ولد الأب بيو في "بيترلشينا في 25 أيار 1887. تقبل سرّ العماد في اليوم الثاني لولادته وأعطي في المعمودية إسم فرنسيس. نشأ في أسرة فقيرة ومن خلال الرسالة التي بعث بها إلى مرشده الروحي ندرك أنه منذ سن الخامسة كان الطفل يتمتع بنعمة مشاهدة العذراء مريم التي كان يكنُّ لها عاطفة قوية.يُذْكَر عنه أنّه كان هادئًا، خجولاً، متحفظًّا لا يحتمل سماع الشتائم ولا الكلمات البذيئة. أمّا أفضل صديق له فكان ملاكه الحارس بحسب ما باح به لمرشده الروحي.
كرّس نفسه للربّ ولمار فرنسيس الأسيزي منذ سن الحادية عشرة. لم يقف أبواه في وجه دعوته وفي الخامسة عشرة من عمره سنة 1902 كان يتحرّق شوقًا ليمنح كلَّ شيءٍ إلى الله فرافقه والده إلى دير الآباء الكبّوشيين حيث أمضى فترة الإبتداء. وهناك لبِس ثوب الرهبنة واختار لنفسه اسم الأخ بيو دي "بيترلشينا". كان مبتدئًا مثاليًّا؛ ومنذ ذلك الحين بدأت تحدث معه ظواهر غريبة.كان هذا المبتدىء الشاحب الفارع القامة يستغني عن الطعام بشكل تام مكتفيًا بالمناولة اليومية وقد أمضى واحد وعشرين يومًا يتناول القربان المقدّس فحسب. طلب منه رئيسه بأمر الطّاعة أن يأكل، أطاع لكنه تقيّأ كلّ طعامه وعندما حاول الرئيس (معلم الابتداء) حرمانه من المناولة، أشرف على الموت.فرض القدّيس بيّو على نفسه عذابات وإماتات، ومن عاداته السهر طويلاً ليصلّي، بَيْد أن الشيطان لم يكن مسرورًا من إماتاته الشاقة وسهره الطويل، فقد حوّل لياليه إلى حلبة صراع وعراك وجعل لياليه مضطربة. ولم يكن أحدٌ يرضى بأن يكون جاره في الغرفة. كان يرتّب حجرته ويخرج، وما إِن يعود حتى يجدها مبعثرة تمامًا، فالكتب على الأرض والمحبرة مقلوبة ومكسورة وسريره مقلوبًا. وكثيرًا ما كان يخرج في الصباح، وقد ظهرت على وجهه آثار المعركة كالأورام واللطمات الزرقاء.تحوّل بسرعة مذهلة إلى رجل الصلاة والشفاعة، وأهدي موهبة ذرف الدموع إذ كان يترافق مع السيّد المسيح في آلامه لرؤيته البشرية منجبلة بالخطيئة وهكذا أصبحت رسالته واضحة في نَظَره: المشاركة في سرّ الفداء.اهتمّ رؤساؤه كثيرًا بصحّته فحالما أبرز نذوره المؤبدة في 27 كانون الثاني 1907، أمروا له بعطلة طويلة يقضيها في بيته الوالدي في "بياتْرَلْشينا" ليستعيد صحّته، بقي هناك حتى سنة 1916.سيم كاهنًا في 10 آب 1910 وكان له من العمر 23 عامًا وكان يقول: «كم كنت سعيدًا في ذلك النهار، لقد كان قلبي يشتعل حبًا بيسوع. إذ بدأت أتذوّق الفردوس!» تَلا قدّاسه الأول في كنيسة رعيته في 14 آب 1910 وكما كتب على الصورة التي وزعها في ذكرى سيامته الكهنوتية: «يا يسوع، روحي وحياتي، اجعلني أكون معك للعالم؛ الطريق والحق والحياة. فلأكن لك كاهنًا قديسًا، ضحية كاملة».من هذه الكلمات تتضح رسالته ألا وهي رغبته بالألم الفدائي.