من كتاب دليل السالك للدكتور عبد الله الفوزان:
هذا هو البابُ الثاني مما يُعْرَبُ بالعَلاماتِ الفَرعيَّةِ، وهو بابُ الْمُثَنَّى، والْمُثَنَّى: اسمٌ دالٌّ على اثنينِ بزيادةٍ في آخِرِه، صالحٌ للتجريدِ وعَطْفِ مِثْلِه عليه، مِثلُ: الْمُشْرِفَانِ على الطُّلاَّبِ قَدِيرانِ.
فالْمُشرِفانِ: مُثَنًّى؛ لأنه اسْمٌ دالٌّ على اثنيْن بزيادةٍ في آخِرِه، وهي: الألِفُ والنونُ، وصالِحٌ للتجريدِ؛ أيْ: تجريدِ الزيادةِ، فيُقالُ: المُشْرِفُ، ويَصِحُّ عَطْفُ مِثْلِه عليه فيُقالُ: جاءَ مُشْرِفٌ ومُشْرِفٌ آخَرُ، وقولُنا: دالٌّ على اثنينِ، شامِلٌ للمُثَنَّى كما مَثَّلَ، وللألفاظِ الموضوعةِ لاثنينِ كشَفْعٍ وزَوْجٍ.
وقولُنا: بزيادةٍ في آخِرِه: هذا قَيْدٌ يُخْرِجُ ما لا زِيادةَ فيه، نحوُ: شَفْعٍ، وكِلا وكِلتا، فليستْ بِمُثَنَّاةٍ.
وقولُنا: صالحٌ للتجريدِ: يُخْرِجُ نحوَ (اثنينِ)؛ فإنه لا يَصْلُحُ لإسقاطِ الألِفِ والنونِ.
وقولُنا: وعَطْفُ مِثْلِه عليه: هذا القَيْدُ يُخْرِجُ نحوَ (القَمرينِ)؛ فإنه صالِحٌ للتَّجريدِ مِن الزيادةِ، فيُقالُ: (قَمَرٌ)، لكنَّه لا يُعْطَفُ عليه مِثْلُه، بل مُغَايِرُه، نحوُ: قمَرٌ وشَمْسٌ؛ لأنَّ تَثنيتَه مِن بابِ التَّغليبِ.
وحُكْمُ الْمُثَنَّى: أنه يُرْفَعُ بالألِفِ نِيَابةً عن الضَّمَّةِ، ويُنْصَبُ بالياءِ المفتوحِ ما قَبْلَها، المكسورِ ما بعْدَها نِيَابةً عن الفَتحةِ، ويُجَرُّ بالياءِ كذلك نِيَابةً عن الكَسرةِ؛ كقولِه تعالى: {قَالَ رَجُلاَنِ}، وقالَ تعالى: {فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ}، وقالَ تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ}.
وهذه لُغةُ جُمهورِ العرَبِ، ومِن العرَبِ مَن يُلْزِمُ الْمُثَنَّى الألِفَ رَفْعاً ونَصْباً وجَرًّا، وعليه وَرَدَ قولُه صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ)). رَوَاه أبو دَاوُدَ والنَّسائيُّ والتِّرْمِذِيُّ.
الْمُلْحَقُ بالْمُثَنَّى:
يَلْحَقُ بالْمُثَنَّى في إعرابِه ألفاظٌ تُشْبِهُ المُثَنَّى، ولَيْسَتْ بِمُثَنَّاةٍ حَقيقةً؛ لأَنَّ حَدَّ التعريفِ لا يَنْطَبِقُ عليها كما تَقَدَّمَ، وهي أربعةُ ألفاظٍ:
1-2: اثنانِ واثْنَتَانِ، سواءٌ كانا مُنْفَرِدَيْنِ عن الإضافةِ أو مُرَكَّبَيْنِ معَ العَشَرَةِ، نحوُ: حَضَرَ مِن الضُّيوفِ اثنانِ، قالَ تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ}، وقالَ تعالى: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً}.
3-4: كِلا وكِلْتَا، ولهما حالتانِ:
الأُولَى: أنْ يُعْرَبَا إعرابَ المُثَنَّى، وذلك إذا أُضِيفَا إلى الضميرِ، مِثلُ: العِلْمُ والعمَلُ كِلاهما مطلوبٌ، قالَ تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}.
الثانيةُ: أنْ يُعْرَبَا إعرابَ المقصورِ، فتَلْزَمُهما الألِفُ، ويُعربانِ بحَرَكاتٍ مُقَدَّرَةٍ رَفْعاً ونَصْباً وجَرًّا، وذلك إذا أُضِيفَا إلى اسمٍ ظاهِرٍ، مِثلُ: حَضَرَ كِلاَ الطالِبَيْنِ، وهَنَّأْتُ كِلا الطالِبَيْنِ، وسَلَّمْتُ على كِلا الطالِبَيْنِ، قالَ تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا}.
وهذا معنَى قولِه: (بالألِفِ ارْفَعِ الْمُثَنَّى... إلخ) أيْ: أنَّ المُثَنَّى يُرْفَعُ بالألِفِ، وكِلا تُرْفَعُ بالألِفِ إذا وُصِلَتْ بِمُضْمَرٍ، وكانَتْ هي مُضافاً، والضميرُ هو الْمُضافَ إليه، (وكِلتا) كذلك، أمَّا اثنانِ واثنتانِ فمُلْحَقَتَانِ بالمُثَنَّى، ويَجريانِ في إعرابِهما مَجْرَى (ابْنَيْنِ وابْنَتَيْنِ)، أمَّا في حالةِ النصْبِ والْجَرِّ فإنَّ الياءَ تَحِلُّ مَحَلَّ الألِفِ في كلِّ ما سَبَقَ، بعدَ فَتْحِ ما قَبْلَها؛ لأنه كان مألوفاً معَ الألِفِ؛ فلِذا بَقِيَ مع الياءِ.
Негізгі бет شرح ألفية ابن مالك 13 المثنى والملحق به
Пікірлер: 187