعلومة الا في الاسم وانها غيب لايجوز البحث في كيفيتهاوالامام الباقلاني كاشعري لم يقع في الخلط بين المحبة وبين لازمها وهو ارادة الله تعالى الخير لمن يحب الا بسبب الخوف من تشبيه محبة الله تعالى بالمحبة عند الخلق وهي (... الشهوة وميل الطبع ورغبة النفس...)لذلك عقد مسالة مباشرة بعد تفسيره للمحبة بالارادة قال فيها : (... فان قيل فهل يجوز أن يوصف بالشهوة ؟قيل له إن أراد السائل بوصفه بالشهوة إرادته لأفعاله فذلك صحيح من طريق المعنى غير أنه أخطأ وخالف الأمة في وصف القديم بالشهوة؛ إذ لم يرد بذلك كتاب ولا سنة، لأن أسماءه تعالى لا تثبت قياساً، وهو معنى قول الشيخ رضي الله عنه: لا مدخل للعقل والقياس في إيجاب معرفته، وتسميته، وإنما يعلم ذلك بفضله من جهته. يعني: إما بنص كتاب، أو سنة. وإن أراد هذا السائل أن يصفه بالشهوة التي هي شوق النفس وميل الطبع إلى المنافع واللذات فذلك محال ممتنع على القديم سبحانه وتعالى، بما قدمنا ذكره من قبل...) والباقلاني بهذا القول رغم اصابته في التاكيد على المفارقة بين محبة الله وبين المحبة عند الخلق الا انه اخطا مرتين اولاهما في تفسير المحبة بالارادة وثانيهما غفلته عن كون المحبة وردت بها نصوص الوحي على عكس الشهوة فاذا جاز التطرق لصفة المحبة بالبحث فانه لايجوزالتطرق بالبحث لصفة الشهوة اذ لم يرد بذكرها قران ولاسنة ومع ذلك فقد طرح علماء الكلام مسائل شبيهة بمسالة الشهوة منها قولهم هل يتصف الله تعالى بالشم والذوق واللمس على غرار وصفه بالسمع والبصر؟ فمنهم من توسع في اطلاق الصفات على الله تعالى ومنهم استغنى ببعض الصفات وجعلها مغنية عن الصفات التي استبعدها : فاهل الحديث يثبتون اللمس مع السمع والبصر دون الشم والذوق .. والامام الغزالي يعترض على الكعبي في استغنائه بصفة العلم عن صفة الارادة فيقول (وكذلك العلم لايكفي - يقصد لترجيح احد المرادين - خلافا للكعبي حيث اكتفى بالعلم عن الارادة ...) والباقلاني ومن تبعه من الاشاعرةاكتفوابصفةالارادة عن صفة المحبة وخالفهم الرازي وابن عاشور كما سبق ذكره وكلهم اشاعرة والاشكال في امرين : هل كل عبارة ترد في اية او حديث تصلح لان تستنتج منها صفة لله تعالى ؟ وهل كل ادراك حسي عند الانسان موجود مثله عند الله تعالى ؟ ولحل الاشكالين استعمل المتكلمون على اختلاف مدارسهم النظر والاثر : فالوهابية يميلون الى استنتاج صفة لله تعالى من كل عبارة ترد في اية او حديث من ذلك انهم يثبتون له تعالى صفة الشم لمجرد قوله صلى الله عليه وسلم (...لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك ... ) ويثبتون له صفة اللمس لما روي عن ابن عباس من قوله( ص): (إن أول من جحد آدم إن الله تعالى لما خلقه مسح ظهره ؛ فأخرج منه ما هو من ذراري إلى يوم القيامة فعرضهم عليه ) وهذا كله محتمل الا انه لايسلم من اعتراضات المعترضين من وجوه : الوجه الاول : هل الشم عند الله يجمع المتناقضات فان خلوف فم الصائم في ذاته ليس طيبا كذلك دماء الشهداء فهذه على عكس ورود الجنة وعلى عكس الطيب الذي امر رسول الله (ص) ان يمس منه المرء عند ذهابه الى الجمعة وقال (ص)انه من بين الثلاثة التي حببت اليه من دنيا الناس ومع ذلك هذ كلها عند الله طيبة رغم تناقضها في ذواتها الوجه الثاني : في القران والسنة الفاظ تنسب لله تعالى المرض والطعام والشراب : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي. يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي بل وبعض الالفاظ ينسب لله تعالى صفة التاذي :فعن ابي هريرة قال رسول الله (ص) قال الله عز وجل (يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) وينسب لله تعالى صفة الحسرة كما في قوله تعالى :( يا حسرة على العباد ما ياتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤون) 30يس فهل تشتق منها لله تعالى صفات على غرار ما فعل بعضهم مع حديث خلوف فم الصائم وحديث مسح ظهر ادم عليه السلام لمثل هذين الاعتراضين نفى الوهابية وغيرهم صفة الذوق عن الله تعالى واحترز ابن القيم من ان ينسب لله تعالى صفة الشم وعوضها بصفة الاستطابة وهذا نظير احتراز بعضهم من وصف الله تعالى بالمحبة وعوضها بالارادة كلها احترازات قائمة على التقديرات العقلية وقد لخص ابن تيمية الاقوال في نسبة الحواس الخمس لله تعالى في مجموع فتاويه فقال :(في هذه الادراكات - يقصد الذوق والشم واللمس - ثلاثة اقوال معروفة احدها اثبات هذه الادراكات لله تعالى...وهذا قول القاضي ابي بكر وابي المعالي واظنه قول الاشعري نفسه بل هو قول المعتزلة البصريين ... وقد وافقهم على ذلك القاضي ابو يعلى...والقول الثاني قول من ينفي هذه الثلاثة كما ينفي ذلك كثير من المثبتة ...وغيرهم وهذا قول طوائف من الفقهاء من اصحاب الشافعي واحمد وكثير من اصحاب الاشعري وغيره والقول الثالث اثبات ادراك اللمس دون ادراك الذوق لان الذوق انما يكون للمطعوم فلا يتصف به الا من ياكل ...والله منزه عن الاكل بخلاف اللمس فانه بمنزلة الرؤية واكثر اهل الحديث يصفونه باللمس وكذلك كثير من اصحاب مالك والشافعي واحمد وغيرهم ولايصفونه بالذوق ...)مجموع الفتاوي ج6ص135/136 ومع ذلك فالجميع يثبت لله تعالى العلم بحقائق الطعوم والروائح والملامس الخ... بقطع النظر عن وصف الله تعالى او عدم وصفه بما به تدرك الطعوم والروائح والملامس وغيرها من المحسوسات وهذه النتيجة تطرح اشكالا اخر على مثبتة الصفات عامة وعلى الوهابية خاصة فانهم يؤمنون بان الصفات زائدة على الذات ويقولون انه تعالى يعلم بعلم ويقدر بقدرة الخ...على عكس النفاة الذين يقولون يعلم بذاته ويقدر بذاته الخ ...فهل يقول المثبتة انه تعالى يدرك الطعوم بغيرصفة الذوق ويدرك الروائح بغيرصفة الشم الخ...؟ وهذا غير مستبعد عن الوهابية :فالبراك رغم معارضته لابن حجرفي نفيه عن الله تعالى لصفة الشم لايوقن بان الشم صفة من صفات الله رغم يقينه بان الله تعالى يدرك الروائح فهو يقول (...، وهذا الحديث - وهو قوله: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" - ليس نصاً في إثبات الشم، بل هومحتمل لذلك فلا يجوز نفيه من غير حجة، وحينئذ فقد يقال: إن صفة الشم لله تعالى مما يجب التوقف فيه لعدم الدليل البين على النفي أو الإثبات )اما ابن القيم فيقول عنه البراك (...ويلاحظ أن ابن القيم اقتصر على لفظ الاستطابة دون لفظ الشم وقوفاً مع لفظ الحديث. ) فالبراك وابن القيم في صفة الشم بين النفي والاثبات وهو ما يؤدي الى احتمال القول بان الله تعالى يدرك الروائح بغير صفة الشم وهونظير قول النفاة يعلم بغير علم ويقدر بغير قدرة وهذا يجزمون به في صفة الذوق فانهم يختارون القول الثالث الذي حكاه ابن تيمية في قوله (...والقول الثالث اثبات ادراك اللمس دون ادراك الذوق لان الذوق انما يكون للمطعوم فلا يتصف به الا من ياكل ...والله منزه عن الاكل بخلاف اللمس فانه بمنزلة الرؤية واكثر اهل الحديث يصفونه باللمس وكذلك كثير من اصحاب مالك والشافعي واحمد وغيرهم ولايصفونه بالذوق ...)مجموع الفتاوي ج6ص135/136 فالوهابية هنا يوقنون ان الله تعالى يدرك الاذواق لكن ينفون عنه صفة الذوق فيتاكد الشبه بينهم وبين النفاة في ردهم ادراكه تعالى الى ذاته دون صفاته اما ان قالوا يدرك الطعوم بعلمه لابذاته فيكونون قد شابهوا النفاة من وجه وشابهوا من اول المحبة بالارادة من وجه اخر فان النفاة اكتفوا بالذات عن كل الصفات : وجعلوا كل صفة مساوية في المعنى للصفات الاخرى , و كل صفة عندهم تصلح لما تصلح له الصفة الاخرى , والصفات مفرقة او مجتمعة تصلح لما تصلح له الذات وهؤلاء اكتفوا بالعلم عن الذوق فوقعوا فيما وقع فيه النفاة من مخالفة البديهيات وقد كان المثبتة يحتجون على النفاة بان العلم يختلف عن الحياة والحياة تختلف عن القدرة وهكذا لكل صفة معنى يختلف عن معنى اي صفة من الصفات الاخرى فهاهم يقعون في نفس المحظور اذ جعلوا العلم حاملا لمعنى الذوق ومغنيا عنه رغم ان الذوق من جنس المحسوسات والعلم من جنس المعقولات فلا يمكن ان يشتركا في المعنى كما لايمكن ان يكون البصر عاملا عمل السمع او ان يكون الشم عاملا عمل اللمس اما مشابهتهم لمن اول المحبة بالارادة فظاهرة في تاويل الذوق بالعلم فانهم يوقنون بان الله تعالى يدرك حقائق الطعوم ويؤولون ذلك بعلمه تعالى بها وهذا نظير يقين بعض الاشاعرة بان الله تعالى يحب وتاويلهم تلك المحبة بالارادة ومعلوم ان صفة العلم ليست صفة الذوق كما ان صفة المحبة ليست صفة الارادة والعثيمين يقع فيما وقع فيه البراك وابن تيميةفانه رغم الحاحه على استخراج صفة لله تعالى من كل اية او حديث يرد فيهما ذكر فعل لله تعالى فانه عندما ذكرقوله تعالى : (فلما اسفونا انتقمنا منهم )55الزخرف تلكا فابى ان يصف الله تعالى من خلالها بصفة الاسف لنفس السبب الذي نفى من اجله بعض الاشاعرة المحبة عن الله تعالى وذاك قوله في ص 271 : (بقي ان يقال ((فلما اسفونا )) نحن نعرف ان الاسف هو الحزن والندم على شيئ مضى على النادم لايستطيع رفعه فهل يوصف الله بالحزن والندم ؟ الجواب لا ونجيب عن الاية بان الاسف في اللغة له معنيان ...الحزن ...ويطلق الاسف على الغضب ....المعنى الاول ممتنع ....والثاني مثبت لله ) وهذا القول مردود عليه من وجوه : اولها انه مخالف لما اعتاد الوهابية ان يقولوه فالتزامهم بظواهر الالفاظ يحتم عليهم القول بان الاسف صفة حقيقية لله تعالى ولهم ان يقولوا كما تعودوا ان يقولوا اسف لاكالاسف المعلوم عند الخلق ثانيا : الاسف والحسرة متقاربان في المعنى وقد جاء في القران الكريم (يا حسرة على العباد)وهذا يرجح ان قوله تعالى (اسفونا )بمعنى الحسرة والحزن وليس مجرد الغضب ثالثا ما الفرق بين الاسف والحسرة والرضا والفرح الخ... كلها في عالم البشر تعني انفعالاتهم النفسية والله تعالى مخالف لهم في انفعالاتهم ولكنه عبر بتلك الالفاظ ليبين لهم انه يريد منهم فعل ما يرضي ويفرح ويريد منهم ترك ما يؤسف له ويتحسر رابعا ان الوهابية يفرقون بين هذه الالفاظ فيصفون الله تعالى بالغضب والكراهة والمقت والرضا والمجيئ والنزول ويترددون او ينفون التذوق والاسف وهي الفاظ وان اختلفت قربا وبعدا من معاني التجسيم تشترك فيه ولو بمقادير متفاوتة طالما هي الفاظ عالم الشهادة ولهذا لافرق بينهم وبين اهل التاويل فالجميع مفرق بين الالفاظ لاياخذها على محمل واحد يوجه اليهم جميعا ما وجهه محمد رشيد رضا لاصحاب التاويل : (...، فأما أن تجعل - يقصد الالفاظ - كلها من باب الحقيقية ... وإما أن تجعل كلها من باب المجاز اللغوي ...) تفسير المنار ج1فوائد في تفسير الفاتحة وكل هذا يبين ان هذه المسائل اجتهادية وقدلايسلم فيها احد من الوقوع في اللبس والاضطراب وبالتالي يجب على المسلمين ان يتفهموا بعضهم بعضا عوض التشهير المتبادل وان يتحدوا حول الصفات التي دلت عليها المحكمات النقلية والعقلية والتسامح في الصفات التي لا تدعمها حجج العقول القطعية ولا ورد فيها نصوص قطعية والاستقصاء في مسائل الذات والصفات تعترضه التباسات اولها كون مسائله مسائل غيبية ليس من طور العقل ادراك كنهها وثانيها ان الحديث فيها جاء في القران والسنة بالفاظ هي اصلا نشات لفهم مسائل عالم الشهادة وبالتالي فان دلالتها على مسائل الغيب دلالات تقريبية لايمكن باي حال من الاحوال التسليم بظواهرها التباس دلالات الالفاظ دلالات الالفاظ على صفات النقص او الكمال ليست على درجة واحدة من الوضوح بل قد يصلح اللفظ الواحد منها للدلالة على النقص من وجه وللدلالة على الكمال من وجه ثان وبيان ذلك من وجهين : الوجه الاول ينطبق على لفظي الارادة والاختيارفهما يدلان على وعي المريد والمختاراذ هما يدلان على ان الفاعل يفعل عن روية وعلم وهذه صفة كمال فيه على عكس من يصدر عنه الفعل عن غير ارادة ولااختيارفهو يتصف بالنقص لفقده الارادة والاختيار ولكن من ناحية اخرى الارادة والاختيار لفظان يدلان على افتقارواحتياج الفاعل لما اراد واختارفاصبح وصف الله تعالى بالارادة والاختيارقابلا لحمله على ما يليق به تعالى من الوعي والعلم وقابلا ايضا لحمله لحمله على ما لايليق به من الفقر والاحتياج لهذا نفى فلاسفة اليونان عن الله تعالى الارادة والاختياربناء على كونه تعالى غنيا لايحتاج ولا يفتقر لشيئ يريده ويختاره وهذا في حد ذاته صحيح لكنه يسقط القائل به في نفي الوعي والروية عن الله وهو ما لم يقبله ابن رشد ولم يساير فيه فلاسفة اليونان رغم تبريره لنفيهم الارادة والاختيار عن الله تعالى الوجه الثاني ان الالفاظ المعبر بها عن صفات الله تعالى ظواهرها تختلف قربا وبعدا من ايات التنزيه : فالوجود والحياة والعلم والقدرة والارادة الخ... الفاظ دالة على امور معنوية ودلالتها على الامور الجسمانية تكاد تكون معدومة رغم انها موجودة فلفظ الحياة مثلا في عالم الحيوان يحيل على مظاهر جسمانية منها نبضات القلب والتنفس والحركة والنموالخ... ومع ذلك الدلالة الجسمانية في لفظ الحياة ليست مثل الدلالة الجسمانية في لفظ اليد والوجه والساق والقدم والجنب والقبضة الخ... كذلك الالفاظ الدالة على الامور المعنوية تختلف قربا وبعدا من وصف الله تعالى بما يليق به من الكمال فلفظ التاذي والتحسروالرضا والغضب والمقت الخ... الالفاظ دلالتها على التجسيم صارخة بالمقارنة مع دلالة التجسيم في ليس لفظ العلم والحياة والارادة والسمع والبصرالخ... لهذه الفوارق اختلفت مناهج النظار من الفلاسفة والمتكلمين في التعامل مع الالفاظ رفضا واعتبارا تفسيرا وتاويلا ولكن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى يدعوالى التزام منهج واحد مع كل الالفاظ اما اعتماد ظواهر الالفاظ في كل الفاظ الصفات او تاويلها كلها دون استثناء فيقول : (...أما التحكم بتأويل بعض الصفات وجعل إطلاقها من المجاز المرسل . أو الاستعارة التمثيلية .... دون العلم والسمع والبصر وأمثالهما ، فهو تحكم في صفات الله وإلحاد فيها ، فأما أن تجعل كلها من باب الحقيقية مع الاعتراف بالعجز عن إدراك كنه هذه الحقيقة والاكتفاء بالإيمان بمعنى الصفة العامة مع التنزيه عن التشبيه ، وإما أن تجعل كلها من باب المجاز اللغوي ...) ثم يضيف ان الالفاظ مهما كانت دالة على المعاني فانها ذات دلالات جسمانية طالما هي الفاظ مستمدة من عالم الشهادة فيقول : (...ان معاني هذه الصفات كلها بحسب مدلولها اللغوي واستعمالها في البشر محال على الله تعالى إذ العلم بحسب مدلوله اللغوي هو صورة المعلومات في الذهن ، التي استفادها من إدراك الحواس أو من الفكر ، وهي بهذا المعنى محال على الله تعالى ، ... وكذلك يقال في سمعه تعالى وبصره....) ولذلك يخير النظار كما سبق (... أما أن تجعل كلها من باب الحقيقية ... وإما أن تجعل كلها من باب المجاز اللغوي... )تفسير المنار ج1فوائد في تفسير الفاتحة وهذا القول غير دقيق من اكثر من وجه : الوجه الاول كيف يسوى بين لفظ الوجود مثلا وبين لفظ التاذي فقول القائل ان الله تعالى موجود لايمكن ان يفهم بنفس المنهج الذي يفهم به قول القائل ان الله يتاذى من سب ابن ادم للدهرفمهما اعتبرت صفة الوجود في الله تعالى شبيهة بصفة الوجود في المخلوقات فانها لايمكن ان ترقى الى ما يحمله لفظ التاذي من تشبيه لله تعالى بالمخلوقات الوجه الثاني ان محمد رشيد رضا رغم اصراره على ضرورة اعتماد ظواهرالالفاظ يصر ايضا على نفي التشبيه وهو مطلب متناقض فان التنزيه لايتحقق الا بالتاويل وعدم الاخذ بظواهر الالفاظ فهو يقول : (إن لله علما حقيقيا هو وصف له ، ولكنه لا يشبه علمنا )فكيف يتم الجمع بين القول انه علم حقيقي وبين القول انه لايشبه علمنا ؟ والامر يكون اوضح اذا استبدل العلم باليد والوجه والقبضة ونحوها من الصفات الخبرية فحقيقة هذه الالفاظ هي ما يفهمه منها البشر في عالم الشهادة اما الاحالة على الغيب والقول انه علم لاكالعلم ويد لاكالايدي ووجه لاكالوجوه الخ... فهذا لايعني شيئا سوى الانصراف عن الحقيقة الى التاويل وهذا يتكرر في قول محمد رشيد رضا مع كل الفاظ الصفات فيقول: (...، وإن له سمعا حقيقيا هو وصف له لا يشبه سمعنا ، وإن له رحمة حقيقية هي وصف له لا تشبه رحمتنا التي هي انفعال في النفس ، وهكذا نقول في سائر صفاته تعالى ...) الوجه الثالث ان التاويل في الحقيقة منهج مجمع عليه مارسه السلف قبل الخلف لذلك يقول الامام حسن البنا رحمه الله تعالى عن الفريقين: (... كل منهما يقطع بأن المراد بألفاظ هذه النصوص في حق الله تبارك وتعالى غير ظواهرها التي وضعت لها هذه الألفاظ في حق المخلوقات ، وذلك مترتب على اتفاقهما على نفي التشبيه... كل من الفريقين يعلم أن الألفاظ توضع للتعبير عما يجول في النفوس ، أو يقع تحت الحواس مما يتعلق بأصحاب اللغة وواضعيها ، وأن اللغات مهما اتسعت لا تحيط بما ليس لأهلها بحقائقه علم ، وحقائق ما يتعلق بذات الله تبارك وتعالى من هذا القبيل ، فاللغة أقصر من أن تواتينا بالألفاظ التي تدل على هذه الحقائق ، فالتحكم في تحديد المعاني بهذه الألفاظ تغرير) وهذا القول من الامام يدل اماعلى انه لم يطلع على موقف ابن تيمية رحمه الله تعالى من نفي انقسام اللغة الى حقيقة ومجاز واما يدل على انه لايضعه في الاعتبار لضعف ادلته والامام محمد رشيد رضا بدوره بعد الزامه النظار باحد المنهجيين في كل الالفاظ اما الظاهر واما التاويل يتفهم داعي التاويل فيقول : (...أن واضع اللغة وضع هذه الألفاظ لصفات المخلوقين فاستعملها الشرع في الصفات الإلهية المناسبة لها مع العلم بعدم شبهها بها من باب التجوز...) ثم يورد قول الامام الغزالي رحمه الله تعالى معلقا عليه بانه : (...أفصح تعبير...) وذلك ان الامام الغزالي يقول في كتاب الشكر من الإحياء : (...إن لله - عز وجل - في جلاله وكبريائه صفة يصدر عنها الخلق والاختراع وتلك الصفة أعلى وأجل من أن تلمحها عين واضع اللغة حتى تعبر عنها بعبارة تدل على كنه جلالها وخصوص حقيقتها ، فلم يكن لها في العالم عبارة لعلو شأنها وانحطاط رتبة واضعي اللغات عن أن يمتد طرف فهمهم إلى مبادئ إشراقها ، فانخفضت عن ذروتها أبصارهم كما تنخفض أبصار الخفافيش عن نور الشمس ، لا لغموض في نور الشمس ، ولكن لضعف أبصار الخفافيش ، فاضطر الذين فتحت أبصارهم لملاحظة جلالها إلى أن يستعيروا من حضيض عالم المتناطقين باللغات عبارة تفهم من مبادئ حقائقها شيئا ضعيفا جدا ، فاستعاروا لها اسم القدرة فتجاسرنا بسبب استعارتهم على النطق فقلنا : إن لله تعالى صفة هي القدرة ، عنها يصدر الخلق والاختراع ... ) وقد سبق الاستشهاد بقول ابن تيمية وابي حامد وهذان امامان معاصران محمد رشيد رضا وحسن البنا كلهم يشيرون الى حقيقة ان الفاظ اللغة انما هي (...لصفات المخلوقين فاستعملها الشرع في الصفات الإلهية ... ) وهو ما يرجح اعتماد التاويل في كل الالفاظ اما تاويلا مجملا او تاويلا مفصلا مصير مرتكب الكبيرة ذكر العثيمين ما توعد الله تعالى به قاتل النفس متعمدا بغير حق (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه )93النساء ثم اورد اشكالا على عقيدة اهل السنة فقال : (يشكل على منهج اهل السنة ذكرالخلود في النار حيث رتب على القتل والقتل ليس بكفر ولا خلود في النار عند اهل السنة الا بالكفر ) ص265 وبحث عن حل للاشكال المزعوم في ست تاويلات قال في الرابع منها : (القتل عمدا سبب لان يموت الانسان على الكفر والكفر سبب للتخليد في النار واظن هذا ...ليس فيه اشكال ) وهذا تاويل غير سليم وبه اشكال لان قاتل النفس بغير حق قد يتوب فليس ضروريا ان من قتل نفسا بغير حق يموت على الكفر فيخلد في جهنم هذا يرده النقل والعقل : فعقلا كثيرون ارتكبوا هذه الكبيرة ثم تابوا وهو دليل على ان الله تعالى لم يطمس على قلوبهم بسبب ما ارتكبوا كي تكون خاتمهم الموت على الكفر فيخلدوا في النار اما نقلا فليس القتل الحرام اكبر من الشرك وكم من مشرك تاب من شركه ومات على الايمان ولم يطمس الله تعالى على قلبه بسبب شركه كي يموت على كفره فيخلد في النار بل ترك الله تعالى باب التوبة مفتوحا لمن اراد ان يتبع السيئة الحسنة وفي القران قوله تعالى (والذين لايدعون مع الله الها اخر ولايقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )68/70الفرقان ففي هذه الايات جمع الله تعالى الشرك وقتل النفس بغير حق والزنا وتوعد فاعليها بمضاعفة العذاب والخلود في النار ورغم ذلك استثنى منهم (...من تاب وامن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) وكان بامكان العثيمين رحمه الله ان يقول هذا من البداية وينته الامر دون تفريع ولكنه ابى الا ان يستعرض التاويلات فقال في التاويل الخامس : (المراد بالخلود المكث الطويل ...وهذا ايضا جواب سهل لايحتاج الى تعب فنقول ان الله عز وجل لم يذكر التابيد ...قال خالدا فيها والمعنى انه ماكث مكثا طويلا...) وهذا في ذاته ممكن ولكنه لايعني بالضرورة ان القاتل اما يخلد ابد الابدين في النار او انه يمكث فيها مكثا طويلا بل قد يكون من الذين سبقت لهم الحسنى فيتوب توبة نصوحا ويبدل الله سيئاته حسنات فيدخل الجنة بغير عذاب وفي التاويل السادس قال : (هذا من باب الوعيد والوعيد يجوز اخلافه لانه انتقال من العدل الى الكرم ...) وهذه زلة كبرى فان الله كما لايخلف وعده لايخلف وعيده ولكن من تاب فعفى الله تعالى عنه فلا يقال ان الله اخلف وعيده فيه لان وعيد الله تعالى انما جاء فيمن قتل النفس بغير حق ثم لم يتب اما هذا التائب من كبيرة القتل فلا وعيد يتعلق به حتى يقال بان الله اخلف وعيده فيه واخلاف الوعيد لايسمى كرما وانما الكرم في تبديل السيئات حسنات لمن تاب من معاصيه اما اخلاف الوعيد لغير التائب فلا يليق بصدق الله تعالى وعدله انه تعالى لايسال عما يفعل ولكن استقراء شريعته يؤكد انه تعالى لايفعل خلاف الحكمة كاخلاف الوعد او الوعيد ثم ختم العثيمين رحمه الله تعالى بقوله (...هذه ست اوجه في الجواب عن الاية واقربها الخامس ثم الرابع ) والمسالة ابسط من ان يتجشم لها كل تلك التاويلات فالمسالة محسومة سلفا والرد على من ينكرعدم خلود اصحاب الكبائر في النارمعلوم من الدين بالضرورة لما فيه من الايات والاحاديث ولكن العثيمين فرع المسالة تفريعا استعراضيا فوقع في تاويلات خاطئة ما انزل الله بها من سلطان كتجويزه على الله تعالى اخلاف وعيده وادعائه ان ذلك كرم من المولى عز وجل هل للقاتل توبة ثم اثار مسالة مشابهة فقال :(ماذا تقول فيما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما ان القاتل ليس له توبة )ص267 واتى في الاجابة عليها بتاويلات بعيدة هو نفسه استبعدها ونقضها فقد قال :(الجواب من احد الوجهين : اما ان ابن عباس رضي الله عنهما استبعد للقاتل عمدا توبة وانه لايوفق للتوبة ...) وفي هذا القول خطان : اولهما انه ظن بابن عباس ظنا لامستند له فهو لم يقدم قرينة تجعله يظن بابن عباس هذا الظن ثانيهما انه يكرر خطاه السابق عندما قال (القتل عمدا سبب لان يموت الانسان على الكفر والكفر سبب للتخليد في النار واظن هذا ...ليس فيه اشكال ) وقد سبقت الاشارة الى نقضه وان فيه اشكالا اذ ان الله تعالى لايغلق باب التوبة بل يوفق اليها من ارادها ولو كانت معصيته الشرك فضلا عما دونه من الكبائر ثم قال: (واما ان يقال ان مراد ابن عباس رضي الله عنهما انه لاتوبة له فيما يتعلق بحق المقتول ...) وهذا التاويل نقضه بنفسه فانه بعد ان بين ان حق الله تعالى وحق الاولياء قد تسقطه التوبة قال : (واما حق المقتول فلا سبيل الى التخلص منه في الدنيا وعلى هذا يحمل قول ابن عباس انه لاتوبة له أي بالنسبة لحق المقتول . على ان الذي يظهر لي انه اذا تاب توبة نصوحا فانه حتى حق المقتول يسقط لااهدارا لحقه ولكن الله عزوجل بفضله يتحمل عن القاتل ويعطي المقتول رفعة درجات في الجنة او عفوا عن السيئات ) وقد كان بامكان العثيمين رحمه الله تعالى ان يجتنب هذه التاويلات الاستعراضية وان يقدم ما روي عن ابن عباس في المسالة بعيدا عن الاخذ بالظنون والاحتمالات التي لاتدعمها قرائن فقد روي عن سعد بن عبيدة قال جاء رجل الى ابن عباس فقال المن قتل مؤمنا متعمدا توبة ؟ قال لا فلما ذهب قال له جلساؤه اهكذا كنت تفتينا ؟ كنت تفتينا ان لمن قتل توبة مقبولة قال اني لاحسبه رجلا مغضبا يريد ان يقتل مؤمنا قال فبعثوا في اثره فوجدوه كذلك فهذه الرواية كافية وقد اخرجها ابن ابي شيبة واوردها القرطبي في تفسير الاية 93من سورة النساء وسبب نزول الاية مجمع عليه يقول القرطبي (وهذا مذهب اهل السنة وهو الصحيح - يقصد ان للقاتل توبة - وان هذه الاية مخصوصة ... وقد اجمعوا ان الاية نزلت في مقيس بن صبابة وذلك انه كان قد اسلم هو واخوه هشام بن صبابة فوجدهشاما قتيلا في بني النجارفاخبر بذلك النبي (ص)فكتب له اليهم ان يدفعوا اليه قاتل اخيه وارسل معه رجلامن بني فهر فقال بنو النجار والله ما نعلم له قاتلا ولكنا نؤدي الدية فاعطوه مائة من الابل ثم انصرفا راجعين الى المدينة فعدا مقيس على الفهري فقتله باخيه واخذ الابل وانصرف الى مكة كافرا مرتدا وجعل ينشد : قتلت به فهرا وحملت عقلــــــه / سراة بني النجار ارباب فارع حللت به وتري وادركت ثؤرتي / وكنت الى الاوثان اول راجع فقال رسول الله (ص) لا اؤمنه في حل ولا حرم وامر بقتله يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة وسبب نزول الاية يدعم قول من قال ان الاية 93من سورة النساء في حق الكافر اذا قتل المؤمن وهو ما اعترض عليه العثيمين بقوله (الكافر جزاؤه جهنم خالدا فيها وان لم يقتل المؤمن ) صفة المجيئ والاتيان شرح العثيمين اربع ايات اوردها ابن تيمية في مجيء الله تعالى ونزوله ثم قال :(لكن يبقى السؤال هل نعلم كيفية هذا المجيء الجواب لانعلمه ...)وهذا رغم صحته يعد مصادرة للمسالة فكيفيات صفات الله تعالى كذاته غيب مجمع على عدم البحث فيها لكن الاختلاف في معنى صفاته تعالى فهل لمجيئه معنى حقيقي ام معنى مجازي والعثيمين وسائر الوهابية يصرون على انه مجيء حقيقي والمجيء الحقيقي نفاه الطبري في التبصير في معالم الدين في (ص146/148) فقد قال في محاورة من ينفي مجيء الله تعالى (فان قال انكرت ذلك ان الهبوط نقلة وانه لايجوز عليه الانتقال من مكان الى مكان لان ذلك من صفات الاجسام المخلوقة قيل له ...وما برهانك على ان معنى المجيء والهبوط والنزول هوالنقلة والزوال...) وهذا يعني ان الطبري ينفي ان يكون معنى مجيء الله تعالى مجيئا حقيقيا ولكنه لم يبين ذلك بيانا صريحا لانه في كتاب التبصيركان يكتب للعوام واذا كان قد نفى ان يكون مجيء الله تعالى هو مجيء امره في كتاب التبصيرفي معالم الدين فانه في تفسيرالاية 210من سورة البقرة ذكر هذا التاويل ولم ينفه بل جعله من اخر ما ذكر من الاراء وهو ما يوحي بانه يتبناه على عكس راي من قال ان مجيء الله تعالى مجيء حقيقي فانه بدا بذكره في الاول ومن عادته انه يذكر الاراء الضعيفة في الاول فقد قال : (اختلف في صفة اتيان الرب تبارك وتعالى ذكره في قوله ((هل ينظرون الا ان ياتيهم الله )) : فقال بعضهم لاصفة لذلك غير الذي وصف به نفسه عز وجل من المجيء والاتيان والنزول وغير جائز تكلف القول في ذلك لاحد الا بخبر من الله جل جلاله او من رسول مرسل فاما القول في صفات الله واسمائه فغير جائز لاحد من جهة الاستخراج الا بما ذكرنا ) وهذا القول عينه يقوله الوهابية بعد مئات السنين من تحرير الطبري له ثم ذكر بعده رايا ثانيا فقال : (وقال اخرون اتيانه عز وجل نظير ما يعرف من مجيء الجائي من موضع الى موضع وانتقاله من مكان الى مكان ) وهذا تجسيم خالص ثم ذكر رايين اخيرين كلاهما يؤول مجيء الله تعالى فقال : (وقال اخرون معنى قوله ((هل ينظرون الا ان ياتيهم الله ))يعني به هل ينظرون الا ان ياتيهم امر الله كما يقال قد خشينا ان ياتينا بنو امية يراد به حكمهم . وقال اخرون بل معنى ذلك هل ينظرون الا ان ياتيهم ثوابه وحسابه وعذابه كما قال عز وجل ((بل مكر الليل والنهار)) وكما يقال قطع الوالي اللص او ضربه وانما قطعه اعوانه...) ثم ختم بقوله : ( فمعنى الكلام اذا هل ينظر التاركون الدخول في السلم كافة ... الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام فيقضي في امرهم ما هو قاض...) وهذا اصرح تعبير في اعتبار مجيء الله تعالى مجيئا لامره وحكمه يوم الحساب فانه اعقب قوله (الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام ) بقوله (فيقضي في امرهم ما هو قاض) فقد جعل مجيء الله تعالى بهذا التعقيب قضاء في امر الكافرين وهذا نظير تعقيب الله تعالى بذكرحاكميته وسلطانه كلما ذكر استواءه على العرش كما سبق بيانه في جدول ايات الاستواء بالصفحة 275 والعثيمين يجعل مجيء الله تعالى قريبا جدا من الصنف الثاني الذي ذكره الطبري فقد قال (ثم نقول ما المانع من ان ياتي الله تعالى بنفسه على الكيفية التي يريدها...فاننا نعلم ان المجيء والاتيان يختلف حتى بالنسبة للمخلوق فالانسان النشيط الذي ياتي كانما ينحدر من مرتفع من نشاطه لكنه ليس يمشي مرحا وان شئت فقل يمشي مرحا هل هذا كالانسان الذي يمشي على عصا ولاينقل رجلا من مكانها الا بعد تعب والاتيان يختلف من وجه اخر فاتيان انسان مثلا من كبراء البلد او ولاة الامور ليس كاتيان شخص لايحتفى به ) يعني ان الله تعالى حسب هذا القول ياتي بالمعنى الظاهر لكلمة ياتي كل ما في الامر انه اتيان مختلف عن الاتيان المعهود من الخلق وهذا هو نفس الخطا يتكررمن الوهابية في كل الصفات الخبرية حيث يجعلونها اعيانا لامجرد معان فيقولون يدا حقيقية ووجها حقيقيا وساقا حقيقية ومجيئا حقيقيا الخ...(...من الصفات الذاتية التي مسماها بالنسبة الينا ابعاض واجزاء ولا نقول من الصفات الذاتية المعنوية ...)ص287 وقد ذكر العثيمين من الايات ما احتج به القائلون ان مجيء الله تعالى هو مجيء امره وحسابه فذكر الاية الاولى من سورة النحل (اتى امر الله فلاتستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ) واعترض بقوله (لو كان الله تعالى يريد اتيان امره في الايات الاخرى فما الذي يمنعه ان يقول امره فلما اراد الامر عبر بالامر ولما لم يرده لم يعبر به)وهذا القول لا تقوم به حجة من وجوه عدة اولها : ان الامام الطبري في تفسيره للاية (ج4ص499) اول اتيان الله تعالى باتيان امره فقال :(...