في 17 آب 1910 بعد سبعة أيام من حفل سيامته حصل على سمات السّيد المسيح التي بقيت خفيّة. وفي 6 تشرين الثاني 1915 دخلت إيطاليا الحرب الكونية الأولى؛ دعي الأب بيو للخدمة العسكرية. عندما لاحظ المسؤولون عدم كفاءته أحالوه إلى تعبئة الشواغر من كنّاس إلى حارس فبوّاب. ومحبَّةً بربِّه المصلوب لم يستصعب الخدمة ولم يزعجه إلا إقامته بين جنود أفظاظ لا أدب لديهم ولا حياء، وقحين سفهاء غليظي الكلام، ممّا جعله يتألم حتى الموت. وكان موضع سخرية من قِبل رفاقه الذين كانوا يجهلون أن أي حركة من يديه أو رجليه كانت تؤلمه ألمًا شديدًا. فكان كأنه خرج من فردوس الفرنسيسكانيّين إلى جهنم القبائح التي يجهلها. وربما سمح الله بذلك ليُطلِعَه على هوية الخطيئة من مصدرها الحقيقيّ ويتعلّم كيف يحب الخطأة ويردّهم إلى قلب الله.في الرابع من أيلول سنة 1916 أمره رؤساؤه أن يتوجّه إلى دير سيدة النعمة في "سان جيوفاني روتندو" حيث بقي إلى حين مماته. وفي 20 أيلول 1918 كان الأب في الخورس يشكر الله بعد القداس وأمامه صورة المصلوب فأحسَّ بشعور إلهي شعر به قبله أبوه القديس فرنسيس والقديسة كاترينا السيانية والقديسة فيرونيكا جولياني الكبوشية، لفّ الهدوء كيانه، ثم رأى أمامه شخصًا سرًّيا يقطر الدم من يديه ورجليه وجنبه ولما اختفى الشخص لاحظ الأب بيو أن يديه ورجليه وجنبه تقطر دمًا هي الأخرى. كان ذلك بين الساعة الثالثة والسّادسة مثلما حصل في الجلجلة. ومنذ ذلك الحين أصبحت الجراح ظاهرة ومصحوبة بآلام حادة فقد كان يمشي بصعوبة فائقة على رجليه المثقوبتين، وعلى المذبح أصبحت الدماء تسيل من كفَّيه. وكانت تعضده في عذابه الأليم أم الأوجاع.لم تدرك غالبيّة الرهبان بما حدث للأب بيو من جراح لأنه أخفاها بتحفظ. وفي أحد الأيام، بعد تلاوة الفرض المشترك، تأخّر الأب أركانجلو قرب الأب بيو في الكنيسة. وما إن دق الجرس يدعوهما حتى نهض الأب أركانجلو فلمح أن يديّ الأب بيو تقطران دمًا. فسأله ببراءة: «ما بك هل جرحت؟» فأجابه: «ما لك وما لي فذلك أمر لا يهمك». ثم نهض الأب بيو واتجه بخطى وئيدة إلى رئيسه يطلعه على حاله. فدهش الرئيس في بادىء الأمر إذ لم يعد بالإمكان إخفاء مثل هذه الجراح. وإلى جانب جراح اليدين والقدمين، كان الأب بيو يشكو من جرح طويل يقع في الجهة اليمنى من الصدر، ينـزف بغزارة ويبلّل ملابسه. وممّا زاد في الأمر غرابة،أن ذلك الدم لم يكن يتجمّد، بل يعبق برائحة زكيّة.عندئذ كتب الرئيس تقريرًا إلى الأب العام. ذاعت شهرة الأب بيو في كلّ أنحاء العالم وأخذ الحجّاج يتهافتون إلى كرسي الإعتراف حيث كانت تكثر المعجزات، فقد نال الأب بيو موهبة فحص الضمائر والمعرفة والتمييز، وعندما ازداد عدد المتهافتين عليه، أوجب تدخّل الرئيس العام وتنظيم مواعيد الإعتراف.وابتدأ بيو حياة الشهادة الحقيقيّة، لأن الرئيس العام كتب إلى مجمع عقيدة الإيمان في روما، فأمر للحال أن يعرض الأب بيّو على أطباء من ذوي الإختصاص ليفحصوه.أطاع الأب بيو وتولّى أحد الأطباء دراسة لحالته. فحصه أولاً الطبيب "لويجي" فضمّد الجراح جيّدًا،وراح ينتظر ويراقب بنفسه، بعد مضي 15 شهرًا قدّم "بنيامي" هذا التقرير:الجراح التي أصابت الأب بيو مغطّاة ببشرة تميل إلى الحمرة، ولونها هذا لا يعني وجود حقن دم أو ورم أو انتفاخ.
Негізгі бет " نبذة عن حياة القديس بادري بيو "
Пікірлер: 4