اختلف اهل التاويل في الامر الذي اعلم الله عباده مجيئه وقربه منهم ما هو واي شيئ هو فقال بعضهم هو فرائضه واحكامه وقال اخرون بل ذلك وعيد من الله لاهل الشرك به اخبرهم ان الساعة قد قربت وان عذابهم قد حضر اجله فدنا واولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال هو تهديد من الله اهل الكفر به وبرسوله واعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك ...) ثانيها :ان تنويع الخطاب في القران الكريم في اللفظ الواحد اوالموضوع الواحد امر معهود فمن المواضيع المتنوع ذكرها في القران الكريم قصة خلق ادم عليه السلام نوع الله سردها فكان مضمونها واحدا رغم تمايز ذكرها من موضع لاخرومن الالفاظ المتنوعة ذات الدلالة المشتركة الاية والبرهان والبينة الخ...كلها تحمل معنى واحدا فلايجوز مثلا الاعتراض على من يفسير الاية بانها البينة او البرهان لكونه تعالى ذكرالاية في موضع والبينة في موضع ثان والبرهان في موضع ثالث فهذه الالفاظ معناها واحد وليس ضروريا التزام واحد منها في كل المواضع كما لا يجب نفي شرعية مصطلح المعجزة لكونها لم تذكرفي القران بل يكفي ورود ما يشير اليها كلفظ الاية او البرهان اوالبينة ولهذافان قوله تعالى (يوم ياتي ربك او ياتي بعض ايات ربك)و قوله تعالى (وجاء ربك ) وقوله تعالى (اتى امر الله فلاتستعجلوه ) كلها تطرق موضوعا واحداوهو مجيء امر الله تعالى في الدنيا كقوله تعالى (فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا)اى اتاهم خذلانه اياهم اواتاهم امره عند فناء الدنيا في مناسبتين مترادفتين اولاهما مع العلامات الكبرى لقيام الساعة وثانيتهمامع قيام الساعة نفسها وهما مناسبتان تضمنهما قوله تعالى (يوم ياتي ربك او ياتي بعض ايات ربك ) ولهذا لم يتحرج الامام الطبري كما سبق من ترجيح التاويل الثاني لقوله تعالى (اتى امر الله فلاتستعجلوه )وفي تفسير سورة الحشرودون تردد اول اتيان الله تعالى باتيان امره فقال :(وقوله فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا يقول تعالى ذكره فاتاهم امر الله من حيث لم يحتسبوا انه ياتيهم وذلك الامر الذي اتاهم من الله حيث لم يحتسبوا قذف في قلوبهم الرعب بنزول رسول الله (ص) بهم في اصحابه ...) ثالثها : يمكن تاويل مجيء الله تعالى واتيانه يوم القيامة برؤيته وهو خاص بالمؤمنين وذلك المجيء والاتيان هو رفع الحجاب بينه وبين اصفيائه وليس قدوما بعد غياب ولاحلولا بعد مباينة لخلقه فان الله تعالى حاضرفي الدنيا والاخرة لاغيبة له حتى تنتهي بمجيئه ولايسعه مكان مما خلق حتى ينزل فيه اما مجيء الله تعالى بالنسبة لاعدائه في هذه الحال فيقينهم بوجوده عند ظهور العلامات الكبرى لقيام الساعة او عند احتضار من يموت منهم قبلها واحرى من ذلك عند قيام الساعة فانهم بعد ان عاشوا على الكفر ياتيهم اليقين بان الله تعالى حق وبانه يبعث من في القبور وذلك هو حظهم من مجي ء الله تعالى اما رؤيته فـ : (انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) وهذا ما ذهب اليه الامام الغزالي والشيخ محمد عبده وخلاصته في تفسير المنار على لسان محمد رشيد رضا: (...وذكر الأستاذ الإمام في تفسير الآية وجها آخر يعد بيانا للقول بأن الإتيان مسند إلى الله تعالى على أنه هو الذي يأتي على ظاهر مذهب السلف لا عذابه ولا يومه الموعود ، وهو من الآيات الكبرى ، وأسرار المعارف العليا ، فقال ما مثاله : من الناس من يؤمن بالله تعالى وصحة دينه إيمانا موافقا لما جاء في كتابه ، ويكون في إيمانه على حق اليقين والاطمئنان الذي لا زلزال فيه ولا اضطراب ، وأهل هذا اليقين هم الذين يقال إن الله حاضر عندهم وأنه معهم أينما كانوا; لأن معرفته ثبتت في عقولهم ، والتوكل عليه قد لابس قلوبهم ، وهم الذين قال قائلهم : لو كشف الحجاب ما ازددت يقينا ، ومنهم من ليس له تلك المعرفة وهذا اليقين، فلا يقال إن الله عندهم; لأن ما حضر في عقله هو غير ما وصف الله تعالى به نفسه ، وشهدت به آياته في كتابه وآياته في خلقه ، ثم هو ليس على يقين مما عنده ، أولئك أصحاب الظنون وأرباب الشكوك ، وحملة التقاليد الذين زلوا من بعد ما جاءتهم البينات فاتخذوا بينهم وبين الله حجابا ووسطاء ، وشبهوه بخلقه في كثير من الشئون ، فهم غائبون عن الله تعالى ومحجوبون عن ربهم بحيث لا تطوف معرفته الحقيقة بعقولهم ، ولا تلابس عظمته وكماله قلوبهم ، فإذا كان يوم القيامة وكشف الحجاب عرفوا الله ربهم الحق ، وتبين لهم ما كانوا عليه من الباطل ، فذلك إتيان الله لهم; أي : يأتيهم من معرفته ما كانوا غائبين عنه ومحرومين منه في الدنيا ، والإتيان يكون في المعقولات كما يكون في المحسوسات ، فلا حاجة إلى التأويل . إن هؤلاء الزالين عن صراط الله تعالى صنفان : صنف اعتقدوا الباطل حقا فلم يعرفوا حقيقة التوحيد ورجوع كل أمر إلى من أعطى كل شيء خلقه على سنن ثابتة ، ولا غير التوحيد من أصول الإيمان . وصنف اتبعوا الظن وهاموا في أودية الوهم ، فلم يكونوا على بينة من هذا الأمر ، فإذا ما تجلى الله تعالى في ذلك اليوم على الأرواح ، وزالت الحجب التي كانت دونها في سجن الأشباح زال جهل الجاهلين ، وانكشف ظن الظانين ، وبطل وهم الواهمين ، وعرف الجميع رب العالمين ، بما جاءهم من الحق اليقين ، فذلك مجيء الله تعالى وإتيانه في يوم الدين ، هذا ما تجلى به مسألة الإتيان على مذهب السلف . وقال الرازي في تفسيره الرازي ج31ص174/175 (...وجاء ظهورربك وذلك لان معرفة الله تصير في ذلك اليوم ضرورية فصار ذلك كظهوره وتجليه للخلق فقيل وجاء ربك أي زالت الشبهة وارتفعت ...) وقال الماوردي في النكت والعيون في تفسير سورةالانعام (ج2ص189): (او ياتي ربك فيه وجهان احدهما امر ربك قاله الحسن والثاني قضاء ربك في القيامة قاله مجاهد )فاذا كان الحسن ومجاهد كما يقول الماوردي يؤولان مجيئه تعالى بامره وقضائه فكيف يدعي مدع ان السلف يمرون مجيئه على ظاهره صفة الوجه ورد ذكر الوجه في ايات كثيرة اهمها قوله تعالى (...كل شيء هالك الا وجهه...)88القصص وقوله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) 26/27الرحمن وقوله تعالى (اينما تولوا فثم وجه الله )115البقرة واختلاف الاسلاميين ليس في البحث عن كيفية الوجه فجميعهم يؤمنون بان صفات الله تعالى كذاته غيب لايجوزتكييفها وهم يتفقون ايضا ان صفة الوجه كغيرها من الصفات الخبرية يجب ان يكون لها معنى الا انهم يختلفون هل معانيها تحددها حقائق الفاظ اللغة ام مجازاتها فانه لاوسط بين الحقيقة و المجاز ولابد لاي لفظ يرد في القران والسنة من معنى يجب تحديده لعموم امر الله تعالى بتدبركتابه دون تفرقة بين محكمه ومتشابهه والاشكال مع الجماعة الوهابية انهم اقتداء بان تيمية وابن القيم ينفون من الاساس انقسام اللغة الى حقيقة ومجازلهذا يصر العثيمين رحمه الله تعالى على ان وجه الله تعالى وجه حقيقي والوجه الحقيقي لايمكن الا ان يكون وجها ماديا والله تعالى (ليس كمثله شيء...)وهذا الاشكال يعلمه العثيمين رحمه الله ولهذا يابى الا ان يراوده كالكابوس فلا يستطيع ان يغض الطرف عن التعليق عليه لهذا فانه بعد ان اختار القول بان وجه الله تعالى وجه حقيقي لامجازي قال :(وهو- يقصدالوجه - من الصفات الذاتية الخبرية التي مسماها بالنسبة الينا ابعاض واجزاء...ولا نقول انها بعض من الله او جزء من الله لان ذلك يوهم نقصا لله سبحانه وتعالى... )ص287 والسؤال الذي يطرح نفسه اذا كانت الصفات الخبرية تحمل على الحقيقة فباي حق :(...لانقول انها بعض من الله او جزء من الله...) فحقيقة الوجه واليد والساق والجنب التي تتبادر للاذهان عند سماعها كالفاظ انما هي الاعضاء والابعاض والاجزاء التي تتركب منها اجسام البشر والحيوان فان قيل بحق ايات التزيه لانحملها على التعيين والتبعيض والتجزئة قيل ايات التنزيه ذاتها تقتضي تاويل تلك الالفاظ التي ظاهرها ابعاض واعيان واجزاء لكي لا تظهر ايات الله تعالى متناقضة تصف الله تعالى مرة بانه ليس كمثله شيئ واخرى تصفه بانه ذو يد و وجه وساق وقبضة واصبع وجنب الى غير ذلك مما قال العثيمين ان مثله فينا اعضاء وابعاض واجزاء وهو يرفض التاويل فيقول :(...لانقول من الصفات الذاتية المعنوية ولو قلنا بذلك لكنا نوافق من تاوله تحريفا...) وهذا الرفض لامعنى له الا ان يعتبر الوجه بضعا وعينا وجزءا رغم انكاره ذلك فالانكار بمفرده لايكفي طالما هو يلتزم منهجا في تدبر القران يؤدي الى حمل معانيه على ما لايليق بالله تعالى فانه لاوسط بين خيارين فاما ان يعتبر الوجه في الله تعالى معنى وذلك بحمله على المجاز واما ان يعتبره عينا وذلك بحمله على الحقيقة والوجه في القران الكريم يرد بمعان مختلفة حسب السياق الذي يرد فيه ومن معانيه عند اهل التاويل انه تعبير مجازي عن ذات الله تعالى وهذا ما قاله الطبري والماوردي وابن كثير: فالطبري يقول في تفسير قوله تعالى (... كل شيء هالك الاوجهه...): (...اختلف في معنى قوله الا وجهه فقال بعضهم معناه كل شيء هالك الا هو . وقال اخرون معنى ذلك الا ما اريد به وجهه ...) وابن كثير يقول في تفسير نفس الاية (كل شيء هالك الا وجهه...تموت الخلائق ولايموت كما قال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذوالجلال والاكرام فعبر بالوجه عن الذات وهكذا قوله ههنا كل شيء هالك الا اياه )ج6ص266 اما الماوردي فقال في تفسيرها ج4(...قوله تعالى كل شيء هالك الا وجهه فيه ستة تاويلات : احدها معناه الا هو قاله الضحاك والثاني الا ما اريد به وجهه قاله سفيان الثوري والثالث الا ملكه حكاه محمد بن اسماعيل البخاري الرابع الا العلماء فان علمهم باق قاله مجاهد الخامس الا جاهه كما يقال لفلان وجه في الناس أي جاه قاله ابو عبيدة السادس العمل ومنه قولهم من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار أي عمله .. ) ومن خلال اقوال هؤلاء الذين ذكرهم الماوردي وهم من السلف تبدو بعض الملاحظات الهامة : الملاحظة الاولى ان السلف لم يكونوا على راي واحد في هذه المسائل وهذا ظاهر من خلال ما نقله الماوردي عن الضحاك والثوري والبخاري ومجاهد وابي عبيدة وهو ما يعني ان مؤولي ايات الصفات الخبرية من الخلف لهم اسوة حسنة بمن اول الصفات الخبرية من السلف اماالمتوقفون مع ظواهرالفاظها فلا اسوة لهم في السلف لان الذين منعوا التاويل من السلف انما منعوه سدا للذريعة لاتقديسا لظواهر الالفاظ او تحريما للتاويل في حد ذاته الملاحظ الثانية ان في اقوال السلف والمفسرين اقتضابا فالطبري اول الوجه بالضميرالمنفصل للمفرد الغاب المذكر(هو) فقال (...كل شيء هالك الا هو ...) وكان الطبري حذرا في الافصاح عن ذلك اذ اورده على انه تاويل من بين تاويلين ولم يتبنه ولم يرفضه وفي تفسير سورة الرحمن عند قوله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ) فسر الوجه بالوجه فقال (كل من على ظهر الارض من جن وانس فانه هالك ويبقى وجه ربك يا محمد ذو الجلال والاكرام ...) وفي تفسير الاية115من سورة البقرة قال (فولوا وجوهكم ايها المؤمنون نحو وجهي فانكم اينما تولوا وجوهكم فهناك وجهي )ولكنه بعد ذلك وفي الحديث عن نسخ القبلة افصح فاول وجه الله تعالى بقبلته فقال (ومحتمل فاينما تولوا من ارض الله فتكونوا بها فثم قبلة الله التي توجهون وجوهكم اليها ...)ج1ص357 والشاهد على انه يؤول وجه الله بقبلته انه حافظ على لفظ وجوه المصلين وانصرف عن ظاهر لفظ وجه الله الى قبلة الله فقد قال : ( فاينما تولوا من ارض... فثم قبلة الله التي توجهون وجوهكم اليها ) ولم يقل :( فاينما تولوا من ارض... فثم وجه الله التي توجهون وجوهكم اليها )وهذا على عكس ما استهل به تفسير الاية من القول : (فولوا وجوهكم ايها المؤمنون نحو وجهي فانكم اينما تولوا وجوهكم فهناك وجهي ) فانه في مستهل تفسير الاية حافظ على نفس لفظ الوجه منسوبا للمصلين ثم منسوبا لله تعالى : (...فولوا وجوهكم....نحو وجهي...اينما تولوا وجوهكم فهناك وجهي ...)وفي نفس الصفحة كررتاويل وجه الله تعالى بقبلته فقال :(... فاينما توجهوا وجوهكم في صلاتكم فثم قبلتكم ...) ولم يقل (...فثم وجه الله...) فدل على انه يؤول وجه الله تعالى بقبلته وقد ذكر العثيمين اختلاف العلماء في تاويل الوجه في هذه الاية فبعضهم اوله بالجهة والبعض الاخرحسب قوله اجراها على ظاهرها ولكنه وقع في جملة من الاخطاء : الخطا الاول يتمثل في تناقضه فقد اجاز التاولين في الوقت الذي حكم بعدم صحة احدهمافقد قال :(...المعنيان لايتنافيان ...)ص290 وقد سبق ان قال :(فمنهم من قال ان الوجه بمعنى الجهة...أي فثم جهة الله...التي يقبل الله صلاتكم اليها...ولكن الصحيح ان المراد بالوجه هنا وجه الله الحقيقي ... )ص289 فقوله (...ولكن الصحيح ان المراد هنا وجه الله الحقيقي...) صريح في تخطئة المعنى الاول فلا معنى اذا لقوله :(...المعنيان لايتنافيان ...)ص290 غير معنى التناقض الخطا الثاني انه لم يذكر من من العلماء اجرى الوجه على ظاهره والخطا الثالث استدلاله على ان وجه الله تعالى ليس صفة معنوية بقوله : (...لان الله محيط بكل شيء ولانه ثبت عن النبي (ص) ان المصلي اذا قام يصلي فان الله قبل وجهه ولهذا نهى ان يبصق امام وجهه...)ص289 فهذاالاستدلال لايستقيم نقلا وعقلا فعقلا احاطة الله تعالى بكل شيء لوسلمنا بالاتفاق على معناها فانها لاتعني انها تتم بوجه الله تعالى دون ذاته وصفاته الخبرية الاخرى فالله تعالى لايتبعض ولهذا فان احاطته بكل شيء لايمكن ان تكون احاطة معنوية وهي احاطةعلمه وسلطانه امانقلا فان الحديث الذي اشار اليه ليس فيه (اذاقام يصلي فان وجه الله قبل وجهه) بل نص الحديثعَنِ ابن عمر , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ , صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ ، فَحَتَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ , فَقَالَ : " إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ , عَزَّ وَجَلَّ , قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى " . فهذا الحديث لايذكر الوجه من الاساس والايات التي جعلها العثيمين رحمه الله مثالا على المواضع التي اريد فيها وصف الله تعالى بان له وجها حقيقيا لامعنويا كان فيها مخالفا للامام الطبري فالعثيمين يطرح سؤالا ويجيب عليه فيقول :(...هل كل ما جاء من كلمة وجه مضافا الى الله يراد به وجه الله الذي هو صفته ؟ فالجواب هذا هو الاصل كما في قوله تعالى ((ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه )) الانعام 52((وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى ))الليل 19/21وما اشبهها من الايات ...) وبالرجوع الى تفسيرالاية 52من سورة الانعام نجد الامام الطبري قد اول وجه الله تعالى بعفوه ومغفرته وقربه ورضاه فقال(...يريدون وجهه...) :(يسالونه عفوه ومغفرته ... يلتمسون بذلك القربة الى الله والدنو من رضاه...) تفسير الطبري ج3ص 264 وهذا التاويل من الطبري يرد ما تحدى به العثيمين مخالفيه عند قوله في الصفحة 287 : (...انه مخالف لاجماع السلف فما من السلف احد قال ان المراد بالوجه الثواب ...) فالعفو والمغفرة والقرب والدنو والرضى من الله تعالى اكبرنعمة واذا ورد لفظ الوجه في سياق يفيد معنى النعمة فالفناء عندها اذا قدر ان النعمة تفنى فلامانع منه ولامحظورفيه وانما المانع والمحظور ان يقال بفناء الوجه اذا ورد في سياق يفيد معنى الذات الالهية كما في قوله تعالى (ويبقى وجه ربك ذوالجلال والاكرام ) وهذا لايقول به الذين يؤولون الوجه في بعض المواضع بالنعمة فلفظ الوجه مرة يرد بمعنى ذات الله تعالى واخرى بمعنى قبلته وثالثة بمعنى نعمته فلا معنى اذاك لاحتجاج العثيمين بقوله :(فسروا الوجه...بشيئ مخلوق...يجوز وجوده وعدمه)ص287 اما ابن كثير فكان اقل تحفظا من الطبري فقد قال في تفسير قوله تعالى (كل شيء هالك الا وجهه) : (... اخبار بانه الباقي الحي القيوم الذي تموت الخلائق ولايموت كما قال تعالى ((كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام )) فعبر بالوجه عن الذات وهكذا قوله ها هنا كل شيء هالك الاوجهه أي الا اياه ...) وهذا الحذر في التعبير له ما يبرره في عهد الطبري وقبله وبعده فقد كانت هذه المسائل حساسة تباح من اجل المواقف فيها اراقة الدماء ولهذا الامام الطبري نفسه كان يقول للعامة كلاما في ظاهره احيانا مغايرا لما يقوله للخاصة كان يخشى انحراف العامة بسبب التاويل الفاسد فينفي اقوالا يقولها المبتدعة هي في ذاتها صحيحة لكن صياغتها تجعل الحق يلتبس على العامة بالباطل فانظر مثلا قوله في الفقرات 30و31و32و33من كتابه صريح السنة تجده يقول :(واما القول في الفاظ العباد بالقران فلا اثر فيه نعلمه من صحابي مضى ولاتابعي قضى ...) الخ... ونقل في نفس الكتاب عن الامام احمد انه قال (من قال لفظي بالقران مخلوق فهو جهمي ومن قال هو غيرمخلوق فهو مبتدع ) فقول القائل (لفظي بالقران مخلوق) يعني صوتي بالقران مخلوق وهوقول صحيح لكن الطبري يؤيد الامام احمد في رفضه لانه يوقع الناس في شبهة القول بان القران في حد ذاته مخلوق وقول القائل (لفظي بالقران غير مخلوق ) يعني المعاني التي ينقلها صوتي الى السامعين حين اقرا القران هي معان غير مخلوقة وهذا ايضا صحيح لكن الامامين يرفضانه لانه يوقع الناس في شبهة اعتقاد ان صوت القارئ في حد ذاته هو القران وانه غير مخلوق وكان الامام الطبري مدركا لذلك كله ولكنه في حديثه للعامة يقول : (...كلام الله عز وجل غير مخلوق ،كيف كتب وكيف تلي ، وفي أي موضع قريء ،في السماء وجد أو في الأرض ،حيث حفظ في اللوح المحفوظ كان مكتوبا ، أو في ألواح صبيان الكتاتيب مرسوما ،في حجر نقش ، أو في ورق خط ،في القلب حفظ ، أو باللسان لفظ ،... ) وكلام الامام في الموضعين صحيح عند من يتفهمه والا فانه يبدو متناقضا ويكفي مثل واحد لبيان ذلك : فقد قال (...كلام الله عزوجل غير مخلوق كيف كتب...) ومعلوم ان كلام الله قد كتب في اللوح المحفوظ وكتب في المصاحف ونحوها بعد تنزليه فهل تستوي الكتابتان اليست الكتابة في اللوح المحفوظ تختلف عن الكتابة في المصاحف بل الكتابة على المصاحف تختلف عن الكتابة في الواح صبيان الكتاتيب وكيفية كتابته نقشا على الحجر تختلف عن كتابته بالحبر خطا على الورق وهو في القلب محفوظا يختلف عن وضعه على اللسان ملفوظا الخ...فالكتابات حادثة والكيفيات والوضعيات مختلفة لكن المضمون واحدة فالقران هو القران حيثما كتب وكيفما كتب واذا كانت مواضع الكتابة وكيفياتها حادثة ومتغايرة فالقران في حد ذاته قديم ولا اختلاف فيه فهو من علم الله وعلم الله لايمكن ان يكون حادثا ولامختلفا ولا يمكن ان يكون الامام الطبري بسيطا في فكره حشويا في معتقده حتى يقول ما حكاه الايجي عن بعضهم انه كان يقول (...كلامه حرف وصوت يقومان بذاته وانه قديم وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا الجلد والغلاف قديمان ...)ص293كتاب المواقف للايجي والامام الطبري لم يكتب التبصير في معالم الدين لاهل امل الا لمواجهة مثل ذلك الفكر المبتدع الملتبس فقد قال مخاطبا اهل امل : (وان مسالتكم اياي صادفت مني فيكم تحريا... لما صح عندي ...من خصوص عظيم البلاء ببلدكم ...من ترؤس الرويبضة فيكم واستعلاء اعلام الفجرة عليكم واعلانهم صريح الكفر...واصغاء عوامكم لهم... حتى لقد بلغني ...ان الامنية بينكم بلغت بهم...الجراة...على اظهار نوع من الكفرلايعلم انه دان به يهودي ولا نصراني ولاوثني ولا زنديق ولاثنوي ولاجنس من اجناس اهل الكفر سواهم وهو ان احدهم فيما ذكر لي يخط بيده في التراب اسم الله ويكتب بيده نحوه على اللوح او ينطق بلسانه ثم يقول قولي هذا الذي قلته ربي الذي اعبده وكتابي هذا الذي كتبته خالقي الذي خلقني ...بلادة وعمى فسبحان الله لقد عظمت مزلة هؤلاء القوم الذين وصفت صفتهم الزاعمين انهم يعملون ربهم بايديهم ويحدثونه بالسنتهم كلما شاءوا ويفنونه بعد احداثهموه كلما احبوا لقد خابوا وخسروا وضلوا بفريتهم...وان بلدة وجد فيها اشكال من ذكرنا ...لحري ان تكون الاقلام عن اهلها مرفوعة ...وجديرون ان يتركوا في طغيانهم يعمهون ...غير اني تحريت بياني ما بينت ...في كتابي هذا لذوي الافهام والالباب منكم ليكون ذلك ذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ...) ويستشهد العثيمين على ان وجه الله تعالى ليس صفة معنوية وانما هو ما مثله في البشربضع بكون الوصف في قوله تعالى وجه ربك ذوالجلال والاكرام يعود على الوجه على عكس الوصف في قوله تعالى تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام 78الرحمن فانه يعود على الله تعالى وهذه حجة باطلة ذلك ان الوجه ليس كالاسم فالوجه تعبيرعن ذات الله تعالى اما الاسم فليس كذلك بدليل ان اسماء الله تعالى متعددة اما وجهه فلا يتعدد ولهذا جلت حكمته ان جعل الجلال والاكرام وصفا لوجهه في قوله تعالى ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ولم يجعل الجلال والاكرام وصفا للاسم هذا وقد اشار العلماء الى اختلاف في القراءات وهو ما يجعل الوصف بالجلال والاكرام قد يعود على وجه ربك كما قد يعود على اسم ربك وان كان عوده على الوجه ابلغ كما في التحرير والتنويرفقد قال ابن عاشور رحمه الله تعالى : (...وقرا الجمهور ذي الجلال بالياء مجرورا صفة لربك وهو كذلك مرسوم في غير المصحف الشامي وقراه ابن عامرذوالجلال صفة لاسم كما في قوله ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام وكذلك هو مرسوم في غير مصحف اهل الشام والمعنى واحد على الاعتبارين لكن اجماع القراء على رفع ذوالجلال الواقع موقع ويبقى وجه ربك واختلاف الرواية في جر ذي الجلال هنا يشعر بان لفظ وجه اقوى دلالة على الذات من لفظ اسم لما علمت من جواز ان يكون المعنى جريان البركة على التلفظ باسماء الله بخلاف قوله ويبقى وجه ربك ) ولهذا فنسبة حجاب النور لوجه الله تبارك وتعالى هي نسبة لذاته العلية فلامعنى لقول العثيمين :(ما تقولون في قول الرسول (ص) حجابه النورلو كشفه لا حرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه ) فلا يظنن احد ان الله تعالى على هيئة ادمية وان النور حجاب لوجهه دون ذاته وسائرصفاته الخبرية ولايظنن احد انه تعالى لما قال لموسى عليه السلام (انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني ...) لايظنن احد انه تجلى للجبل بصفة الوجهه دون اذاته وسائرصفاته فمن يظن مثل هذه الظنون لايمكن ان يكون الا مجسما ولو من حيث لايدري والعثيمين رحمه الله قد وصل الى هذا الحد وهو يستميت في اثبات الوجه الحقيقي لله تعالى حتى عندما يعترف بان الوجه قد يراد به الذات لذلك فقد قال في النهاية: (فان قيل ...كل شيء هالك الا وجهه ان قلت المراد بالوجه الذات...حرفت وان اردت بالوجه نفس الصفة ايضا وقعت في محظور وهو...ان الله يفنى الا وجهه فماذا تصنع ؟ فالجواب ان اردت بقولك الاذاته يعني ان الله تعالى يبقى هو نفسه مع اثبات الوجه لله فهذا صحيح ويكون هنا عبر بالوجه عن الذات لمن له وجه . وان اردت بقولك الذات ان الوجه عبارة عن الذات بدون اثبات الوجه فهذا تحريف وعليه فنقول الاوجهه أي الا ذاته المتصفة بالوجه وهذا ليس فيه شيء لان الفرق بين قول اهل التحريف ان هؤلاء يقولون ان المراد بالوجه الذات ولا وجه له ونحن نقول المراد بالوجه الذات لان له وجها فعبر به عن الذات) فهذا قول باطل من عدة وجوه : 1 = الوجه الاول انه سلم بما فتئ الوهابية ينكرونه وهو المجاز اذ سلم بان الوجه قد يعني الذات وذلك قوله (...ونحن نقول المراد بالوجه الذات لان له وجها فعبر به عن الذات...)وليته بين كيف يمكن ان يعني الذات وهو يصر اعتماد ظواهر الالفاظ لايحيد عنها قيد انملة 2 = الوجه الثاني قوله عمن يسميهم اهل التحريف انهم (...يقولون ان المراد بالوجه الذات ولا وجه له ...) مجرد تزويرلمذهبهم فانهم لاينفون وجه الله تعالى ولكن يقولون وجهه تعالى ذاته كسائر الصفات الخبرية لاينفونها عن الله تعالى لكن يجعلونها صفات معان لايقولون هي ما نظيرها في خلقه ابعاض 3 = الوجه الثالث ان العثيمين جعل الوجه بمعناه الظاهر من اللفظ لازما لوجود الذات الالهية فقال تشنيعا على من سماهم اهل التحريف ان الله تعالى عندهم (...لاوجه له...) وهذا مقتضاه مقارنة الله تعالى بالحيوان فكما لاوجود لحيوان بلا وجه كذلك مقتضى هذا القول لاوجود لذات الهية بلا وجه ومعلوم ان الله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ولكنه عند العثيمين اصبح وجوده تعالى مشروطا بان يكون له وجه حقيقي والا فما معنى لام التعليل في قوله (...ونحن نقول المراد بالوجه الذات لان له وجها...) 4 = الوجه الرابع ان العثيمين يغفل عن كون الله تعالى من الاساس مغاير لخلقه وان اضافة الوجه له تعالى واليد والقبضة والجنب والساق الخ... ما كانت لتسند له جل جلاله لولا ورود الخبر بها وانها اذ وردت في الخبر انما هي فقط لتقرب الله تعالى لفهوم عباده القاصرة عن ادراك حقيقته الغيبية فلا يجوز لهم حملها على ظاهرها لان ذلك يوقعهم في تجسيد الله تعالى وهوتعالى لايتجسد 5 = الوجه الخامس ان صفات الله تعالى التي دل عليها العقل والنقل معا صفات معنوية يعبر عنها بالفاظ الاشارة فيها الى الجانب الجسماني خفي جدا كصفة الوجود وصفة الحياة وصفة الارادة وصفة العلم وصفة القدم وصفة البقاء الخ...فهذه الصفات لايمكن نفيها عن الله تعالى ولهذا النفاة انفسهم من الجهمية والمعتزلة والفلاسفة والشيعة وجدوا انفسهم مضطرين للاعتراف بها بشكل من الاشكال كقولهم انها احوال لاصفات او قولهم انها حادثة او انها ليست زائدة على الذات الخ...كل ذلك لان الذات الالهية لايمكن ان تكون على ما هي عليه من الكمال الا بها فلا يمكن ان يقال ان الله تعالى لاعلم له او لاحياة له الخ... لكن لايحتاج ان تنسب له الابعاض والاجزاء والاعيان ولو بكيفية مغايرة لما هي عليه عند البشر والحيوان فهو تعالى بكماله غني عنها فالذات الالهية لاتستدعي ان تنسب له اليد والوجه والساق والاصبع الخ...كما تستدعي ان تنسب لها صفة الحياة والقدرة والارادة والعلم والحكمة ونحوها من الصفات المعنوية ولهذا عندما ورد السمع بالصفات الخبرية لم يوردها لينسبها لله تعالى كاجزاء وابعاض واعيان وانما كما سبق اوردها لتكون اوفق لعقول عباده فتقرب ذاته الى افهامهم ومواجيدهم فهو تعالى يخاطبهم بالفاظهم التي هي في الاصل عبارات التواصل بينهم في عالم الشهادة في حين ان ذاته من عالم الغيب عين الله تعالى العين والاعين في القران والسنة من صفات الله الخبرية وردت فيها ايات منها قوله تعالى عن موسى عليه السلام (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي )39طه وقوله تعالى لمحمد (ص)(واصبر لحكم ربك فانك باعيننا )48الطوروقد جمع الماوردي تاويلاتها فقال (...((فانك باعيننا )) فيه ثلاثة اوجه : احدها بعلمنا قاله السدي . والثاني بمراى منا حكاه ابن عيسى . الثالث بحفظنا وحراستنا ومنه قوله تعالى لموسى ولتصنع على عيني بحفظي وحراستي قاله الضحاك )النكت والعيون ج5ص387 وقال في تفسير سورة طه (ولتصنع على عيني فيه وجهان احدهما لتغذى على ارادتي قاله قتادة الثاني لتصنع على عيني امك بك ما صنعت من القائك في اليم ومشاهدتي) وقال الطبري (فانك باعيننا يقول جل ثناؤه فانك بمراى منا نراك ونرى عملك ونحن نحوطك ونحفظك فلا يصل اليك من ارادك بسوء ) وقال في تفسير قوله تعالى (ولتصنع على عيني ) : (ولتغذى وتربى على محبتي وارادتي ) التفسير ج5ص195 فهذان علمان من اعلام المفسرين لم يقولا ولم ينقلا عن التابعين ما قاله العثيمين في صفة العين : صفة العين عند العثيمين 1 = فقد اثبت لله تعالى عينين حقيقيتين عنون لهما بقوله (اثبات العينين )ص308 ولكنه استفتح الحديث في المسالة على خجل فقال :(فصبرــ يقصد رسول الله (ص) _ ...ولكنه صبرمؤمن يؤمن بان العاقبة له لان الله قال ((واصبرلحكم ربك فانك باعيننا ))... هذا الاعتناء والحفاوة اكرم شيءيكرم به الانسان ان تقول له انت بعيني انت بقلبي...وما اشبه ذلك انت بعيني معناه انا الاحظك بعيني وهذا تعبير معروف عند الناس يكون تمام الحراسة والعناية والحفظ ...)ص311 وهذا القول يختلف تماما عما سيقوله من بعد انه يقول هنا قولا لايختلف عن قول السلف : الطبري والماوردي ومن رويا عنهم كالسدي وابن عيسى والضحاك وقتادة وهو في الحقيقة تاويل للعينين فلايمكن ان يكون المعنى الظاهر للعينين هو العلم كما نقل ذلك الماوردي عن السدي ولايمكن ان يكون الحفظ والحراسة كما نقل عن الضحاك ولايمكن ان يكون التغذية على ارادة الله كما نقل عن قتادة او التغذية والتربية على محبة الله تعالى وارادته كما قال ذلك الطبري فهذه التاويلات كلها تتناقض مع خيار العثيمين وعامة الوهابيين ولهذا بدا العثيمين الحديث عن العين على خجل وغالط نفسه بما قال عنها وليس هذا خاصا بالعثيمين بل غيره من الوهابيين يقعون في حرج كبير عندما يجدون في تفسيري الطبري والماوردي مثل هذه التاويلات فهم في الاصل يرفضونها بموجب مبدئهم الظاهري المنكر لوجود المجاز في اللغة فضلا عن القران ولكنهم من ناحية اخرى يتغاضون عنها لانها مثبتة في اثارالطبري وامثاله ممن يتقبلون مراجعهم لذلك يحاولون تسويغها رغم انها تاويلات لايتحملها منهجهم الظاهري ويمكن ان يلمس هذا بوضوح في مراجعتهم وتعليقاتهم على كتب يضعون عليها ايديهم ويدعون انها تثبت ما يذهبون اليه في الصفات الخبرية فهذا السيد عبد المقصود بن عبد الرحيم يضع يده على تفسير الماوردي مراجعة وتعليقا ومن تعليقاته فيه على الاية 39 من سورة طه ان الماوردي قال الوجه (...الثاني لتصنع على عيني امك بك ما صنعت من القائك في اليم ومشاهدتي ...) فعلق السيد عبد المقصود قائلا : (ربما يتوهم متوهم فيظن ان موسى عليه الصلاة والسلام يربى فوق عين الله تعالى وكذلك الامر بالنسبة للسفينة في قوله تجري باعيننا فيظن ان السفينة تجري وعين الرب وهذا التوهم وذاك غير صحيح بل هو باطل ...فلا احد يفهم من قول القائل ... فلان يسير بعين ان المعنى انه يسير داخل عينه...وكذلك تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها وهذا قول بعض السلف بمراى مني ...) هامش ص402 فهذا القول اعتراف عملي بالمجاز في اللغة العربية وفي القران والمحاذيرالتي نبه اليها المعلق غير واردة الا على من ينفي المجاز اومن لايفهم لغة العرب وفي التعليق مغالطة وهي في قوله (...تربية موسى تكون على عين الله يرعاه ويكلؤه بها وهذا قول بعض السلف بمراى مني ...) فان السف يقولون يرعاه ويكلؤه ولا يقولون بها والفرق شاسع بين القول ان العين وسيلة يرعى الله ويكلا بها موسى عليه السلام وبين القول ان العين في ذاتها تعبير مجازي عن الرعاية والكلاءة ومع ذلك فالسيد عبد المقصود يتحلى بقدر من الشجاعة في بعض التعاليق ومن ذلك تعليقه على قول الماوردي في تفسيره للاية 115من سورة البقرة فقد قال الماوردي (في قوله ((فثم وجه الله )) تاويلان احدهما معناه فثم قبلة الله ...)فقال السيد عبد السميع معلقا : (اعلم ان طريقة السلف بوجه عام امروها كما نزلت فكان يغلب عليهم التسليم مع التاويل الاجمالي أي يؤمنون بالنصوص ايمانا يليق بكمال الله وجلاله من غير تجسيم ولاتكييف مع العلم ان الشافعي وهومن رؤوس السلف اول هذه الاية تاويلا تفصيليا فقال عن الوجه قبلته )حاشية الصفحة 177ج1النكت والعيون 2 = والعين عند العثيمين ليست صفة معنوية بل هي عين حقيقية الاانها تختلف عن عين الانسان والحيوان لذا يقول العين : (... بضع من الوجه والوجه بعض من الجسم لكنها بالنسبة لله لايجوز ان نقول انها بعض من الله لانه سبق ان هذا اللفظ لم يرد وانه يقتضي التجزئة في الخالق وان البعض او الجزء هو الذي يجوز بقاء الكل بفقده وصفات الله لايجوز ان تفقد ابدا...)ص312وهذا المعتقد لايختلف عن قول المجسمة ان الله جسم لاكالاجسام فلا يليق بجلاله تعالى من الصفات الا ما دل على معاني الكمال كالبصر والسمع والعلم الخ...اما مايدل على الابعاض والاعيان والاجزاء فلا يليق بكماله لانه كما قال العثيمين (...يقتضي التجزئة في الخالق وان البعض او الجزء هو الذي يجوز بقاء الكل بفقده وصفات الله لايجوز ان تفقد ابدا...)ص312 3 = والغريب من العثيمين انه يحصر صفة العين في اثنتين كما فعل من قبل في اليد فيقول :(... وقد دل الحديث الصحيح عن رسول الله (ص) ان لله عينين اثنتين فقط حين وصف الدجال وقال انه اعور وان ربكم ليس باعور...) ص312والغرابة هنا في امرين : ـــ اولهما انه قول مخالف لظاهر النص فقد جاءت العين فيه تارة مفردة واخرى جمعا فباي مبرر يحصر صفة العين في اثنتين فقط وهو الملتزم بظاهر النص . ــــ وثانيهما قوله :(...لو كان لله عز وجل اكثر من عينين لكان ذلك من كماله وكان ترك ذكره تفويتا للثناء على الله لان الكثرة تدل على القوة والكمال والتمام ...)ص313 وهذا حق ولكنه خالفه هنا في العين وخالفه في صفة اليد فقد ادعى الاجماع فقال :(...واجمع السلف على ان لله يدين اثنتين فقط بدون زيادة...)ص301 وقال : (فعقيدتنا التي ندين لله بها ان لله تعالى عينين اثنتين لازيادة )ص314 فحصره اليد والعين في اثنتين تفويت في الثناء على الله تعالى وهو جل جلاله ما نسب لذاته صفة خبرية مفردة او مثناة او جمعا الا اثنى على نفسه اعلى درجات الثناء بتلك الصيغة أيا كانت الصيغة مفردة ام مثناة ام جمعا بل افرادها حيث جاءت مثناة او تثنيتها حيث جاءت جمعا مخالفة لما انزل الله تعالى من القران الحكيم وتفويت للحكمة التي من اجلها جاءت مفردة او مثناة او جمعا 4 = وقد اقام العثيمين رحمه الله تعالى حصر اليد والعين في اثنتين على استنتاجات غيريقينية : فقد حصر اليد في اثنتين لما جاء في الحديث (كلتا يديه يمين ) وحصر العين في اثنتين للحديث (...ان ربكم ليس باعور)وهذان الحديثان لايصلحان لما ذهب اليه من حصر اليدين والعين في اثنتين لعدة وجوه : ـــ اولا قوله صلى الله عليه وسلم (كلتا يديه يمين) دليل على ان يد الله تعالى ليست صفة عين بل صفة معنى فهي تعبير مجازي بدليل ان الانسان لايعقل يدين في ذات واحدة كلتاهما يمين اذ لا وجود في الواقع لمن خلقه الله تعالى بيدين على جنبه الايمن حتى يتصور العقل مثل هذه الصورة ومن هنا نقول لما كانت للانسان يدان وقد امر الشرع باستعمال اليد الشمال في مزاولة المستقذرات واليمنى في الطاهرات نفى الله تعالى عن ذاته اليد الشمال نفيا للمستقذرات عن ذاته تعالى ونسب لذاته يدين يمينا ليؤكد على قداسته من ناحية وعلى وانها قداسة مضاعفة من ناحية ثانية وقد سبق البيان ان التعبيربالضعف عادة القران في التعبير عن تاكيد النفي او الاثبات وهنا اثبت الله تعالى لذاته الطهر والقداسة بوصف يده بانها يمين ثم اكد قداسته وطهره بان له يدين يمينا لايمينا واحدة كما هو وضع الانسان فلم يكن المراد من الحديث لااثبات اليد الحقيقية البضع ولا العدد المثنى ـــ اما العين في الدجال فمن اساسها ليست معلومة لان امر الدجال في حد ذاته غيب فمما جاء في السنة في شانه انه (...يخرج اليه يومئذ رجل هو خير الناس ...فيقول الدجال ارايتم ان قتلت هذا ثم احييه ؟ ... فيقتله ثم يحييه فيقول الرجل حين يحييه والله ما كنت فيك قط اشد بصيرة مني الان ...) اخرجه البخاري ومسلم وفي الحديث (... يسير معه جبلان احدهما فيه اشجار وثمار وماء والثاني فيه دخان ونار )رواه الحاكم و(... يجيء معه بمثال الجنة والنار فالتي يقول انها الجنة هي النار ...)رواه البخاري ومسلم (...مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمنٍ، كاتبٍ وغيرِ كاتب) ومركبه مثله في الغرابة (يخرج الدجال على حمار اقمر ما بين اذنيه سبعون ذراعا )رواه البيهقي فهذا الدجال وعيناه ومركبه كله مجازلامر غيبي لايعلم حقيقته الا الله تعالى فكيف يستدل بما ذكر من عوره على ان لله تعالى (عينين فقط) فمن يملك اليقين بان الدجال انسان حقيقي وان عينيه عينان حقيقيتان وان عواره عوار حقيقي لااحد يجيب بكل يقين على هذه الاسئلة وغيرها حتى يستدل بعيني الدجال على ان لله تعالى عينا حقيقية وان له عينين (...فقط...)هذا في غاية البعد والغرابة ـــ والعثيمين يبدو على يقين بان الدجال انسان حقيقي لذلك يستغرب قول القائلين ان عوره ليس عوارا حقيقيا فيقول : (وقد قال بعض الناس معنى اعور أي معيب وليس من عور العين وهذا لاشك انه تحريف وتجاهل للفظ الصحيح الذي في البخاري وغيره اعور العين اليمنى كان عينه عنبة طافية وهذا واضح )ص312/313والجواب بكل تاكيد انه غير واضح لان هذا الحديث ليس الوحيد في وصف الدجال والا هل يعتقد العثيمين ظاهرالرواية في المسافة بين اذني حمار الدجال (...سبعون ذراعا)أي ان راس حماره بعرض ثلاثين مترا ؟ وان الكتابة بين عيني الدجال كتابة حقيقية يقرؤها كل مؤمن ولو كان اميا بل ولو كان اعجميا اميا ؟ كل هذه الامور تؤكد ان الدجال ليس انسانا حقيقيا وانما شخصية مجازية والاحاديث في شانه يستعصي فك رموزها فمنها احاديث تحدد ظهوره بفتح القسطنطنية وقد فتحت ولم يظهرومنها احاديث تجعل ظهوره من العلامات الكبرى لقيام الساعة حيث يغلق باب التوبة من المعصية فضلا عن التوبة من الشرك ومنها احاديث ترشد المؤمنين الى ضرورة مخالفته في حين ان زمن ظهوره وظهور العلامات الكبرى لقيام الساعة يفترض فيه غلق باب التكليف فكون الدجال اعور العين اليمنى لايعني بالضرورة انه ادمي وان له عينين بل عوره دليل شؤمه وكون عوره في يمناه دليل خلوه من اليمن والبركة وقد اول بعضهم الدجال بالحضارة الغربية وهي فعلا جديرة بان تكونه لولا ان الدجال يبعث عند غلق باب التوبة وهو بداهة لم يغلق بعد فلا يصح تاويل الدجال بهذه الحضارة العوراء وهي ايضا لم تصل بعد الى الاحياء والاماتة حتى يقال انها الدجال 5 = ويدعي ان السلف يثبتون العين لله تعالى حقيقة فيقول : (انهم فسروها باللازم مع اثبات الاصل...يقولون باعيننا بمراى منا مع اثبات العين...)ص314 وهذا قول باطل من عدة وجوه ـــ اولها ان اللازم من الرؤية لا يقتضي نسبة عين جارحة لله تعالى لاكالتي يتصف بها الانسان والحيوان ولا الجارحة الغيبية ان صح وجود جارحة غيبية لانه جل جلاله لايتبعض فكما ان الله تعالى يتصف بالحياة وليس من لوازم حياته ان يتصف بما يتصف به الاحياء من البشر والحيوان من التغذي والتنفس والنماء الخ...كذلك الرؤية ليس من لوازمها في حقه تعالى ان تكون له عين حقيقية جارحة ولو لاكالجوارح فهو تعالى يرى ويفعل لكن بغير الة وانما بقوله للشيء كن فيكون ـــ ثانيها ان من السلف من فسر العين بغير الرؤية من الاساس من ذلك ان الطبري قال في قوله تعالى (ولتصنع على عيني ) : (ولتغذى وتربى على محبتي وارادتي ) التفسير ج5ص195وهو قول نقله الماوردي عن قتادة فهذا تفسير لاذكر فيه للرؤية ولاللعين ــــ ثالثها ان العثيمين لم يات بقول صريح للسلف في نسبة عين حقيقية لله تعالى وقد مر قول الماوردي والطبري ولم ينسب اي منهما ذلك لاحد من السلف ــــ ثم رابعها لو سلمنا بقوله (...انهم فسروها باللازم مع اثبات الاصل...يقولون باعيننا بمراى منا مع اثبات العين...)ص314 فهذا معناه ان السلف كاونوا يستعملون المجاز في تفسيرهم للقران فان تفسير الشيئ بلازمه وجه من وجوه المجاز والعثيمين ككل الوهابية ينكرون المجاز ويعتبرونه اخا للكذب وعيا من الذي يعتمده في التعبير بدلا عن التعبير بالحقيقة 6 = والعثيمين في النهاية يستعمل التاويل في تدبر معاني الايات التي وردت فيها صفة العين ولكنه رغم استعماله للتاويل ينكر انه التاويل ويدعي انه ياخذ (...بالظاهر وعلى الراس والعين ...) ص315 وهذا قوله :(...قالوا الظاهر من الاية ان محمدا (ص) بعين الله وسط العين كما تقول زيد بالبيت زيد بالمسجد فالباء للظرفية...فيكون قوله باعيننا أي داخل اعيننا...جعلتم الله محلا للخلائق...وان لم تقولوا به تناقضتم...) ص315 انه قول مفحم لمن ينكر انقسام اللغة الى حقيقة ومجاز ولايعترف للالفاظ بغير ظواهرها فحروف المعاني تنقسم الى حقيقة ومجاز كانقسام سائر الكلام العربي ولهذا فان علماء اصول الفقه يتطرقون اليها بالبحث مباشرة بعد مبحث الحقيقة والمجازوهو لايخفى على المفسرين قال ابن عاشور في تفسير سورة الطور (قوله فانك باعيننا فان الباء للالصاق المجازي أي لانغفل عنك ...وذكر العين تمثيل لشدة الملاحظة وهذا التمثيل كناية عن لازم الملاحظة من النصر والجزاء والحفظ ...)التحرير ج 27ص84 واذا علم هذا يصبح قول العثيمين رحمه الله تعالى لامعنى له فقد قال : (... قلنا لهم معاذالله ثم معاذالله ثم معاذالله ان يكون ما ذكرتموه ظاهر القران...اسالوا جميع اهل اللغة من الشعراء والخطباء هل يقصدون بمثل هذه العبارة ان الانسان المنظور اليه بالعين حال في جفن العين اسالوا من شئتم من اهل اللغة احياء وامواتا...) ص315/316 يقول تاج الدين السبكي في جمع الجوامع : (الباء للالصاق حقيقة ومجازا) وضرب شمس الدين المحلي لذلك مثلين في شرحه لجمع الجوامع فقال (...للالصاق حقيقة نحوبه داءو مجازا نحو مررت بزيداي الصقت مروري بمكان يقرب منه ...) فالباء في قوله في المثل الاول (...به داء...) معناها حقيقي وتقدره ان الشخص المعبر عنه بضمير الهاء به داء اي لاصق به مرض وهو لصوق حقيقي لان المرض شيئ حقيقي مادي والشخص كذلك اما في المثل الثاني فالباء معناها مجازي لان زيدا ليس ظرفا مكانيا حتى يكون محلا لمرور المارة ومن يجهل ذلك ويفهم قول القائل مررت بزيد انطلاقا من ظواهرالالفاظ فسيقع فعلا في لبس لامخرج منه كان يظن مثلا ان زيدا قنطرة ممدود على الطريق كالقنطرة يمر به الناس ولهذا فان الوهابية فعلا لو يلتزمون ظواهر الالفاظ (...على الراس والعين ...) ص315على حد تعبير العثيمين فانهم سيفهمون من قوله تعالى (فانك باعيننا ) (...داخل اعيننا...) والاحياء والاموات من اهل اللغة لم ولن يقعوا في ذلك الفهم لايمانهم بان اللغة تنقسم الى حقيقة ومجازاما الوهابية فلا عاصم لهم من ذلك لانكارهم تلك القسمة في اللغة 7 = ولايصح قول العثيمين ان الباء في قوله تعالى (فانك باعيننا ) تفيد معنى المصاحبة لان من شرط ذلك ان تقبل الباء الاستبدال بحف المعية (مع) وقوله تعالى (فانك باعيننا ) لايستقيم اذا عوضت فيه الباء بحرف الجر مع ولهذا لا معنى لقوله (...فان قيل بماذا تفسرون الباء في قوله باعيننا قلنا نفسرها بالمصاحبة اذا قلت انت بعيني يعني ان عيني تصحبك وتنظر اليك لاتنفك عنك...) ولو كان العثيمين متيقنا من قوله هذا لقال معك عوض قوله تصحبك ولكنه لم يقل ذلك لانه لو قاله لاتضح بعده عن الصواب 8 = وقد ذكر ادلة على ان عين الله تعالى عين حقيقية فقال :(الوجه الاول انه ــ يقصد تاويل العين بالرؤية ــ مخالف لظاهراللفظ )وهذا دليل ضده فان مخالفة ظاهر اللفظ تقتضيه ايات التنزيه واعتماد الظاهرمطلقا سبب اصيل لخطا الوهابية في فهم المراد من الصفات الخبرية وهو ما جعل الفارق بينهم وبين المجسمة ضيئلا جدا ثم قال (...الوجه الثاني انه مخالف لاجماع السلف...) والسلف لم يجمعوا على ان لله عينا حقيقية وقد مر قول الطبري في قوله تعالى (ولتصنع على عيني ) : (ولتغذى وتربى على محبتي وارادتي ) التفسير ج5ص195وهو قول نقله الماوردي عن قتادة فهذا تفسير لاذكر فيه للرؤية ولاللعين ثم قال (...الثالث انه لادليل عليه اي ان المراد بالعين مجرد الرؤية...) والصحيح ان له اكثر من دليل اولها ايات التنزيه ثانيها ما سبق من ان من السلف من فسرها بمجرد الرؤية بل منهم من فسرها بالمحبة والارادة ثم قال (...الرابع اننا اذا قلنا بانها الرؤية واثبت الله لنفسه عينا فلازم ذلك انه يرى بتلك العين ...)وهذا لزوم لما لايلزم لان العين التي اثبتها لنفسه مختلف فيها هل هي عين حقيقية كالتي نظيرها فينا جارحة ام انها عين مجازية السمع والبصر قسم السمع فقال : (والسمع المضاف الى الله عز وجل ينقسم الى قسمين 1ـــ سمع يتعلق بالمسموعات فيكون معناه ادراك الصوت 2ـــ وسمع بمعنى الاستجابة فيكون معناه ان الله يجيب من دعاه لان الدعاء صوت ينطلق من الداعي وسمع الله دعاءه يعني استجاب دعاه...) ثم قال (فالسمع بمعنى ادراك الصوت ثلاثة اقسام : ...ما يقصد به التهديد و...ما يقصد به التاييد و...ما يقصد به بيان احاطة الله سبحانه وتعالى ...) ص323/324 وهذا التقسيم لايستقيم : اولا لانه تقسيم بحسب انقسام الكلام في اللغة الى حقيقة ومجاز وهو من الذين ينكرون المجاز فكان عليه الا يورد هذا التقسيم ثانيا ظاهرلفظ السماع وحقيقته ادراك الصوت اما دلالته المجازية فتتجاوز ادراك الصوت الى الموقف من المسموع قد تكون الاستجابة وقد تكون التهديد او التاييد او بيان الاحاطة بالمسموع وقد جعل العثيمين الاستجابة قسما ثانيا للسماع في مقابلة القسم الاول وهو ادراك الصوت دون التهديد والتاييد وبيان الاحاطة فكان عليه ان يجعل الاستجابة مع التهديد والتاييد وبيان الاحاطة لانها كلها مجازات في مقابل ادراك الصوت وهو الحقيقة الواحدة المنفردة للمعنى الظاهر من لفظ السمع ثالثا كل الامثلة التي قدمها للسماع ليس المراد منها مجرد اثبات السمع لله تعالى وانما هي تعبيرمجازي عن الاستجابة كما في قوله تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك ...) وعن التهديد في قوله تعالى (ام يحسبون انا لانسمع سرهم ونجواهم )80الزخرف وعن التاييد في قوله تعالى (انني معكما اسمع وارى )46طه اما السماع المعبر عن الاحاطة فقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُون) اما قوله تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك ...) فيفيد الاستجابة لامجرد الاحاطة والدليل على ذلك ان الله تعالى اعقب سماعه قول المجادلة بذكر احكام الظهارالذي به زالت شكواها وتكرر عمل العثيمين مع الرؤية والعلم في الصفحة 326فانه قد فعل مع قوله تعالى (الم يعلم بان الله يرى) 14العلق ما فعله مع قوله تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله)فكما جعل السمع سمعين حقيقيا ومجازيا جعل الرؤية حقيقة ممثلة في (رؤية المبصرات يعني ادراكها بالبصر) ص 327 ومجازا ممثلة في العلم وهو حسب قوله (...المعنى الاول ...) ص327 فهو هنا لايكتفي بتقسيم الرؤية الى رؤية حقيقية ورؤية مجازية بل يجعل المجازية مقدمة على الحقيقية فيقول هي (...المعنى الاول ...)كانه نسي انه ياخذ بالظاهر (...على الراس والعين ) لايحيد عنه اعتقادا منه راسخا ان المجاز لاوجود له لافي القران ولافي لغة العرب العلم والرؤية في شرح الايات (218/ 220)من سورة الشعراء (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين انه هو السميع العليم) نفى ان تكون الرؤية هي العلم وعلل نفيه فقال : (والرؤية هنا رؤية البصر ... لاتصح ان تكون بمعنى العلم لان الله يعلم به حين يقوم وقبل ان يقوم ...) ص327/328 والاشكال في هذا الشرح ان العثيمين جعل علم الله تعالى اشمل من بصره فمقتضى شرحه هذا ان الله تعالى علمه محيط بكل معلوم بصورة متواصلة لاينسى ولا يغفل وهذا يؤيده قوله تعالى (وما كان ربك نسيا ) وقوله تعالى (لاتاخذه سنة ولانوم) فهل بصره تعالى قاصرعن علمه بحيث لايرى قيام القائم الا اذا قام على عكس علمه بالمعلوم فانه يعلمه قبل ان يوجود ويعلمه اذا وجد على النحو الذي علمه قبل ان يوجد فهذا كله محال على الله تعالى ولله در ابن عاشور رحمه الله تعالى اذقال: (... ووصفه تعالى ((بالذي يراك حين تقوم)) مقصود به لازم معناه وهو ان النبي (ص) بمحل العناية منه لانه يعلم توجهه الى الله ويقبل ذلك منه فالمراد من قوله ((يراك)) رؤية خاصة وهي رؤية الاقبال والتقبل كقوله ((فانك باعيننا))...)التحرير ج19ص204وبهذا تتسق رؤية الله تعالى وبصره مع علمه الشامل المحيط فلا يصح القول بقصور الرؤية في شمولها ودوامها وقدمها عن شمول العلم ودوامه وقدمه فكما ان (الله يعلم به حين يقوم وقبل ان يقوم...) ص 328 يراه ايضا حين يقوم وقبل ان يقوم فما كانت رؤية الله تعالى حادثة وما كان علمه حادثا بل هو تعالى قديم بذاته وصفاته وفي الحديث قوله (ص) (...ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ...)فرؤية الله لخلقه مثل علمه بهم رؤية قديمة باقية لاهي حادثة ولافانية المكرو الخداع والمحال والاستهزاء هذه افعال تشترك في حقيقة واحدة وهي انها افعال سيئة اية ذلك ان السوء هو المعنى الاول الذي يتبادر الى الاذهان عند سماعها وهكذا هو المعنى الحقيقي لكل لفظ ميزته انه اول المعاني تطرقا للذهن عند سماعه ومع ذلك فان المكر والخداع والمحال والاستهزاء الفاظ قد ورد ت مجازا منسوبة لله تعالى في غير ما اية من القران الكريم والدليل على ان المراد منها هو مجازاتها لاحقائقها انها افعال اذا تؤملت تظهر مغايرة لما عرف عند الناس من المكر والخداع والمحال والاستهزاء فهي منهم خبث وظلم وعدوان وسوء اما من الله تعالى فعلى العكس من ذلك كله عدل وحق و حكمة بالغة تزيد اولي الالباب يقينا بعظمة المولى عزوجل وحبا له وثقة بنصره للمظلومين ومن الغريب ان العثيمين رغم ادراكه لسوء المعنى الظاهر والحقيقي للمكر والخداع والمحال والاستهزاء فانه يدعي ان اهل السنة والجماعة (...يثبتون هذه المعاني لله عزوجل على سبيل الحقيقة ...)ص337 اما اهل التحريف حسب تعبيره فـ :(...يقولون لايمكن ان يوصف الله بها ابدا لكن ذكر مكر الله ومكرهم من باب المشاكلة اللفظية والمعنى مختلف ...) فسبحان الذي خلق الانسان وعلمه البيان كيف يدعي مدع ان من ينفي عن الله السوءمحرف ويدعي ان من يثبت له ما لايليق بجلاله مصحح ؟ ان عرض بعض الايات وقول المفسرين فيها يؤكد ان خلاف قول العثيمين رحمه الله هو الصحيح قال ابن عاشورفي تفسير قوله تعالى (افامنوا مكر الله ...)من سورة الاعراف (والمكر حقيقته فعل يقصد به ضر احد في هيئة تخفى او هيئة يحسبها منفعة) وهذا معناه ان المكر دسيسة وخديعة ولؤم وغش وكل ذلك منهي عنه شرعا بين الناس فلا يجوز وصف الله تعالى بما ينهى عنه من الافعال السيئة ولهذا اضاف ابن عاشور ما مفاده نفي حقيقة المكر السيئة عن الله تعالى فقال (وهو هنا استعارة للامهال والانعام ... شبه حال الانعام مع الامهال وتعقيبه بالانتقام بحال المكر...)التحرير ج9ص24 اي ان الله تعالى لم يفعل سوءا لم يغش ولم يظلم وانما امهل الظالمين فلم يؤاخذهم بظلمهم في الحال بل انعم عليهم رغم ظلمهم ثم في نهاية المطاف اخذهم اخذ عزيز مقتدر فلو امرهم بالظلم و انعم عليهم رضاء بظلمهم ثم انزل بهم العقوبة لكان ذلك مكرا حقيقيا وفعلا سيئا ولكن الله لم يفعل ذلك بل نهاهم عن الظلم وتوعدهم عليه بالعقوبة عاجلا ام اجلا ودعاهم الى التوبة وانعم عليهم وامهل محاسبتهم ولكنهم ظلوا على كفرهم وعنادهم وظلمهم وفي النهاية اكتشفوا سوء مصيرهم وعلموا ان محادة ربهم لم تكن في محلها وانها اضرت بهم دونه هذا هو ما سماه الله تعالى مكرا بهم فهل هو الا مكر مجازي لايشترك مع المكر الحقيقي الا في الاسم ؟ وفي سورة يونس عليه السلام يقول عز وجل (واذا اذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم اذا لهم مكر في اياتنا قل الله اسرع مكرا ان رسلنا يكتبون ما تمكرون )الاية 21 فهل كتابة اعمال الناس السيئة لمجازاتهم عليها يوم الدين مكر حقيقي ؟ لو لم ينذرهم ولولم يعطهم عقولا ولو لم ينههم عن الفساد ثم فاجاهم بالحساب لكان مكرا حقيقيا ولكنه تعالى اعلى واجل واحكم من ان يفعل ذلك بل كرم بني ادم وبعث اليهم الرسل وانذرهم بانه سيحاسبهم على اعمالهم ورفع القلم عن المجنون والصبي والنائم وعن كل من لم يتعمد فعل المنكرات ومع ذلك فهناك من بني ادم من يظلم نفسه فيحق عليه العذاب فهل يسمى الحق مكرا حقيقيا ام انه لايسمى مكرا الا مجازا ؟ يقول الماوردي في تفسير الاية 21 سورة يونس(قل الله اسرع مكرا يعني اسرع جزاء على المكر) ج2ص430والجزاء على المكرطالما يجيء من الله تعالى بعد التكريم بالعقل والانذار بالرسل والدعوة للتوبة والامهال والانعام لايسمى مكرا الا مجازا وقد سمى الله تعالى رد السيئة بالسيئة جائزا ولو كانت السيئة ردا على السيئة سيئة حقيقية لما اجازها الله تعالى فهي سيئة مجازا لاحقيقة كذلك مكر الله تعالى طالما هو خال من الظلم فلايسمى مكرا الا مجازا ومن سماه مكرا حقيقيا فقد اخطا خطا بينا قال ابن عاشور في تفسير قوله تعالى (والله خير الماكرين )54ال عمران: (ويجوز ان يكون معنى خير الماكرين ان الاملاء والاستدراج الذي يقدره للفجار والجبابرة والمنافقين الشبيه بالمكر في انه حسن الظاهر سيئ العاقبة هو خير محض لايترتب عليه الا الصلاح العام ...فهو من هذه الجهة مجرد عما في المكر من القبح... فمكر الله خير محض ولك على هذا الوجه ان تجعل خير بمعنى التفضيل وبدونه...) التحرير ج3 ص257 وقد نبه كثير من المفسرين على ان افعال الاعتداء والمكر والاستهزاء والاساءة الخ...اذا كانت ردا على المعتدين بما يناسب افعلهم لاتسمى افعالا سيئة الا مجازا ومن تلك التفاسير قول الماوردي في تفسير قوله تعالى (الله يستهزئ بهم ) من سورة البقرة (معناه انه يحاربهم على استهزائهم فسمى الجزاء باسم المجازى عليه كما قال فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وليس الجزاء اعتداء...)النكت والعيون ج 1ص77وفي نفس الصفحةعلق على هذا السيدعبد المقصود بن عبد الرحيم محقق تفسير الماوردي فقال (هذا...وان كان صحيحا فهناك ما هو اصوب منه فان هذه الافعال من الله تعالى في كتابه كالمكر والكيد والاستهزاء والخداع على حقيقتها في بابها وهو نوعان قبيح وحسن فالقبيح مذموم والثاني حسن وانما يفعل الرب الحسن...) وهو تعليق لا يراد منه الا التاكيد على خطا اضافة حقيقة الافعال السيئة لله تعالى من المكر وغيره وهي افعال لاتنقسم في اللغة الى نوعين نوع حسن ونوع قبيح بل لها حقيقة واحدة في اللغة وهي القبح لذلك نهى الله الناس ان يعاملوا بها بعضهم بعضا ولكنها تنقسم باعتبار الحقيقة والمجاز وهو التقسيم الذي لايريد الوهابية الاعتراف به رغم ان كل الادلة اللغوية والتاريخية والنقلية تثبته ويستدل العثيمين على ان مكر الله يحمل على المكر الحقيقي استدلالا غريبا فيقول :(وقد قلنا سابقا اذا قال قائل ائت لنا بقول لابي بكر او عمر او عثمان او علي يقولون فيه ان المراد بالمكر والكيد والاستهزاء والخداع الحقيقية فنقول لهم ...لم ينقل عن واحد منهم خلاف ظاهر الكلام...نقول عدم نقل ما يخالف ظاهرها عنهم دليل الاجماع...) ووجه الغرابة في هذا الاستدلال من ثلاثة اوجه : اولها انه يعترف بان الصحابة لم يرد عنهم قول يقتضي حمل تلك الالفاظ على ظواهرها اية ذلك انه فعلا لم يجد لهم قولا يثبت انهم يحملون مكر الله ونحوه على الحقيقة ثانيها ان عدم نقل اقوال عنهم تنفي ظواهر تلك الالفاظ ليس دليلا ضروريا على انهم مجمعون على اثباتها بل يغلب على الظن انهم لم ينفوا ظواهرتلك الالفاظ لعلمهم بان نفيها مما تفهمه العرب بالسليقة من لغتها ثالثها ان التاويلات التي قدمت لتلك الالفاظ كلها في اتجاه واحد فلا يوجد بينها تاويل واحد يحمل تلك الالفاظ على حقائقها و لو اثر عن السلف غير ذلك لما جهله المفسرون على كثرتهم وقربهم من عهدهم كالطبري والماوردي فقد ذكر الماوردي للاستهزاء في الاية (15)من سورة البقرة خمسة اوجه فقال (احدها معناه يحاربهم على استهزائهم فسمى الجزاء باسم المجازى عليه... والثاني يجازيهم جزاء المستهزئين والثالث انه لما كان ...من احكام اسلامهم في الدنيا خلاف ما اوجبه عليهم من عقاب الاخرة ...صار كالاستهزاء بهم والرابع انه لما حسن ان يقال للمنافق ((ذق انك انت العزيز الكريم )) صارالقول كالاستهزاء والخامس ما حكي انهم يفتح لهم باب الجحيم ...فيزدحمون للخروج فاذا انتهوا الى الباب ضربهم الملائكة بمقامع النيران حتى يرجعوا وهذا نوع من العذاب وان كان كالاستهزاء )النكت والعيون ج1ص77/ 78 اما الامام الطبري فقد اختار الوجه الثالث وحرره تحريرا انشائيا بديعاوهو كبقية الوجوه ينفي ان يكون الاستهزاء والمكر والخداع من الله تعالى على حقيقته وانما تلك الافعال كلها في حقه تعالى مجرد مجازات وهذا ما ذكره ابن كثير في تفسيره نقلا عن الامام الطبري حيث قال :(... ثم شرع ابن جرير يوجه هذا القول وينصره ـــــــ يقصد ابن كثير الوجه الثالث الذي ذكره الماوردي ـــــ لان المكروالخداع والسخرية على وجه اللعب والعبث منتف عن الله عزوجل واما على وجه الانتقام والمقابلة بالعدل والمجازاة فلا يمتنع ذلك قال وبنحو ما قلنا فيه روي الخبر عن ابن عباس حدثنا ابو كريب حدثنا عثمان حدثنا بشر عن ابي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى الله يستهزئ بهم قال يسخر بهم للنقمة منهم...)تفسير ابن كثير ج1ص184 وانه لمن الغريب جدا حرص بعضهم على اثبات ان المكروالخداع والاستهزاء في حق الله تعالى يحمل على حقيقته فان ذلك كما لايليق بجلال الله تعالى وعظمته لافائدة في حمله عقيدة في قلوب العباد بل بالعكس حقائق تلك الافعال لو اعتقد الانسان ان الله تعالى يتصف بها فعلا فانها و ان دعته الرهبة والخوف منه فانها تجعله لايقدسه كما هو معلوم من عقائد بعض الامم المشركة التي ترهب الله تعالى وتعتقد فيه ما لايليق به من الشر اما ان حمل تلك الالفاظ على المجاز فانها ستدعوالانسان الى الخوف والرهبة فيبتعد عن محام الله تعالى وفي نفسه ستدعوه الى تقديس واجلال لربه الذي لايظلم ولايجور الاتفاق والتماثل في الصفحة 347 وبعد قول سديد في الفرق بين عزة الله تعالى وعزة رسوله (ص) والمؤمنين وانهما رغم الاتفاق في الاسم لايتماثلان قرر العثيمين قاعدة يقول فيها (ان العزة التي اثبتها الله لرسوله وللمؤمنين ليست كالعزة التي اثبتها لنفسه وهذا ايضا يمكن ان يؤخذ من القاعدة وهي انه لا يلزم من اتفاق الاسمين ان يتماثل المسميان ولا من اتفاق الصفتين ان يتماثل الموصوفان )وهذا كله حق الا ان العثيمين رحمه الله تعالى لم يطبقه في بحثه في صفات الله تعالى فانه التزم فيها بظواهر الالفاظ وظواهر الالفاظ في تلك المواضع لاتقود الا الى تشبيه الله تعالى بمخلوقاته وقصارى ما فعله العثيمين انه في كل مرة بعد التاكيد على اي صفة خبرية بانها حقيقية لامجازية يقول كما (يليق بجلاله)وهذا لايكفي لتنزيه الله تعالى لانه في نهاية المطاف مصر على المماثلة في كون صفات الله الخبرية ليست مجرد معان وانما هي حسب تعبيرردده مرارا وتكرارا (...مسماها بالنسبة الينا ابعاض واجزاء ...)ص287 فهذا الاصرار يوقعه في المماثلة الاجمالية ولايعفيه من ذلك قوله (...ولانقول انها بعض من الله او جزء من الله ...)ص287 فطالما هو مصر على القول (...ولانقول ...معنوية...)ص287 لايبقى امامه الا القول انها ابعاض واجزاء واعيان غاية ما هنالك انه ينفي مماهاتها لما (...مسماها بالنسبة الينا ابعاض واجزاء ...)ص287 وبهذا يخالف القاعدة المذكورة (...لا يلزم من اتفاق الاسمين ان يتماثل المسميان ولا من اتفاق الصفتين ان يتماثل الموصوفان ...) لانه انتهى الى الاتفاق الاجمالي بين اسم الله واسماء مخلوقاته وبين صفاته وصفاتهم فالكل الخالق والمخلوق يتبعض ويتجزا مع فارق المغايرة في الاعضاء والاجزاء ومع فارق اخر لفظي لامعنى له وهو ان الاعضاء والاجزاء من المخلوقات تسمى اعضاء واجزاء اما من الله تعالى فــ : (...لانقول انها بعض من الله او جزء من الله لان ذلك يوهم نقصا لله سبحانه وتعالى ...)ص287 قسمة الاسماء بين الحق وغيره قال الله تعالى (انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق ) 42الشورى فقال العثيمين رحمه الله تعالى (...كل بغي فهو بغير حق وليس المراد ان البغي ينقسم الى قسمين بغي بحق وبغي بغير حق لان البغي كله بغير حق ...) ص371وهذا لايصح فانه لو كان البغي كله بمعنى واحدا وهو العدوان والظلم لما اباح الله تعالى اعتداء المظلوم على ظالمه بقدر عدوانه عليه فالبغي كالعدوان والاساءة الفاظ قد ترد بمعانيها الحقيقية كما قد ترد بمعانيها المجازية ولهذا فان القران الكريم حرم ما كان منها حقيقيا واباح ما كان منها مجازيا قال الامام الطبري في تفسير قوله تعالى (...فلا عدوان الا على الظالمين ) من الاية 193البقرة (فان قال قائل وهل يجوز الاعتداء على الظالم فيقال .... قيل ان المعنى في ذلك على غير الوجه الذي اليه ذهبت وانما ذلك على وجه المجازاة لما كان من المشركين من الاعتداء يقول افعلوا بهم مثل الذي فعلوا بكم كما يقال ان تعاطيت مني ظلما تعاطيته منك والثاني ليس بظلم وانما كان ذلك نظير قوله ((الله يستهزئبهم )) 15البقرة و ((فيسخرون منهم سخر الله منهم))79التوبة وقد بينا وجه ذلك ونظائره فيما مضى قبل ...)تفسير الطبري ج1ص520 وقال القرطبي في تفسير الاية 194البقرة عند قوله تعالى (...فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) : (اختلف الناس في المكافاة هل تسمى عدوان ام لا فمن قال ليس في القران مجاز قال المقابلة عدوان وهو عدوان مباح كما ان المجاز في كلام العرب كذب مباح ...ومن قال في القران مجاز سمى هذا عدوانا على طريق المجاز...)الجامع لاحكام القران ج3ص250 فالمسالة في النهاية تعود الى مسالة الحقيقة والمجازوقد كان الاختلاف فيها هينا عندما كان الجميع يعترف بوجود المجاز في لغة العرب اما بعد ظهور ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى وانكارهما لانقسام اللغة الى حقيقة ومجازفالاختلاف بقولهما ذاك قد استحكم وقد سبق الرد على حجج الوهابية في نفيهم للمجاز من اللغة والقران معية الله لخلقه يذكر الله تعالى في غير ما اية انه مع خلقه من ذلك قوله تعالى (وهو معكم اينما كنتم )4الحديد وقوله تعالى (ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )128النحل وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام (اني معكما اسمع وارى )46طه وقوله تعالى على لسان رسول الله (ص) وهو يطمئن صاحبه رضي الله عنه (اذ يقول لصاحبه لاتحزن ان الله معنا)40التوبة وللمعية صورة اخرى في التعبير القراني وهي معية العدد ان صحت التسمية كقوله تعالى (ما من ثلاثة الا هو رابعهم ولاخمسة الا هو سادسهم ولااكثر من ذلك الا هو معهم اينما كانوا ) وفي الحديث قال رسول الله (ص) قال الله عز وجل (انا ثالث الشركين ما لم يخن احدهما ...) فما وجه الجمع بين كونه تعالى في السماء وبين كونه مع خلقه في الارض ؟ وهل هذه معية حقيقية ام معية مجازية ؟ وهل المعية صفة ذات ام صفة فعل ؟ المعية والفوقية هل يتناقضان لو حملت الالفاظ في الصفات الخبرية على حقائها الظاهرة دون مجازاتها سيبدو امر الصفات الالهية في كثير من الحالات في منتهى التناقض لذلك يشرح العثيمين سبب تطرق ابن تيمية للمعية مباشرة بعد حديثه عن فوقية الله تعالى وكونه في السماء فيقول العثيمين رحمه الله (شرع المؤلف بسوق ادلة المعية ...وناسب ان يذكرها بعد العلو لانه قد يبدو للانسان ان هناك تناقضا بين كونه فوق كل شيء وكونه مع العباد...)ص400 ثم اجرى بحثا ليزيل التناقض فقال في ص 404 : (المبحث الخامس في المعية هل بينها وبين العلو تناقض ؟ الجواب لاتناقض بينهما ...) وهذا صحيح بشرط التاويل اما مع التزام ظواهر الالفاظ واعتبارها حقائق لامجازات فلا يمكن الا ان تكون المعية متناقضة مع العلو ولكن العثيمين يصر على الاتناقض ويقول (...لوجوه ثلاثة...) فما هي هذه الوجوه وهل التزم فيها بظواهر الالفاظ ام انه لجا الى التاويل ؟ قال في : (...الوجه الاول ان الله جمع بينهما فيما وصف به نفسه ولو كانا يتناقضان ما صح ان يصف الله بهما نفسه...) وهذا في ذاته كلام سديد لكن لاحجة فيه للعثيمين لان الله تعالى عندما جمع بين وصف نفسه بكونه مع خلقه وبين كونه في السماء لم يكن يريد بذلك ظاهر المعية وظاهر العلو وانما كان يريد المعنى المجازي منهما فانه فعلا لايتناقض اما اذا اعتبرت المعية والعلوحقيقة فيهما لا كناية فانهما حتما تتناقضان وهو ما لم يرده الله تعالى ثم قال (...الوجه الثاني ان نقول ليس بين العلو والمعية تعارض اصلا اذ من الممكن ان يكون الشيء عاليا وهو معك...) ثم ضرب مثلين احدهما قوله (ارايت لو ان انسانا على جبل عال وقال للجنود اذهبوا الى مكان بعيد في المعركة وانا معكم وهو واضع المنظارعلى عينيه ينظر اليهم من بعيد فصار معهم...)ص404/405 وهذا قول لاحجة فيه لسببين : السبب الاول انه شبه علو الله تعالى بعلو قائد الجند وهو لايصح فعلو الله تعالى مجازي وعلو قائد الجند حقيقي . والسبب الثاني لو سلمنا جدلا بصحة التشبيه فان معية قائد الجند للجنود عبر المنظار معية مجازية لاحقيقية اذ هم في مكان وهو في مكان اخرهم في ساحة المعركة وهو في مكان عال فان كانت ايضا معية الله تعالى لخلقه معية مجازية فلا اشكال فان المعية والعلو ان كانا معنويين فانهما لايتناقضان ولكنه مصر على ان المعية والعلو حقيقيتان لا كناية ثم قال (...الوجه الثالث انه لو تعذر اجتماعهما في حق المخلوق لم يكن متعذرا في حق الخالق...)ص405 وهذه عين السفسطة فان قدرة الله تعالى فعلا لاتقارن بقدرة خلقه ولكن لايعني ذلك ان الله تعالى تعبدنا بان نعتقد فيه المتناقضات فنقول هو تعالى معنا في الارض حقيقة وهو تعالى مباين لنا في السماء حقيقة فهذا خطا من ناحيتين اولاهما انه تعالى لايحتاج مكانا يحل فيه معنا في الارض ولافي السماء وثانيهما ان قدرة الله تعالى لاتتعلق بالمتناقضات اما استشهاده مباشرة بعد ذلك بقول رسول الله (ص) : (اللهم انت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل )فليس فيه كما قال العثيمين جمعا حقيقيا(...بين كونه صاحبا له وخليفة له في اهله...) بل فيه جمع مجازي فهو تعالى مع الرسول (ص) في سفره بعلمه وحفظه وهو كذلك بعلمه مع اهله في اقامتهم وقد ختم المبحث بخطابة لاجديد فيها سوى الانشاء والوهم بانه : (... يمكن ان يكون الله معنا حقا وهو على عرشه في السماء حقا ولا يفهم احد انهما يتعارضان...) ص 406والغريب انه رغم قوله هذا لا يتردد في مبحث المعية بين الحقيقة والكناية ان يقول نقيض ما انتهى اليه في هذا المبحث المعية بين الحقيقة والكناية العنوان الذي استهل به العثيمين المسالة يوحي بانه يعتبرها معية حقيقية على ظاهرها كما هو معتاد من توجهه في هذه المسائل فقد جاء العنوان في الصفحة 400( اثبات معية الله لخلقه) الا انه وعلى غير العادة يعترف بان هذه العقيدة في المعية والفوقية ليست عقيدة السلف فيقول: (هل المعية حقيقية او هي كناية عن علم الله عزوجل وسمعه وبصره وقدرته وسلطانه وغير ذلك من معاني ربوبيته ؟) ثم يجيب فيقول : (اكثر عبارات السلف رحمهم الله يقولون انها كناية عن العلم وعن السمع والبصروالقدرة وما اشبه ذلك ...)ص402 وهذا نقيض ما انتهى اليه في بحثه التناقض البادي بين المعية والفوقية ولعله انتبه الى ذلك فاضاف مبحثا عنون له بقوله (المبحث الرابع في المعية هل هي حقيقية او لا؟ ) لم يحرر فيه سوى بضع اسطرخلاصتها تراجع خجول عن الاعتراف بعقيدة السلف في المسالة فقال (من السلف من فسرها باللازم...ومنهم من قال هي على حقيقتها لكنها معية تليق بالله خاصة به )ص404 وهنا اسئلة كثيرة تطرح تقائيا : ـــ اولها لماذا لم يقل (كل عبارات السلف ...انها كناية )وقال (اكثر عبارات السلف..انها كناية)فهل هناك من السلف ولو شذوذا من قال انها معية حقيقية ـــ ثانيهما لماذا تشذ (...اكثر عبارات السلف ...) حسب تعبير العثيمين في المعية فتعتبرها كناية ولاتشذ في المسائل الاخرى كصفة الشم واللمس والذوق او الاستطابة فضلا عن الرجل والقدم والوجه والاصبع والقبضة والجنب فتعتبرها حقيقة لامجازا ؟ خاصة وقد تعلم عن ابن تيمية شيخ الاسلام (ان القول في بعض الصفات كالقول في بقية الصفات) ـــ ثالثها لماذا لم يذكر امثلة محددة تثبت ان من السلف (...من قال هي على حقيقتها لكنها معية تليق بالله خاصة به )ص404 ـــ رابعها اذا كانت (اكثر عبارات السلف رحمهم الله ... انها كناية عن العلم وعن السمع والبصروالقدرة وما اشبه ذلك ...)ص402 واذا كان منهم (...من قال هي على حقيقتها لكنها معية تليق بالله خاصة به )ص404 فما معنى قوله عن القسم الاول من السلف (...فسرها باللازم ...) هل يعني هذا ان العثيمين يتراجع عن قوله باختلاف السلف في المسالة ليقول انهم يحملون فيها نفس المعتقد الا ان بعضهم وهم الاكثر فسروها باللازم وهم مع ذلك مثل الاقلية يعتبرونها حقيقة لاكناية ؟ ـــ خامسها ماذا يقصد بقوله (...من السلف من فسرها باللازم...) ؟ فكلامه واضح انهم يعتبرون المعية (...كناية عن العلم وعن السمع والبصروالقدرة وما اشبه ذلك ...)ص402 فهل اللازم عن اعتبارهم المعية علما وسمعا وبصرا وقدرة وما اشبه ذلك ان يكون الله تعالى مع خلقه حقيقة لاكناية حالا بينهم في امكنتهم ؟ هذا غير ممكن وانما العكس هو الممكن وهو ان يقال المعية الحقيقية المكانية لاتليق بالله تعالى فيجب تاويلها باللازم عنها وهو تلك الصفات المعنوية اللائقة بالله تعالى من العلم والسمع والبصر الخ... كذلك اللازم عن الصفات الخبرية الاخرى كالعين واليد هووصف الله تعالى بانه يرى وبانه منعم قديراما عكس ذلك فلا يصح اذ لايمكن القول ان الله تعالى يرى وينعم ويقدر ولازم ذلك ان له عينا و يدا حقيقيتين فاللازم اذا كان ينفي عن الله تعالى التجسيم فهو لازم فعلا اما ان كان اللازم يقتضي تجسيده فهو غير لازم والعثيمين يستعمل اللازم في اتجاه التجسيم فهو كلما وجد السلف يفسرون صفة خبرية تفسيرا مجازيا يقول انهم فسروها باللازم فعل ذلك في تفسير صفة العين فقال : (انهم فسروها باللازم مع اثبات الاصل...يقولون باعيننا بمراى منا مع اثبات العين...)ص314 وفعلها هنا مع صفة المعية رغم اعترافه بانهم اعتبروها كناية لاحقيقة فقال : (...من السلف من فسرها باللازم...) سلفي ام تيمي في مبحث المعية يبدو العثيمين مواليا لابن تيمية يتخذه اماما ولا يتولى السلف الا فيما يختاره ابن تيمية اوفيما يغلب على ظنه ان قولهم لايتناقض مع موقفه وهذا ظاهر في قوله : (هل المعية حقيقية او هي كناية...اكثر عبارات السلف رحمهم الله يقولون انها كناية ...واختار شيخ الاسلام رحمه الله ...انها على حقيقتها ...)ص402 ووقف الى جانبه يناصره بتسويغ موقفه وتاويل مراد السلف فقال في تسويغ موقفه : ( وعلى هذا فانه يحتاج الى الجمع بينها وبين العلو والمؤلف ــ يقصد ابن تيمية ــ عقد لها فصلا خاصا سياتي بيانه ان شاء الله وانه لامنافاة بين العلو والمعية لان الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته فهو علي في دنوه قريب في علوه وضرب شيخ الاسلام رحمه الله لذلك مثلا بالقمر ...)ص402/403 ومثل القمر هذا هو الذي نسج العثيمين على منواله مثل معية القائد مع جنوده عبر المنظار القائد من عل والجنود في ساحة المعركة اما تاويل مراد السلف فقد سبقت الاشارة اليه وانه كلما وجد لهم تاويلا لصفة خبرية يقول (...فسروها باللازم ...)ص314 ورغم تمسكه بان معية الله تعالى لخلقه معية حقيقية لاكناية عن علمه فانه يبحث عن مخرج في اللغة لتحاشي شناعة القول بحلول الله تعالى مع خلقه في امكنتهم ولتحاشي التناقض اللازم في الجمع بين القول بالمعية والفوقية في نفس الوقت ويجد ما يحسبه المخرج من كل ذلك عند شيخ الاسلام فيقول :(فالمعية اذا كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وكما هو ظاهر من شواهد اللغة مدلولها مطلق المصاحبة ثم هي بحسب ما تضاف اليه )ص408 وشواهد اللغة ترده الى المربع الاول مربع الحقيقة والمجاز الذي انكر شيخ الاسلام وجوده في اللغة فضلا عن القران ولهذا فان الامثلة التي قدمها العثيمين من اللغة في الرد على الحلولية لاتجديه نفعا :فالمثلان الاولان وهما (...اسقوني لبنا مع ماء...) و(...وجدت فلانا مع فلان...) المعية فيهما حقيقة لاتليق بالله تعالى فمعيته مع خلقه مخالفة حتما للمعية الوادة في المثلين اما قوله في المثلين الاخيرين : (...فلان مع جنوده وان كان هو في غرفة القيادة...) و (... زوجة فلان معه وان كانت هي في المشرق وهو في المغرب...) المعية في هذين المثلين ليست حقيقية بل مجازية وهو يرفض ان تكون معية لخلقه مجازية فعليه احد امرين : اما ان يقبل القول بالظاهر فيصبح حلوليا ويقول مثلهم بان المعية حقيقية واما ان يقبل التاويل ويؤمن بوجود المجاز في اللغة والقران معا ويصبح مع (اكثر عبارات السلف رحمهم الله يقولون انها كناية عن العلم وعن السمع والبصروالقدرة وما اشبه ذلك ...)ص402 ولله در الامام الرازي اذ قال : (قال المتكلمون هذه المعية اما بالعلم واما بالحفظ والحراسة وعلى التقديرين فقد انعقد الاجماع على انه سبحانه ليس معنا بالمكان والجهة والحيز فاذن قوله وهو معكم لابد فيه من التاويل واذا جوزنا التاويل في موضع وجب تجويزه في سائر المواضع )تفسير الرازي ج29ص216 صفة الكلام من صفات الله تعالى صفة الكلام وهي صفة يجمع عليها المسلمون بما في ذلك النفاة الا انهم يختلفون في كيفية كلامه تعالى : فالنفاة من المعتزلة والجهمية وغيرهم يقولون كيفية كلام الله تعالى انه صنع الكلام في غيره وهذا باجماع مثبتة الصفات مقتضاه ابطال لان يكون الله تعالى متكلما لان الكلام الذي صنعه واقدرالله تعالى العباد على النطق به هو كلامهم لاكلامه فما يصح ان يقال عنه انه كلام الله تعالى انما هو ما كان قائما بذاته كما ان كلام العباد قائم بذواتهم فلا يجوز الخلط بين كلامه تعالى وبين كلامهم فكلامهم لاينسب اليه وكلامه لايسب اليهم ولهذا قال الامام الطبري ردا على النفاة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم :(الكلام صفة من الصفات لاتقوم الا بالموصوف بها ... غير جائز ان يكون صفة لمخلوق والموصوف بها الخالق )ثم بررذلك فقال :(لانه لو جاز ان يكون صفة لمخلوق والموصوف بها الخالق جاز ان يكون كل صفة لمخلوق فالموصوف بها الخالق )ثم بين نتيجة ذلك فقال : (فيكون اذ كان المخلوق موصوفا بالالوان والطعوم والاراييح والشم والحركة والسكون ان يكون الموصوف بالالوان وسائر الصفات التي ذكرنا الخالق دون المخلوق )التبصيرفي معالم الدين ص200/201 اما مثبتة الصفات على اختلاف ائمتهم فيثبتون الكلام لله تعالى صفة قائمة بذاته حتى ظهرت مسالة ( الفاظ العباد بالقران ) هل هي كلام الله تعالى ام انها الفاظهم ولكنها دالة على كلام الله تعالى والعثيمين ينسب الراي الاول لاهل السنة والجماعة وهو من الاراء المبتدعة التي رد عليها الامام الطبري وغيره من قبله الامام احمد ففي صريح السنة يقول ابن جرير الطبري في الفقرة 30: (...اما القول في الفاظ العباد بالقران فلا اثر فيه نعلمه من صحابي مضى ولا تابعي قضى ...) والفاظ العباد بالقران تعني اصواتهم بالقران وهي اصوات تختلف في ادائها من قارئ لاخرمنها الملحن ومنها السليم من اللحن ويرمز اليها بالحروف عند كتابتها في الالواح والمصاحف فهذه الحروف والاصوات يفهم منها القران عند سماعها من القراء اوعند مشاهدتها وقراءتها من الالواح والمصاحف فالقران هو المعاني التي تحملها تلك الاصوات وترمز اليها تلك الحروف المرسومة بالحبرعلى الورق او الخشب فلما ظهرت مسالة الاختلاف في الفاظ العباد بالقران قال بعضهم ان تلك الاصوات وتلك الحروف هي في ذاتها كلام الله تعالى وقد وصل الانحراف ببعضهم في هذه المسالة مسالة اعتبار كلام الله تعالى حرفا وصوتا الى درجة انهم عبدوا ما يكتبونه من الحروف او ما ينطقونه من الاصوات اذا ذكروا اسم الله ذكر ذلك الامام الطبري في كتابه لاهل امل طبرستان حيث قال مواسيا لهم : (تقرر لدي من خصوص عظيم البلاء ببلدكم دون بلاد الناس سواكم من ترؤس الرويبضة فيكم واستعلاء اعلام الفجرة عليكم ... حتى لقد بلغني عن جماعة منهم ... ان احدهم ... يخط بيده في التراب اسم الله ويكتب بيده نحوه على اللوح او ينطق بلسانه ثم يقول قولي هذا الذي قلته ربي الذي اعبده وكتابي هذا الذي كتبته خالقي الذي خلقني ... فسبحان الله لقد عظمت مزلة هؤلاء القوم الذين وصفت صفتهم الزاعمين انهم يعملون ربهم بايديهم ويحدثونه بالسنتهم ... لقد خابوا وخسروا وضلوا بفريتهم هذه على الله ضلالا بعيدا ...)التبصرةفي معالم الدين ص 107/111 وتجاوز الامر الاصوات والحروف الى غلاف المصحف فاعتبر قديما قدم الله تعالى ذكر ذلك الايجي في المواقف فقال (ثم قال الحنابلة كلامه حرف وصوت يقومان بذاته وانه قديم وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم جهلا الجلد والغلاف قديمان ) وكان الامام احمد بن حنبل بريئا من كل ذلك فقد كان يقول (من قال لفظي بالقران مخلوق فهو جهمي ومن قال هو غير مخلوق فهو مبتدع)صريح السنة فقرة30 فالجهم كان يقول لفظ الانسان بالقران مخلوق يقصد نطق الانسان بالقران وهو صوته عند نطقه بالقران مخلوق وهو صحيح لكنه قول يلتبس على بعض الناس فيظنون ان كلام الله تعالى في حد ذاته مخلوق لذلك لم يقبل الامام احمد ذلك القول ووصف قائله بانه جهمي وايضامن قال لفظي بالقران غير مخلوق يوهم بعض الناس ان النطق بالقران الذي يسمعونه اصواتا ويكتبونه حروفا هو في حد ذاته غير مخلوق بل قديم وهو غير صحيح فالحرف والصوت مخلوقان وحادثان في حين ان القران الذي دلت عليه تلك الحروف وتلك الاصوات قديم لذلك قال الامام احمد ان من يقول ذلك مبتدع لانه بقوله يلبس على الناس وقد لايفهمون المعنى السليم الذي قصده بقوله (لفظي بالقران غير مخلوق ) فالامام احمد كما يبدو اغلق باب الجدل في المسالة فلم يقبل قول من قال كلام الله حرف وصوت ولاقول من قال كلام الله ليس حرفا وصوتا وبهذا يتضح خطا العثيمين عندما قال :(...عقيدة اهل السنة والجماعة ان الله يتكلم بكلام حقيقي متى شاء كيف شاء بما شاء بحرف وصوت لايماثل اصوات المخلوقين ...)ص419 فكلام الله تعالى هو المعاني التي تحملها اصوات القراء والحروف المكتوبة في المصاحف اما كيفية كلام الله تعالى قبل ان يسمع اصواتا من القراء وقبل ان يكتب حروفا في الكتب فغيب لايعلمه الا الله ومن البديهي ان كيفية القران تختلف من موضع الى اخر رغم اتحاد مضمونه فهو عند الله تعالى على كيفية تختلف عن كيفيته في اللوح المحفوض ثم هو عند جبريل يختلف عما سيصبح عليه عند الرسول (ص) وعند الناس ثم هو في المصاحف والالواح يختلف عما هو عليه في صدور حفظته من الناس ولكنه في كل المواضع هو القران نفسه والعثيمين اذ نسب لاهل السنة ما نسب من الاعتقاد بان كلام الله تعالى حرف وصوت لم يقدم ادلة من مراجع اهل السنة والجماعة تثبت انهم يقولون كلام الله تعالى حرف وصوت واكتفى بمجرد سرد الايات التي فيها نسبة صفة الكلام لله تعالى فعمله ومنهجه يذكر ببعض الاحناف الذين قال عنهم ابن الجوزي (510هـ/597هـ)في كتابه دفع شبه التشبيه باكف التنزيه:(... رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح وانتدب للتصنيف ثلاثة أبو عبد الله بن حامد وصالح القاضي وابن الزاغوني فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام فحملوا الصفات على مقتضى الحس فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات وعينين وفما ولهوات وأضراسا وأضواء لوجهه هي السبحات ويدين وأصابع وكفا وخنصرا وإبهاما وصدرا وفخذا وساقين ورجلين وقالوا ما سمعنا بذكر الراس وقالوا يجوز أن يمس ويمس ويدني العبد من ذاته وقال بعضهم ويتنفس ثم يرضون العوام بقولهم لا كما يعقل وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث ولم يقنعوا بأن يقولوا صفة فعل حتى قالوا صفة ذات ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف وساق على شدة بل قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفة والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين والشيء إنما يحمل على حقيقته إذا أمكن ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط كيف أقول ما لم يقل فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس منه ثم قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها وظاهر القدم الجارحة فإنه لما قيل في عيسى روح الله اعتقدت النصارى أن لله صفة هي روح ولجت في مريم ومن قال استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل فإنا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقدم فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر عليكم أحد إنما حملكم إياها على الظاهر قبيح فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس منه ولقد كسيتم هذا المذهب شينا قبيحا حتى صار لا يقال حنبلي إلا مجسم ثم زينتم مذهبكم أيضا بالعصبية ليزيد بن معاوية ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم لقد شان المذهب شينا قبيحا لا يغسل إلى يوم القيامة ...)فما ينسبه العثيمين وغيره من الوهابية لاهل السنة والجماعة يسيؤون به لاهل السنة والجماعة اساءة اولئك الحنابلة لمذهب الامام احمد رحمه الله تعالى ومع ذلك ضروري النظر في حجج الجماعة 1 = احتج العثيمين رحمه الله تعالى بعشرايات من القران الكريم كلها تثبت لله تعالى صفة الكلام وهذا ليس محل الخلاف ولكنها لا شاهد فيها على ان كلام الله تعالى حرف وصوت لافي الدنيا ولا في الاخرة وهذه بعض الايات العشر ـــ احتج بايتين من سورة النساء 87(ومن اصدق من الله حديثا ) و122(ومن اصدق من الله قيلا) ثم قال (واثبات الكلام من هاتين الايتين يؤخذ من قوله اصدق لان الصدق يوصف به الكلام وقوله حديثا لان الحديث هو الكلام ومن قوله ...قيلا ...والقول لايكون الا باللفظ ) وهذا القول مسلم في نسبة الكلام لله تعالى لكن من اين له ان كلام الله تعالى كما هو عند الله تعالى في غيبه لفظ يسمع باذان البشر صوتا او تراه اعينهم حرفا مكتوبا بالحبرفالايتان لاتتضمنان هذا وهو موضع الاختلاف ـــ واحتج بالاية 116المائدة (واذ قال الله يا عيسى ابن مريم ...)فقال (قوله ياعيسى مقول قول وهي جملة من حروف ياعيسى ابن مريم ففي هذا اثبات ان الله يقول وان قوله مسموع فيكون بصوت وان قوله كلمات وجمل فيكون بحرف) وبنفس هذا الاسلوب احتج في اكثر من موضع من ذلك مثلا قوله (....الاية التاسعة قوله : ((واذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين ))10الشعراء...فالنداء يدل على انه بصوت و ((ان ائت القوم الظالمين ))يدل على انه بحرف ...)ص422/423 والظاهر للعيان ان قوله تعالى (واذ قال الله يا عيسى ابن مريم ...)وقوله تعالى (واذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين ) لايفهم منه الا ان الله تعالى يتصف بالكلام ولاشيء فيه يفهم منه ان كيفية كلامه وقوله وندائه او مناجاته لاشيء في ذلك يفهم منه ان ذلك من الله تعالى يتكون من صوت مادي يسمع او من حرف يرى بالعين ويقرا وانما هذا مجرد استنتاج استنتجه العثيمين وهو موضع النزاع مسلم ان كلام الله تعالى بعد نزول الوحي به اصبح له بين الناس وجود مادي ملموس مجسد في كلام وقول تحمله الحروف والالفاظ والجمل في الكتب والالواح وتنطقه شفاه القراء والحفاظ اصواتا لكن الايات التي استشهد بها العثيمين لا يفهم منها ان ذات كلام الله تعالى في الغيب عنده قبل تنزيله كان كذلك مجسدا في اصوات وحروف او ان انبياءه ورسله تلقوه منه مباشرة اصواتا وحروفا 2) = ومن اهم الايات احتج بها القائلون بان قول الله تعالى حرف وصوت قوله تعالى (وكلم الله موسى تكليما )164النساء وقد حررت فيها بحثا مستقلا قبل الاشتغال بتحرير المستدرك على شرح الواسطية يحسن ادراجه في هذا المضمار فان فيه ردا على قول العثيمين وغيره ممن يقول قوله : قال ابن عاشوررحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى وكلم الله موسى تكليما : (...هذه الايات ... رد على سؤال اليهود ان ينزل عليهم كتابا من السماء ...ان انزال ...الوحي الى الرسل ... لم يقدح في رسالتهم انهم لم ينزل عليهم كتاب من السماء ... وقوله (وكلم الله موسى تكليما ) ... نوع من الوحي ...وهو... ليس انزال كتاب من السماء فاذا لم تكن عبرة الا بانزال كتاب من السماء حسب اقتراحهم فقد بطل ايضا ما عدا الكلمات العشر المنزلة في الالواح على موسى عليه السلام... ) فسبب نزول الاية(وكلم الله موسى تكليما ) كما لخصه ابن عاشور لايتعلق ببيان كيفية وحي الله الى موسى وانما يتعلق ببيان ان الوحي الى موسى لم يكن كله بانزال كتاب عليه بل الوصايا العشر فقط انزل الله فيها عليه كتابا وسائر رسالته لم ينزل فيها عليه كتابا وانما( كلم الله موسى تكليما) اي دون ان ينزل عليه كتابا فالمفعول المطلق في الاية (تكليما) لاعلاقة له من الاساس ببيان كيفية كلام الله تعالى لموسى عليه السلام هل كان بحرف وصوت ام بغير حرف ولاصوت ومع ذلك فقد اورد ابن كثير احاديث في كيفية تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام : ـــ في بعضها تجسيد لكلام الله تعالى تجعله كلاما متكونا من حروف واصوات مادية كلاما ككلام البشر الحديث الاول حديث ابي هريرة وفيه قال قال رسول الله (ص) : (لما كلم الله موسى كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ) قال ابن كثير( وهذا حديث غريب واسناده لايصح وهوحديث اذا تؤمل متنه ايضا يتاكد انه موضوع لانه جعل اثر سماع موسى لذات كلام الله تعالى يخرج عن طوره البشري فاصبح (...يبصر دبيب النمل على الصماء في الليلة الظلماء) وهو ما يؤكد ان الحديث وضع لدعم نظرية الحلول باحلال ذات كلام الله تعالى في موسى عليه السلام وهي نظرية تؤله غير الله من الحجر او الشجر او البشرالخ... يدعي القائلون بها ان ذات الله او ان صفة من صفاته حلت فيما يختارونه منها معبودا من دون الله تعالى والحديث الثاني حديث ابن مسعودوفيه قال قال رسول الله (كان على موسى يوم كلمه ربه جبة صوف وكساء صوف وسراويل صوف ونعلان من جلد حمار غير ذكي )قال الحاكم على شرط البخاري وقال الذهبي ردا على الحاكم :بل ليس على شرطه وانما غره ان في اسناده حميد بن قيس وهو خطا انما هو حميد الاعرج الكوفي ابن علي او ابن عمار احد المتروكين فظن انه المكي الصادق (انظر حاشية تفسير ابن كثيردار طيبة للنشرتحقيق سامي بن محمد السلامة)ومتن هذا الحديث يوحي بانه موضوع و الغريب انه جمع بين لباس الصوف رمز المتصوفة وبين جلد الحمار وتحديدا الحمارغير المذكى ولعل واضعه من الزنادقة المشركين اراد من وضعه الاساءة للمتصوفة و للاسلام ممثلا في نبي الله موسى عليه السلام بالباسه نعلا نجسا والحديث الثالث حديث ابن عباس وفيه قال (ان الله ناجى موسى بمائة الف كلمة واربعين الف كلمة في ثلاثة ايام وصايا كلها فلما سمع موسى كلام الادميين مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل ) قال ابن كثير (...وهذا ايضا ضعيف ... والضحاك لم يدرك ابن عباس...)ومتن هذا الحديث يوحي بانه موضوع لانه يتضمن ان سماع موسى لكلام الله تعالى قد افسد طبيعته البشرية فمقت الناس واصبح يعاف سماع اصواتهم وكلامهم وفي هذا ابطال لعصمته فانه لم يبعث ليمقت الناس وانما ليخالطهم ويهديهم وذلك بالصبر عليهم و مؤالفتهم وليس بمقتهم وكره كلامهم ـــ والبعض الاخرمن الاحاديث على العكس من هذه الاحاديث ينزه كلام الله تعالى عن ان يكون اصواتا وحروفا ككلام الناس الحديث الاول حديث جابر بن عبد الله وفيه قال (لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه فقال له موسى يا رب هذا كلامك الذي كلمتني به قال لايا موسى انا كلمتك بقوة عشرة الاف لسان ولي قوة الالسنة كلها وانا اقوى من ذلك فلما رجع موسى الى بني اسرائيل قالوا يا موسى صف لنا كلام الرحمن قال لااستطيعه قالوا فشبه لنا قال الم تسمعوا الى صوت الصواعق فانها قريب منه وليس به) قال ابن كثير وهذا اسناد ضعيف فان الفضل هذا الرقاشي ضعيف بمرة الحديث الثاني حديث كعب وفيه قال :( ان الله لما كلم موسى كلمه بالالسنة كلها سوى كلامه فقال له موسى يا رب هذا كلامك قال لاولو كلمتك بكلامي لم تستقم له قال يا رب فهل من خلقك شيء يشبه كلامك قال لا واشد خلقي شبها بكلامي اشد ما تسمعون من الصواعق ) قال ابن كثير فهذا موقوف على كعب الاحبار وهو يحكى عن الكتب المتقدمة المشتملة على اخبار بني اسرائيل وفيها الغث والسمين فهذه الاحاديث ظاهر انها وضعت في مقابلة الاحاديث السابقة وهي كلها في نظر ابن كثير ضعيفة لاتقوم بها حجة لا على تجسيد كلام الله تعالى ولا على تنزيهه الا انها تذكر لما قد تتضمنه من دلالات عميقة وعبر تجعل المتحاورين في صفات الله تعالى يهتدون الى الصواب في اثبات ما يجب لله تعالى وما ينفى عنه فهذه الاحاديث ليس غريبا ان تكون من وضع وضاع من اهل الكلام ونحوهم من النظار المسلمين وغيرالمسلمين اراد كل واحد منهم ان يعبر عن راي في مسالة تهمه اما تجسيد كلام الله تعالى ان كان مجسدا واما تنزيهه ان كان مؤولا منزها واما مجرد السخرية من الاسلام والمسلمين فهذه الاحاديث حتى ان سلم بوضعها فضلا عن ضعفها فانها لاتخلو من دلالة في الاتجاه الذي اراده اصحابها او عكسه فحديث ابي هريرة مثلا ظاهران الهدف منه اثبات ان كلام الله تعالى حرف وصوت وانه كلام عظيم ولكن واضعه ان سلم بوضعه غفل عن كونه ضمنه ما يقتضي رده وهو اخراج موسى عليه السلام عن طوره البشري بسبب حلول كلام الله تعالى فيه ولوكان يدري انه تضمين يمس من عصمته وادميته ما ادرجه فيه وحديث كعب الاحبار على عكسه جاء في اطار التنزيه ولكن اثار الصنعة الكلامية ظاهرة عليه خاصة في قوله (لو كلمتك بكلامي لم تستقم له)فهذا تعليل كلامي واضح لنفي ان يكون كلام الله حرفا وصوتا كذلك قوله (...اشد خلقي شبها بكلامي اشد ما تسمعون من الصواعق )فانه رغم نزعة التشبيه فيه حذر من التشبيه اذ ينفي ان يكون كلام مثل الصواهق وانما هو اشد شبها بها دون ان يكون مثلها فهذه المعاني تفيد من يتدبرها ولو لم يعتبر تلك الاحاديث احاديث حقيقية و الحقيقة ان المعتمد في هذا الباب قول الله تعالى (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) فهو الفيصل والميزان الصحيح الذي يجب اعتماده في تحديد مراد الله تعالى من ايات والاحاديث المتعلقة بذاته تعالى وصفاته لان هذه الاية ومثيلاتها محكمة في تنزيه ذات الله وتنزيه صفاته ومنها تنزيه صفة الكلام عن مشابهة كلام البشر وهذامع كل الاسف ما لم يريد ان يفهمه بعض الاسلاميين على اقل تقدير من ايام ابن تيمية الى الان فانهم يصرون على ان الله تعالى كلم موسى كلاما حقيقيا بمعنى ان موسى عليه السلام سمع ذات كلام الله تعالى مباشرة دون حجاب ويدعون ان ذلك حصل مع محمد (ص) ايضا في الاسراء والمعراج فانظر ما كتبه محمد عبد اللطيف محمد الجمل تعليقا على كتاب ابن جرير الطبري صريح السنة اذ يقول في الصفحة 98/99 : (مذهب اهل السنة والجماعة ان الله تعالى يتكلم بكلام حقيقي يتكلم بحرف وصوت ... وان بعض عباده سمع صوت الباري ...في الدنيا كموسى (ص)كلمه الله تكليما ومحمد (ص)الذي سمع صوت الرحمن في ليلة الاسراء والمعراج...) فهذا قول باطل من وجوه منها : أ = انه يتكلم بلسان اهل السنة والجماعة ويدعي ان ما يقوله هو عقيدة اهل السنة والجماعة وهو ما لا يثبته الدليل عند التحقيق فاهل السنة والجماعة ليسوا من المشبهة لايقولون كلام الله يتكون من اصوات ككلام البشر(...بحرف وصوت...) . ب = صفات الله تعالى مخالفة لصفات البشر واذا كان كلام البشر يتكون من حروف واصوات فلايمكن ان تكون صفة الكلام في الله تعالى كذلك بل كلامه غيب لايدرك في الدنيا كنهه احد من خلقه ج = انه قول مخالف لقوله تعالى (وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء انه علي حكيم ) فالقول بسماع موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام لذات كلام الله تعالى مباشرمنه تعالى حرفا وصوتا لا وحيا ولامن وراء حجاب ولاعبر وساطة رسول من الملائكة هو قول صريح في مناقضة الاية د = وهو قول يرده حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وفيه (ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وإنه كلم أباك كفاحاً)وتكليم الله تعالى لعبد الله رضي الله تعالى عنه في البرزخ ولايدرى كيف كان كلام الله اليه فانه لايعني بالضرورةانه سمعه باذنيه صوتا او قراه بعينيه حرفا ويبقى في كل الحالات كلام الله تعالى لموسى عليه السلام في الدنيا دون كلامه تعالى لعبد الله رضي الله عنه في البرزخ . 3) = ومن ادلة القائلين بان كلام الله تعالى حرف وصوت الاستدلال باللغة يقولون ان التاكيدبالمصدريجعل الكلام ينصرف الى الحقيقة دون المجاز ولهذا يستشهد محمد الجمل بقول ابن حزم الظاهري في كتابه زاد المسير حيث قال (تاكيد كلم بالمصدر يدل على انه سمع كلام الله حقيقة . روى ابوسليمان الدمشقي قال سمعت اسماعيل بن محمد الصفار يقول سمعت ثعلبا يقول : لولا ان الله تعالى اكد الفعل بالمصدر لجاز ان يكون كما يقول احدنا للاخر قد كلمت لك فلانا بمعنى كتبت اليه رقعة او بعثت اليه رسولا فلما قال تكليما لم يكن الا كلاما مسموعا من الله ) ويردد العثيمين هذه الحجة فيقول : (تكليما مصدر مؤكد والمصدر المؤكد بكسر الكاف قال العلماء انه ينفي احتمال المجاز فدل على انه كلام حقيقي لان المصدر المؤكد ينفي احتمال المجاز ) ص521 وهذا القول في الحقيقة يجعل اصاحبه يعترفون من حيث لايشعرون بانقسام اللغة الى حقيقة ومجازلان هذه القاعدة في نهاية المطاف تعني انها قد استنبطت لتكون فيصلا بين المختلفين في الكلام متى يكون حقيقة ومتى يكون مجازا ولو لم تكن لغة العرب تنقسم الى حقيقة ومجاز لما اتفق اللغويون على هذه القاعدة فقولهم هذا حجة عليهم في اللغة والدين معا ثم هذه القاعدة لها استثناءاتها فابن عاشور يقول : وقوله تكليما مصدر للتوكيد والتوكيد بالمصدر يرجع الى تاكيد النسبة وتحقيقها مثل (قد )و(ان) ولا يقصد به رفع المجاز ولذلك اكدت العرب بالمصدر افعالا لم تستعمل الامجازا كقوله تعالى( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) فانه اراد انه يطهرهم الطهارة المعنوية اي الكمال النفسي فلم يفد التاكيد رفع المجاز وقالت هند بنت النعمان بن بشير تذم زوجها روح بن زنباع : ( بكى الخز من روح وانكر جلده / وعجت عجيجا من جذام المطارف ) وليس العجيج الا مجازا فالمصدر يؤكد اي يحقق حصول الفعل المؤكد على ما هو عليه من المعنى قبل التاكيد ... ) ويختم ابن عاشور بما يؤكد ان قوله تعالى (تكليما )لاعلاقة له ببيان كيفية كلام الله تعالى لموسى فيقول :(... اما كيفية صدور هذا الكلام عن جانب الله فغرض اخر هو مجال للنظر بين الفرق ... ) الكلام والمشيئة يقول العثيمين رحمه الله تعالى في شان الاية (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ) 143الاعراف (افادت هذه الاية ان الكلام يتعلق بمشيئته وذلك لان الكلام صار حين المجيء لاسابقا عليه فدل هذا على ان كلامه بتعلق بمشيئته فيبطل به قول من قال ان كلامه هو المعنى القائم بالنفس وانه لايتعلق بمشيئته كما تقوله الاشاعرة) ص421/422وفي قوله هذا خطا ومغالطة : الخطا انه جعل كلام الله تعالى وهو صفة من صفاته حادثا وذلك قوله (...ان الكلام صار حين المجيء لاسابقا عليه...) وذات الله تعالى وصفاته لاتوصف بالحدوث بل كلها قديمة فكلام الله تعالى الذي كلم به موسى عليه السلام لما جاء لميقات ربه كلام قديم في نفس الله تعالى لم ينشئه الله في تلك اللحظة التي كلم فيها موسى عليه السلام وانما الحادث هو ظهور ذلك الكلام من الله تعالى وحيا الى موسى اما الكلام في حد ذاته فقديم وهو اذاك اذ ظهر للوجود انما بداهة بمشيئة الله تعالى اما المغالطة فهي قوله عن الاشاعرة انهم ينفون صدور كلام الله تعالى عن مشيئته ونفيه لقولهم بالكلام النفسي فهم من ناحية المشيئة يقسمون صفات الفعل الى صفات صلوحية وصفات تنجيزية فكلام الله تعالى الى موسى عليه السلام هو في الله تعالى صفة صلوحية قديمة في نفسه تعالى ثم لما اظهر موسى عليه السلام للوجود وخاطبه المولى عز وجل بذلك الكلام القديم اصبح كلامه الى موسى صفة تنجيزية بعد ان كان في الله تعالى صفة صلوحية ولهذا فان الاشعرية لا يقولون عن اي صفة الهية انها صفة حادثة وانما كل صفات الله قديمة و بمشيئته تنتقل صفاته الصلوحية لتصبح صفات تنجيزية فيظهر في الوجود اثرها كلاما اورزقا او رحمة الخ ...على نحو ما سبق في علمه ازلا ويكون علمه بتلك الاثار الحادثة كعلمه بها قبل ان تحدث في الازل ويمكن لمن يطالع ما كتبه الاشاعرة عن ذات الله تعالى وعن صفات العلم و القدرة والارادة ان يدرك بجلاء انهم لاينفون مشيئة الله تعالى ولايردون صدور افعاله الى ذاته او الى صفة العلم او القدرة ففي شرح المواقف يتحدث الجرجاني عن قدرة الله تعالى ومشيئته فيقول : (...المقصد الثاني في قدرته تعالى ...وفيه بحثان الاول في انه تعالى قادر اي يصح منه ايجاد العالم وتركه فليس شيء منهما لازم لذاته بحيث يستحيل انفكاكه عنه ...) يقصد الجرجاني ان فعل الله تعالى مستند لمشيئته لالمجرد قدرته ثم يواصل فيقول (... والى هذا ذهب المليون كلهم واما الفلاسفة ...فانكروا القدرة بالمعنى المذكور...واما كونه تعالى قادرا بمعنى ان شاء فعل وان لم يشا لم يفعل فهو متفق عليه بين الفريقين الا ان الحكماء ذهبوا الى ان مشيئة الفعل ....لازمة لذاته ...) وهذا معناه ان الفلاسفة ينفون مشيئة الله تعالى ويجعلونه فاعلا بذاته ولهذا يعترض الجرجاني فيقول (... لوكان الباري تعالى موجبا بالذات لزم قدم الحادث ...) ثم نقل اعتراض الفلاسفة الذي ارادوا به نفي الارادة وهو قولهم : ( عندكم ان ارادة الله وقدرته متعلقتان من الازل الى الابد بترجح الحادث المعين وايجاده في وقت معين وان التغير في صفاته محال فوجود ذلك الحادث في ذلك الوقت واجب فهو موجب بالذات لافاعل بالاختيار )شرح المواقف ج 8ص64 فنفى الجرجاني ما ارادوا الزام الاشاعرة به من كونه تعالى موجبا لافعاله بذاته لابقدرته ولا بارادته فقال (وجوب الفعل من القادرانه بالنظر الى ذاته مع قطع النظر عن تعلق قدرته يستوي اليه الطرفان ووجوب هذا الطرف وجوب بشرط تعلق القدرة والارادة به لا وجوب ذات )شرح المواقف ج8 ص64 فالجرجاني يتمسك بان القدرة لاتغني عن الارادة فكما لايجوز الاستغناء بالذات لظهور افعال الله تعالى كما يعتقد الفلاسفة لايجوز ايضا الاستغناء بالقدرة فذات الله تعالى تستلزم صفات الكمال وصفات الكمال لاتعوض صفة منها غيرها من الصفات ولذلك فان علم الله تعالى وقدرته لاينوبان عن الارادة وهي المشيئة الالهية وابو حامد الغزالي رحمه الله تعالى بين هو الاخر بان مشيئة الله تعالى لايمكن ان يستعاض عنها بذات الله تعالى او بصفة القدرة او العلم فقال في كتاب الاقتصاد في الاعتقاد (...الله تعالى مريد ...وبرهانه ان الفعل الصادر منه مختص بضروب من الجوازلايتميز بعضها من بعض الا بمرجح ولاتكفي ذاته للترجيح لان نسبة الذات الى الضدين واحدة ...كذلك القدرة لاتكفي ...وكذلك العلم لايكفي خلافا للكعبي ...فان اقتضت صفة الارادة وقوعه في وقت معين تعلق العلم بتعيين وجوده في ذلك الوقت لعلة تعلق الارادة به ...فان قيل وهذا ينقلب عليكم في نفس الارادة ...قلنا هذا سؤال غير معقول ... الناس فيه اربع فرق قائل يقول ان العالم وجد لذات الله ...وقائل يقول ... لارادة حادثة حدثت له لافي محل ...وقائل يقول ...حدثت في ذاته ...وقائل يقول حدث العالم في الوقت الذي تعلقت الارادة القديمة بحدوثه في ذلك الوقت من غير حدوث ارادة ومن غير تغير صفة القديم ...وقول القائل انه لم تعلقت بها واضدادها مثلها في الامكان هذا سؤال خطا فان الارادة ليست الا عبارة عن صفة شانها تمييز الشيء على مثله فقول القائل لم ميزت الارادة الشيء عن مثله كقول القائل لم اوجب العلم انكشاف المعلوم ...فكذلك الارادة وحقيقتها تميز الشيء عن مثله ...)ص 31/33 امامسالة القول بالكلام النفسي فمسالة اقتضتها مواجهة نفاة الصفات فانهم لنفي صفة الكلام لم يعترفوا من الكلام الا بما يعرف الناس منه في عالم الشهادة فقالوا في بيان معناه كما حكى ذلك الشهرستاني عن النظام انه قال (... الكلام جسم لطيف منبعث من المتكلم ويقرع اجزاء الهوى فيتموج الهواء بحركته ويتشكل بشكله ثم يقرع العصب المفروش في الاذن فيتشكل العصب بشكله ثم يصل الى الخيال فيعرض على الفكر العقلي فيفهم ...) وهذا لايمكن ان يكون معبرا عن حقيقة كلام الله تعالى ونفيه لايعني نفي الكلام عنه جل جلاله فالكلام كما قال الامام الغزالي (...ان اريد به الاصوات والحروف فهي حوادث ... لايتصور قيامها في ذات الله سبحانه وتعالى ...) وقد لخص الامام الغزالي شبهات النفاة التي ارادوا بها نفي صفة الكلام عن الله تعالى فقال في كتاب الاقتصاد في الاعتقاد انهم يقولون (الكلام ...اما ان يراد به الاصوات والحروف اويراد به القدرة على ايجاد الاصوات والحروف في نفس القادر او يراد به معنى ثالث سواهما فان اريد به الاصوات والحروف فهي حوادث ... لايتصور قيامها في ذات الله سبحانه وتعالى وان قام بغيره لم يكن هو متكلما به ... وان اريد به القدرة على خلق الاصوات ... لايكون متكلما به الااذاخلقه في نفسه وهو محال اذ يصير به محلا للحوادث... وان اريد بالكلام امر ثالث فليس بمفهوم واثبات ما لايفهم محال ...) وخلاصة هذه الاعتراض ان الكلام كما هو في الشاهد اصوات وحروف لايمكن ان يتصف به الله تعالى لانه يقتضي امرين لايليقان بجلاله هما : اولا تجسيد الله تعالى بتجسيد كلامه . وثانيا ان يصبح الله تعالى محلا للحوادث بقيام الاصوات والحروف في ذاته فهل المخرج ان يقال كلام الله تعالى اصوات وحروف كالذي في الشاهد وانه قائم بذات الله تعالى؟ ام يقال هو كلام من اصوات وحروف كالذي في الشاهد صنعه الله تعالى في غيره من خلقه وليس قائما بذاته ؟ ام يقال هو كلام من اصوات وحروف لاكالتي في الشاهد ؟ هذه الاقوال الثلاثة غير سليمة الاول يجسد الله تعالى ويجعله محلا للحوادث والثاني مقتضاه نفي الكلام عن الله تعالى والثالث شبيه بقول من قال الله جسد لاكالاجساد لانه جعل كلام الله بضعا وجزءا وعينا ولم يجعله صفة معنوية والاقوال الثلاثة تشترك في جعل كلام الله تعالى عينا لامعنى لكل ذلك قال الاشاعرة بالكلام النفسي وخلاصته انه معان قائمة بنفسه تعالى لايتكون من صوت ولامن حرف بل هو غيب لذلك قال الامام الغزالي في الاقتصاد في الاعتقاد : (...انا معترفون باستحالة قيام الاصوات بذاته وباستحالة كونه متكلما بهذا الاعتبار ولكنا نقول الانسان يسمى متكلما باعتبارين احدهما بالصوت والحرف والاخر بكلام النفس الذي ليس بصوت وحرف وذلك كمال وهو في حق الله تعالى غير محال ولاهو دال على الحدوث ...ويقول الشاعر ...) (ان الكلام لفي الفؤاد وانما / جعل اللسان على الفؤاد دليلا ) ثم يؤكد الامام الغزالي ان الكلام ليس مجرد اللفظ المنطوق صوتا والمسموع بجارحة الاذن وانما هو المعنى الذي يحمله اللفظ والصوت ويدلان عليه فيقول : (قول السيد لغلامه قم لفظ يدل على معنى والمعنى المدلول عليه في نفسه هو كلام ...ومحال ان يقال انه ارادة الكلام لان الدلالة تستدعي مدلولا والمدلول غير الدليل وغير ارادة الدلالة ...)ص36 وشرح الشهرستاني الكلام النفسي فقال (انما هو القول الذي يجده العاقل من نفسه ويجيله في خلده )نهاية الاقدام في علم الكلام ويمكن اثبات وجود الكلام النفسي وانه يسبق الكلام المتعارف عليه بين الناس عند التواصل بينهم مشافهة بعدة ادلة يمتزج فيها العقل بالنقل ـــ منها ان الكلام النفسي حقيقة لاتحتاج الى دليل لان كل متكلم عاقل واع يدرك انه يتكلم مع نفسه قبل ان يتكلم مع غيره ولهذا قال الشاعرمعبرا عن هذه الحقيقة : (ان الكلام لفي الفؤاد وانما / جعل اللسان على الفؤاد دليلا ) ـــ ومنها ان النائم وهو مطبق الشفتين يتكلم في نومه اثناء رؤياه واحلامه ويسمع كلام من يراه في حلمه او رؤياه وهو مع ذلك لايسمع كلام الايقاض من حوله كما انهم لايسمعون كلامه مع من يراهم في منامه ثم في يقضته يحكي ما راى وما سمع وما قيل له وما قال ـــ ومنها ان (أول ما بدئ به رسول الله (ص) من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح )وكان النبي (ص)في نومه يعي ما ياتيه من قول ربه وحيا في منامه وما كان بحكم النوم يسمعه باذنيه اصواتا وحروفا كما يسمع المعهود من الكلام ـــ ومنها ان الله تعالى قد شرع السروالجهر فجعل الصلوات النهارية سرية والصلوات الليلية جهرية والقراءة فيها سرا او جهرا لاتنفي عن كلام الله المقروء حقيقة كونه كلاما فمن قرا سرا في نفسه هو متكلم بكلام الله تعالى ومن قرا جهرا بصوت وحرف هو متكلم بكلام الله تعالى وقد امر الله بالجهر في التنفل ليلا فقال تعالى (ان ناشئة الليل هي اشد وطا واقوم قيلا) وفي تفسير الطبريعن مجاهد (... أَشَدُّ وَطْئًا...) قال: (أجدر أن تواطئ سمعك وقلبك.)وفي تفسير البغوي : (واقوم قيلا وأصوب قراءة وأصح قولا لهدأة الناس وسكون الأصوات)وهذا لايعني ان الاسرار بالقراءة في الصلاة نهارا ينفي عنها صفة الكلام بل هي كذلك مثل ناشئة الليل اشد وطئا واقوم قيلا لكن بفضل الاسرار لابالجهر فيها فان القراءة فيها سرا تجعلها كلاما نفسيا يستشعره القارئ وسط صخب النهار وضجيج الناس اكثر مما يستشعره لو قرا جهرا فان الاصوات من حوله تمنعه من سماع صوته ولعل هذه هي الحكمة الشرعية في المفارقة بين سنة الجهر في الليل وسنة السر في النهار ـــ ومنها ما جاء في الحديث القدسي عن ابي هريرة قال رسول الله (ص) قال الله عزوجل: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي...) فالذكر كلام ويمكن ان يكون في النفس كما في الحديث(... ذكرني في نفسه ...) ويمكن ان يكون مع الغير بل الكلام مع النفس يسبق كل كلام مع الغيروكم من كلام ينوي قائله مخاطبة الغير به ثم يستبقيه في نفسه لايعلمه الا علام الغيوب عزوجل ـــ ومنها قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) فكلام الله تعالى في نفسه وكلام المسيح كذلك في نفسه والمسيح عليه السلام لا يسمع كلام ربه الا اذا اوحاه اليه عزوجل وكلام المسيح عليه السلام يعلمه من نفسه ويعلمه منه ربه الذي يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور وبهذه الامثلة الدالة كلها يتضح صدق الشاعر عند قوله : (ان الكلام لفي الفؤاد وانما / جعل اللسان على الفؤاد دليلا ) وبالكلام النفسي يزول الاشكال الذي اثاره النفاة وارادوا من ورائه نفي تعلق كلام الله تعالى بذاته ومن ينفي الكلام النفسي فهو بين امرين اما ان يثبت لله تعالى كلاما بمعناه الظاهر فيجسده او ان يقول هو كلام حقيقي صوت وحرف لاكالاصوات والحروف وهذا ايضا ليس بعيدا من التجسيد طالما هو يعتبر كلام الله تعالى عينا لامعنى وهو بذلك يخالف السلف فانهم ما قالوا ابدا ان كلام الله تعالى صوت وحرف المجاز بين المعقول واللامعقول في اطار تفسير قوله تعالى (لو انزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله ) قال العثيمين رحمه الله تعالى : (وفي هذا دليل على ان للجبل احساسا لانه يخشع ويتصدع والامر كذلك قال النبي (ص) هذا احد جبل يحبنا ونحبه ) ثم شن هجوما على المخالفين فقال : (وبهذا الحديث نعرف الرد على المثبتين للمجاز في القران والذين يرفعون دائما علمهم مستدلين بهذه الاية ((فوجد فيها جدارا يريد ان ينقض ))77الكهف يقول كيف يريد الجدارفنقول يا سبحان الله العليم الخبير يقول يريد ان ينقض وانت تقول لايريد اهذا معقول ؟ ...)ص439/440 فالجبل عند العثيمين والجدارلهما احساس بل واكثر من ذلك السماوات والارض طالما ذكر الله تعالى انها تسبح : (اذا هي مخلصة وهل يتصور اخلاص بلاارادة اذا هي تريد وكل شيء يريد ــ يعني وليس الجدار فقط ــ ...) ص440 هكذا يفهم العثيمين الايات والاحاديث على ظاهرها ولو ادى ذلك الى ما لايستوعبه العقل ومن يرفض ذلك فامره عنده غير معقول ولذلك يسال مستنكرا (...اهذا معقول ؟ ...) بل اكثر من ذلك يقول عن الذين ينكرون نسبة الاحساس والارادة الحقيقية للجبل والجدار ونحوهما من الجمادات يقول : (ان الذين لايؤمنون بايات الله لايهديهم الله ...مثال ذلك اننا نجد من لم يؤمن بالايات لم يهتد لبيان وجهها مثل قول بعضهم كيف ينزل الله الى السماء الدنيا وهو في العلو فنقول امن تهتد فاذا امنت بانه ينزل حقيقة علمت ان هذا ليس بمستحيل لانه في جانب الله ولا يماثله شيء ...امن بان الجدار يريد يتبين لك ان هذا ليس بغريب وهذه قاعدة ... امن تهتد والذين لايؤمنون ...لايهديهم الله ويبقى القران عليهم عمى والعياذ بالله ولايستطيعون الاهتداء نسال الله لنا ولكم الهداية ...) ص 446 / 447 هكذا هو المنهج عند العثيمين ينفي وجود المجاز ويفهم الايات والاحاديث على ظاهرها ولو ادت الى ما لاتقبله العقول ثم لايكتفي باتهام المخالفين لهذا المنهج بانهم لايعقلون بل يتهمهم بانهم غير مؤمنين وبان الله تعالى عقابا لهم على عدم ايمانهم لايهديهم الى فهم اياته و(...ويبقى القران عليهم عمى...) و ليزول استغرابهم من نسبة الاحساس والارادة للجماد يامرهم ان يؤمنوا قبل النظر في ايات الله تعالى وينسى ان الايمان عمل العقل والعقل لايؤمن باللامعقول وان ايات القران نفسها تابى ذلك لوتمسك العثيمين بهذا المنهج في فهمه لايات الصفات ربما يعذر بخوفه من تحريف العقيدة بالتاويلات البعيدة اذ الخطا فيما يتعلق بتصور الانسان لله تعالى ليس مثل الخطا فيما دونه ولكن ان يصر العثيمين على اعتماد هذا المنهج الظاهري في تفهم الايات المتعلقة بعناصر الكون المادي المشهود كالجبل والجدار والسماوات والارض فهو اصرار غريب لامبرر له وهو بهذا لايسييء الى مخالفيه فقط بل يسيء كذلك فهم ايات القران واحاديث الرسول (ص) ويشوش بذلك عقول مقلديه بغرائب ما انزل الله بها من سلطان: الاساءة الى المخالفين فيما كتب عنهم ظاهرة لاتحتاج بيانا فقد وصفهم بانهم لايعقلون وبانهم لايؤمنون وبان الله تعالى لايهديهم وبان القران عليهم عمى فهو عوض ان يراجع قوله الغريب في نسبة الارادة والاحساس للجبل والجدار والسماوات والارض يصف من لم يسايروه فيه بان الله تعالى جعل القران عليهم عمى ولم يهدهم الى ما يدعي انه الفهم الصحيح وهو منهجيا يقحم الاية في غير ما انزلت فيه ويضيفها في شرح العقيدة الواسطية فابن تيمية لم يدرجها في العقيدة الواسطية والعثيمين نفسه يقول :(والمؤلف ترك الاية التي بعدها لانه ليس فيها شاهد ولكنها مفيدة ) ثم اوردها وهي قوله تعالى (ان الذين لايؤمنون بايات الله لايهديهم الله ولهم عذاب اليم انما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بايات الله واولئك هم الكاذبون )104/105النحل فالايتان وردتا في سياق تكذيب قريش لرسول الله (ص) (...قالوا انما انت مفتر ...) وادعوا ان القران ليس من عند الله تعالى وقالوا عن رسول الله (ص) (...انما يعلمه بشر...)103النحل والعثيمن نفسه اورد سبب نزول الايات فقال (وسبب نزول هذه الاية ان قريشا قالت ان هذا القران الذي ياتي به محمد ليس من عند ربه وانما هو من شخص يعلمه ويقص عليه قصص الاولين وياتي ليقول لنا هذا من عند الله اعوذ بالله )ص445فكيف طوعت له نفسه ان يجعل الاية في حق اخوانه من المسلمين الذين يخالفون منهجه الظاهري فينفون عن الجدار الارادة الحقيقية ويقولون ان مراد الله تعالى من قوله ان الجدار (يريد ان ينقض ) انما هو تعبير مجازي عن قرب سقوط الجداراي انه يوشك ان يسقط فهل الخلاف خطير في دين الله تعالى الى درجة تخول له ادراج المخالفين له من المسلمين مع كفار قريش ووصفهم بعدم الهداية وبان القران عليهم عمى ؟ اما اساءة فهم الايات والاحاديث فمن اكثر من وجه : الوجه الاول لقد ذكر الله الحجارة واخبر انها لااحساس لها وانها قاسية لانها جماد ولهذا شبه بها قلوب الكافرين فقال (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ)74البقرة وهي حجة ابراهيم عليه السلام على قومه في نفي الالوهية الحقة عن تماثيلهم واصنامهم الجامدة اذ قال تعالى حاكيا محاورته لهم ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ )69/77الشعراء فهذا نفي صريح للسمع والفعل عن الجماد وكذلك نفى الله تعالى عن الموتى السماع فقال تعالى (وما يستوي الاحياء ولا الاموات ان الله يسمع من يشاء وما انت بمسمع من في القبور) 22فاطر وفي سورة الرعد يقول جل جلاله :(ولو ان قرانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا)الاية 31فنفى الله تعالى عن الجبال والارض والموتى الاحساس والسماع الوجه الثاني كون السماوات والارض والجبال والحجارة بل والاشجار والاخشاب والموتى كائنات لاوعي لها ولا احساس ولاارادة هو التصور السليم الذي يثبته العقل السليم وتدعمه الايات المحكمات في القران الحكيم وهو القاعدة التي يجب التعامل بين العقلاء على اساسها ولو كانوا مختلفين في الدين والمعتقد فكيف ينسب العثيمين الارادة والاحساس بل والاخلاص للسماوات والارض وللجبل والجدار ؟ انه يقول قولا لا يشاطره الراي فيه احد من العقلاء الوجه الثالث هل يتناقض القران اذ من ناحية يضرب بالحجارة المثل في فقد الاحساس ومن ناحية اخرى حسب زعم العثيمين يصف الجبل بان له احساسا وارادة ووعيا ؟ وهل يتناقض القران مع ما يجمع عليه العقلاء من ان الجماد لااحساس له ولا ارادة ولاسماع ؟وانه لايصلح للتكليف وتحمل المسؤولية ؟ الوجه الرابع هل فهم السلف الصالح ما فهمه العثيمين من الايات والاحاديث التي استدل بها على نسبة الاخلاص والحس والارادة للجمادات من السماوات والارض والجبل والجدار ؟ يقول الماوردي في تفسير قوله تعالى (لوانزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله ...)(... فيه قول ثالث : ان الله تعالى ضربه مثلا للكفار انه اذا نزل هذا القران على جبل خشع ...) النكت والعيون ج 5 ص 512 فالجبل لااحساس له وانما هو مجرد مثل ضربه الله تعالى لاحقيقة له واوضح من هذا قول ابن كثير : (ان كان الجبل في غلظته وقساوته لوفهم هذا القران فتدبرما فيه لخشع وتصدع من خوف الله فكيف يليق بكم ايها البشر الا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله وقد فهمتم عن الله امره وتدبرتم كتابه ...) فالماوردي عبر بقوله (...اذا نزل هذا القران على جبل خشع ...) والقران ما كان لينزل عل جبل طالما هو جماد لايعقل ولايقبل التكليف وابن كثير عبربلو فقال (... لو فهم هذا القران ...لخشع...) كلاهما لم ينسب للجبل احساسا ولا فهما ولاخشوعا وانما فهما ان المسالة لاتعدو كونها مجرد مثل لاحقيقة له والاية نفسها تثبت هذا وقد انتبه اليه ابن كثير فقال : (...ولهذا قال تعالى وتلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ...) وفي تفسير الطبري : (...حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله لوانزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله الآية ، يعذر الله الجبل الأصم ، ولم يعذر شقي ابن آدم ، هل رأيتم أحدا قط تصدعت جوانحه من خشية الله وتلك الامثال نضربها للناس يقول تعالى ذكره : وهذه الأشياء نشبهها للناس ، وذلك تعريفه جل ثناؤه إياهم أن الجبال أشد تعظيما لحقه منهم مع قساوتها وصلابتها...) فقتادة رضي الله عنه يؤكد ان الجبل اصم ويقول (...وهذه الاشياء نشبهها للناس...) ويشير الى (...قساوتها وصلابتها...) ولم يفهم منها انها ذات ارادة واحساس واخلاص وانما الامر مجرد شبه للناس حسب عبارته أي مجرد امثلة للناس وفي تفسير البغوي : (...قوله عزوجل : لو انزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله قيل : لو جعل في الجبل تمييز وأنزل عليه القرآن لخشع وتشقق وتصدع من خشية الله مع صلابته ورزانته حذرا من أن لا يؤدي حق الله - عز وجل - في تعظيم القرآن والكافر يعرض عما فيه من العبر كأن لم يسمعها يصفه بقساوة القلب... ) فهذه كتب في التفسير بالماثوروبعضها يعد من اقدم التفاسيرتشترك في القول بان ما نسب للجبل من الخشوع والتصدع ليس على حقيقته وانما هو مجرد مثل لتقريع الكافرين على جمود وقسوة قلوبهم وبعدهم عن الايمان وطاعة المولى عزوجل ولمزيد البيان يحسن النظر في بعض الايات التي نفى الله تعالى فيها السمع والارادة والوعي عن الموتى وعن السماوات والارض ونحوها من الجمادات ـــ ومنها قوله تعالى (وما يستوي الاحياء ولا الاموات ان الله يسمع من يشاء وما انت بمسمع من في القبور) 22فاطرقال الماوردي في تفسير قوله تعالى (...وما انت بمسمع من في القبور...) فيه وجهان احدها انه مثل ضربه الله كما انك لاتسمع الموتى في القبوركذلك لاتسمع الكافرالثاني ان الكافر قد اماته الكفر حتى اقبره في كفره فلذلك لايسمع...) وقال الطبري (يقول تعالى ذكره كما لايقدر ان يسمع من في القبور كتاب الله فيهديهم الى سبيل الرشاد فكذلك لايقدر ان ينفع بمواعظ الله وبيان حججه من كان ميت القلب من احياء عباده ...) اما الرازي فيقول :(فيه احتمال معنيين الاول ان يكون المراد بيان كون الكفار بالنسبة الى سماعهم كلام النبي والوحي النازل عليه دون حال الموتى : فان الله يسمع الموتى والنبي لايسمع من مات وقبر . فالموتى سامعون من الله والكفار كالموتى لايسمعون من النبي . والثاني ان يكون المراد تسلية النبي (ص) فانه لما بين له انه لاينفعهم ولايسمعهم قال له هؤلاء لايسمعهم الا الله فانه يسمع من يشاء ولو كان صخرة صماء واما انت فلا تسمع من في القبور فما عليك من حسابهم من شيء) وهذا القول من الامام الرازي في منتهى المتانة والصواب فان الله تعالى قادر ان يخلق السمع والاحساس والارادة بل والحياة في كل شيء ولو كان صخرة او خشبة لكن القاعدة التي عاملنا بها المولى عزو جل وامرنا ان نحملها تصورا عن الجمادات هي ان ننفي عنها الاحساس والارادة وعلى هذا الاساس جادل الخليل عليه السلام قومه في شان الاصنام التي يعبدون من دون الله تعالى ونزل في ذلك قوله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) )الشعراء فلا يجوز قلب القاعدة راسا على عقب لادعاء خلاف الظاهر من الحياة الدنيا بنسبة الاحساس والارادة والسمع لما اتفق بنوادم انه جماد لاحياة له ولاعلم ولاوعي ــــ اما قوله تعالى في سورة الرعد الاية 31:(ولو ان قرانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا)فقد ذكر الامام الطبري وغيره سبب نزولها فقال (قالوا للنبي (ص) ان كنت صادقا فسيرعنا الجبال واجعلها حروثا كهيئة ارض الشام ومصر والبلدان او ابعث موتانا فاخبرهم فانهم ماتوا على الذي نحن عليه فقال الله : ((ولو ان قرانا سيرت به الجبال اوقطعت به الارض او كلم به الموتى)) لم يصنع ذلك بقران قط ولا كتاب فيصنع بهذا القران ) فقصة نزول الاية يفهم منها ان الجبال والارض لاتسير بالقران ولابغيره من كتب الله السابقة لالعيب في الكتب ولكن لان الجبال والارض ليست اهلا للتكليف لفقدها الارادة والحس والعقل فهي لاتسمع ولاتفهم ما في الكتب وانما تسييرها وتبديل تضاريسها يكون بامر الله تعالى تسخيرا منه تعالى لها لاوعيا منها وطاعة واستجابة لكلام حقيقي خاطبها به الله تعالى كذلك الموتى لايعودون الى الحياة بتاثير القران ولابتاثير غيره من الكتب المنزلة فقد صارحالهم بسبب الموت شبيها بحال الجبال والاحجار والاخشاب والاراضين لاارادة لهم ارواحهم عند باريها جل وعلا وهم فرضا حتى لو سمعوا القران فانهم لا يعودون الى الحياة بسماعه ولابسماع غيره من الكتب المنزلة وانما يعودون اليها بامر الله تعالى وبغير ارادة منهم وذلك عند قيام الساعة وفي مقابل هذه الايات التي تنفي الكلام والارادة هناك ايات اخرى تنسب القول والارادة للسماء والارض حملها المفسرون على المجازلكي لايظهر كتاب الله تعالى متناقضا ولكي لا يحمل الموحدون تصورات عن الجمادات تتناقض مع ما يحمله عنها كل العقلاء على اختلاف عقائدهم وعصورهم ومواطنهم ـــ من هذه الايات قوله تعالى :(ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين ) 11فصلت قال الماوردي (فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها فيه قولان احدهما انه قال ذلك قبل خلقها ويكون معنى ائتيا أي كونا كما قال تعالى انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون قاله ابن بحر ) النكت والعيون ج5ص172 وهذا قول يؤيده النقل والعقل فعقلا السماوات والارض ليست عاقلة ولاحية وليست مكلفة وهي بذلك ليست اهلا لان تسمع وتاتمر بامر الله تعالى ائتمار المكلفين اما نقلا فان الله تعالى وصف الحجارة ونحوها من الجمادات بانها قاسية لاتسمع والسماء والارض ليست الا مجموع ما خلق الله تعالى من الجمادات وقد سبق قوله تعالى في سورة الرعد الاية 31:(ولو ان قرانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا) فكلام الله تعالى لايخاطب به الا الاحياء العالمون من الانس والجن والملائكةاما خطابه تعالى لغير الاحياء العالمين انما هو للشيء منها (كن فيكون) ثم ذكر الماوردي التاويل الثاني فقال : (الثاني قول الجمهور انه قال ذلك لهما بعد خلقهما فعلى هذا يكون في معناها اربع تاويلات : احدها معناه اعطيا الطاعة في السير المقدرلكما طوعا او كرها أي اختيارا او اجبارا قاله سعيد بن جبير. الثاني ائتيا عبادتي ومعرفتي طوعا او كرها باختيار او غير اختيار. الثالث ائتيا بما فيكما طوعا او كرها حكاه النقاش . الرابع كونا كما امرت من شدة ولين وحزن وسهل ومنيع وممكن قاله ابن بحر) ان الاختلاف في الزمن متى قال الله تعالى لهما (ائتيا طوعا اوكرها ) يمكن حله بقبول الرايين ذلك ان خلق السماوات والارض كان بقولين الاول عند خلقهما والثاني عند تقديرما فيهما من الاقوات وغيرها وذلك ظاهر في قوله تعالى :( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فصلت: 9-12 ويبقى الاشكال في حقيقة الخطاب اليها هل هو نظير خطابه للواعين من الاحياء العالمين ام انه الخطاب المعهود من الله تعالى اذا اراد شيئا ان يقول له (كن فيكون) الشيء ويظهر للوجود دون ارادة منه ولاوعي ولااحساس ؟ ان فقد السماوات والارض للحياة والعلم وعدم اهليتها لان تخاطب بما يخاطب به الاحياء العالمون من الملائكة والجن والانس يقتضي المصير الى انه خطاب مجازي كذلك قوله تعالى على لسان السماوات والارض (اتينا طائعين )ليس الا تعبيرا عن نفاذ امر الله تعالى في السماوات والارض والا فان الجمادات لاتنطق ولاتتصور منها الطاعة ولاالمعصية طالما هي فاقدة للحياة والعلم والوعي والارادة لهذا فان اقرب التاويلات الى النقل والعقل التاويلان الثالث والرابع على ان التاويل الاول لسعيد بن جبير قد تضمن عبارة (السير المقدر)وهي عبارة تعني التسخيروبالتالي الاستجابة غير الواعية من السماوات والارض اما عبارة النقاش (بما فيكما) فمناسبة لتقدير الله تعالى الاقوات وغيرها مما حوت السماوات والارض وكل ذلك يؤكد ان قول السماوات والارض (اتينا طائعين )لم يكن قولا حقيقيا وانما هو تعبير مجازي عن تحقق ما اراده الله تعالى من تسخير السماوات والارض ــــ ومثل الاية 11فصلت ما جاء في قوله تعالى (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا )72الاحزاب قال ابن عاشور رحمه الله تعالى (...قد عدت هذه الاية من مشكلات القران وتردد المفسرون في تاويلها ترددا دل على الحيرة في تقويم معناها ومرجع ذلك الى تقويم : ــــ معنى العرض على السماوات والارض والجبال ـــــ والى معرفة الامانة ـــــ ومعرفة معنى الاباء والاشفاق ...)التحريرج22ص126 وفعلا فان كثيرا من المفسرين لم يبحثوا في معنى عرض الامانة على السماوات والارض والجبال ولافي ابائها واشفاقها بالقدر الذي فعلوه في البحث عن معنى الامانة فالماوردي ذكر خمسة اقاويل في تفسيرمعنى الامانة ثم ذكر ثلاثة اقاويل في عرض الامانة لايفهم من صيغها العامة هل كان العرض حقيقيا ام مجازيا ولكنه عندما ذكر القول الثالث منها وحلل اختلاف قائليه ظهر ان العرض مختلف فيه بين ان يكون حقيقة اومجازا حيث قال :(...الثالث ان الله عرض حملها ليكون الدخول فيها بعد العلم بها واختلف قائلوا هذا على وجهين : احدهما انها عرضت على السماوات والارض والجبال قاله ابن عباس ومجاهد الثاني انها عرضت على اهل السماوات واهل الارض واهل الجبال من الملائكة قاله الحسن ...)النكت والعيون ج 4 ص428/430 اما الطبري فقد اكتفى بالاشارة الى الاختلاف في تاويل الاية ولم يدل فيها برايه وانما قال(...اختلف اهل التاويل في معنى ذلك فقال بعضهم معناه ان الله عرض طاعته وفرائضه على السماوات والارض والجبال...) جامع البيان ج6ص204ولعله لم يبين الاختلاف اجتنابا للاطالة فقد كان قبل الشروع في انجاز تفسيره (جامع البيان ) استشار طلبته في الاطالة او الاختصار فطلبوا منه الاختصاروقد فصل الثعلبي الاختلاف ولم ينسبه الى قائليه فقال : (...قيل كان العرض على اعيان هذه الاشياء ــ يقصد السماوات والارض والجبال ــ فافهمهن الله خطابه وانطقهن . وقيل عرضها على من فيها من الملائكة . وقيل عرضها على اهلها كلها دون اعيانها وهذا كقوله واسال القرية أي اهلها ...)الكشف والبيان ج8ص67 ونقل القرطبي عن القفال تفصيل التاويل الثاني فقال :(وقال القفال وغيره العرض في هذه الاية ضرب مثل أي ان السماوات والارض على كبر اجرامها لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع لما فيها من الثواب والعقاب أي ان التكليف امر حقه ان تعجز عنه السماوات والارض والجبال وقد كلفه الانسان وهوظلوم جهول لو عقل وهذا كقوله لوانزلنا هذا القران على جبل ثم قال وتلك الامثال نضربها للناس قال القفال فاذا تقرر انه تعالى يضرب الامثال وورد علينا من الخبرما لايخرج الا على ضرب المثل وجب حمله عليه ...)ثم نقل عن قوم لم يسمهم ان عرض الامانة على السماوات والارض والجبال مجازعن المقايسة فقال : (وقال قوم ان الاية من المجازاي انا اذا قايسنا ثقل الامانة بقوة السماوات والارض والجبال راينا انها لاتطيقها وانها لو تكلمت لابت واشفقت فعبر عن هذا المعنى بقوله انا عرضنا الامانة الاية وهذا كما تقول عرضت الحمل على البعير فاباه وانت تريد قايست قوته بثقل الحمل فرايت انها تقصر عنه...)الجامع لاحكام القران ج 17ص248 وقد اهتم ابن عاشور رحمه الله تعالى بحقيقة العرض التي حسب قوله (...تردد المفسرون في تاويلها ترددا دل على الحيرة في تقويم معناها ...) ففصل القول في كونه عرضا مجازيا فقال :(...عرضنا هنا استعارة تمثيلية لوضع شيءفي شيءلانه اهل له دون بقية الاشياء...لعدم تاهلها لذلك الشيء ...) هذا وقد مهد لهذه الاستعارة بامثلة من العرض الحقيقي فقال :(...والعرض حقيقته احضار شيء لاخر ليختاره او يقبله ومنه عرض الحوض على الناقة أي عرضه عليها ان تشرب منه وعرض المجندين على الامير لقبول من تاهل منهم وفي حديث ابن عمر عرضت على رسول الله وانا ابن اربع عشرة فردني وعرضت عليه وانا ابن خمس عشرة فاجازني ) ثم يبين وجه الشبه بين العرض الحقيقي والعرض التمثيلي في محاولتين فيقول : (...فشبهت حالة صرف تحميل الامانة عن السماوات والارض والجبال ووضعها في الانسان بحالة من يعرض شيئا على اناس فيرفضه بعضهم ويقبله واحد منهم على طريقةالتمثيلية ...) ثم يضيف فيقول : (...او تمثيل لتعلق علم الله تعالى بعدم صلاحية السماوات والارض والجبال لاناطة ما عبر عنه بالامانة بها وصلاحية الانسان لذلك فشبهت حالة تعلق علم الله بمخالفة قابلية السماوات والارض والجبال بحمل الامانة لقابلية الانسان ذلك بعرض شيءعلى اشياء لاستظهارمقدار صلاحية احد تلك الاشياء للتلبس بالشيء المعروض عليها...) في الاولى قال (...فشبهت حالة صرف تحميل الامانة...) وفي الثانية قال (...فشبهت حالة تعلق علم الله بمخالفة قابلية السماوات والارض والجبال بحمل الامانة...) والنتيجة واحدة وهي ان حالة صرف تحميل الامانة من السماوات والارض والجبال الى الانسان انما كانت بتعلق علم الله تعالى (...بمخالفة قابلية السماوات والارض والجبال بحمل الامانة...) وهذا يذكر بدعاء عمر رضي الله عنه (اللهم إن كنت كتبتَني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبت عليَّ الذّنب والشِّقوة فامحُني وأثبتني في أهل السّعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أمّ الكتاب .) وقد حلل عناصر هذه الاستعارة التمثيلية فقال :(...ولذلك فافعال عرضنا وابين ويحملنها واشفقن منها وحملها اجزاء للمركب التمثيلي وهذه الاجزاء صالحة لان يكون كل منها استعارة مفردة : ــ بان يشبه ايداع الامانة في الانسان وصرفها عن غيره بالعرض . ــ ويشبه عدم مصحح مواهي السماوات والارض والجبال لايداع الامانة فيها بالاباء . ــ ويشبه الايداع بالتحميل والحمل . ــ ويشبه عدم التلاؤم بين مواهي السماوات والارض والجبال بالعجز عن قبول تلك الكائنات اياها وهو المعبر عنه بالاشفاق . ــ ويشبه التلاؤم ومصحح القبول لايداع وصف الامانة في الانسان بالحمل للثقل ثم ذكر امرين هامين هما اولا الدليل الداعي لتاويل الاية (انا عرضنا الامانة...)والثاني بيان الحكمة من التجوز فيها فقال في الدليل على ضرورة التاويل: (...وقرينة الاستعارة حالية وهي عدم صحة تعلق العرض والاباء بالسماوات والارض والجبال لانتفاء ادراكها فانى لها ان تختار وترفض وكذا الانسان باعتبار كون المراد منه جنسه وماهيته لان الماهية لاتفاوض ولاتختار كما يقال الطبيعة عمياء اي لااختيار لها اي للجبلة وانما تصدر عنها اثارها قسرا ...) وهذه حقيقة يدركها العقلاء بالضرورة وفي نصوص الشرع ايات كثيرة تنفي عن الجمادات السمع والكلام والحياة والاحساس فضلا عن الارادة وقابلية التكليف وتحمل المسؤوليات ومما يمكن ان يضاف الى هذا ان الله تعالى قال للملائكة بعد خلق السماوات والارض والجبال وقبل خلق الانسان (اني جاعل في الارض خليفة )فقد سبق في علمه تعالى في الازل ان الامانة لا مؤهل لحملها من خلقه سوى الانسان لما كرمه به من نفي النقصان فلا معنى اذا لان يعرضها على السماوات والارض والجبال سوى ان يجعل العرض مجازا وعبرة لبني ادم وهو ما ذكره رحمه الله تعالى في بيان الحكمة من التجوز في قوله تعالى (انا عرضنا الامانة...) حيث قال : (...وفائدة التمثيل تعظيم امر الامانة اذ بلغت ان لايطيق تحملها ما هو اعظم ما يبصره الناس من اجناس الموجودات ...وعطف الجبال على الارض وهي منها لان الجبال اعظم الاجزاء المعروفة من ظاهر الارض وهي التي تشاهد الابصار عظمتها اذ الابصار لاترى الكرة الارضية كما قال تعالى لو انزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله...) وقد تعلق العثيمين رحمه الله تعالى بقوله تعالى (وان من شيء الا يسبح بحمده )وبقول رسوالله (ص) (احد جبل يحبنا ونحبه )ونحو ذلك من النصوص ولاحجة فيها على نسبة الارادة والاحساس و للجماد لعدة وجوه الوجه الاول لانها تتعلق بعالم الغيب ولهذا قال تعالى (ولكن لاتفقهون تسبيحهم )وقد نهى جل وعلا عن البحث في الغيبيات فقال تعالى (ولاقف ماليس لك به علم ) فكيف تتخذ مرجعا لتكوين تصورات عن الاشياء في عالم الشهادة فيقال للناس عليكم ان تؤمنوا ان الجماد كالجبل والجدار الخ ...له ارادة واحساس الخ...وهم من الاساس نهاهم الشرع عن البحث فيها فمعرفة كيفية تسبيح الاشياء الجامدة الفاقدة للحياة وحبها وشوقها لمن هو اهل لذلك من عباد الله او كيفية تسبيح الكفرة من المشركين والمبطلين رغم فقدهم للايمان ومجاهرتهم بالاثم والعدوان كل ذلك غيب موكول الى الله تعالى الوجه الثاني قد امرنا الشارع ان نحكم بالظاهر البين لنا في حياتنا الدنيا وفي هذا الاطار ذكر الله الحجارة والاصنام والاموات ووصف الجميع بالقسوة والجمود وفقد السمع والحس وذكر الكافرين ووصفهم بانهم ناسون لذكر الله تعالى وهذا هو المطلوب من العباد ان يحملوه تصورا بينهم فالجمادات فاقدة للارادة والاحساس لاتتحمل مسؤولية ولاينسب اليها فعل تماما كما انه مطلوب منهم ان يعتبروا الكافرين ناسين لله تعالى لا ذاكرين ولامسبحين بل كما قال جل جلاله(...نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ )19الحشروقد توعدهم المولى عز وجل بقوله (فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (22)الزمر الوجه الثالث من يخالف هذا و يقول عن الجبال ونحوها من الجمادات (...هي مخلصة وهل يتصور اخلاص بلاارادة اذا هي تريد وكل شيء يريد ...) ص440هو تماما كمن يقول : ان الكافرين انهم يسبحون الله تعالى وان لهم ارادة واخلاصا لله تعالى لمجرد انهم داخلون تحت قوله تعالى (وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم )44الاسراء الوجه الرابع ان الله تعالى لم يامرنا برحمة الحجارة ونحوها من الجمادات كما امرنا برحمة الانسان والحيوان فقد قال رسول الله (ص) (ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء)ولو كانت الجمادات ذات ارادة واحساس لقال ارحموا ما في الارض واوضح من ذلك قوله (ص) (في كل كبد رطبة اجر)رواه البخاري فالكبد رمز الاحساس والرطوبة رمز الحياة والجماد لاكبد له ولا رطوبة فلا يحتاج الرحمة لانه فاقد للحس والحياة والارادة ولاتناقض بين الايات والاحاديث التي بعضها ينسب السمع والتسبيح والنطق للجمادات والاموات والكافرين والبعض الاخر ينفي عنها ذلك لان هذه النصوص تتعلق بعالمين مختلفين ولكل من عالم الغيب وعالم الشهادة قوانينه وحقائقه واذا كان الله تعالى قد كشف لنا بعض جوانب عالم الغيب ومنه تسبيح كل شيء ولوكان جمادا او ميتا او كافرا فلا يعني بذلك انه يريد منا ان نجعل ذلك قاعدة معتبرة نتعامل بها بيننا وننظربها الى الاشياء من حولنا في عالم الشهادة وانما فقط هي مسائل بعضها مجازي لاحقيقة له وبعضها الاخر حقيقي وليس مجرد مجاز ولكنه غيب لايتعلق بعالم الشهادة والغاية من ذكره الموعظة و العبرة (... لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)37ق وليست الغاية منه ان يتخذ مقياسا في النظر الى الاشياء في عالم الشهادة ومن الطريف رد ابي حامد الغزالي رحمه الله تعالى على الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة حيث قال : (.... مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن السماء حيوان مطيع لله تعالى بحركته الدورية : ... وقد قالوا إن السماء حيوان وإن له نفساً نسبته إلى بدن السماء كنسبة نفوسنا إلى أبداننا وكما أن أبداننا تتحرك بالإرادة نحو أغراضها بتحريك النفس فكذا السموات وإن غرض السموات بحركتها الذاتية عبادة رب العالمين على وجه سنذكره. لا ينكر إمكانه ومذهبهم في هذه المسألة مما لا ينكر إمكانه ولا يدعى استحالته فإن الله قادر على أن يخلق الحياة في كل جسم فلا كبر الجسم يمنع من كونه حياً ولا كونه مستديراً فإن الشكل المخصوص ليس شرطاً للحياة إذ الحيوانات مع اختلاف أشكالها مشتركة في قبول الحياة ولكن لا يعرف بدليل العقل ولكنا ندعى عجزهم عن معرفة ذلك بدليل العقل وإن هذا إن كان صحيحاً فلا يطلع عليه إلا الأنبياء بإلهام من الله أو وحي وقياس العقل ليس يدل عليه. ...) فكذلك ما يقوله العثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة ويستدل به على ما ينسبه للجبال والجدار و جبل احد من الحب والارادة والاشفاق والاباء بعضه مجرد مجاز لاحقيقة له وبعضه حقيقة لكنه من عالم الغيب الذي نهينا عن التفكر فيه وانما الواجب فقط ان نؤمن به وان نتخذه عبرة وليس مقياسا بيننا في عالم الشهادة فننظر من خلاله للاشياء ونتخذه اداة من ادوات تفسير القران وشرح الحديث وهذا المطلوب هو ما افتى به العثيمين نفسه فقد جاء في مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (2/18-19) المسألة (158) وقد سئل هل يخفف عذاب القبر عن المؤمن العاصي ؟ فأجاب قائلاً : نعم قد يخفف لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستبرىء- أو قال : لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا . وهذا دليل على أنه قد يخفف العذاب ، ولكن ما مناسبة هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذبين ؟ 1- قيل: لأنهما أي الجريدتين تسبحان ما لم تيبسا، والتسبيح يخفف من العذاب على الميت ، وقد فرعوا على هذه العلة المستنبطة - التي قد تكون مستبعدة - أنه يسن للإنسان أن يذهب إلى القبور ويسبح عندها من أجل أن يخفف عنها. 2- وقال بعض العلماء : هذا التعليل ضعيف لأن الجريدتين تسبحان سواء كانتا رطبتين أم يابستين لقوله تعالى : ( تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) الإسراء -44 وقد سمع تسبيح الحصى بين يدي الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، مع أن الحصى يابس ، إذاً ما العلة ؟ العلة : أن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، ترجى من الله عز وجل أن يخفف عنهما من العذاب ما دامت هاتان الجريدتان رطبتين ، يعني أن المدة ليست طويلة وذلك من أجل التحذير عن فعلهما ، لأن فعلهما كبير كما جاء في الرواية " بلى إنه كبير" أحدهما لا يستبرئ من البول ، وإذا لم يستبرئ من البول صلى بغير طهارة ، والآخر يمشي بالنميمة يفسد بين عباد الله والعياذ بالله ويلقي بينهم العداوة ، والبغضاء ، فالأمر كبير ، وهذا هو الأقرب أنها شفاعة مؤقتة تحذيراً للأمة لا بخلاً من الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، بالشفاعة الدائمة . ونقول استطراداً : إن بعض العلماء - عفا الله عنهم - قالوا : يسن أن يضع الإنسان جريدة رطبة ، أو شجرة ، أو نحوها على القبر ليخفف عنه ، لكن هذا الاستنباط بعيد جداً ولا يجوز أن نصنع ذلك لأمور: أولاً: أننا لم يكشف لنا أن هذا الرجل يعذب بخلاف النبي ، صلى الله عليه وسلم. ثانياً: أننا إذا فعلنا ذلك فقد أسأنا إلى الميت ، لأننا ظننا به ظن سوء أنه يعذب وما يدرينا فلعله ينعم ، لعل هذا الميت ممن مَنَّ الله عليه بالمغفرة قبل موته لوجود سبب من أسباب المغفرة الكثيرة فمات وقد عفا رب العباد عنه ، وحينئذ لا يستحق عذاباً. ثالثاً: أن هذا الاستنباط مخالف لما كان عليه السلف الصالح الذين هم أعلم الناس بشريعة الله فما فعل هذا أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - فما بالنا نحن نفعله . رابعاً: أن الله تعالى قد فتح لنا ما هو خير منه فكان النبي ، عليه الصلاة والسلام ، إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: " استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " . فالعثيمين رحمه الله تعالى يخالف كثيرا من العلماء فيفتي بعدم مشروعية التوسل بتسبيح الجماد لرفع العذاب عن المعذبين من الاموات ولكنه في المقابل يلح على وضع ذلك التسبيح في الاعتبار عند تفسير القران وشرح الحديث ويريد ان يحمل على الحقيقة لاعلى المجاز بل ويغلو فيه اذ يبني عليه انه دليل على اخلاص الجماد لله تعالى فيقول (اليس الله تعالى يقول تسبح له السماوات ...اذا هي مخلصة وهل يتصور اخلاص بلا ارادة اذا هي تريد وكل شيء يريد ...)ص440 ومن العلماء الذين اتنبهوا الى ضرورة الايمان بالغيبيات دون اتخاذها مقياسا في عالم الشهادة الشيخ محمد رشيد رضا فقدجاء في كتابه قواعد وأسس في السنة والبدعة (1 / 126)عند تعليقه على حديث الجريدتين : (...إنه واقعة حال في أمرٍ غيبي غير معقول المعنى والظاهر أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ...) رؤية الله تعالى يوم القيامة يؤمن اهل السنة والجماعة بان المؤمنين في الجنة يرون ربهم لكن كيف تكون هذه الرؤية هذا هو جوهر الاختلاف والعثيمين يقول كلاما هو للاحاجي اقرب منه للبيان والمعقول يقول رحمه الله تعالى : (واهل السنة والجماعة يقولون ان النظر هنا بالبصر حقيقة ولايلزم منه الادراك ...يوم القيامة نرى ربنا بابصارنا ولكن لاتدركه ابصارنا...)ص449 /450 فما معنى (...ان النظر هنا بالبصر حقيقة...) هل هو مثل نظر الناس للاشياء في الدنيا ؟ هذا غير ممكن وهل بصر الناس في الاخرة هو من الاساس مثل بصرهم في الدنيا ؟ هذه اسئلة يجب ان تطرح وقد انتبه العثيمين اليها في الصفحتين (451/450)ولكنه لم يضعها في الاعتبار عندما تحدث عن حقيقة رؤية المؤمنين لله تعالى في اليوم الاخر ولووضها في الاعتبار لما قال قولا ينقض اخره اوله فقد قال كما سبق : ( ...نرى...بابصارنا و...لاتدركه ابصارنا ...)و قبل ذلك قال (ان النظر...بالبصر حقيقة ولايلزم منه الادراك) فعن اي رؤية وعن اي نظر يتحدث ان لم يكن هناك ادراك ؟ وقد اراد ان يوضح هذا الامر في الصفحة (457) فزاده تعقيدا حيث قال: (الرؤية لاتستلزم الادراك الا ترى ان الرجل يرى الشمس ولايحيط بها ادراكا ؟ فاذا اثبتنا ان الله تعالى يرى لم يلزم ان يكون يدرك بهذه الرؤية...) فهذا قول باطل من كل وجه : ــــ فعدم احاطة ادراك من يرى الشمس بكل الشمس لايعني ان الادراك منتف عنه كلا انه يرى ويدرك ولكن بصره يقع على جزء من الشمس دون بقية اجزائها وهو لامحالة مدرك للجزء المرئي منها ــــ ثم هذا المثل لاينطبق على رؤية الله تعالى فانه لايتبعض ولايمكن ان تكون رؤية المؤمنين له يوم القيامة رؤية تبعيضية كرؤيتهم للشمس في الدنيا ــــ والايات المثبتة لرؤيته تعالى لاتبعيض فيها ولادليل فيها على انها رؤية جزئية منقوصة كرؤيتهم للشمس في الدنيا ومن ذلك قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة)هكذا هي رؤية لايمكن القول انها تحيط بالله تعالى فكيفيتها غيبية ولكن الثابت انها رؤية لا ضيم فيها ولا تبعيض في مقابل هذا القول الذي لامعنى له سوى اللبس والغموض نجد الايجي يقول بعد ان اثبت رؤية اهل الجنة لله تعالى يوم القيامة يقول : (المسلك الثاني هو العقل والعمدة مسلك الوجود وهو طريقة الشيخ والقاضي واكثر ائمتنا وتحريره انا نرى الاعراض...ونرى الجواهر ...ثم نقول ...لامشترك بين الجوهر والعرض سواهما ــ يقصد الوجود والحدوث ــ لكن الحدوث لايصلح علة لانه عبارة عن الوجود مع اعتبار عدم سابق والعدم لايصلح ان يكون جزء علة واذا سقط العدم عن درجة الاعتبار لم يبق الا الوجود...وانه مشترك بينهما وبين الواجب ...فعلة الرؤية متحققة في حق الله تعالى فيتحقق صحة الرؤية وهو المطلوب واعلم ان هذا يوجب ان يصح رؤية كل موجود كالاصوات والروائح والملموسات والطعوم ...وانما لانرى لجريان العادة من الله بذلك ولايمتنع ان يخلق فينا رؤيتها ...والحقائق لاتؤخذ من العادات ) فهذا القول من الايجي وعامة الاشاعرة في منتهى المتانة والوضوح لااحاجي فيه ولااغراب خلاصته أ = الموجود في عالم الشهادة من علامات وجوده ان رؤيته ممكنة لامستحيلة ولاواجبة ب = الموجودات منها ما يرى بالعين الباصرة مثل الحجارة والاشجار والارض والسماء وعامة الجواهرومنها ما يدرك لكن بغيرها كالروائح تشم ولاترى والاصوات تسمع ولاترى ج = ان الله تعالى موجود لكنه لايرى في الدنيا كما لاترى الروائح والاصوات وهو تعالى قادر ان يخلق في عباده ملكة تمكنهم من رؤيته يوم القيامة كما انه لو شاء لخلق فيهم في الدنيا ملكة تمكنهم من رؤية الاصوات باعينهم لامجرد سماعها باذانهم وتمكنهم من رؤية الروائح باعينهم لامجرد شمها بانوفهم وهكذا تثبت رؤية الله تعالى وينتفي التجسيد ويرد امرها الى الغيب الذي استاثر الله تعالى بعلمه فلا يقال هي رؤية حقيقية ولا مجازية بل هي رؤية لايعلم حقيقتها الا الله تعالى وهي لاتشترك مع الرؤية المعلومة في عالم الشهادة الا في الاسم وقد ادعى العثيمين ان الاشاعرة ينفون رؤية الله تعالى في الاخرة فقال (فهذا قول اهل السنة في رؤية الله تعالى ...وخالفهم في ذلك طوائف من اهل التعطيل من الجهمية والمعتزلة والاشاعرة وغيرهم ...)ص455وهو يعلم ان الاشاعرة يثبتون رؤية الله تعالى يوم القيامة ولوعبر عن رفضه لتصورهم لها لكان موضوعيا في حكمه عليهم ولكنه بعيد عن الموضوعية فاعتبر تصورهم لرؤية الله تعالى في الاخرة تعطيلا للرؤية لانها رؤية مجازية وهو يرفضها ولايؤمن الا بالرؤية الحقيقية المفهومة من ظواهر الالفاظ فعدها نفيا للرؤية وضمهم لاهل التعطيل حسب زعمه وحسبهم انهم يحترمون عقولهم ويفهمون كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه (ص) في حدود مداركهم التى اناط الله تعالى بها تكليف المكلفين لايتجاوزون محكمات القران والسنة ولايقصرون في تدبر المتشابهات وردها الى المحكمات من اجتهد واصاب فله اجران ومن اجتهد ولم يصب فله اجر واحد )لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) :286 البقرة الجزء الثاني (المستدرك على شرح العقيدة الواسطية) لم ينجز بعد
@مسعودأبوعمر
6 жыл бұрын
Sunnah أيها الأشعري الضال المبتدع قلت كنتم ملايين فبعد ان جاء أهل السنه اصبجتم معدودين هاذا دليل عن عقدتكم فاسدة وباطله
لماذا ألاحظ هتين الصفتين في جل الوهابية: 1/ التعليق بدون قراءة أو سماع ما يطرح 2/ إساءة الأدب
@البريقاللامع-ج8خ
6 жыл бұрын
Sunnah غير صحيح
@bassamdkrman.336
10 жыл бұрын
العقيدة الأشعرية ---------------------- وإجمال إعتقاد الأشعري رحمه الله تعالى الذي هو اعتقاد أهل السنة والجماعة ان الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له، ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدود مقدر ، ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شىء ﴿ليس كمثله شىء وهو السميع البصير﴾، قديم لا بداية لوجوده، دائم لا يطرأ عليه فناء، لا يعجزه شىء، ولا تحيط به الجهات ، كان قبل أن كون المكان بلا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا يقال متى كـان ولا أين كان ولا كـيف، لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان، تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، وانه سبحانه منزه عن الجلوس والمماسة والاستقرار ، والتمكن والحلول والانتقال، لا تبلغه الأوهام ولا تدركـه الأفهام مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك، حي، عليم، قادر، سميع بصير، متكلم وكلامه قديم كسائر صفاته لأنه سبحانه مباين لجميع المخلوقات في الذات والصفات والأفعال. ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر. وأنه سبحانه وتعالى خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وءاجالهم، لا دافع لما قضى ولا مانع لما أعطى، يفعل في ملكه ما يريد ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾ ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه سبحانه موصوف بكل كمال يليق به منزه عن كل نقص في حقه. وأن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، صادق في كل ما يبلغه عن الله تعالى.
@bassamdkrman.336
10 жыл бұрын
Bassam Dakramanje il y a 3 moisPublic التحذير من إمام الوهابية محمد بن عبد الوهاب اعلم أخي المسلم أن من الفرق الضالة فرقة بدأت منذ ٢٥٠ سنة وهي الفرفة الوهابية المجسمة التكفيرية. وهذه الفرقة تنسب لله الجسم والأعضاء والتحرك والتحيز والحد وهذا كله مخالف للقرءان والحديث. وهذا بالاضافة الى فتاويهم الكفرية كقول ابن تيمية أن "الله جالس على العرش ويجلس محمدا معه" في فتاويه وكذلك فتاويهم التكفيرية كقولهم "تقليد المذاهب من الشرك" كما في كتابهم المسمى "الدين الخالص" للقنوجي المجسم. وتكفيرهم لعامة المسلمين وعلمائهم كما في كتابهم المجموع المفيد من عقيدة التوحيد" حيث يعددون بتكفير الدول الاسلامية حتى انهم ينسبون الشرك لحواء عليها السلام. ولكن الكثير من الناس لا يعرفون أن الوهابية يظهرون باسماء مثل السلفية او التوحيد أو أهل الحديث أو غير ذلك والسبيل للمعرفة هو تحصيل علم الدين وعلم العقيدة الاسلامية التي تنزه الله عن الجسم والحد والمكان. قال الامام أبو جعفر الطحاوي السلفي رحمه الله: "ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر". وقال مفتي الشافعية ورئيس المدرسين في مكة أيام السلطان عبد الحميد الشيخ أحمد زيني دحلان في كتابه "الدرر السنية في الرد على الوهابية" صحيفة 46 :"وكان محمد بن عبد الوهاب يقول:"إني أدعوكم إلى التوحيد وترك الشرك بالله وجميع ما هو تحت السبع الطباق مشرك على الإطلاق ومن قتل مشركًا فله الجنة" انتهى +1 Commenter Ajouter un commentaire Publier le commentaire
@thameur28200
9 жыл бұрын
سلام عليكم يا شيخ دعني من محمد بن عبد الوهاب و اثبت لي انت من الكتاب و السنة ان الرسول عليه صلاة و سلام و اصحابه رضوان الله عليهم كانو يعتقدون في الله اعتقاد اللاشاعرة واضنهم لم يبحثو في ذالك لاانهم كانو في غنى عن علم الكلام و التفلسف القران منزل من عند الله لناس كافة على اختلاف تمكنهم من اللغة اياته صريحة مخاطبة كما قال تعالى في سورة الملك ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ( 16 اوا ضننت ان فهم هذه الاية فات ابو بكر و عمر و بن مسعود وفطنا لها ابو موسى الاشعري ليس شرط السماء التي نعرفها فهو سبحانه اخبر بذالك وهو يعلم ما لا نعلم ضف الى ذالك حاجة يجدها الناس في قلوبهم دون قصد وقد تجدها انت اذا طلبت الله او نشدته او دعيته اين توجه بصرك اليس نحوا السماء هذه من الفطرة انا لست سلفي او وهابي او اشعري انا مسلم فقط ولا كني انتبهت لشي ووجب عليا ذكره من تتهمونهم بتجسيم و الوهابية اذا حدثو الزموك الحجة بستدلالهم من الكتاب او من الحديث اما الاشاعرة فحججهم ضعيفة يعتمدون على الراي و الضن و اقوال الفلاسفة والمجتهدين و الشعراء و الله اعلم ومنكم نستفيد
@khalimoha666
6 жыл бұрын
thameur28200 يا ثامر مذهب الاشاعرة لا برجع الى اب موسى الاشعاري ااصحابي ‘ لكن الي اب الحسن الاشعري الذي كان في اواخر القرن الثالث.... اما التوجه في الدعاء لا يعني ان الله في السماء لان اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد هل بعني ان الله في مكان السجود؟؟؟؟؟؟
@دررالسلفالصالح-ض8ن
6 жыл бұрын
اخي الغالي الاشعرية ضلوا في مسلك التأويل فأولوا بعض الصفات خلافا لعقيدة السلف الصالح
@abdullahimaulimahmed6431
6 жыл бұрын
هذا عين الصواب والحق خال عن افكار الجهلة
@medaligassoumi
Жыл бұрын
الله ابارك فيك. اول و احسن محاضرة في العقيدة سمعتها. حقيقة اذا سكت من لا يعلم بطل الخلاف.
@nidaldajani728
2 жыл бұрын
هذا النوع من التفكر في الله: ١- نحن منهيون عنه. ٢- هو من بذخ و ترف الفكر. و الفلسفات السابقة و الافكار اليهودية هي التي دخلت علينا فاصبحنا نفكر بالذي فكروا به بالرغم من ان الرسول نهانا عن ذلك. ٣- سواء فهمنا قصد الله او لم نفهم فانه لا دخل له في العقيدة. و لا يلزم علينا دخول جنة او نار. ٤- لماذا لم يسأل الصحابة عن هذه الاشياء؟ و كيف تعاملوا معها؟ هكذا يجب علينا ان نفعل و لا نزيد لاننا لسنا اشطر ولا اذكى و لا افهم من الصحابة الذين صاحبوا الرسول ليلا نهارا و عاشوا الاسلام بكل نبضة من قلوبهم.
@jalaljaradat7073
Жыл бұрын
الذين يدعون التمسلف هم في الحقيقة ينسبون لله الجهة والمكان والله غني عن العالمين نسو ا ان الله موجود قبل العرش فهو سبحانه خالق كل شيء ولا يتغير لان التغير صفة المخلوق ومع ذلك يصر المتمسلفون على نسبة الحركة والسكون لله خالق الكون سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
@hajeabbou4930
Жыл бұрын
بارك الله فيك وجعلك ذخرا للأمة وهداك لما هو خير ان شاء الله
@fatehabdelaziz-jv2xb
Жыл бұрын
اللهم ياغني يا حميد يا مبدئ يا معيد يا رحيم يا ودود اغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك. .....الحمد لله على نعمة الإسلام والقرآن وبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
@fkd1960
Жыл бұрын
شيخ بارك الله بك.. ليتك موجود لتفتي لنا بسلفية اليوم.. من امثال المدعو محمد بن شمس الدين
@ussaid6492
8 жыл бұрын
بارك الله فيك اشفيت غليلنا اشفى الله غليلك وكثر امثالك
@xpressvisa4720
6 жыл бұрын
درس ممتاز باسلوب سهل - جازاك الله خير - عامه الناس غيرالمتخصيص مثلي عليهم البعد عن الجدل والاهتمام بالفرائض والعبادات وعمل الخير
@emersongraham1742
3 жыл бұрын
You all probably dont give a damn but does any of you know of a trick to log back into an instagram account? I somehow lost the login password. I love any help you can give me.
@xpressvisa4720
3 жыл бұрын
@@emersongraham1742 I am sorry, I don't have an Instagram account, but usually, those sites has an option to help user to reset their password. When u type your user id, then select forgot password and follow the instruction to reset your password. Second option of they have live chat, they can help you reset the password, third option try to communicate with the site help. If all failed, create a new account. Hope one of those options help you.
@fathib-d8413
3 жыл бұрын
المشكل عندما تصادف مسيحيا او بوذيا او يهوديا لا تستطيع ان تقول له مررها كما جاءت اوتذبتها لأنه اصلا لا يأمن بالقرءان فالتاويل يكون ضروريا لتنزيه الله سبحانه وتعالى
@Zheer-sq6hj
11 ай бұрын
كل الأمة بالإجماع الأمة الإسلامية منث ١٢٠٠ سنة اشعرية وماتريدية وهم اهل السنة والجماعة الحافظ الذهبي اذا ترجم عن والإمامين ابو الحسن الاشعري والإمام ابو منصور الماتريدي قال هما إماما اهل السنة والجماعة والوهابية المجسمة الذين يسمون أنفسهم سلفية زورا وبهتانا اصلا لا علاقة لهم بالسلف لأنهم من بقايا مجسمة الحنابلة المجرمين الذين قتلوا اللمانين الإمام القرطبي شيخ المفسرين والإمام ابو بكر فورك زرعتهم وصنتعتهم بريطانيا الصليبية باسم الوهابية لنشر الفتنة والاقتتال بين المسلمين ونشر عقيدة التجسيم اليهودية باسم التوحيد الخرافي الوهابي الشيخ سليمان عبدالوهاب يصف اخوه الضال اي ممحمد بن عبذدالوهاب الضال المضل وبقرن الشيطان في كتابه الصواعق الإلهية في الرد على الفرقة الوهابية الي الان دولة التجسيم السعودية صرفت اكثر من ١٠٠ مليار دولار لنشر هذا الفكر الخبيث النتن ومع هذا ليس لهم نسبة بين المسلمين منبوذون من الأمة الإسلامية وخصوصا في السعودية ولكن ارهاب السلطة السياسية العميلة للغرب وتواطؤ شيوخ الضلالة معهم تأخر انتفاضة الشعب عليهم هؤلاء المجومين دمروا كل آثار سيدنا محمد والصحابة ومن اجرامهم وقلة ادبهم يق ولون بقي فقط صنم وهو قبر سيد الخلق و القبة الخضراء
@cheikhmohamedayari6435
11 жыл бұрын
نعم أخي الكريم لعل في ما تقول وجاهة ولكن بعض المنتسبين للسلف أيضا يتلبسون ببعض المخالفات ولكن هذا لا يلغي منهج السلف. بارك الله فيك
@أستغفراللهالعظيموأتوبإليه-ص8خ
2 жыл бұрын
@B & C غلط من استعمل الوهابية هم نفس أئمة الوهابية، كأئمة الدعوة كما يسمونهم.
@beckhanguno
8 жыл бұрын
بكل إحترام و تقدير إلى الشيخ التاريخ سماهم الوهابية لا نحن و لا أحد. و لهم فخر و ميزة فى هذه التسمية "الوهابية" فى كتبهم هم. و تسميتهم اليوم بالسلفية زورا هذا هو التلبس و التلعب بأفكار شبابنا المسلمين من جهة والتزييف والتحريف على التاريخ الواقع من جهة
@БекханСаидов-т9х
6 жыл бұрын
إن شئت سمهم الوهابية باعتبار ان ابن عبد الوهاب هو مؤسس هذه الحركة السياسية و إن شئت سمهم التيميون و هذا غير بعيد باعتباره هو الذى جمع ورتب كل هذه اﻷفكار الشاذة المبثوثة . وهذا هو الواقع و هو التاريخ شأء من شاء و أبى من أبى
@mohammedalotaibi8321
3 жыл бұрын
كدااااااااب
@MustaphaTrad
Жыл бұрын
ولكن الاستاذ المحاضر لم يشر الى عقيدته هل هو سلفي ام خلفي ام غير ذلك وهو امر جد مهم لتقييم المحاضرة والفريقين
@saadasiri9821
6 жыл бұрын
قرأت التعليقات وانصح طلبة العلم بعدم التعصب ف اهل السنه وهم اهل الاسلام يواجهون التحديات والحروب ويجب عليكم سواء كنتم سلفيه او اشعريه التوحد والشيخ اصاب فيمما قال ف السلفيه ليسوا مشبهه والاشعريه ليسوا معطله وخافوا الله يا مسلمين
@deensugar3728
10 жыл бұрын
السلام عليكم ،. جزاك الله خيرا على هذا الدرس ومنه قد فهمت انه لافرق بيننا وبين إخواننا الاشاعرة ولو عزرنا بعضنا بعض ونبذنا التعصب والجاهلية ووحدنا جهودنا لنشر هذا الدين العظيم أليس في ذلك خيرا كبيرا ،جزى الله عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير جزاء أحبكم في الله
@rabouhagouni9419
4 жыл бұрын
-نريد دليل موثق على ان اول من سمى اتباع محمد بن عبد الوهاب بالوهابية هم الشيعة. -ارى ان هناك فرق شاسع بين السلفية و السلف الصالح وليس كل من ادعى الاتباع فهو متبع -اتباع السلفية يؤولون ولا يفوضون مثلا الاستواء عندهم الارتفاع و العلو و الاستقرار عكس الامام مالك المفوض -اتباع السلفية يختلفون في بعض الامور عن غيرهم في الفكر و السياسة و العلوم... وفقك الله لما يحبه و يرضاه.
@chebiliamor8668
Жыл бұрын
السلام عليكم شيخنا الكريم اسقاطك عقيدة السلف من القرون الثلاثة علي عقيدة السلفية المعاصرة لايليق فالسلفية المعاصرة عقيدتها تختلف كثيرا عن عقيدة السلف من القرون الثلاثة طالع كتبهم ومراجعهم وستصل الى الحقيقة الناصعة وشكرا
@abdullahibrahim7845
4 жыл бұрын
لقد هدم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى العقيدة الأشعرية بقاعدتين اثنتين هما : 1- القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر. 2- القول في الصفات كالقول في الذات. وهنا شرح مبسط لهاتين القاعدتين : اعلم أن من أراد أن يفحم الأشاعرة في زيف ما ذهبوا إليه فعليه أولاً أن يسألهم عن البرهان الذي بسببه أثبتوا هذه السبع ونفوا الباقي ، فيقول : أعطوني دليلاً صحيحًا وفرقانًا صريحًا جعلكم تثبتون هذه الصفات السبع وتنفون الباقي ، فإذا قلت لهم ذلك فاعلم أنهم سيجيبون بجوابين لا ثالث لهما : الجواب الأول لهم : سيقولون : إن الصفات التي أثبتناها لا يستلزم ثبوتها له مماثلته بخلقه والصفات التي نفيناها تستلزم مماثلته بخلقه فإذا قالوا ذلك فقل لهم : لقد تقرر عند أهل السنة أن باب الصفات باب واحد ، والقول في بعضها كالقول في البعض الآخر ، فما تقولونه في صفةٍ فإنه يلزمكم أن تقولوه في سائر الصفات . فإذا قلتم : إن الصفات التي أثبتناها لا تستلزم مماثلة الله بخلقه ، فهذا القول يلزمكم قوله في سائر الصفات التي نفيتموها فإثباتها أيضًا لا يستلزم مماثلة الله بخلقه . وإذا قلتم : إن الصفات التي نفيناها لم ننفها إلا لأن إثباتها يستلزم مماثلة الله بخلقه ، فهذا القول يلزمكم قوله في هذه الصفات السبع التي أثبتموها ، فإثباتها أيضًا يستلزم مماثلة الله بخلقه ؛ لأن القول في الصفات قول واحد لا يختلف ، فإنكم تنفون الرحمة والوجه والغضب والرضا واليد ، وغيرها بحجة أن المخلوقات تتصف بهذه الصفات ، فلو أثبتناها لله لاستلزم ذلك مماثلته بخلقه ، فنقول : وأنتم تثبتون له العلم والسمع والبصر والكلام والقدرة والحياة والإرادة ، وهي موجودة في المخلوقات أيضًا ، فالمحذور الذي من أجله نفيتم سائر الصفات لازم لكم فيما أثبتموه من هذه الصفات السبع . فإن قالوا : نحن نثبت هذه السبع على الوجه اللائق به جل وعلا الذي لا يقتضي مماثلته فيها بخلقه فنقول لهم : قولوا هذا القول فيما نفيتموه من الصفات وأثبتوها على الوجه اللائق بالله تعالى الذي لا يقتضي مماثلته فيها بخلقه . فإن قالوا : الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام فلا يليق وصف الله تعالى به فنقول لهم : والإرادة التي تثبتونها هي ميل النفس لجلب منفعة أو دفع مضرة ، وهذا لا يليق بالله جل وعلا . فإن قال : هذا تفسير لإرادة المخلوق فنقول : وتفسيرك للغضب أيضًا إنما هو تفسير لغضب المخلوق ، فما كان جوابه دفاعًا عن هذه الصفات السبع التي يثبتها فهو بعينه جوابنا عليه فيما نفاه من الصفات ؛ لأن المتقرر في الشرع أن القول في بعض الصفات كالقول في بعض . ويقال أيضًا : إن أخاك المعتزلي ينكر عليك إثباتك لهذه الصفات السبع ؛ لأنه ينفي الصفات كلها ، وهو - أي المعتزلي - يورد على إثباتك لهذه السبع بعض الشبه والإيرادات والإلزامات وأنت لابد أن تجب عن ذلك دفاعًا عن مذهبك في إثبات هذه السبع فيأتي أهل السنة ويقولون لك : أيها الأشعري إن ما تجيب به أخاك المعتزلي دفاعًا عن إثباتك لهذه الصفات السبع هو بعينه جوابنا عليك فيما تورده من الشبه في نفيك لباقي الصفات وبالجملة فالأشاعرة من أعظم الفرق تناقضًا في باب الصفات ؛ لأنهم يفرقون بين المتماثلات ويجمعون بين المختلفات . ويقال له أيضًا : أيها الأشعري : هل أنت تقول إن ذات الله كسائر الذوات؟ فسيقول: لا ، بل له ذات تخصه ليست كالذوات فإذا قال ذلك فقل له : فإذا كنت تثبت أن لله ذاتٍ ليست كالذوات فعليك لزامًا أن تقول إن صفاته ليست كالصفات ؛ لأن اختلاف الذوات موجب لاختلاف الصفات ، وقد تقرر عند العقلاء من بني آدم أن القول في الصفات فرع عن القول في الذات ، فإذا كنت تعتقد أن ذات الله تعالى لا تماثل الذوات فاعتقد أن صفات هذه الذات لا تماثل الصفات وإلا وقعت في التناقض والاضطراب الذي لا مخرج له منه .. .................. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يُحاجج الأشاعرة في كتابه الرائع " الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" (1/226) ضمن كلام خطير عن تأويل الصفات : ثم يقال: خصومكم من المعتزلة لم يجمعوا معكم على إثبات هذه الصفات.....فإن قلتم : انعقد الإجماع قبلهم ، قيل : صدقتم والله ، والذين أجمعوا قبلهم على هذه الصفات أجمعوا على إثبات سائر الصفات ولم يخصوها بسبع بل تخصيصها بسبع خلاف قول السلف وقول الجهمية والمعتزلة ......فالناس كانوا طائفتين : سلفية وجهمية ، فحدثت الطائفة السبعية [ الأشاعرة ] واشتقت قولاً بين القولين ، فلا للسلف أثبتوا ، ولا مع الجهمية بقوا ......وقالت طائفة أخرى : ما لم يكن ظاهره جوارح وأبعاض كالعلم والحياة والقدرة والإرادة والكلام لا يتأول , وما كان ظاهره جوارح وأبعاض كالوجه واليدين والقدم والساق والإصبع ؛ فإنه يتعين تأويله لاستلزام إثباته التركيب والتجسيم ......قال المثبتون : جوابنا لكم بعين الجواب الذي تجيبون به خصومكم من الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات؛ فإنهم قالوا لكم لو قام به سبحانه صفة وجودية كالسمع والبصر والعلم والقدرة والحياة لكان محلاً للأعراض، ولزم التركيب والتجسيم والانقسام كما قلتم لو كان له وجه ويد وأصبع لزم التركيب والانقسام.......فما جوابكم لهؤلاء نجيبكم به! فإن قلتم : نحن نثبت هذه الصفات على وجه لا تكون أعراضاً ولا نسميها أعراضاً فلا يستلزم تركيباً ولا تجسيماً . قيل لكم :......ونحن نثبت الصفات التي أثبتها الله لنفسه إذ نفيتموها أنتم على وجه لا يستلزم الأبعاض والجوارح, ولا يسمى المتصف بها مركباً ولا جسماً ولا منقسماً . اهـ ====================== وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن تناقضات الأشاعرة : " فإنهم تارة يتأولون نصوص الكتاب والسنة، وتارة يبطلون التأويل، فإذا ناظروا الفلاسفة والمعتزلة - الذين يتأولون نصوص الصفات مطلقا، ردوا عليهم، وأثبتوا لله الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر ونحو ذلك من الصفات - وإذا ناظروا من يثبت صفات أخرى دل عليها الكتاب والسنة كالمحبة والرضا والغضب والمقت والفرح والضحك ونحو ذلك تأولوها، وليس لهم فرق مضبوط بين ما يتأول وما لا يتأول، بل منهم من يحيل على العقل، ومنهم من يحيل على الكشف، فأكثر متكلميهم يقولون: ما علم ثبوته بالعقل لا يتأول، وما لم يعلم ثبوته بالعقل يتأول، ومنهم من يقول: ما علم ثبوته بالكشف والنور الإلهي لا يتأول، وما لم يعلم ثبوته بالعقل يتأول، وكلا الطريقين ضلال وخطأ من وجوه " التسعينية 257-258 ..................... نقل البخاري في صحيحه في باب قوله تعالى: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء ، قال أبو العالية: استوى إلى السماء : ارتفع. وقال مجاهد في اسْتَوَى: علا على العرش ...الأشاعرة تركوا مُجاهد وأبي العالية وأخذوا بكلام الأخطل النصراني الذي قال استوى يعني استولى ! .... ثم يقولون أنهم من أهل السنة !! ...
@saadasiri9821
6 жыл бұрын
التفويض والاثبات والتأويل منهج علماء اهل السنه فعلينا ان نعذر بعضنا وحفظ الله المسلمين سواء اشعريه اوسلفيه فكلنا موحدون ومسلمون
@khitamhussein7475
4 жыл бұрын
جميع السلف أثبتوا الصفات وانا اتحدا َ ان يأتي احد بقول واحد للسلف الصالح بتفويض المعنى أو التأويل بل السلف الصالح جميعهم أثبتوا الصفات
@لاتصادقصوفيحتىلاتتهمبدينكوعقلك
4 жыл бұрын
كذبت يادجال
@eddariiayoub6164
11 ай бұрын
@@khitamhussein7475 ساق أولها الصحابي ابن عباس بالشدة
@belfeddaltaki8240
11 ай бұрын
@@khitamhussein7475 التفويض هو منهج السلف فلا تكذب
@abdulrahmanfood9588
11 ай бұрын
من قال لك الأشاعره موحدون هم عندهم الأضرحه سيد بدوي وسيد زفت يطوفون ويسالونهم كل شي شرك وخيابه ولا يذكرون الترحيد الا أسم ولا يحذرون من شرك الأزهر كله شرك ودعوة للشرك
و ايضا ابو الحسن الاشعري من علماء القرن الثالث كيف تقول عليه و علي مذهبه من الخلف!!!؟
@خفاجهسيناء
3 жыл бұрын
يا شيخ كلامك ممتاز وجميل وانت رجل محترم ولكن لو قلت لك ان المشكله ليست في هذا الكلام اي انها ليست في العقيده وإنما في شيء آخر !!!
@nabilrekik1809
Жыл бұрын
السلف لم يفوضوا كما يدعون بل هم على عقيدة الاثبات . ثم ان تفسير الصفات بلوازمها لا يسمى تأويل. فالتأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره . و لازم الصفة لا ينفي الايمان باصل الصفة. بل وجب الايمان باصل الصفة و لازم الصفة. و الاشاعرة معطلة بامتياز. فهم ينفون علو الله على عرشه و ان القرآن هو كلام الله و ان لله يد ووجه....
@عثمانعثمان-ت3ض
11 ай бұрын
هذا الكلام في كتب شواذ السلفية لا عند السلف الصالح من الاشاعرة والماتردية والسادة الحنابلة . اذهب اطلب العلم عند أهله لتتعلم .
@rabouhagouni9419
3 жыл бұрын
اذا كان لا يجوز تسمية اتباع «العالم» محمد عبد الوهاب في عقيدته وفكره بالوهابيين، واذا كان شخص يتبع الاشعري في العقيدة والامام مالك في الفقه ويقول انا مسلم فقط فهل يأثم من يقول له انت اشعري او مالكي
@samihariki7085
4 жыл бұрын
انا والله قرات واستمعت كثيرا لمشايخ الوهابية وكذا مشايخ الاشعرية وبكل صراحه الحجه والاقناع عند الاشعرية ...والتطرف وقلة الادب والحجج الضعيفه عند الوهابية...والله انا اقول ماراه واشعر به دون مجاملة لطرف.
@suhaibgumaa7096
6 ай бұрын
و ما الحجج في تعظيم القبور وةالتمسح بها ؟
@لمنالداركأنهالمتسكن
Жыл бұрын
الأشاعرة يقولون أن القرآن مخلوق كتاب الإنصاف للأشعري الباقلاني صفحة ١٠١
@rabouhagouni9419
4 жыл бұрын
لقد اثبت لله النزول يا شيخ-يا رب انت الغني انزلتنا- هل الحديث قطعي الثبوت ام ظني الثبوت حتى نضعه في العقيدة المتفق عليها عند جميع المسلمين.
@aliabdo7100
3 жыл бұрын
اختي الكريمة الحديث قطعي الثبوت وهو في الصحاح والله اعلم
@احمدالعلي-ص4ه5د
3 жыл бұрын
أفعال الله لاتشبه أفعال العباد ولومن وجه بعيد حتى لانقع في التجسيم والتشبيه لله بالمخلوقات
@hashemsy3951
6 жыл бұрын
تربية الناس على هذه الأخلاق التي يتحلى بها الشيخ لعمري أهم من كل هذا المبحث
@jaqameskaweehrooob722
3 жыл бұрын
العقيدة اهم ما يميز الفرقة الناجية عن غيرها .
@progsam
3 жыл бұрын
@@jaqameskaweehrooob722 و من قال لك ان الفرق التي تحدث عنها الرسول صلى الله عليه و سلم هي هذه الفرق الموجودة الآن ؟ هل عددت هذه الفرق ؟ و هل الفرق التي يقصدها الرسول هي بالاسماء ؟ فلربما مثلا الاشاعرة و اهل السنة هي نفس الفرقة ( مثلا)
@jaqameskaweehrooob722
3 жыл бұрын
@@progsam اهلا ومرحبا عزيزي الكلام عن الفرق ليس مبتغاي والكلام الذي اوردته انا عام ولم ارد تعيين اي فرقة لان هذا مصادرة على مطلوبكم . وقلت ان العقيدة اهم ما يميز الفرقة الناجية عن غيرها ولم اعين فرقة بعينها فكل يدعي وصلا لليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا . قولك اعددت الفرق ؟ هل فيه اشارة منك الي لأقول من هي الفرقة الناجية . الاصول التي اجتمع عليها علماء الأمة المحمدية واضحة ومخالفتها مغامرة كبيرة .
@progsam
3 жыл бұрын
@@jaqameskaweehrooob722 ممتاز، هذا عين الصواب.. الناجون هم كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) و هذا ليس بالتسميات و لكن بالافعال و العقيدة، احسنت. اللهم اهدنا و اياكم الي الحق و أعنا على شكرك و ذكرك و حسن عبادتك.
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
قول الله عز وجل يوم يكشف عن ساق ساق هنا نكره تفيد العموم فتكون بمعنى الشده وتكون صفة للساق كما جآء في الحديث هل بينكم وبينه آية تعرفونه فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن فالاية تحمل معنى الشده ومعنى الصفة ومن فسرها بواحدة منها دون انكارالمعنى الاخر فلا تثريب ولكن من انكر واحدا من المعاني فهو مبتدع
@dialhaq
10 жыл бұрын
صوت الطفل الذي في بداية الدرس ازعجني جدا ولم استطع التركيز جيدا لكن الحمد لله ليس في كل الدرس وإلا تركته ليخبروني عنه اخبارا فقط ..
@qursan67
3 жыл бұрын
تقسيم العقائد على أنها عقائد السلف و الخلف مغالطة كبيرة. عقيدة السلفية اليوم ليست عقيدة السلف. من الاجدر و الانصف أن تقول عقيدة السلفية و عقيدة الاشاعرة و لا أحد يعترض
@faouazdahdouh-vn8pz
Жыл бұрын
قلت فيما اتفقوا عليه ....و هل السلف اختلفوا في الأسماء و الصفات او كانوا متكلمة مثل الاشعري قبل رجوعه كما في كتابه الابانة ؟؟؟؟...إثبات المعنى(و هو السميع البصير) و تفويض الكيفية (ليس كمثله شيئ)هذا هو منهج اهل السنة...و اما تأويل صفات الله و إخراجها عن معناها فلا دليل عليه بل الادلة تنقضه كما في قوله تعالى(ولا تضربوا لله الامثال) و( قل اننا حرم ربي......وان تقولوا على الله مالا تعلمون)
@رشيدفدي-ر4ع
4 жыл бұрын
مثال أثبت لنفسه الإستواء على العرش أو صفة اليد أو... يعني أنها صفات لله من غير تمثيلها ولا تشبيهها بمخلوق. ومن غير تكييفها أي تسأل كيف؛ كيف استوى؟ ومن غير تعطيل فأنت تخاف أن تشبهه بالمخلوق فتنفي و تعطل كل صفاته، ومن غير تأويل عن المعنى أي تحريف أي تكون إستوى أي إستولى. هذا باختصار لأنك إذا أردت أن تصرفها عن معناها يجب أن يكون هو دليل من الكتاب أو السنة يصرفها عن معناها.
@alkhazragi
6 жыл бұрын
تقسيم الشيخ غير دقيق مختلط بداية من مسألة سلف و خلف . هل الأشاعرة خلف و هم من القرن الثالث الهجري و السلفية الوهابية أتباع بن تيمية هم سلف و هو في القرن السابع هذه واحدة . الأمر الثاني : تقسيمه مسألة الأسماء و الصفات على أنها تفويض أو تأويل و كأننا بين فريقين فريق يرى التفويض و فريق آخر يرى التأويل و ليس هناك فرقة ثالثة هي الأخطر و الأشد وطأة على المسلمين. و هي فرقة إبن تيمية التي تسفه التفويض و تخطأه و تسفه التأويل و تخطأه . حيث أنهم لهم مسلك الأخذ بظواهر الألفاظ و الأسماء و لا يرون بأسا من نسبة الحد و الكيف لله سبحانه وتعالى و نسبة التحيز . أقرأ شروح ابن عثيمين في مسائل الأسماء و الصفات و ستجد بالحرف الواحد الرجل يقول فهو أن كان جسما لا كالاجسام . بينما السلف الصالح في القرون الفضلى الثلاثة ينفون عن أسماء الله و صفاته الحد و الكيف . بينما الوهابية السلفية ينافحون بإستماتة عن إثبات الحد و الكيف و الجهة و الحيز . فليس الفرقتان السلفية و الأشاعرة مختلفين من حيث مؤدى التنزيه هذا كلام مخالف للواقع . هناك فرقة تجسم و تنسب لله الجهة و الحيز . و فرقة تنزه الله عن مشابهة خلقه و عن كل نقص و سوء . فهل بعد إثبات الابعاض و الأجزاء و الجوارح و الكيف و الحد و الحيز هل بعد كل هذا هل هناك تنزيه بعد ذلك . سبحان الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
@abdullahimaulimahmed6431
6 жыл бұрын
انت احسن من الشيخ فى تفصيل الماسءل وتميز الحق من الباطل
@doinggoodismyreligion.8053
10 жыл бұрын
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته إلى الشيوخ الكرام و إخوتي الكرام ,السلفية العلمية يكفرون الحاكم و لكن يأمرون بطاعته و القاعدة في الإسلام لا ولاية لكافر على مسلم و السلفية أصلا بدعة في الدين لم ترد لا في القرآن الكريم و لا في السنة النبوية الشريفة و بدعة تفرق و لا تجمع و تضعف الأمة و لا تقويها فالله تعالى سمانا المسلمين و كل مسمى آخر باطل و فاسد و لا توجد دعوة سلفية بل دعوة إسلامية ديننا الإسلام و ليس السلف مع أني أرى أن التغيير يكون بالسلمية في وجه الطغاة , يتكلمون عن نواقض الإسلام العشرة و هذه النواقض تجدها في أكثر الطغاة العرب و لكن يقولون عن الذي يقف في وجههم بأنه خارجي , و لكن هناك ازداوجية في المكاييل فإذا كان النظام السعودي يكره نظاما آخر فيسارع العلماء هدانا الله تعالى و إياهم لتكفير النظام الذي يكرهه النظام السعودي و يصف الخارجين عليه بالمجاهدين و أحفاد الصحابة رضوان الله عليهم مثل النظام السوري و الليبي المجرمين و لكن عند النظام التونسي و اليمني و المصري فالأمر مختلف لأن النظام السعودي يحب بن علي و صالح و مبارك و السيسي و هؤلاء الأربعة مجرمون , و يتكلمون عن عقيدة الولاء و البراء و يأمرون الشعوب أن تتحاكم للطاغوت و تنصره , يقولون عن أنفسهم أنهم سلفيون و هم الفرقة الناجية و هم يجعلون الحاكم فوق الشرع حيث لا تصله الحدود, يرون أن الذي يلبس سروال جينز و قميص أو كنزة متشبه بالكفار و القاعدة الأمريكية في السعودية تكيد للمسلمين و تقتلهم , يقولون أن الثروات أموال المسلمين و الحاكم خادم أجير و يجرمون المظاهرات لما يخرج الشعب لنيل حقه و بالسلمية , ليس في الإسلام ازدواجية معايير و مكاييل كلنا سواء أمام الله تعالى و شريعته سبحانه , حلال على الحاكم قتل الرعية و حرام على الرعية قتل الحاكم القاتل و قطع يده إن سرق و رجمه إن زنى بحجة المصالح و المفاسد حيث يعيبون على الذين يعملون عقلهم كالأزهر مثلا لاستنباط الأحكام و الحكم بإحضار النصوص و التدبر فيها و لكن عندما يكون الحاكم موضوعا يدرس فالعقل هو الأساس للبناء عليه و كأن الحاكم بشر ليس كالبشر, يقولون عن جمهور المسلمين الآن أنهم مذهبيون و يكرهون التحزب و لكنهم يتعصبون لشخص الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى و الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى فما الأخطر التمذهب و التحزب أم التعصب إن كان التمذهب و التحزب خطرا أصلا , كانوا يقولون بكفر الديمقراطية و الإنتخابات و لما حرر الله تعالى الشعوب المسلمة و العربية من قبضة الطغاة سارعوا للتحزب و الترشح و إقامة الحملات هم كانوا يحرمون الإنتخابات حتى يطعنوا في الإخوان المسلمين و يتحاشوا الطعن في النظام الذي يحكم بالديمقراطية المتوحشة , في الإسلام هناك مبادئ و ما كان كفرا يبقى كفرا مهما طال الزمن فكيف أصبحت الإنتخابات حلالا و من ثم كيف يطعنون في الحركات الإسلامية و يتركون أنجس أهل الأرض اليوم و هم الطغاة المجرمون اللصوص عبدة المال و الفحش و السافلات الذين جمعوا كل نواقض الإيمان و أشاعوا الفاحشة فينا حيث جعلوا الرجال رهبانا و النساء راهبات بدون زواج فأصبح في العالم الإسلامي رهبان مسلمون و راهبات مسلمات جبرا و ليس اختيارا و هذا لينتشر فينا الإنحلال الخلقي ليحكمونا لأمد طويل قاتلهم الله تعالى, و جعلوا الكفار أخلاء لهم و قتلوا و سجنوا و عذبوا و شردوا و نفوا المصلحين و تجد هؤلاء السلفية العلمية يكرهون الشهيد البطل السيد قطب رحمه الله تعالى و هو الذي طالب جمال بتطيق الشريعة الإسلامية بذريعة أن الشهيد بإذن الله تعالى كان يحمل عقيدة فاسدة فهل قال الشهيد لجمال طبق عقيدتي إن كانت عقيدة الشهيد أصلا فاسدة و هو الذي كان مسلما حقا , إذن قفوا للحكام و افعلوا ما فعل الشهيد و إخوانه و زنوا الطغاة بميزان التوحيد كما تزنوا الموطن ندون خلفكم لا ينفعنا التنظير بدون تطبيق و لا بد أن يكون العالم في الصف الأول , فالشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى و من يرى رأيه يجعل الحاكم فوق الشرع فلا لتصله حدود و يقول بطاعة الحاكم الظالم , هذا الظلم الذي حرمه الله على نفسه و الشيخ قال لا بأس فالذنب يعود على الحاكم مثلا لو كنت أخي مع الحاكم و أعطاك سوطا لجلد إنسان مظلوم هل تجلده؟ و تقول الذنب على الحاكم ليس هذا هو الإسلام فالوزر عليكم جميعا على الحاكم و الجلاد و الراضي بذلك و الرشوة مثلا لو دفعتها للحاكم هل تقول أن الذنب على الحاكم لا يجوز هذا فماذا تفعل بحديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم و سأقول لك معناه أن الله تعالى لعن الراشي و المرتشي و الماشي بينهما فالملعون هو الحاكم و المحكوم و الوسيط. مع أني لست طويلب علم حتى و لكن مستعد لمناظرة شيخ شيوخ السلفية العلمية لأن الإسلام دين الفطرة و الله تعالى جبل الإنسان على كره الظلم و الظالم و الحياة ابتلاء فإما مع أهل الحق أو مع أهل الباطل و الحاكم ما هو إلا أجير عندنا و هو خادمنا و نحن أسياده و الوطن ملكنا و هذه البيعة في الإسلام فالبيعة تكون على تحكيم الهديين القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة و هذه الوحيين ارتضاهما لنا الله تعالى من أجل تحيق الكليات الست حفظ الدين و النفس و العقل و النسل و المال و العرض و هذه هي اختصار لشروط ولي الأمر فهل الطغاة الذي أضاعوا هذه الكليات بل عملوا على محوها شيئا فشيئا هم ولاة أمور إن ولي الأمر يوزن بميزان الشرع و ليس بالقوة و التغلب و التسلط على الشعب و كلنهم غنم في حسن أننا نحن الأسياد لأن الإنسان الغير الحر و المظطرب نفسيا بسبب شظف العيش لا يستقيم سلوكه غلا عند القليل القليل من الناس ماذا تنتظروا من شعب معطل عن العمل و عازب و مسلوب الحرية و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
@hamzaalmdghri8741
6 жыл бұрын
المذاهب الإسلامية الأولى كانت من الوعيدية المعتزلة و الإباضية و الزيدية رؤية الله ممتنع عقلي و نقلي
@zakaria-gb3bw
5 жыл бұрын
الفرق الضالة الاولى قصدك
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
سؤال عن من أخذ الاشعري علم السلف منهم مشائخه في الاصول والفروع
@fafadz471
3 жыл бұрын
محتوى الكلمة جيد في مجمله. و لكن العنوان في رأيي غير مناسب. العنوان المناسب في رأيي هو العقيدة الإسلامية تيمية أم اشعرية أو العقيدة الإسلامية وهابية أم اشعرية. ذلك أن الإنتماء للسلف محل الخلاف. فكل المدارس تدعي الإنتماء للسلفية. و الله أعلم.
@amelsafta6168
Жыл бұрын
Selèm, Clair et méthodique. Bravo et merci.
@bderhmad
9 жыл бұрын
جزاك الله الف الف الف خير ياشيخ اوضخت لنا ماكان خافيا عنا شرح واضح ومبسط وسهل جدا بارك الله فيك ياشيخ
@أهلالسنةالأشاعرة
9 жыл бұрын
ربي يهدي .. كان بودي أن يكتفي الشيخ بالكلام في علوم القرآن لأنه ما درسه ..أما العقيدة فلها أهلها وهذا الكلام خلط و تلبيس لا يعكس احتراما للاختصاصات هدانا الله وجميع المسلمين
@kamrikadir3361
8 жыл бұрын
يا شيخ هل كلام مؤتمن؟
@qursan67
3 жыл бұрын
و الاشعرية لا يؤولون لأنهم يرون ان التفويض غلط و لكن يؤولون لاظطرار الجواب على الفرق مثل المعتزلة و الجهمية و الكرامية المشبهة و اليوم السلفية.
@aboyasser1781
3 жыл бұрын
جزاكم الله خيرا
@dialhaq
10 жыл бұрын
بارك الله فيك وبك ولك وجزاك عنا خير الجزاء ..
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
بعض السلف كان ينهى عن ان يمد المتكلم يده اذا ذكر يد الله عز وجل مخافة ان يقع منه التشبيه فيعتقد ان يده كيده والا فان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وكان الله سميعا بصيرا فوضع ابهامه على اذنه والتي تليها على عينه ولما وصف الدجال وذكر انه اعور قال عليه الصلاة والسلام وربكم ليس بأعور
@khsignal
11 жыл бұрын
بسم الله الذي نستعين به من البغضاء فيا اخي تعلم واعلم واسمع وتكلم وفكر وتامل كل هذا وانت تعلم انك ملاقي ربك غدا فسوف تحب وتدعو وتاخي كل البشر بما فيهم من اختلفت وان كان هناك اختلاف جزري اي كافر فادعو له وانما حب الله في عباده تقيك شر نفسك والله خير مستعان
@yyyf8065
7 жыл бұрын
Infini السلام عليكم ورحمت الله تعلي وب ركاته
@قناةالسراجالمنير-و8و
4 жыл бұрын
اغلب الاشاعرة لا نتفق معهم في الايمان فالايمان عندهم هو مجرد تصديق القول أما السلف فالايمان عندهم تصديق بالقلب ونطق باللسان وعمل بالاركان
@محمدإبراهيمأبوسعيد
3 жыл бұрын
ومين قال لك ذلك لقد كذبو عليك إسأل الأشاعرة أنفسهم ولا تسأل أعدائهم
@mohameddakilinadiali
2 жыл бұрын
نعم لكن الأشاعرة اعتبروا أقل التصديق هو الاقرار بالشهادتين كما يعتبرون العمل شرط الايمان وأنه ٱثم كل من فرط في الاركان . كما أن أهل السلف لايكفرون من لايلتزم بالاركان . وهذ الاختلاف لايضر لان الأشاعرة يتبعون منهجا توافقيا بين النص والعقل مع ترجيح النص في حالة التعارض بينهما وذلك باللجوء الى التفويض مثل السلف .
@Zheer-sq6hj
Жыл бұрын
الوهابية تقصد بالسلف ابن كرام وابن تيمية من القدماء ومن المعاصرين عثيمين وابن باز و هوءلاء ليسو ا من اهل السلف لان عقيدتهم عقيدة ابن كرام المجسم واليهود لأنهم اهل التجسيم والتشبيه اخذ ابن تيمية عقيدته من موسى ابن ميمون اليهودي في التجسيم ومن ارسطو في الدم النوعي الإمام الاشعري والإمام الماتريدي وائمة المذاهب الأربعة هم أهل اسلف المنزهين
@ricin0.026
Жыл бұрын
فهمك خاطء، الإيمان عند الأشاعرة أصله التصديق و يكمله العمل والقول ويزيد بهما لكن أصله وهو تصديق لا يزيد فإن نقص إيمان الشخص بأركان الإيمان وانكر احدها فهو كافر وانظر جوهرة التوحيد (رجحت زيادة الإيمان بما تزيد بالطاعات)
@عبداللهالمعلمي-و7خ
Жыл бұрын
السلفية زمن مبارك وليس مذهبا
@kkkalharrasi9383
11 жыл бұрын
الاشاعرة والاباضية أعلم أهل الإسلام
@amrshaaban
8 жыл бұрын
+Kkk Alharrasi طب الحمد لله أنكم راضون عن بعضكم البعض الأشاعرة والخوارج الإباضية من الفرق النارية أما أهل السنة فلا يرضى شيعي ولا خارجي ولا صوفي عنهم
@رشيدفدي-ر4ع
4 жыл бұрын
المفروض أنك لا شيخ أجبت على السؤال في أول الكلام اسمحلي لم أكمل كلامك لأي فرقة انتصرت لكن أظنك اجبت بأن العقيدة الصحيحة هل هي العقيدة السلفية وهي عقيدة الرسول صلى عليه وسلم وأصحابه و التابعين و اتباع التابعين ومن اتبع هديهم إلى يوم الدين أم هي عقيدة الخلف اي الأشعرية؟
@saidnouga4351
6 жыл бұрын
سلام يا شيخ بارك الله فيك كلامك كله ذوق ولكن فيه ملاحضة لماذا تسمي الاشاعرة هم الخلف وتشجع الخلاف هنا بين السلف كلنا مسلمين ونختلف في الفهم بدون ان نسمي هذا خلف وذاك سلف كما قلت لا يجوز ان تسمي السلفية بالوهابية وايضاً الاشاعرة بالخلف هنا تناقد في كلامك .يقول البشير الإبراهيمي رحمة الله عليه في فهم السلفية والسلفي يقول السلفي من فهم الدين كما فهمه السلف الصالح والسلام عليكم ورحمة الله
@nourch5421
3 жыл бұрын
من كان شيخه كتابه فخطأه أكثر من صوابه ، وأنالا أحب أن آخذ العلم إلا ممن درس على العلماء ولازمهم. ..والألباني واحد من آلعلماء آلذين لم يتتلمذوا على أهل آلعلم والإختصاص ولم يتربوا في أحضانهم لذلك كانت له أخطاء كثيرة وشذوذ واضحة وفتاوى جد ضعيفة .غفر آلله لناأجمعين وموتى آلمسلمين آمين
@mohameddakilinadiali
2 жыл бұрын
ماذا عن نظرية الكسب عند الأشاعرة ؟
@خفاجهسيناء
3 жыл бұрын
الاسلام الصحيح هو جماعه المسلمين بغض النظر عن العقيده فعقيده الاسلام الصحيح لا هي سلفيه ولا هي اشعريه .
@ayman1995az
6 жыл бұрын
ليس في كلمة وهابية غمط وتقليل لو تأنوا، لأن ابن باز رضي إطلاق هذا الاسم عليهم، ولم ينكره! يقول ابن باز: الوهابية هم أتباع الشيخ الإمام: محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي المتوفى سنة ست ومائتين وألف من الهجرة، كانت وفاته رحمه الله سنة ست ومائتين وألف من الهجرة في الدرعية وقبره معروف هناك،.. الخ انظر إلى رابط الفتوى من موقع ابن باز binbaz.org.sa/fatwas/10949/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9
@رشيدمنصوري-ط5ث
3 жыл бұрын
لعل الشيخ يجهل ارتضاء الوهابية لهذا اللقب،كما صرح به مفاهيم الأسبق ابن باز،كما أن هذا اللقب قد أطلق عليهم في بداية ظهورهم،وليس الشيعة كما توهم الشيخ،فعليه مراجعة هذا الامر
@Altaqwah-93
4 жыл бұрын
أنعم وأكرم بهذه الاخلاق
@abdullaabdulbast3833
Жыл бұрын
من مدح ابن عبدالوهاب واعتبره عالم لا تسمعوا اليه فهو يدس السم في العسل
@samiaganzoury1082
4 жыл бұрын
بارك الله فيك .. من مصر
@abdaljalil454
6 жыл бұрын
يا شيخ عندك خطأ قاتل بن حنبل ليس مذهب السلف...لأنه آخر مذهب في المذاهب الاربعه يااخي..من أين جئت بأنه مذهب السلف...انه قول الوهابية زورا بأنهم سلف...السلفيه الوهابيه ثلثت التوحيد..فأين هم من السلف هل السلف قسموا التوحيد..الذي قسم التوحيد بن تيميه وهو من الخلف وتبعه الوهابي النجدي أنت تلخبط ما بين السلف والخلف السلف هم الصحابه والتابعين فقط فمن تبعهم دون رأي فهو من السلف انتهى..وليس كل من ادعى انه سلف صدقناه..إلا إذا تبع الرعيل الأول في العقيده...
@abohassan2103
4 жыл бұрын
فقط للتوضيح المذاهب الفقهية هي اربعة المعروفة الان وقد كانت اكثر من ذلك والمذهب هو ما ذهب الى راي العالم في الامور التي لم يحسمها الشرع والعقيدة عند اهل السنة اشعرية او سلفية اذا هناك فرف بين المذهب والعقيدة فالحنبلي او المالكي او الشافعي او الحنفي كانوا على عقيدة السلف في باب الاسماء والصفات وقد اتبعوا الصحابة والتابعين في ذلك يوجد كثير من الناس على عقيدة السلف في باب الاسماء والصفات كما يوجد كثير من الناس على عقيدة الخلف في باب الاسماء والصفات وهم بينهم وبين الصحابة اكثر من ١٤٠٠ سنة وقبل ان تشتمني وانا صائم فاقول لك اني شافقي سلفي وارجو ان اكون يا اخي لم اجرحك وان اثير غضبك فوالله لا اقصد ذلك ولكم جزيل الشكر
@omarzoza8815
6 жыл бұрын
والله سمنا المسلمون ونتبع الرسول الامي ونتبع الصحابه الكرام فيما اصابو فيه وما اختلفو عليه فنرده الي الله والرسول
@mohamednaimah4509
3 жыл бұрын
هل لك يا فضيلة الشيخ ان تاتي لنا بمثال للاثبات الحقيقي كما شرحت من السلف؟
@itachielarbi3304
Жыл бұрын
درس جيد يا شيخ لكن يوجد من ينكر آيات من القرآن يعني يقول الله ليس في مكان و هذا قول باطل لا دليل له و ربي يهدينا كلنا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمد رسول الله
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
شيخ الاسلام لم يؤل الحجر الاسود بل قال الحديث ضعيف وفي الحديث الحجر الاسود يمين الله في الارض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبله قال ومن المعلوم ان المشبه غير المشبه به فأين التأويل
@albertmoulo940
4 жыл бұрын
الوهابية ليست سلفية و ليست على عقيدة السلف الصالح .هم من المجسمة .
@yayahi8889
3 жыл бұрын
هات دليلك
@South-knight
Ай бұрын
@@yayahi8889لا يوجد دليل هم يسمعون نباح مشايخهم الجهمية دون وعي ويرددونه كالببغاوات
@لاالهالااللهمحمدرسولالله-و6ف
6 жыл бұрын
بارك الله بك وجزاك الله خيراً على التوضيح استاذنا الحمدلله فأنا عندي طمأنينة تجاه مذهب السلف الذين يثبتون الصفات كما جائت ويفوضون الكيفية والمعنى أؤمن بصفات الله عز وجل كما جائت على مراد الله وبالمعنى الذي قال وبالله التوفيق اللهم ردنا اليك رداً جميلا وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلاًوارزقنا اجتنابه
@redaabdalla4072
Жыл бұрын
كلامك يا شيخنا جميل ، في أغلب المحاضرات الأشاعرة لا يهاجمون السلفية ولكن السلفية يهاجمون بشدة الأشعرية كأنهم خارجين علي الشريعة
@سنيوافتخر-غ1ذ
4 жыл бұрын
الاشاعرة يزعمون انهم يمثلون 90%من مجموع الامة ثم يلصقون ذلهم و هوانهم و انحرافهم الاخلاقي و الهزائم التي تلقوها على مدار قرون بالوهابية الذين يمثلون بزعمهم اقل من 10 % !!!!!!
@محمدإبراهيمأبوسعيد
3 жыл бұрын
ههههههه ليس صحيحا كل الفتوحات قادها الأشاعرة صلاح الدين الأيوبي الذي يكفره السلفية ومحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية الذي أنكره الوهابية عمر المختار والقسام بفلسطين لكن الذل والهوان أتى منذ مئة عام عندما إستحل محمد بن عبد الوهاب الحرمين وقتل أهل الطائف والعارض وغيرها وآخرهم داعش التي كشفت المنهج الوهابي وهدمته وعرته
@سنيوافتخر-غ1ذ
3 жыл бұрын
@@محمدإبراهيمأبوسعيد اظن ان الكذب محرم في مذهبكم
@الفازععلي
11 жыл бұрын
اللهم زدنا حبا لك
@yyyf8065
7 жыл бұрын
ياشيخ جزاك الله خير
@عبدالغنيحجبي
4 жыл бұрын
ياشيخ ان اتبع الامام مالك فانا مالكي في الفقه واشعري في العقيدة. وهم اتباع محمد بن عبد الوهاب فلا ضير في تسميتهم بالوهابية
@walidmekni9399
3 жыл бұрын
من كان مالكيا حقا، فعليه اتباع عقيدة الإمام مالك رحمه الله. و هي العقيدة الصافية المأخوذة عن أبناء الصحابة و كبار التابعين، و شتان ببنها و بين عقيدة الأشعري و عقائد المتكلمة.
@readergood8552
8 жыл бұрын
العقيدة الأشعرية هي عقيدة فلسفية شديدة التعقيد ويتعسر فهمها حتى على شيوخ الأشاعرة أنفسهم ....... العقيدة الأشعرية تستلزم تقريرات فلسفية يستعصي فهمها حتى على شيوخ الأشاعرة فكيف يأتي بعدها من ينسب عوام المسلمين للمعتقد الأشعري ......؟؟! غالبية المسلمين هم عوام على الفطرة يفهمون الإسلام كما جاء به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ......... ولا يفهمون الكلام الفلسفي الغامض الذي يُردده شيوخ الأشاعرة ........ غالبية المسلمين لا يعرفون المفاهيم الأشعرية الغامضة مثل "الجوهر" و "العرض" الذين جعلهما بعض ائمة الأشاعرة من أصول الإيمان ومن لا يؤمن بهما فهو كافر !! غالبية المسلمين مُقرين بأن القرآن كلام الله تكلم به حقيقة وأن المكتوب فى المصاحف هو كلام الله تعالى .....وهذا منافى للقول بأن القرآن لا هو بصوت ولا بحرف كما يقول شيوخ الأشاعرة .............. غالبية المسلمين لا يعرفون ما يُسميه الأشاعرة بــ " كسب الأشعري " ..... وغير ذلك كثير من المفاهيم الغامضة والمبهمة التي يقول بها شيوخ الأشاعرة ولا يعرفها غالبية المسلمين الذين يفهمون الإسلام كما جاء به النبي الأميّ صلى الله عليه وسلم ........ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفهم كلامه راعي الغنم في الصحراء والمرأة العجوز والطفل الصغير ........وكذلك كان الصحابة والتابعون رضي الله تعالى عنهم ........ كان كلامهم بسيط سهل يفهمه الجميع ...... أما شيوخ الأشاعرة فيحتاج المستمع إليهم إلى متخصص في الفلسفة لكي يترجم له الطلاسم الغامضة التي يتكلمون بها ....... لذلك فإن أي شخص يتكلم كلاماً في العقيدة يكون فهمه صعباً وعسيراً ومعقداً على بسطاء الناس فاعلموا أن ما يقوله لا علاقة له بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ...... لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلامه واضحاً سهلاً يفهمه الصغير والكبير والمتعلم وغير المتعلم ....... الأشاعرة كما تقرأون إسمهم ينسبون أنفسهم لرجل عاش بعد ثلاثة قرون من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إسمه أبوالحسن الأشعري ...... وعقيدتهم ظهرت بعد دخول الفلسفات اليونانية على المسلمين بعد وفاة الصحابة والتابعين وتابعيهم ...... بينما أهل السنة عقيدتهم هي عقيدة الصحابة رضي الله تعالى عنهم ...... وأقوال الصحابة محفوظة بالأسانيد المتواترة ..... وأقوال تلاميذ الصحابة وهم التابعون محفوظة أيضاً بالأسانيد المتواترة ...... وهناك كتب جمعت أقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم في العقيدة ...... وكتب أخرى جمعت أقوال التابعين في العقيدة ..... وعقائد الأشاعرة تُخالف عقائد الصحابة والتابعين المتواترة والمحفوظة بالكتب ..... وهناك كتب كثيرة جمعت أقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم في العقيدة ....... ومن تلك الكتب كتاب " أقوال الصحابة المسندة في مسائل الاعتقاد جمعاً ودراسة وتحقيقًا " .......... وهناك كتب كثيرة جمعت أقوال التابعين رحمهم الله تعالى في العقيدة ..... ومن تلك الكتب كتاب "أقوال التابعين في مسائل التوحيد والإيمان " .......... اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين آمين يا رب العالمين -------------------------------------------------
@ebrobaaood7691
8 жыл бұрын
Reader Good العقيدة الأشعرية : الله سبحانه وتعالى موجود بلا مكان أو حد أو جهة وليس سبحانه وتعالى بحادث الآن قلي أين التعقيد وإن كنت ممن قدرة فهمة قليلة فلماذا تعتقد أن كل الناس مثلك؟
@fawziboutora8383
7 жыл бұрын
Reader Good الاشاعرة هم اهل السنة والجماعة وهي عقيدة السلف يا هذا فعن اي فلسفة تتكلم ؟؟ تريد ان تعبد جسما لا كالاجسام كما يقول ااوهاببون جالس على العرش محدود من الجهات الست فهذا شانك .
@abdullahimaulimahmed6431
6 жыл бұрын
اخى اقولك لو ناديت طوال عمرك ان الاشاعرة اءمة اهل السنة وجهابذة علماء الاسلام من مختلف الفنون وبذلوا غاية جهدهم فى دفاع دين الاسلام حتى رفعوا راية الاسلام وجعلوا كلمة الله هى العليا الى يوم الدين وبينوا للناس مانزل اليهم ولعلهم يتفكرون. اذن اين الوهابية المجسمة من هذا ؟!! التى جعلت ايمانهم تخريب بيوت الاسلام وبيوت الله بسم كلمة الجهاد ونسبوا للدين ماليس منه . دلاءل ذلك ما يجرى فى الصومال والسوريا وليبيا والعراق فى داخل المساجد واليمن ايضا .والانتحارات والتفجيرات التى ترفض عنها دين الله السمحاء.
@esmatgaznayi8041
Жыл бұрын
فعلا اول مره اري في هذا الزمان ان يتكلم بانصاف واني اشهد له كلامه حق يجب علي كل مسلم ان يكون هكذا
@Monty927
7 жыл бұрын
لا واحد يسمي نفسه كافر. لكن الله يقول بمن خالف الدين كافر
@عباس-م5ذ9غ
9 жыл бұрын
الله ينصر الحق علي الباطل الله ينصر اهل السنة والجماعة الذين ينزهون الله جل في علاه
@عباس-م5ذ9غ
4 жыл бұрын
Mohamed Bouzba نهايتكم قريبة يامجسمة الوهابية على يد بعضكم البعض على يد محمد بن سلمان نصره الله متى كنتم من اهل السنة حتى تدعونها الان حين ما كانو اهل السنة وتلجماعة الاساعرة والماترودية يحاربون ويناضلون ضد الاستعمار وكانت الخلافة العثمانية تجاهد وتنشر الاسلام في اروبا اين كنتم انتم وجئتم الان وسرقتم الاسم من اهل وتضللونهم وتفسقونهم وبعض الاحيان تكفرونهم مثل ما عملتم مع حماس المقاومة الفلسطينية متى دافعتم عن فلسطين والحديث عنكم ذو شجون واطراف واسعة مع احتراماتي لك كفرد مسلم هدانا الله واياك
@fawzielking1170
8 жыл бұрын
اخطا الشيخ في التسمية فعلى حد قوله فلا وجود للخلف ابدا فلو كان كل من يحذو حذو السلف يسمى بالسلفي فلا وجود للخلف اذا وهذا خطا فالسلفية هي حقبة تاريخية كما قال الشيخ وليست باشخاص ، اما بخصوص التجسيم والتشبيه فالوهابية مجسمة باقوال كل العلماء تقريبا فحكم الشيخ خاطيء في هؤلاء
@قناةالسراجالمنير-و8و
4 жыл бұрын
لما تقول قراءة حفص اشتهرت به ، وترجع تقول الاشعري لم يخترعها هذا غلط كبير .. المفروض ان هذه العقيدة كانت في زمن الصحابة والتابعين ! كما كانت قراءة حفص !!! اجزم لك ان عقيدة الاشاعرة فيها اقوال لم يتكلم بها احد قبلهم ولا حتى الجهمية
@talalhaider8349
4 жыл бұрын
زادك الله من علمة من اجمل المحاضرات التي سمعت تحياتنا لك من بغداد
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
قول بعض السلف نمرها كما جاءت معناه نمرها كمجيئها ولانفسرها اي بتفسير يخرجها عما جاءت مفسرة به ونسكت عليها فالسلف يمرونها لايوقفونها ولايردونها ويقرونها كما جاءت امرار واقرار فهي عندهم من المحكمات ولذا اقروها على ماهي عليه ووقفوا عليه ولم يفسروه بغير ما جاءت به فقراءتها تفسيرها فلا تحتاج الى تفسير لها من خارجها بل هي تحمل معناها بنفسها ولذا اقروها كمجيئها اما من فوض المعنى واثبت اللفظ فلم يمرها كما جاءت لانها جاءت بمعنى وهو لم يثبته واما القول ان السلف يقولون لاتترجم للاعجميه فهذا قول منسوب لاحد السلف ولم اذكره الان ولم يصح السند اليه لاانه قول للسلف كما نسبته لمالك وغيره
@مهندالمليان
2 жыл бұрын
أسم او مصطلح السلفية حديث ويعتبر بدعة وهو ليس السلف لان السلف فترة زمنية مدتها ثلاثة قرون ولا يمكن التقسيم كما في الدرس بين السلف والخلف فالاشاعرة هم اتباع السلف الصالح ولا يطلقون على أنفسهم بالسلفية كما فعل الوهابية اليوم ولايمكن ان نسميهم بالسلف والاشاعرة نسميهم بالخلف رغم انهم اقدم و من اتباع السلف ومن التابعين وليس ما اسميتها بالسلف وهم مرجعهم بعد أكثر من سبعمائة سنة
@olivertang96
4 жыл бұрын
الشيخ أراد أن يكون حياديا و لكن أخطأ الطريق منذ البداية بقبوله مصطلح العقيدة السلفية مقابل العقيدة الأشعرية و هذا يعني أن الأشعرية ليس مذهب السلف ، و ردد كثيرا مذهب الخلف إشارة إلى الأشاعرة و هنا أخطأ و كأن أولى به أن يسمي عقيدة السلفية كما كان يسميها العلماء عقيدة اهل الحديث مقابل عقيدة الأشاعرة لأن أبا الحسن الأشعري من السلف ثم وجب عليه أن يفرق بين الأشاعرة الأوائل هم المفوضة و الأشاعرة المتأخرين هم المؤولة، طبعا دون إطلاق و أغلبية الغالبة من الأشاعرة المعاصربن هم من المفوضة الأمر الثاني : لم يعجبه وصف السلفية بالوهابية، فوصفهم بالوهابية ليس لمز و لكن تعريف انهم من اتباع محمد بن عبد الوهاب منهجهم في التغيير فقها و عقيدة. و اذا قبلنا انهم سلفية، هل الآخرون مخالفون السلف، من يقبل ان يقال عنه انه مخالف للصحابة؟؟ لهذا ليس من سمى فرقته باسم فيه إقصاء للاخرين من الإسلام او الثوابت فلا يقبل. أخيرا الادلة التي استند الشيخ لإثبات عقيدته و سماها الشيخ مذهب السلف، هي نفسها اعتمد عليها الأشاعرة في إثبات التفويض معنى و الكيف. الخطأ الكبير في هذه المحاضرة هو أنه جعل، كما يفعل الوهاببة، ان الأشاعرة مؤولة ،مقابل عقيدة ابن تيمية كأن فهمه هو مذهب السلف و هذا خطأ كبير و كبير. جدا.
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
صفة المعية منها معية عامه هعية علم وحفظ وتدبير ومنها معية خاصة معية نصر وتأييد للمؤمنين ولكن لله عز وجل قربان قرب عام من جميع خلقه مع علوه سبحانه فوق عرشه لان الله عز وجل لعظمته لاتبعده المسافات وهذه صفة لازمه لاتنفك عنه سبحانه وقرب خاص ذاتي فعلي من اوليائه كقربه لاهل عرفه ونزوله سبحانه في الثلث الاخير من الفجر وقوله صلى الله عليه وسلم ان الذي تدعونه اقرب الى احدكم من عنق راحلته السلف مايؤلون القرب الفعلي وهو مذهب شيخ الاسلام
@mohamednaimah4509
2 жыл бұрын
للأسف يا فضيلة الشيخ انك خلطت الأمر فابو الحسن الأشعري من السلف و ابن تيمية ليس من السلف و مذهب السلف كان التفويض بالاساس و التأويل عند الإضطرار و لم يقل أحد من السلف بما سميته الإثبات قبل ابن تيمية و إن كان لديك دليل علي ذلك فاتنا به !!!!!!!!!!!!!!!
@RasineTitou-ql8vn
10 ай бұрын
اخي انت كلامك موزون لكنك اخطأت في مساءل فبيان حال قوم في مسألة لا يعتبر سب ام كونك تتكلم عن الجدال من حدثاء الأسنان انا معك في هذا لكن انت عليك ان تدرك امر ان الفرق الكلامية قد انتشرت كثيرا من زمان و يجب الرد عنها خاصة ان معظم الفرق بها ارجاء و لا تعلمه و هذا اخطر امر عن الامة لذالك نحن وصلنا لهذا الامر و اعلم ان اهل السنة بين مطرقة الخوارج و سندان المرجئة اذا حين نتكلم نحن عن الأشاعرة فلو ترى انت ما يتكلمونه هم عن اهل السلف بجاهلية لعلمت انك لم تنصف الامر رغم انهم للذي يعلم و دقيق في فهمه سيعلم ما يوجد لديهم من ارجاء مع العلم احترمهم و ادافع عنهم في الحق اما الباطل ارد عنهم لا عن شخصهم هذا الاصل و لعلمك انقسام الامة امر من سنن الله الكونية لذالك هتاك طائفة منصورة تلك الطائفة مجاهدة في كل مكان و عليها ان تجاهد كل من خالف الكتاب و السنة بالدليل و لعلم الكثير ان أبى الحسن الأشعري توبته ثابته بكتاب الإبانة و كلامي مختصر و انت تعلم ان حجج الأشاعرة و استدللهم بالضعيف و ليس لديهم علم بعلم الحديث كما انهم لا يفهمون كلام اعل العلم و يؤولونه في غير محله فلذا لا نتكلم خير و الا لوضعن الكثير في مأزق من اعتقاده في ذات الله فيصبح اكثرهم مستحي من نفسه مع العلم انه اهل السنة اثبتوا ما أثبت الله لنفسه بالقرآن و ليس من رأسهم كما انهم باعتقادهم انه ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و هو السميع البصير ليس السمع و البصر كسمع خلقه او بصرهم و هذا يزعم فيه الاشاعرة اننا قد قلنا انه نشبهه بخلقه !!!! الله اثبت السمع و البصر و جاء ذالك في النص في آن واحد ليس كمثله شيء هنا يتضح لما ضم الله الأمرين لبعضهما بأبسط الطرق و اما التعطيل ووووو أضن الشيخ أبى الحسن الأشعري هو من سيجيب عنكم لو تعلمون عنه جيدا و خاصة بتوبته اما عن قول السيوطي ووووو من أعل العلم فس موافقته في بعض الأمور للاشاعرة فهذا غير صحيح و هو فيه شق كبير من التدليس و بتر النصوص كما انه ذهب في مساندته لبعض ما قال به الأشاعرة لما لم يذهب اليه الاشاعرة في هذا الزمان في الفهم و لعلمك ان اهل السنة اعتقادهم بالواسطية يغني عنهم الردود كلها التي توجهت اليهم كونهم يسبون الأشاعرة فالعلماء التي زعموا الاشاعرة انهم يساندونهم الرأي بل ذالك من الواسطية انني اجد فيك حق فأكون متفق معك و كونه اخالفك بالباطل لان الانسان كما قال بن تيمية يجتمع فيه من الخير و الشر و البدعة ووووو فعملناه كما يعامل السارق تقطع يده لكن يأخذ من بيت مال المؤمنين كما انه نعمل بقاعدة العذر بالجهل فمن اذا اتبع السنة و بين الغالي اضن انك يا شيخ لا تعلم ان الأشاعرة اكثر غلو من من دعوتهم من الغالين اعلم ان الاشاعرة ليس ذالك فقط بل سب و شتم و العياذ بالله و تهم و هم على باطل و من زعم انه يعلم عن الاشاعرة فهذا جاهل او متبع هوى كونه يقل انه يعلم عنهم الحق لانه لم يدرس جيدا لهم
@ahmadchekhmous7334
Жыл бұрын
العقيدة الاسلامية هي العقيدة الاسلامية التي جاءت في الكتاب والسنة وكما تعامل بها الرسول واصحابه لا سلفية ولا اشعرية وكل يدعي وصلا بليلى
@jasserbenrejab9304
6 ай бұрын
يا شيخ السلفية المعاصرة يقولون الله لديه يد حقيقية و باقي ااصيفات تلمعنوية صيفات المعاني. فكيف هم يقولون صيفات حقيقية اي يد و ساق ووجه و قدم و عينان حقيقية؟ اليسو مشبهة ؟ لا تكن دبلوماسي أكثر من الزوم
@RedRed-yd4rr
3 жыл бұрын
جزاك الله خيرا هذا درس نفيس لوانتشر بين اهل العلم لكان خيرا
@saadasiri9821
6 жыл бұрын
بارك الله فيك يا شيخ تحياتي لك من السعوديه ونفع بعلمك يا رب
@Ma-rt5lx
5 жыл бұрын
المشكلة إذا كان علماء الأشاعرة لايعرفون منهج سلف الأمة من الصحابة والتابعين في العقيدة الشيخ هنا أخطأ فمنهج السلف والأئمة الاربعة هو :إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات على حقيقتها على الوجه الذي يليق بجلاله من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه فهم يثبتون الصفة ويعرفون مدلولها اللغوي لكنهم يفوضون كيفيتها وكنهها إلى الله تعالى فمثلا يثبتون صفة اليد لله ولكن يد تليق بالله وجلالة. أما غيرهم فوقعوا بالتشبية وارادوا أن يفروا منه فبعضهم عطل الصفة وبعضهم قام بتأويلها وصفها عن ظاهرها. ويكفي الأشعري أن يعلم أن مؤسس المذهب الأشعري وهو ابو الحسن الأشعري والباقلاني وغيرهم تراجعوا عنه واتبع منهج السلف والفوا كتبا في تقرير معتقد السلف والدفاع عنه
@apdooblal1590
5 жыл бұрын
اسكت اسكت انا كنت فاكر زيك كده وطلعت انا اللي حمار مثلا ربنا يقول لمحمد انك باعيننا هل تقدر ان تقول ان محمد قاعد في عين ربنا غصبن عنك هتؤول
@Ma-rt5lx
5 жыл бұрын
@@apdooblal1590 قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (فإنك بأعيننا) يعني على مرآي منا وعناية ورعاية هذا ماتفهمه وتستعمله العرب في لغتها وليس تأويلا لكن إذا جئت لقوله تعالى لابليس (مامنعك أن تسجد لما خلقت بيدي) هذه لايمكن تأويلها في لغة العرب ابدا وحتى شيخك ابو الحسن الأشعري الذي رجع إلى منهج السلف يثبت اليد لله تعالى والوجه على الحقيقة في كتابه الإبانة ويرد على من يأولها
@salmachi9836
4 жыл бұрын
@@Ma-rt5lx الإله ليس جسما ولا يتبعض، وإلا سيكون مشابها لخلقه. kzitem.info/news/bejne/zomu3WaEiHhopmk
@حسينعمران-ط4د
7 жыл бұрын
كيف تقول نحن اتباع السلف وانت تخالفهم. الشيعه يقولون نحن شيعه وترضيه والاشاعره نحن اشاعره وتقبل منهم والماتوريديه يفخرون بهذا الاسم والوهابيه لم يدعو هذا الاسم بل هم يدعون انهم من اتابع السلف . ولا تقبل منهم هذا تناقض . كل انسان يختار الاسم الذي يريد والا كيف تمنحه لنفسك وترفضه لغيرك. هذا ظلم وتناقض.
@ebrobaaood7691
8 жыл бұрын
عندما يقول الشيخ حفظه الله السلف فهم الصحابة والتابعين ومذهبم لا التيمية لأن مذهبهم ليس مذهب سلف بل مذهب ابن تيمية وأنا مستاء من الشيخ أنه لم ييبن هذا والشيخ يقول الأمة أجمعت على إنكار الجهة والتيمية يثبتونها وهذا يدل أنه لا يقصد التيمية بقوله السلف
@MohammedAhmed-dp8cp
4 жыл бұрын
كلامك هذا يدل على الفرق بين من يتبعون الكتاب والسنة و من يتبعون علم الكلام و أرسطو و افلاطون
@بنذياب-ث8د
Жыл бұрын
القول ان الاشاعره يؤولون عند الضروره ماسبب صرورتهم هو اعتقاهم ان الصفات الخبريه تجسيم التي وصف الله عز وجل نفسه بها اما القدره فلا مشكله عندهم لماذا لانها لايلزم منها الجسميه لانها معنى نقول لهم بطريقتهم ولوازمهم المعنى لايقوم الابجسم
@ricin0.026
Жыл бұрын
المعنى يقوم بذات الشيء ليس بالجسم،
@jonalkrsm2020
4 жыл бұрын
جزاك الله خيرا لقد اصبت
@tarekselmy9927
4 жыл бұрын
السلف هم أهل التفويض : قراءتها تفسيرها الخلف هم أهل التأويل ردا للمتشابه إلى المحكم هم اتباع الامام الاشعرى وهو من القرون الثلاثة الأولى أيضا البخارى اول ابن عباس اول الامام احمد اول التنزيه هو عقيدة أهل السنة والجماعة وهم الاشعرية والماتريدية والشيعة الزيدية والاباضية وحتى الخوارج والاثنا عشرية اما أدعياء السلفية الان فهم خلف لمجسمة الحنابلة الذين تبعهم ابن تيمية رحمه الله ثم جاء ابن عبد الوهاب واحيا مذهبه وهم لايعتد بخلافهم ومن الأئمة الأعلام وشيوخ الاسلام من كفرهم
@sea3704
5 жыл бұрын
بل السلفيون اتباع ابن تيمية مجسمة، اقرأ كتاب تلبيس الجهمية المطبوع في السعودية من الصفحة 250 إلى 280 فقط تكفي ليحكم على ابن تيمية بأنه يقول: الله جسم لا كالأجسام ، له ثلاثة أبعاد، محدود متحيز له جهة هي جهة العلو، هو فوق العرش، هو مصمت غير أجوف، لله يد و قدم ووجه...هي أعيان، لكنها لا تنخلع و لا تنفصل، يشار إليه و يشار إلى كل جزء منه، و هو لا يشبه خلقه في كونه من لحم و عظام، و هو أيضا ليس من من مواد معروفة في الخلق مثل الذهب و الجوهر ... لأن هذا فقط عندهم معنى التجسيم! فهم مجسمة كما ترى، بل و ينسب ابن تيمية إلى أحمد و أئمة السلف دون أن يحدد هؤلاء الأئمة و لا مكان قولهم ذلك، و هو محض افتراء، فأكبر مجسمين قبله أبو يعلى و الدارمي أقل تجسيما منه، بل أبو يعلى يخالف ابن تيمية في كثير من الأمو كما يعترف ابن تيمية في نفس الكتاب. - لنسأل هل المحدثون وأعلام الأمة على مر التاريخ من الخطيب و البيهقي و النووي و العز ابن عبد السلام و الغزالي و الرازي و الجويني و. .. كلهم أشاعرة، فمن سلف السلفيين إذن؟ حتى المحدث ابن الجوزي الحنبلي ينزه الله عن كل ما سبق و يصف مجسمة الحنابلة الذين قالوا بأقل كثير مما قال به ابن تيمية، قال عنهم بأنهم بالوا على مذهب أحمد. - ابن تيمية يثبت لله مكانا خلاف كل السلف و أهل السنة. - ان تكون اشعريا ليس معناه ان تبني عقيدتك على علم الكلام، فعلم الكلام هو سلاخ دفاع ضد الفلاسفة و اهل الكلام و زيادة علم، و هو ليس ضروريا بالمرة، بل مجانبته أفضل لكثير من الخلق لأنه قد يؤدي بهم للزلل، فمرجع الأشاعرة هو الكتاب و السنة، مع تفويض الصفات الموهمة للتشبيه و تنزيه الله عن مشابهة خلقه، او تأويلها، و التفويض عندهم أسلم، لأن التأويل قول بالراي و الاختلاف وارد فيه و هو غير جازم بشكل مطلق. - السلف و السابقون نفوا الحركة عن الله، لكن ابن تينية أثبتها لله بقياس الغائب عن الشاهد بقياس الاولى، فقال المخلوق المتحرك أكمل من غيره، فمن باب اولى يكون الله متحركا لا ساكنا. - أثبت ابن تيمية الحركة لله ليثبت أزلية الزمن، ثم قال إن الخلق قديم النوع، أي أن الله ما مر عليه زمن إلا و كان معه بعض خلقه، فلا بداية لخلق العالم عند ابن تيمية. و قد خالف بذلك كل أعلام السنة. - التفويض الذي ذكره الشيخ هنا و هو إمرار الآيات بقراءتها دون تفسير أو إعطاء معنى يعتبره ابت تيمية أشر من أقوال أهل الإلحاد، إذ لا بد لإعطاء معنى لكل صفة، و حيث لا نص قاطع في ذلك فالقول يمون بالرأي...، هذا ما يريده ابن تيمية. - السلفيون يصفون الأشاعرة بأنهم أهل أهواء و بدع... و ليسوا من الفرقة الناجية، يقولها أعلامهم على اليوتوب. - أيها الشيخ أنت تريد جمع ما لا يجمع، و تتغاضى عن فظائع ابن تيميو أو تجهلها، تكفيك الصفحات المشار إليها لتجد نصرته و تقريره لمذهب المجسمة، هو فقط ينفي كون اليد كلليد او كون الإله من مادة مخلوقة! سلاك
@abderrahmanrifai6416
4 жыл бұрын
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نصرك الله وايدك اثلجت صدري
@jalel61
6 жыл бұрын
في المحاضرة كثير من الأخطاء العلمية والتحيز والمسلمون سنة وغير سنة كلهم من أمة الإسلام تستشهد في محاظرتك بقول الامام علي بعدم تكفير الخوارج وانت لا تعتبرهم مسلمين لو اطلعت على آراء الاباضية لرايت في قولهم جزءا من الحق ثم اقول لك أن في تونس اباضية وسلطنة عمان كلهم اباضية وفي اليمن زيدية وهم لا يختلفون عن أهل السنة كثيرا وهم اخواننا ومسلمون مثلنا لقد سقطت في التفريق والتكفير لا في التجميع والتوحيد
@atharislamiaboutchicha3782
Жыл бұрын
🎉الخوارج حسب زعمك نسميهم أهل الإيمان، أيضا ليسوا سلفية هم وهابية وكفى. نحن مالكيين نسبة إلى مالك أو اشاعرة نسبة إلى الاشعري، ووهابية نسبة إلى بن عبد الوهاب
Пікірлер: 408